شبكة ذي قار
عـاجـل










 

( كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون )

 

لم يطلب الرسول وال بيته المطهرين من أحد أن يجعلهم فلاسفة ومنظرين، وليسوا ملائكة ولا أربابا للناسي بل عباد لله مكرمون، فمن تبعهم يعمل بهديهم ولا يجعلهم أربابا ولن يكونوا إلا بشر مطهرون، وتأملوا أيها الناس أنهم عباد مكرمون فقول الله واضح عربي مبين (وما محمد إلا بشر مثلكم) وقول الله تعالى: (إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت يطهركم تطهيرا)، ولكنهم عباد إصطفاهم الله فشملهم برحمته وجعلهم نموذجا للخلق، فدعوا الناس لأن يتبعوا دين الله ربهم وهديه وشرعه لينالوا جزاءه ورحمته، ولم يقل محمد صلى الله عليه وعلى آل بيته  وسلم في يوم من الأيام عن نفسه أني أشرع أو أضع لكم بل، قال أني رجل يوحى اليّ، ولا يمكنني تغيير ما أتلقاه من عليم خبير رحيم رؤوف شديد العذاب، وربنا سبحانه كي لا يدع مجالا للكافرين والمنافقين في تنفيذ قول رسول الله أو تحويله من نبي الى فيلسوف أو مصلح إجتماعي دعى لمكارم الأخلاق ونزهه من أن يكون صاحب فلسفة أخلاقية فذة، بل هو عبد الله ورسوله ورحمته للناس أجمعين، فأبعد الله حتى مجرد التفكير في كونه فيلسوفا أو منظرا إخلاقيا ومصلحا إجتماعيا مجردا عن إيمانه وعصمة ربه له ومن خلاله وبحكم تأثيره وخلقه وتقواه كان إنعكاس ذلك على من عاشوا في كنفه وتحت عينيه أن يكونوا للناس أئمة هدىً ونموذجا للمؤمنين في الورع والتقوى والزهد والعمل الصالح فكان ربيبه وأخية أول الناس أيمانا به هم نموذج الخلق واللإنسانية فهكذا نشأ علي وفاطمة والحسنين عليهم وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام، ومن خلال فهم المعنى الإيماني الأخلاقي للعبودية الحقة لربهم صاروا نموذجا في كل شيء، وقد حاول كثيرون من الكافرين والمنافقين أن يسلكوا هذا المسلك لتحويل دين الله عز وجل وهدي رسوله الأمين ورؤية آل بيت النبي المطهرين إلا منظرين وفلاسفة، وأن يجعلوا هدى ورحمة رب العالمين تعالى الى فلسفة ونظرية أخلاقية، منهم الكافر المريض بفكره وقلبه ومنهم الضال المغالي الذي ترك الأصل وتشبت بالفرع أيضا لسببين الصد عن الحق وإبتغاء الفتنة ومنهم من هو أزاغه الشيطان وجنده فجهل الحق وتبع الضلالة، فقطعها الله العليم الخبير بشكل مطلق وقال تعالى: (وما ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى)، فإذا كان محمدا العظيم - هادي علي الذي سبق كل رجال بني هاشم وقريش ومكة والعرب وفتيانها بالتصديق والإيمان- وهو أي الرسول قائده ومربيه، لم يخوض في الفلسفة والكهانة والتخيل، بل كان يتبع ما يوحى له من ربه، ولا يمكنه أن يبدله من تلقاء نفسه، فأنا ارى أن إقحام عباد الله الصالحين وأوليائه المؤمنون في مسائل أستحدثت وسميت فيما بعد فيه ريبة، وأدخله في خانة التحريم وعدم الجواز، فأن نقول أن الأمام علي عليه السلام أحد فلاسفة ومشرعي قوانين حقوق الإنسان، إرتكبنا إثما بحق الدين والقرآن وسنة النبي وحصرنا الإسلام وجنده السابقون السابقون والصفوة من أولياء الله - ومنهم بالتأكيد سيدنا أمام المؤمنين علي عليه السلام- وشاركنا من حيث لا نعي ولا نعرف في حملة أفراغ الإسلام من تشريعاته التي فصلت كل شيء، نعم واحدة من شروط الإيمان وأن يكون المؤمن يرعى حرمة الناس جميعا ويكون أخا لكل مؤمن في الأرض، وبُعث محمد العظيم ونزل القرآن الكريم المحفوظ بأمر الله ليدعوا لمكارم الأخلاق والعمل الصالح والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وبعض من بنود حقوق الإنسان وملاحقه تناقض تنافي تشريعات الدين بجميع رسالاته، كالزنا والفواحش ما ظهر منها وما بطن، أما حقوق الإنسان الحقيقية ومصلحته فهي جميعا من عند الله، والقرآن وسنة المصطفى وتوالي تفسيرات الصحابة وإجتهاداتهم وتعقيباتهم ما هي إلا تفسيرا لما في القرآن والسنة وفي هديهما، فالإسلام بركنيه القرآن والسنة الشريفة أكبر وأوسع وأشمل من أي إعلان وقانون ونظرية، فمنه تستمد التشريعات والأحكام والقوانين، ولو شاء أحد أن يحصي نعم الله على البشر لعجز وهي كلها حقوق للبشر في الدنيا.

 

يا أخينا في الدين والعروبة نزار حيدر ومعك كل القراء من المؤمنين بالله وكتبه ورسله: تحرى الدقة عندما تكتب، وانتخب الكلمات بدقة، فعلي هو علي بن أبي طالب العبد الصالح المؤمن الذي ما تبع غير كتاب الله وسنة نبيه،فهو في الدين أماما للهدى والتقى والزهد والعلم، وفي القتال والجهاد صنديدا وبطلا وفارسا لايقحم ولا يجارى، وفي الفقه سقفا لا يعلوه إلا نبيه وقدوته ومربيه، وفي القرآن حجة لا يسبر غورها أحد من السابقين أو اللاحقين بعد أنبياء الله، وفي العلم هو من قال فيه من لا ينطق عن الهوى: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، ولكنه ليس فيلسوفا ولا منظرا، ولكنه عبد مؤمن عالم عارف بالقرآن وأحكامه وآياته وتفسيرها، وحفظ بفهم ووعي كل شيء علمه له رسول الله وحبيبه محمد الصادق الأمين، وعمل به، فهو يقول ويحكم ويحتج ويناقش ويقود ويقاتل ويؤدي فرائضه كعبد وولي لله بعلم ووعي وتقى وورع، سواءا كفرد مؤمن أو حاكم وأمير للمؤمنين، من خلال ما تعلمه ودرسه وتلقاه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبحكم الله وشرعه الذي ورد في القرآن الكريم، وأما ما تعنيه بحقوق الإنسان المعلنة دوليا، بموجب كل ما صدر عن المنظمات الدولية فلا تشكل شيئا مما في القرآن، بل إن بعض ما في بيانات حقوق الإنسان يمثل الكفر القراح، فأرجوكما أن تشاركاني في إحصاء ذلك في كتاب الله، ففي البقرة وحدها سجلت ستون حقا من حقوق الإنسان، وسبحان من لا يسهو ولا يغفل، فأنا لا أدعي أني أحصيت كل ما جاء فيها من رحمة ربي ونعمه التي وهبها للبشر في تلك السورة المباركة.

 

أما قولك: (ان امريءً لا يتمتع بحقوقه، تسقط عنه الواجبات).

 من أين هذه يا أخي نزار حيدر؟ هل هي إجتهادك؟ أم هو حديث شريف أو أثر من الأولياء والصالحين؟ أنا قرأت منذ زمن حديثا لسيدنا وأمامنا علي عليه السلام يناقض ما قلت تماما، فهو يقول ما معناه إن الجوع والعوز والفاقة لا يبرر الكفر، وهناك أمثلة كثيرة في القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله تتناقض مع ما إفتيت به أو جعلته قانونا، فماذا تقول في قول الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين) و( لتبلون في أموالكم وأنفسكم) وماذا تقول في قصة سيدنا أيوب وصبره وإيمانه، وماذا تقول بعدم سقوط الفرض الواجب حتى تحت أسنة السيوف؟ وقد فرض ربنا إداء الصلاة، ولكن رحمة منه تعالى خففها بأن يصلى نصف المجاهدين مع الإمام أو الأمير ويتناوب الآخرون معهم على الصلاة فيقاتل مصلي الوجبة الأولى ويصلي من كانوا يدافعوا، ولكن أوجبها كاملة على الإمام أو الأمير. فهذه عبارة خاطئة ارجو أن تسحبها وتتوب عنها وتنشر تخطيئا لها.

 

وقولك: (لان الحقوق هي حجر الزاوية في الحياة، وهي الادوات التي بها ينهض المرء ويفكر ويتطور ويتقدم ويبدع وينتج، كما انه بها يشعر بآدميته وبانتمائه الحقيقي، واذا تمتع بها آثر طاعة النظام العام ولم يتمرد، وان مثل من سحق الاخرون حقوقه كمثل السجين الذي حكم عليه بالاعدام، فانهارت قواه وعزائمه، بانتظار ساعة الموت).

 

هذه العبارة أيضا سياسية وتنتمي لعلم الإجتماع أكثر من إنتمائها للدين، أستبدل كلمة أدوات بكلمة شروط أو ظروف، فالحقوق ليست أدوات، أما آدمية الإنسان فهي نعمة بأمر من الله وفضله وليس شعور، حيث سمى أبونا أدم فكنا بنو آدم، وكل من ينتمي للبشر هم لآدم وهم آدميون، وأنا معك أقول: نعم خمط الحقوق وإنتهاكها عمل يجعل ويسبب لضعيف الإيمان يأسا وقنوطا، والمؤمن لا ييأس من رحمة الله فلذلك كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن الدين وغلبة الرجال)، ولكن ماجاء في العبارة أعلاه صحيحا بشكل عام وسأزيده تفاصيلا في الوقت المناسب، فأنا معك وعندي مسودات لمواضيع مهمة وخطيرة تتعلق بهذا الجانب، ولكني إرتأيت تأجيل نشرها بالوقت الحالي، لظروف الأمة والمسلمين، خشية أن لا تفهم في سياقها، وتكون عوامل تغذي الفتنة الحالية، التي يقوم بها حكام ومواطنون مناَ وبغياً وعمالةً أو جهلاً وضلالةً، ويغذيها ويمولها أعداء الله وملائكته وكتبه وأنبيائه وعباده، وأويد ما قلته بحق حكامنا.

 

نعم وربك يا أخي أن الجهل أحد أسباب هذا البغي من الحكام والفساد والتجهيل كلها أسباب ولكنك لغيت العامل الأكثر وهو الإستعمار والحكام المرتبطين به وتواطيء علماء الدين وأئمة المصلين وغياب أو تغييب المثقفين وتبعية غالبيتهم وغلو البعض في التمسك بالفروع دون الوعي الكامل للآصول والدين، أن أشد الجهل وألعنه هو أن البعض منا يغالي في التمسك بالأولياء الصالحين ويتصور أنه يتبع هديهم، ولا يمحص فعله وقوله وينسى أن رسول الله وآل بيته وصحبه نصرهم الله وبشرهم بالرضوان لأنهم عرفوا الله وعملوا بشرعه وتبعوا دينة ولم تفرقهم الدنيا ومغرياتها، ولم يكن للشيطان منهم نصيب، وهذا صراط الله المستقيم، فهم أخوة في الدين تعاونوا على البر والتقوى، فجزاهم الله إنهم على سرر في الغرف متقابلين. فمن يدعي أنه يملك الحق ليطعن بالسابقين الذين قال الله لهم: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث إنما ينكث على نفسه ومن أوفي بما عاهد الله عليه فسيؤتية أجرا عظيما).الفتح 10، ألم تقرأ قول الله في حق أهل بيعة الرضوان في غدير خم: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل سكينته عليهم وأثابهم فتحا قريبا) الفتح 18. أتعرف أن عدد المعنين بهذه الآيات المباركات 1400صحابي من المهاجرين والأنصار من بينهم من تعنيهم بفقرتك اللاحقة الزبير بن العوام وطلحة رضي الله عنهما؟

 

أما قولك (فعندما خرج الناكثون يجرون حرمة رسول الله (ص) معهم الى البصرة لقتال امير المؤمنين عليه السلام)، فأؤكد لك أنه مثال غير مناسب ولا في محله ، ولا ينم عن سلامة نية وصدق إيمان، إنما هو غلو لا يرضاه سيدنا عليّ عليه السلام، وهو ليس طلب رضا الله وهدي عباده بل العكس، فمثلك يحمل كثيرا من التحامل غير الواعي وفيه تطرف وغلو بدون دراية، فالزبير رضي الله عنه أخطأ، ولكنه لم يخرج من الدين وجل من لا يخطيء، وعد إقرأ في خطب الامام ستجد نفسك قد خالفت هديه وفقهه، فهو نهى عن سب أهل الشام في حرب صفين، فكيف بصاحبه وإبن عمته وحواري رسول الله الزبير؟ فتذكر قول الله تعالى (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون) التوبة88، وقول سيدنا وإمامنا وجدنا علي بن أبي طالب عليه السلام: عندما جاءوا له بالجرموزي (قاتل الزبير) وهو يحمل سيف إبن صفية رضي الله عنه وغفر له زلته، فقال: رحم الله إبن صفية وبشروا قاتله بالنار، فإني سمعت رسول الله يقول :( قاتل الزبير في النار)، فكان سيدنا عليّ يترحم على الزبير وهو يلثم السيف ويبكي، ويقول: لله درك يا زبير، كم ذب هذا السيف عن وجه رسول الله، فإن كان سيدنا علي قد قالها ولا أرجح ذلك، فهو يعرف سبب قوله وتأويله، ولكني لا أضن أني وإياك يحق لنا أن نقول ذلك بحق الزبير حواري رسول الله، خصوصا وقد ورد أن الزبير ترك الميدان وإعتزل القتال بعد محاورة سيدنا علي له في البصرة وتذكيره عن قول رسول الله لهما وهما في حضرة الرسول، حيث كانا علي والزبير رضي الله عنهما عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال للزبير: (ستحاربه وأنت له ظالم)، فمجرد ذكره علي عليه السلام بذلك إعتزل القتال وذهب للوادي وبقية القصة معروفة، أ كل المؤمنين في عهد رسول الله وفي صدر الإسلام هم كرسول الله وعليّ بن أبي طالب؟ وهل كل من يخطيء يصبح كافرا ويدخل النار؟ هل أنت تعدل حكم الله وتقلص رحمته يا نزار؟ حيث يقول عز وجل: (رحمتي وسعت كل شيء) إلا تفقه قول الله العليم البصير: (لا خير في كثير من نجواهم)، أ كُلُ ما يرد على بالك تكتبه، خاصة في شؤون الدين دون تمحيص وعرض على الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح من السابقين السابقين الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه؟ أليس هذا نص في القرآن ينبأنا الله سبحانه: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين إتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم) التوبة 117، أهذه الآية الكريمة منسوخة ومن جاء بنسخها بعد رحيل سيد البشر لربه؟ فاستغفر ربك وإقرأ كتابك بوعي وتمعن، وإدرك معنى قول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ولم يقل من تعلم اللغو والنجوي فإن كثير من النجوى من الشيطان.

 

فوالله لو لم يصيبوا من المسلمين الا رجلا واحدا معتمدين لقتله، بلا جرم جره، لحل لي قتل ذلك الجيش كله، اذ حضروه فلم ينكروا، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد. إتقي الله يا نزار لا تتقول على سيدنا وإمامنا وجدنا، فمن يتقول على رسول الله وآل بيته يحجز مقعدا له في النار، فلا تصدق كل ما تقرأة ويوافق هواك وإن كان باطلا صريحا لا يحتاج الى كثير تدقيق، فهذا يناقض وصية الإمام علي عليه السلام لسيدنا الحسن عليه السلام ولبني عبد المطلب فتحرى الصحيح، وبما أن المتواتر في ما بلغنا من قوله عليه السلام أن القصاص كما ورد في القرآن النفس بالنفس، فأني لا أقبل أن يقال أن الإمام علي عليه السلام حكم بغير القرآن، وعندما سؤلت أمنا عائشة رضي الله عنها عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت: (كان خلقه القرآن)، وعلي تلميذ وأخ وصاحب وربيب رسول الله فلا يمكن أن يكون خلقه وحكمه إلا القرآن وما جاء في القرآن، فلا أقبل أن يقول أحد أن عليّ قال هكذا، لأن ذلك يناقض حكم الله تعالى، وما خالف عليّ عليه السلام حكم الله العزيز الحكيم أبدا، فقد أخطأت ثانية وتجنيت على سيد العرب وإمامهم، ألم تقرأ أو تسمع قول رسول الله: عن عبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأسْوَدِ قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ فَقَالَتْ مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا حَاطِبُ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادًا ولا رِضًا بِالْكُفْرِ بعد الإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ صَدَقَكُمْ، قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرا، وقَالَ له: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. وعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلأئِكَةِ، عن جابر : أن عبداً لحاطب بن أبي بلتعة جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوا حاطبا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية. وأنا أقول لك ألا تعلم أن الزبير بن العوام واحدا من أبطال بدر وأحد والحديبية وفتح مكة وحنين ومؤته وشهد معارك الرسول كلها. . فالتابعي الصالح سعيد بن جبير يقول: (ما لم يعرفه البدريون، فليس من الدّين). فكم مما نعتبره من الدين الآن لا يعرفه ولا يرضاه أهل بدر؟ ولا يقره بطل بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين سيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام.

 

أدعو كل المؤمنين وأخص منهم الكتاب والخطباء أن لا يمنحوا أنفسهم الحق والصلاحية لتقويم الصحابة من المهاجرين والأنصار، ممن هاجروا ونصرو وآوو قبل الفتح فهم من قال فيهم الله الكثير ورضى عنهم وكما ورد أعلاه، وهم كما وصفهم العليم الخبير: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سماهم في وجوههم من أثر السجود) الفتح من الآية29.

 

إحترمت أمثلتك رغم ما فيها من خطأ وشطط ، لأنك حين عدت لتستشهد بأحد آل بيت وصحابة رسول الله، لأن الله أبلغنا أن شرع الله وحكمه هو العدل المطلق بقوله تعالى : (أليس  الله بأحكم الحاكمين)، أما أنك تستشهد بما تعمل به أمريكا مع مواطنيها، فهذا فعلا شيء معروف بتمسك دساتير وقوانين الغرب بحقوق مواطنيهم وتوعيتهم بها، لكنك أغفلت عن كل جرائم أمريكا الديمقراطية داخليا مع البشرية، وهنا أيضا أنبهك وأنصحك بحكم واجبي كمسلم فالرسول أمرنا بالنصيحة بل لخص الدين كله بها فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الدين النصيحة)، فأقول أن الشيطان اللعين قد نزغك فأغواك، وجعلك ترى الجانب الإيجابي في دساتير وقوانين أمريكا وتعمى أو على الأقل تغفل عن الجانب الشنيع والفضيع والباغي في سلوك وممارسات أمريكا وما شابهها من الغربين وتعاملهم السافل والأجرامي الإرهابي مع شعوب العالم الأخرى، فجعلت أمريكا نموذجك في العمل والتعامل ونسيت حكم من علم الإنسان وشرع له الأحكام، فلا تمحقوا أعمالكم باللغو وأنتم لا تعرفون.

 

لا أريد أن أخوض فيما خضتم به من الأمور المقحمة بلا مبرر وبمجرد التشفي، فقولك  (فالجريمة مهما عظمت في السماوات والارض فان للقصاص من صاحبها حدود لا يجوز لاحد ان يتجاوزها بذريعة او باخرى، كما يفعل اليوم الطغاة فيمحون بلدة كاملة عن بكرة ابيها لان رصاصة انطلقت من سطح احد بيوتها استهدفت (القائد الضرورة) كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين في مدينة الدجيل في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

 

فأقول لك صدام لم يكن ذليلا بل كان شجاعا مؤمنا في حياته وقتل شجاعا مؤمناً، لذلك رزقه الله أن يكون آخر كلامه الشهادتين، وأسأل أهل العلم إن كنت تجهل ماذا تعني وماذا قال الرسول في من يكون آخر كلامه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، نعم قتله ولا أقول مماته لأن الله نهانا عن ذلك بقوله سبحانه: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، فهذه كذبة وقول باطل كلاهما يعد فاحشة، أما قولك مسح قرى كاملة فهذا كذب قراح فلم تباد القرية، وهذه حقيقة ولكن قد يكون جرى بعض الإستخدام الجائر للقوة في التحقيق والتعسف من قبل الأجهزة الأمنية، فأقول: قد يكون، وقد يكون بعض من أصابهم القصاص لا علاقة لهم بالحادث، ولكن عليك أن تفهم أن جريمة إغتيال صدام حسين في الدجيل لم تكن عملية إغتيال عادية، بل هي جزء مع معركة كانت تجري بين العراق وإيران، وإن الحادثة كانت خرقا عسكريا إيرانيا للدفاعات العراقية، أي أن مجموعة من جنود ومرتزقة نظام إيران خرقت جبهة المواجهة وتوغلت لتقوم بعمل عسكري، فتعاملت معها أجهزة الأمن والمخابرات على ضوء ذلك التفسير بقتل كل عناصر القوة التي إخترقت الحدود وتوغلت وكل من آواها وساعدها ومولها لتقوم بجريمتها، وهذا مشروع في الحرب، وإلا كم محاولة إغتيال تعرض لها الشهيد صدام حسين ولم تتخذ إجراءات مماثلة بحق مرتكبيها؟

 

الرجاء من الكتاب ونصيحة لهم من يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون أن لا يقحموا الدين ورموزه في عمل الدنيا وأغراءاتها، ويجعلوا الدين وأولياءه تجارة يتكسبوا بهم، فعلي وكل آل بيت النبوة وكل صحابة رسول الله الذين هاجروا ونصروا (المهاجرين والأنصار) لم يؤمنوا كي تأتي الأجيال اللاحقة لتؤله بعضهم أو تغالي ببعظهم حتى يقول البعض إنهم كانوا مفكريم مبدعين وفلاسفة ولم ينتظروا مجدا زائفا في الدنيا ولكنهم صدقوا الله العهد فقضوا والله ولي الذين أمنوا وعليه يتوكلون، وهم يعلموا أن ما عند الله باقي وما الدنيا الى دار لهو ولعب وتفاخر بالأموال، ولذلك طلقها سيدنا عليّ بالثلاث، فمن يريد أن يتبع نهج علي فليعمل بالقرآن ويطلق الشهوة والطمع ويعمل صالحا ويخشى الله حقا لا نفاقا. أما الأنظمة فهي أنظمة حكم في غالبها تدار من قبل وجوه تدعي أنها عربية بحكم المولد ومصادر ثرواتها ولكن قلوبها وعملها لخدمة وبتوجيه وقرار خارجي تتحكم أمريكا به بقوة وقد يشاركها البعض عالميا وإقليميا، فلا يوجد من يعمل بهدي محمد العظيم، ويكذب جميع من يدعون أنهم يعملوا وفق سيرة آل البيت أو الصحابة، بل الكل يعمل وفق ما يخدم مصلحته وغاياته، ويفكر أولا كم يستفيد في هذه الدنيا، ويخدم من يحميه من قوى البغي والكفر والضلال، فعلي وأبي بكر وعمر وعثمان وأبي ذر وحذيفة وعمار وعبدالله بن مسعود وكل صحابة المصطفى ومن تبعهم بحق براء من كل المتنازعين على الدنيا ولا يرعون حرمة للشرع والدين القويم، والسلام على كل المؤمنين.

 

 





الخميس١٠ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب السيد سعد السيد علي أبو رغيف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة