شبكة ذي قار
عـاجـل










في خضم مجريات الثورات العربية التي إنطلقت على نحو متزامن في مشرق الأمة ومغربها، فإن الدور المعنوي والإرادي للمقاومة العراقية له تأثيره النفسي والجماهيري في الشارع العربي بشكل عام. إذ أن صلابة وقوة وعزيمة أشاوس المقاومة الوطنية المسلحة في العراق، وما حققوه من إنجازات مذهلة على الأصعدة الميدانية والإعلامية والإستخبارية على مدى السنوات الثمان المنصرمة قد شاركت بصورة واضحة في بناء الهمة والثقة بمستقبل هذه الأمة. فلو فرضنا العكس وتحقق للمحتل الأمريكي المدعوم من النظامين الصفوي والصهيوني في القضاء على روح الجهاد في العراق، لتأخرت هذه الثورات لجيل آخر من الزمن.


أن المواطن العربي في العقدين الماضيين وهو يرى إستمرار الضعف المتواصل للأنظمة الرسمية من جهة، وضغط الإستبداد السلطوي من جهة أخرى، والذي أدى بمجمله إلى هوان شديد تجاه أعداء الأمة؛ قد أوصلت الشباب إلى حالة الإنفجار الثوري. وأن دور المقاومة العراقية هنا، إنما يكمن في إعطاء نموذج جهادي ساطع التجلي. فالذي يجابه أعتى قوة عسكرية بالعالم ثم يكسر شوكتها ويحط من هيبتها ويمرغ أنفها بوحل الرافدين، إنما يبث عزيمة خلاقة في وجدان ونفوس الشباب العربي.


أن جهود وقوى المقاومة العراقية وهي تجابه وحدها وبمفردها الإحتلال الأمريكي وأعونه في الداخل والخارج، قد حققت الكثير من المنجزات ومنها: إفشال المشروع الأمريكي "الشرق الأوسط الكبير"، الخسائر المريرة بالأرواح والباهضة بالأموال، جدولة الإنسحاب العسكري الرسمي، إعترافات لقادة سياسيين وعسكريين من بيتريوس إلى كونداليزا رايس بفشل الاحتلال في العراق الخ. كل هذه الحقائق وغيرها هي ثمرات أشاوس فصائل المقاومة التي منحت الشارع العربي دفعاً وتدفقاً يرفع من شأن هذه الأمة تجاه التحديات والمخاطر.


أن الثورات العربية التي تفجرت مطلع هذا العام، فمهما كانت مشتركة في أسبابها ومسبباتها، ومهما كان لكل منها محيطها الواقعي الخاص بها، فإن سنوات الجهاد المقاوم على الساحة العراقية منذ العام 2003 يبقى لها تأثيرها الشعبي وفعلها النفسي وعمقها الروحي في شحن الهمم في مجابهة الواقع العربي المتردي بغية تغييره نحو غدٍ منير المعالم والأهداف.


وإذا إستطاعت المقاومة العراقية أن تجتاز أحابيل المحتل الأمريكي، وترنو عبر مراحل ضرورية أثبتت فيها قدراتها وأمكانياتها في مجابهة التحديات الميدانية والواقعية، مما جعلها تقترب أكثر في دحر المحتل وتحرير البلد وضمان المستقبل. منها: إنبثاق الجبهات الجهادية، إعلان المقاومة تأييدها لثورة 25 شباط/فبراير السلمية والمدنية الخ. فإن الثورات العربية التي تمر بمرحلة تخص كل ثورة عن أخرى بحسب واقعها ومعطياتها، فإنها كذلك ستجتاز هذا المخاض وتحقق لشعوبها مطالبها الواجبة بالحرية والكرامة والعيش الكريم.


ومن هذا المنطلق يمكننا أن نستنبط النقاط التالية :


أولاً: أن المقاومة العراقية كانت وما زالت باعثاً واقعياً وفعلياً ساعدت في سنواتها الجهادية بإعطاء أرضية معنوية واسعة للشارع العربي خصوصاً، والإسلامي عموماً؛ ولبقية الأحرار في العالم.


ثانياً: أن ربيع الثورات العربية الحالي إن هو إلا إمتداد طبيعي لتاريخ هذه الأمة التي لا تقبل لنفسها الخنوع والخضوع. وبالتالي فأن عناصر المقاومة والتحدي والمجابهة يبقى ضمن المكونات الشخصية والنفسية والتاريخية التي تتمتع بها أمة العرب من بين الأمم العريقة والخالدة.


ثالثاً: أن إنجازات المقاومة العراقية الراسخة على طريق التحرير، قد أجبرت الكثير من إعادة حساباتهم. فإن المستقبل الذي يسير لصالح المقاومة ليس من منظور الحقيقة التاريخية فقط، بل أيضاً من خلال ما أثبتته هذه المقاومة فكراً وعملاً ومبدأً.


رابعاً: إن نجاح الثورات العربية يعني نجاحاً للمقاومة العربية في العراق وفلسطين والأحواز. وأن أي ثلم لهذه الثورات يعني أيضاً ثلماً للمقاومة. وعلى جميع الأحرار أن يكونوا يقظين واعين تجاه ما يتربص بهم من ناحية، ولهم السعة في التفاني من ناحية أخرى.

 

 





الجمعة٠٤ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة