شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بداية العقد الاخير من القرن الماضي , بالطريقة الادراماتيكية المعروفة , راح دهاقنة السياسية الامريكية ومنظمات اللوبي الصهيوني , يبحثون عن عدو بديل , ولم يطول البحث لأن العدو العقائدي معروف بالنسبة لهم , وهكذا حل الاسلام محل العدو الاول والخطر الداهم , وذلك للأسباب الآتية :-

 

1-    ان واقع السياسة الامريكية الداخلية ومنذ دخولها الحرب العالمية الثانية , قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً وتبادلياً مع السياسة الخارجية وخاصة في ضرورة وجود عدو خارجي يشكل تهديداً للأمن القومي الامريكي وأمن الدول الغربية التي تتطلب السياسة الامريكية احتوائها وزجها في تدخلاتها واعتداءاتها على الشعوب حسب ماتقتضية مصالحها ومصالح الصهيونية .

 

2-    ان صراع الصهيونية المتمثل بكيانها المسخ (إسرائيل) مع العرب هو صراع وجود ومصير واذا كانت وحده العرب تمثل الطريق الى فلسطين , واذا كان الاسلام روح امه العرب , والعامل الاساسي في تجسيد وحدتها لأن الرسول (صلى الله علية وسلم )عربي ولغة القرآن العربية فلابد ان يستهدف  الاسلام بوسائل متعددة باعتباره خطراً قائماً وداهماً من وجهة نظرهم .

 

3-    ان اليمين المسيحي المتطرف في امريكا يلتقي عقائدياً مع الصهيونية وكلاهما يؤمن ببعض المبادئ التوراتية المزيفة وما تضمنه التلمود , فاذا كانت الصهيونية تؤمن بان الرب قد اوعد اليهود بفلسطين ويجب ان يباد الشعب الفلسطيني فان اليمين المسيحي الامريكي يؤمن كذلك بان امريكا هي الارض التي اوعد الرب بها من جاؤوا من بريطانيا والغرب وبقاع العالم الاخرى ويجب ان يباد سكنتها الاصليون وهكذا تم القضاء على اكثر من مائه مليون من الهنود الحمر , ولذلك يجب ان يستهدف الاسلام باعتباره سر قوة العرب ووحدتهم .

 

4-    ان الاسلام جاء للبشرية جمعاء , والعرب الذين اكرمهم الله بان كان الرسول (صلى الله علية وسلم) منهم وأنزل القرآن بلغتهم , هم الامه التي كلفها العلي القدير لتكون الملاك الأول الذي يحمله الى البشرية , وهذا التكليف قائم الى يوم الدين وهذا ما تعتبره الصهيونية والادارات الامريكية المتصهينة خطراً يهدد معتقداتها ومشاريعها في السيطرة على العالم .

 

5-    ان الاسلام يحقق انتشاراً متواصلاً في ارجاء المعمورة كلها وان عدد المسلمين في العالم يناهز المليارين حاليا وان أي مستوى جاد من التنظيم بين الدول او الشعوب الاسلامية , سيغير موازين القوى في العالم , وان هذا يشكل خطراً محتملاً على اليمين الامريكي المتطرف والصهيونية كما يعتقدون .   

 

وانطلاقا ً مما تقدم راحت الاستراتيجية الامريكية الصهيونية تستهدف الاسلام بوسائل متعددة واساليب غاية في الخبث والدهاء منذ وقت مبكر وكما يلي :-

 

أولاً – كان المجيئ بنظام الخميني في ايران احدى الوسائل التي استخدمتها الإدارة الامريكية في حينها لأضعاف الاتحاد السوفيتي , لما يمكن ان يشكله وجود نظام اسلامي في ايران من تأثير على الجمهوريات الاسلامية ضمن الاتحاد السوفيتي والذي اسماه احد منظريهم ( الضرب على البطن الرخوة ) , وفي ذات الوقت فان وجود نظام اسلامي طائفي في ايران سيكون افضل وسيلة لتمزيق الاسلام وقد حصل ذلك بالفعل عندما بدأ النظام استراتيجيته الشريرة ( تصدير الثورة ) وشعاراتها وما رافق ذلك من اعتداءات على العراق اشعلت حرباً استمرت ثمان سنوات , وما يزال هذا النظام يقدم خدماته للإدارات الامريكية المتعاقبة اذ ان دوره في احتلال افغانستان والعراق معروف وما تلا ذلك من دور مدمر في العراق لايزال مستمراً .

 

ثانياً – تشوية صورة الاسلام امام الرأي العام الامريكي والغربي والدولي من جراء الدور الذي قامت به القاعدة والتنظيمات المتطرفة الاخرى التي تحمل اسم الاسلام إذ حاولوا إفهام العالم بأن الاسلام هو الارهاب , وكل المهتمين يعرفون كيف نشأت القاعدة وكيف توسعت واين ترتبط خطوطها , والدور المزدوج الذي قامت به في العراق معروف للقاصي والداني .

 

ثالثاً – لا يوجد شك في ان تفجيرات ابراج التجارة في ايلول 2001 م , هي من تدبير المخابرات الامريكية والصهيونية , واعلنت باسم القاعدة لتعميق الكراهية والعداء للأسلام وتبرير الاحتلال الامريكي لأفغانستان والعراق .

 

رابعاً – لتعويض تركيا عن عدم قبولها في الاتحاد الاوربي , اطلق لها العنان لتؤدي دوراً اقليمياً متعدد الاغراض ولاسيما في الوطن العربي , بعد ان منحت فرص محسوبة لتحسين صورتها على المستوى العربي على شاكلة تسيير القوافل البحرية الى غزة , رغم انها من اول الدول الاسلامية التي تقيم علاقات جدية مع الكيان الصهيوني منذ اغتصابه فلسطين , وهكذا سمح لتركيا ان تكون اللاعب الاساسي على المستوى العربي لتحقيق مكاسب اقتصادية وتزعم المنطقة التي سبق وان كانت جزءاً من إمبراطورتيها الغابرة على اعتبار ان هذا الدور اصبح مقبولاً بعد غياب العراق ومحاصرة النظام في القطر السوري , وغياب الدور الريادي لمصر , وذلك لخلق حالة توازن مقابل الدور الذي يقوم به النظام الايراني , ولكن ما تقوم به القيادة التركية لا يمكن ان يخرج عن الاستراتيجية الامريكية في المنطقة او يتقاطع معها واكبر دليل على ذلك العنجهية والغطرسة المستنسخة من الاسلوب الامريكي في التعامل مع القيادة في القطر السوري الشقيق , وهي تعالج الحراك الشعبي في الشارع السوري لتفويت الفرصة على من يحاول استغلاله .  

 

وفي الوقت الذي ادت التنظيمات المتطرفة التي تحمل اسم الاسلام خدمة كبيرة لاستراتيجية اليمين الامريكي المتطرف المعادي للأسلام بصرف النظر عن النوايا والارتباطات كما ورد آنفاً فان التنظيمات السياسية التي تحمل اسم الاسلام , قد بدأت اسلوباً آخر في خدمة ذات الاستراتيجية فها هي في العراق تضع نفسها في خدمة المحتل الامريكي وتنفذ ما أوكل لها ضمن مشروعة للعراق والمنطقة بشكل سافر دون اغطية او تمويه ( فالحزب الاسلامي وحزب الدعوة والمجلس الاعلى ) بكل تشضياتهم يمثلون ادوات ( العملية السياسية المخابراتية ) التي يديرها المحتل في العراق وامام هذه الحقيقة التي كشفت عن جذور هؤلاء وارتباطاتهم وبعدهم عن الاسلام لا بل العداء له , فأننا ننبه ونحذر الجماهير العربية ولا سيما في الاقطار التي تجري فيها انتفاضات شعبية او حراك جماهيري من اجل التغيير او الاصلاح نعم نلفت انتباههم الى التنظيمات التي تحمل اسم الاسلام او تدعي الانتساب له من ان تقوم بذات الدور الذي قامت به تلك التنظيمات في العراق , وان من يتابع مواقف الادارة الامريكية والحكومات الغربية تجاه ما يحصل من حراك شعبي في بعض الاقطار مقروناً بمحاولة بعض رموز هذه التنظيمات تصدر المشهد السياسي والظهور المتواصل اعلامياً ولاسيما من خلال الفضائيات التي تبث من الخارج او الفضائيات التي تديرها وتمولها بعض الانظمة العربية المشاركة في المشروع الامريكي .. نعم ان من يلاحظ ذلك ويستحضره يجدر به ان ينظر بعين الريبة والحذر لهؤلاء ولا يدعهم يتسللون لمصادره التضحيات واجهاض التطلعات التي خرج الكثير من ابناء شعبنا العربي لأجل تحقيقها بعد سنين طويلة من البؤس والاستبداد والتهميش , يحدوهم الأمل لبناء انظمة وطنية ديمقراطية ترفض التبعية وتحافظ على استقلال تلك الاقطار وتعمل وفق اراده جماهيرها .

 

ان ما اوردناه آنفاً يمثل اوجه العداء للأسلام , والاساليب والوسائل التي تستخدمها الادارة الامريكية لتحقيق اغراضها الشريرة ولكي لا يكون ما اوردناه آنفاً في نظر البعض مجرد استنتاجات لا تستند الى وقائع أو احاديث أو تصريحات مسؤولة موثقة نود ان نعرض للقراء الكرام ادناه بعضاً من تصريحات واحاديث لرؤساء ومسؤولين امريكيين وغربيين وكما يأتي :-

 

1-    اطلق الرئيس الامريكي جورج بوش الاب على خطة الهجوم البري على القوات العراقية عام 1991 م الرمز الكودي ( المجد للقديسة مريم ) ثم تجلت النزعة الدينية على شكل حملة صليبية جديدة وبشعارات كتبها الجنود على الاعتدة والصواريخ والطائرات , واظهرت التلفزة الامريكية شعارات ودعوات من بينها ( نادوا على الله , فإن لم يستجب لكم نادوا على السيد المسيح ... نادوا على الرئيس بوش ) .

 

2-    زعم الرئيس الامريكي بيل كلنتون في خطاب له امام الكونجرس عام 1994م ( بأنه يعمل بتكليف الهي من اجل حماية اسرائيل وسيبقى الى جانب شعبها العظيم ) .

3-    اعلن مجرم الحرب جورج w بوش الرئيس الامريكي إثر الحادي عشر من ايلول عام 2001م ما نصه ( اننا نخوض حرباً صليبية مقدسة ثم زعم انها زلة لسان ) .

 

4-    قال السيناتور وليم بينيت احد المحافظين الجدد المقربين من جورج w  بوش في لقاء له على شبكة التلفزة الامريكية C.N.N  في 12/9/ 2001 م ما نصة ( انها حرب بين قوى الخير ومعسكر الشر , وعلى الكونجرس الامريكي ان يعلنها حرباً على الاسلام بضراوة وبدون تردد ) .

 

5-    الجنرال الامريكي وليام بويكين احد مساعدي دونالد رامسفلد للتربية الدينية قال ( نحن الامريكيين نعبد إلهاً حقيقاً أما اعداؤنا الكفرة المسلمون فهم يعبدون إلهاً من وثن إننا نخوضها حرباً على الشيطان حرباً على الاشرار المسلمين ) .

 

6-    قال احد الضبط الامريكان اليهود عندما دخلوا محافظه النجف ( ها نحن قد عدنا اليك من خيبر يا علي ) معيداً للذاكرة ما قالة الجنرال اللنبي في القدس عام 1917م ( الآن انتهت الحروب الصليبية يا صلاح الدين ) وما قاله الجنرال غورو أمام ضريح صلاح الدين بدمشق عام 1917م ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) .

 

7-    لقد دأب قساوسة الادارة الامريكية امثال جيري فالويل , وجيري فاين , وبات روبرتسون , وفرانكلين غراهام , ومايكل غراهام على تعميم ثقافة الكراهية تجاه المسلمين ووصف الاسلام ( اكبر منظمة ارهابية في العالم ) وقد بثت المحطة التابعة لمجموعة ديزني في واشنطن بتأريخ 25/7/2005م بعضاً مما قالوه .

 

وفي الاتجاه المعاكس نورد بعضاً مما قاله بعض المنصفين من الشخصيات الغربية وكما يلي :-

أولاً – ذكر السيد جان بيار شوفنمان وزير الدفاع الفرنسي الأسبق في كتابه المعنون ( حرب الخليج دفعتني الى الاستقالة ) ما نصه ( أخرجت على نمط الحروب الصليبية , وانها جاءت حملة صليبية متأخرة ) والمقصود الحرب على العراق عام 1991م .

 

ثانياً – أما النائب البريطاني جورج غالاوي فقد وقف في مجلس العموم البريطاني يوم 20/3/2003م وقال ( انها حملة صليبية يقودها جورج بوش الكذاب على العراق , ريتشارد قلب الاسد قاد تلك الحروب السابقة من بريطانيا .. اما طوني بلير الكذاب فقد ارتضى لبريطانيا دور الذئب فيها ) .

 

وهكذا فان ما تتعرض له امة العرب وروحها الاسلام من حملة امبريالية صهيونية غربية شرسة , هي امتداد لحروب الفرنجة او الحروب الصليبية التي كانت من اجل قيام ( مملكة بيت المقدس ) لتكون رأس جسر اوربي للنهب والسيطرة , اما حروب الفرنجة في العصر الحديث فهي لأجل اقامة الكيان الصهيوني والمحافظة علية كرأس جسر متقدم لحساب امريكا واروبا , والحذر الشديد الان هو ان يلجأ من يعارضون بعض الانظمة العربية الى الاستعانة بالغرب للتخلص منها اذ انهم سيقترفون خطأً جسيماً لان ثمن ذلك سيكون كبيراً وخطيراً بحق الوطن والدين والامة .

 

والله من وراء القصد

 

 





الاحد٠٦ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة