شبكة ذي قار
عـاجـل










اميركا تتحاور مع خصوم الامس ...


نجحت ادارة اوباما بحل عدد من الملفات ماعدا ملف افغانستان والعراق و ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وابتعادها عسكريا عن المناطق الساخنة الاخرى ومنها القرن الافريقي / الصومال الذي يعاني من الفوضى منذ الغزو الاميركي 1993 و مازالت اميركا تعاني من عقدة الصومال وتتجنب اي تدخل عسكري مباشر في او القرن الافريقي رغم اعتراض القراصنة لمصالحها .


لذا تتبع اميركا ومنذ ذلك الحين اسلوب ايجاد جيش بديل او ميلشيات تقاتل بالنيابة مقابل الدعم الاستخباري والمالي اي بتسليح مجموعات من داخل مناطق النزاع او دفع دول مجاورة او اقليمية وهذا ما عملته اميركا بتسليح وتمويل خصوم الامس امراء الحرب في الصومال عام 1993 في مواجهه المحاكم الاسلامية اليوم .


اميركا تتجنب التدخل العسكري في المنطقه لكنها حريصة على تعزيز وجودها الاستخباري وتعتبر جيبوتي اكبر قاعدة اميركية في القرن الافريقي وتنطلق منها خلايا التجسس البشري والفني .


تصاعد عمليات القرصنة في القرن الافريقي وخصوصا العام الماضي قبالة السواحل الصومالية ، هذه العمليات لم تكن عمليات قرصنة بقدر ما هي عمليات منظمه تقوم بها ضمن باب "الجهاد" لتحقيق تمويل مالي وجر اميركا والغرب الى ساحة مواجهة جديدة بدلا من ساحة العراق و تقع ضمن ستراتيجية المجموعات الجهادية ومنها الشباب القريب عقائديا وتنظيميا من القاعدة رغم اختلاف التنظيم والقيادات والتي تقوم على اجراء عمليات على اليابسة بهدف مسك البحر هذه العمليات ممكن ان تكون خطوة استفزازية الى اميركا لمنازلة جديدة بعد ارض العراق والسؤال هل القاعدة انسحبت من العراق؟ واذا انسحبت من يقف وراء العمليات الارهابية في العراق ؟


اجمعت الدراسات والمراسلات السرية التي حصلت عليها الاستخبارات الاميركية والاجهزة الامنية في العراق بان القاعدة انسحبت من العراق باتجاه منابعها الاصلية واهمها افغانستان وشمال وشرق افريقيا وما تبقى من القاعدة في العراق هي فصائل عراقية ذات هوى قاعدي او من تدرب على ايدي المقاتلين العرب ومنها دولة العراق الاسلامية وكان ظهور قيادات القاعدة كافراد في ربيع الثورات العربية وخاصة في ليبيا ومصر و شمال افريقيا .


ما يحدث الان في العراق من عمليات هي تصفية حسابات ما بين الميلشيات السياسية وشد وجذب لانتزاع مواقف سياسية ولوي الذراع بالاضافة الى المجموعات المسلحة الاخرى التي تنشر العنف والإرهاب العشوائي .. هذه العمليات تصنف ايضا ضمن اعمال العصابات وتمويل وادارة ايران لها ودول اخرى تاتي بالمرتبة الثانية بعد ايران لزعزعة الامن والاستقرار في العراق اكثر ما هي قاعدية مستغلة ضعف السلطة وغيابها وازمة الحكومة لتجعل من العراق ساحة اشغال واستنزاف للقوات الاميركية وجعل العراق ساحة ايرانيه مفتوحة باتجاه دول الخليج .


خساره اميركا لدورها التقليدي في المنطقة وخاصة في ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يدفع اميركا للطلب من حلفائها التدخل للمساعدةالعسكرية و تعتبر اميركا الصومال ملاذا كامن للارهاب وهذا يعني هنالك حرب باردة في القرن الافريقي .


تأخذ الحرب الان الطابع الاستخباري لكن هذا النمط من المواجهة ما بين اميركا والمجموعات الاسلاموية


المسلحة ومنها الشباب الذي بات لا يخفي دعمه اللوجستي الى تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية ومنازلة الجهد الاستخباري الاميركي اليمني المشترك على ارض اليمن بهدف سحب اميركا الى المربع الذي تختاره اي اليمن لكن اميركا بعد ولاية اوباما فهمت حقيقة بان التواجد العسكري لقواتها ممكن ان يحفز ويحشد الراي العام المحلي في الدول الاهداف ضدها وهذا ما تحاول تجنبه .


وقد كشفت اعترافات بعض اعضاء تنظيم القاعدة في اليمن عن عزم التنظيم لسحب الولايات المتحدة الى داخل اليمن اي ان القاعدة خططت كثيرا لسحب التواجد العسكري الاميركي داخل اليمن متخذة من طبيعة المجتمع اليمني والقبائل وتضاريس اليمن بيئة قتالية لا تختلف كثيرا عن افغا نستان لكن يبدو ان ادارة اوباما وادارتها الجديدة ادركت ذلك رغم ان ستراتيجية اوباما الجديدة تقوم على اعادة تنظيم تواجدها العسكري واعتمادها اسلوب التزاوج الاستخباري من خلال خلايا وكالة المخابرات الاميركية المركزية وفرق الكامندوس واعتماد اوباما اسلوب تنسيق جديد ما بين البنتاغون ومحطات السي اي ايه في الخارج لضرب وتعقب الاهداف بالاضافة الى اعتماده ضرب اهداف استخبارية ذات قيمة عالية بواسطة طائرة بدون طيار مثلما فعلها في وزيرستان داخل افغانستان وفي شبوة داخل اليمن على سبيل المثال لا الحصر.


واعتماد اوباما اسلوب التزاوج والتنسيق مابين البنتاغون و وكالة المخابرات المركزيه اسلوب وعهد جديد بعد ان شهدت الكثير من التقاطعات في ادارة بوش ، اما التنقلات التي احدثها اوباما مابين الدفاع والوكالة باستلام بانيتا لوزارة الدفاع والجنرال باتريوس مهام وكالة المخابرات الاميركية بعد ان نجح في انقاذ القوات الاميركية في العراق ثم في افغانستان بالحد من خسائر قواته هذه الخطوة كانها اللمسات الاخيرة في اداء ادارة اوباما قبل انتخابات الرئاسة التي تعتبر من وجهة نظر استخباريه ناجحة وحجمت الكثير من اخطاء اداء المخابرات المركزية ونشطت البنتاعون ميدانيا من خلال ايجاد مراكز تواجد اقليمية للكامندوس تقوم بعمليات عسكرية سريعة معتمدة على معلومات محطات ال سي اي اية في الخارج دون الرجوع الى المركز وكانت افغانستان خير مثال على ذلك فكثيرا ما قامت قوات الكامندوز الاميركية من انقاذ قواتها وقوات الحلفاء ميدانيا باجراء وتنفيذ ضربات سريعة وخاطفة .


ويبدو ان ادارة اوباما بدات تخطو خطواتها تجاه ايران وبالتحديد ملفها النووي مستخدمة اسلوب العقوبات لتحجيم قدرتها النووية وهي تعتقد بان التغير في ايران قادم لا محال وانه مسالة وقت ليس اكثر فاميركا تعمل على تغير ايران من الداخل بعيدا عن التدخل العسكري من خلال تاجيج الخلافات داخل دوائر صنع القرار الايرانية وتحريك الشارع الايراني وهذا على حساب الملف العراقي الذي فقد اهميته في الاجندة الاميركية محاولة من ادارة اوباما تكثيف جهدها العسكري ونفقاتها باتجاه افغانستان وايران حتى باتت تقايض اطلاق يد ايران في العراق مقابل الوصول الى اتفاق حول ملفها النووي والذي يصب اكثر في صالح حلفاء اميركا على حساب العراق .


اميركا ادخلت العراق في دوامه العنف وسحبت بعض قواتها بعد ان ايقنت ان العراق سوف يبقى مهمشا هكذا ارادت اميركا ترك العراق لاحول ولاقوه فهي من صاغ ديباجة الدستور العراقي وهي من خلقت اغلب هذه الكتل السياسيه وربتها على التبعية والاجندات الخارجية والفساد المتعمد والمقصود لنخر هذا البلد الى حد النخاع واستنزافه واعادة هيكلته سلبيا.


اما ايران فهي الرابح الاكبر في المنطقة وبالتحديد في افغانستان والعراق والباكستان ولبنان والمتابع لخارطة المناطق الحمراء والساخنة في الخارطة السياسية للادارة الاميركية يجد ايران وضعت نفسها بديلا للاتحاد السوفيتي ليمتد نفوذها حتى اسيا الوسطى .


فهي من تضع اصابعها في عين السياسة الاميركية في تلك الدول وتمولها استخباريا لاضعاف الدور الاميركي في المنطقة وان كان الثمن خراب تلك الدول وهنا لا اريد ان اجير عمليات المقاومة في العراق او في تلك الدول لصالح ايران ابدا بقدر ما اوضح دور ايران التخريبي في المنطقة باثارة الفوضى والقتل وحتى اثاره الصراع العربي الفلسطيني لاشغال دول المنطقة بحروب لا نهاية لها من اجل اقامة او النهوض بامبراطورية فارس من جديد والا اين تهديدات ايران بضرب اميركا واسرائيل منذ عام 1980 ولحد الان ؟ لكنها لا تتحرج ابدا باجتياح الحدود العراقيه في الشمال والجنوب وسرقة منابعه النفطية والاكثر قطع روافد الانهر العراقية وخاصة نهر خراسان في شمال العراق هذه ايران الاسلامية ذات المعايير المزدوجة.


هل اميركا قادرة على مواجهة عسكرية جديدة بعد ان خسرت ثقة حلفائها في المنطقه ؟ بالتاكيد اميركا حريصة على استعادة دورها التقليدي من خلال الدخول بحرب اخرى ولكن في منطقة رخوة وهذا ما يستبعد دخول اميركا في اية مواجهة عسكرية مع ايران وهي ليست بقادرة على ذلك بعد مارثون العراق وافغانستان والنتائج الكارثية .


بعض التحليلات تشير إلى أن اميركا تبحث عن بديل جديد للخليج العربي التي استنفذت فيه اوراق لعبتها مع ايران واصبح الوضع لا يتحمل الكثير من المناورات السياسية خاصة بعد اكتشاف ابار النفط في السودان ومصادر الطاقة في دول القرن الافريقي والدور الاميركي في فصل جنوب السودان قد يكون احد الدوافع .


اما اليمن فهي متهمة من قبل اميركا بانها ملاذ للارهاب وهي تتمتع بموقع جغرافي عند باب المندب والقرن الافريقي وتتداخل ديموغرافيا مع اهل الصومال واثيوبيا وجيبوتي التي اصبحت معقل تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية واصبحت اكثر اهمية في اجندة اوباما بعد حادث محاولة تفجير طائرة الايرباص في اعياد الميلاد عام 2009 من قبل النايجري فاروق عبد المطلب والذي سبق له ان تدرب في اليمن وكذلك حادثة المجند الاميركي العربي الاصل نضال باطلاق النار على زملائه من الجنود الاميركان في احدى القواعد العسكرية وارتباطه بالمواطن الاميركي من اصل يمني انور العولقي الذي وصفته بعض وسائل الاعلام بانه الملهم الروحي لتنظيم القاعدة من الجيل الجديد وتعتبره بعض الدوائر بانه اسامه بن لادن الجديد .


هذه الاهمية التي حصلت عليها اليمن تركزت في مؤتمر لندن مطلع العام الماضي 2010 ومؤتمر الرياض الذي اعقبه في نيسان 2010 ولحقه مؤتمر برلين جميع هذه المؤتمرات تهدف الى دفع الدول المانحة بدعم اليمن في مواجهة الارهاب ولكن رغم ذلك لم يستطيع ايقاف رياح التغيير و ربيع الثورات العربيه لليمن ، اما النتائج والمعطيات للعمليات الاستخبارية الاميركية في اليمن لم تكن توازي الجهد ابدا وهذا مادفع بعض اعضاء الكونغرس الاميركي بزياره اليمن عدة مرات لمتابعة تنفيذ الحكومة اليمنية تنفيذ خططها لكن ربيع الثورات العربية ومنها اليمن قد خدم الغرب والادارة الاميركية وذلك من خلال امتصاص نقمة التطرف في الشارع العربي بين الشباب ولم تعد القاعدة وتنظيمها وعقيدتها مصدر الهام فوجد الشباب ضالته بالاشتراك مباشرة بالتغيير وهذا ما اعتبره المراقبون المرحلة التي فقد بها تنظيم القاعدة بريقه خاصة بعد مقتل اسامه بن لادن في شهر مايس 2011 ، هذا العام سيكون الحادي عشر من سبتمبر غير سابقاته خاصة وان الغرب يحتفل بالعقد الاول لاحداث سبتمبر الذي ظهر فيه الغرب اكثر استثمارا للحدث اعلاميا وتربويا وعقائديا وهو يسطر اسماء ضحاياه على جدار مانهاتن المعروفة بغراوند زيرو ويهدف بناء برج الحرية بعد احداث سبتمبر إلى سد بعضٍِ من الفجوة العاطفية والفعلية التي حفرها ذلك اليوم في حي منهاتن اما العراق و العالم العربي والاسلامي فهو الخاسر الاكبرواصبح يدافع عن ذاته تحت اسم الاسلام المعتدل .


استخدمت اميركا اسلوب القتال بالنيابة والاكتفاء بالتمويل والتجهيز لتقليص خسائرها البشرية وهذا الاسلوب سبق ان اتبعته بعد خسارتها في الصومال واتبعته في العراق لمواجهة تنظيم القاعدة في العراق والان تحاول استنساخ ذات التجربه في افغانستان علما بان باتريوس قائد القوات الاميركية سابقا في العراق و افغانستان هو عراب مبدأ القتال بالنيابة قبل تسلمه مهام السي اي اية قبل يومين فقط ليتوج تحت اسم داوود .


اميركا ادركت خطر خسارة مكانتها التقليدية في العالم وسط انشغالها في تداعيات الحدث والذي اصبح تركة ثقيلة لادارة اوباما ووجدت نفسها في سباق مع الوقت لمواجهة التنين الصيني اقتصاديا وسياسيا بعد ان سحبت الصين البساط من تحت الحمار الاميركي في دول افريقيا وجنوب شرق اسيا واسترالي .


العراق هو الخاسر الاكبر ويبدو انه اول من دفع ثمن تداعيات احداث 11 سبتمبر اكثر من معقله كابول تحت مبدأ التوافق الاميركي الايراني في العراق واستقطاب الارهاب في ارض الرافدين .


اميركا سوف تهرب من العراق وافغانستان وتعود للتفاوض مع خصوم الامس بعيدا عن العمليات العسكرية .

 



جاسم محمد
كاتب متخصص في مكافحة الارهاب والاستخبار

jassimasad@hotmail.com

 

 





الاثنين١٤ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جاسم محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة