شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يتصور البعض باني أتجنى على هذا التيار الذي يدعي بأنه تيار مقاوم ويرفع هذا الشعار ليل ونهار ولكن الواقع يثبت بأنه هذا الوصف ينطبق عليه قبل 2006 ولكنه بعد هذا التاريخ أصبح جزء لا يتجزأ من عملية الاحتلال الأمريكي , لأنه كان الطرف الثاني في عملية التصفية الطائفية والحرب الطائفية عام 2006 إضافة إلى الطرف الثاني المعروف وهو القاعدة في العراق وأيضا لأنه شارك في العملية السياسية, منذ بدايتها بطريقة أو بأخرى ويزيد عن غيره لأنه راس الحربة الشعبي والعسكري في عملية الاحتلال الإيراني وتنفيذ مخططاته بعد أن انحسر دور منظمة بدر ونفذت وأكملت دورها المرسوم ,والتيار الصدري هو المخرب الأول لعملية التطوير الاقتصادي والاجتماعي المزعومة في العراق نتيجة استحواذه على جزء مهم من مراكز القوى في العملية السياسية وإدارتها بعقلية غوغائية متخلفة ,تعتمد النهج الطائفي فكريا وسياسيا وعمليا ,وهذا النهج برز بعد عمليا تفجير المراقد في سامراء رغم إن التهيئة النفسية والفكرية قد بدء قبل ذلك ,ولقد اعترف مقتدى الصدر في مقابلة مع الجزيرة وتحديدا مع غسان بن جدو ,بأنه قد تعرض للضغط من اجل تحديد انتمائه ما بين الانتماء الوطني الذي يحارب المحتل وهذا يعني اصطفافه مع المقاومة وما بين الانتماء الطائفي وقد اختار الانتماء الطائفي وعلى حساب الانتماء الوطني ,وهذه صراحة مرة لهذا الرجل والتي تثبت بان التيار الصدري وجيش المهدي هم أدوات طائفية وليس وطنية وقد ثبت هذا المفهوم عمليا وأعطاه بعدا غير وطنيا هو تنفيذ أوامر الحكومة الإيرانية بدعم المالكي لرئاسة الوزراء خلافا لكل التوجهات السابقة لهذا التيار ,مما يوضح بل ويثبت إن هذا التيار هو حركة سياسية طائفية مرتبطة بإيران وحتى انه في حالة مقاتلته للمحتل فانه يقاتل نيابة عن الإيرانيين وتنفيذا لأجنداتهم ’وليس من اجل العراق ,وبالتالي فان دعوة التيار الصدري لإعادة جيش المهدي ما هي إلا دعوة غير جادة ,الغاية منها الكسب السياسي ليس إلا ,ونقل الصراع الطائفي مجددا إلى الواجهة ,بل ومحاولة قيادته بث الرعب في قلوب السياسيين نتيجة استخدام التيار الصدري أسلوب الاغتيالات بصورة واسعة جدا لمناوئيهم إضافة إلى المواطنين حيث أعقب هذا التصريح فتح مراكز للتطوع في الكثير من المناطق الشعبية مما ولد شعور لدى المواطنين بقرب عودة الميلشيات وجرائم الخطف والقتل والسرقة والابتزاز بكل أنواعه .


أما لماذا دعوته غير جادة ؟


أولا _لأنه أساسا لم يتم حل جيش المهدي عمليا بل تم إعادة هيكلته بعد تعرضه لهجمة المالكي ,فكل قياداته وأسلحته قائمة ,ولكن فاعليته ونشاطه هي التي جمد البعض منها,وأصبحت مقتصرة على فعاليات محددة تخدم أغراضه السياسية من جهة وتنفذ الأهداف الإيرانية في نفس الوقت وبأسماء أخرى مثل عصائب الحق واليوم الموعود وكتائب حزب الله وغيرها .وبالتالي فان التهديد بعودة إحياء جيش المهدي ما هي إلا مناورة القصد منها الكسب السياسي لأنه موجود عمليا.


ثانيا _ إن المواقع الحكومية التي استحوذت عليها القيادات الصدرية التي برزت على الساحة السياسية وخاصة في البرلمان والوزارة وما تمثله من مصالح اجتماعية واقتصادية لهؤلاء والتي لم يحلموا بها وانتظار نتائج هذه المشاركة في السلطة من قبل قواعدهم قد أفرزت واقع جديد ينظر إليه بأنه حقوق مكتسبة وبالتالي فلن يفرطوا بها بسهولة إلا إذا اجبروا عليها من قبل مقتدى الصدر .


وثالثا _تراجع التيار الصدري عن إعلانه ومحاولة طمأنة شركائه في الائتلاف وإرسال إشارات إلى الأمريكان من خلال توضيحات وآراء صدرت هنا وهناك إعلاميا .


ورابعا_ فان أمر التيار الصدري ليس بيد قادته بل بيد إيران ,ومعروفة العلاقات ما بين المالكي وبين إيران وبالتالي فان أي قرار صدري مهم مثل عودة نشاط جيش المهدي لن يكون بعيدا عن هذه العلاقة وربما هو نتيجة لها ,وبما إن ذلك القرار سيؤثر على علاقة إيران بالمالكي تأثيرا بالغا ,عليه فأنها ستفكر به أكثر من مرة قبل السماح باتخاذه .


خامسا _حيث إن ظاهر الأمور تؤشر وجود صراع بين الغرب عموما وأمريكا بصورة خاصة وبين إيران ولكن ذلك لا يعني بالضرورة إن تضغط إيران لإجبار الولايات المتحدة على الرحيل عن العراق عسكريا في الوقت الراهن , من خلال دفع جيش المهدي للقيام بهذه المهمة ,لعدة أسباب منها _


أ_من يقول بان إيران تريد أن ترحل القوات الأمريكية من العراق في هذا الوقت بالذات ,حيث إن إستراتيجيتها تتضمن الضغط لطرد الأمريكان وهذا معروف ولكن التكتيك المناسب والتوقيتات تبقى رهينة لخدمة الإستراتيجية الإيرانية والتي من الطبيعي أنها تبدلت نتيجة التغييرات الحاصلة في المنطقة العربية وفي الخليج وسوريا ولبنان وكذلك في العراق.


ب_ إن العراق المستقر يخدم إيران في الوقت الحاضر أكثر,وبالتالي فان استقراره لا يمكن أن يتم بوجود جيش المهدي بعناصره غير المنضبطة وعليه فإنها قد تتعايش فترة أخرى مع الوجود العسكري الأمريكي في العراق ولكنها قد لا تتحمل فقدان أهم أوراقها في العراق وهو التيار الصدري في حالة تدميره .


سادسا_إن ردود أفعال الشارع العراقي المعادية لمثل هذا القرار لأنه لا يتعلق بالوجود الأمريكي وإنما يتعلق بمصالح التيار الصدري والتي ستكون على حساب مصالح الشعب وخاصة لجوئه للعنف والقتل والخطف والابتزاز التي لم تمضي عليها وقت طويل لكي ينساها الشعب ,وقد لعب الأعلام دورا بارزا في بلورة هذا الرأي العام مما ولد ضغط حقيقي على القيادات الصدرية .


سابعا _أما أهم هذه الأسباب فاعتقد بان مقتدى الصدر قد استوعب الدرس والذي يتلخص بان الشعب قاطبة يؤيد ضرب المليشيات والتي تتمثل حصرا بجيش المهدي ,وهذا ما يعرفه المالكي جيدا لأنه السبب الذي رفعه إلى مصاف القادة عند الشعب وبالتالي فاعتقد بان المالكي يتمنى عودة جيش المهدي ليعيد الكره بضربه ثانية وليكون البطل المنقذ ليس للشيعة فقط بل ولكل العراقيين وليعيد جزء من مكانته وشعبيته التي فقدها بفعل التظاهرات الشبابية وساحة التحرير ,وفي نفس الوقت يتخلص من استحواذهم على اغلب الوزارات على حساب حزبه واستحواذهم على جزء من شعبيته وحزبه بين الشيعة خصوصا ,إضافة إلى المشاكل المستمرة التي يتسببون بها له ولحزبه ,وعليه فلن يقدم التيار الصدري على المواجهة مع الحكومة مستقبلا والتي جربها ولم ينجح بها ,لان أخطائه كحركة وكأفراد ومخالفاته القانونية كثيرة جدا وان أي مواجهة قد تعني تدميره وبالقانون وبتأييد الشعب .


ثامنا _إن موقف التيار الصدري الذي تمثل بتصريح بهاء الاعرجي والذي أعلن فيه رفض التيار لعملية المصالحة الوطنية (الوهمية ) التي حصلت ما بين بعض الأفراد الذين سبق وان عملوا في فصائل المقاومة وما بين الحكومة قد أحرجت التيار أكثر ,حيث انه رفض المصالحة الوطنية دون أي تبرير منطقي رغم إنها عملية وهمية الغاية منها كان تبييض وجه المالكي في هذا الوقت ,ومع ذلك رفضت من قبل التيار ليكشف عن نواياه ومواقفه الحقيقية التي دائما ما يحاول إخفائها حيث إن رفضه ألمصالحه تعني موقف عدائي واضح ومعلن لكل فصائل المقاومة بغض النظر عن انتماءاتها .


تاسعا _إن التيار الصدري هو عبارة عن حركة سياسية تأسست على خلفية شخصية وعائلية لآل الصدر ,واقصد هنا إن هذه الحركة أو التيار تفتقر إلى البعد الفكري كأساس لوجودها ,ولذلك اعتمدت بعد احتلال العراق على شعار أو هدف محاربة المحتل دون أي طروحات فلسفية أو اقتصادية أو اجتماعية توضح مواقفه وما يؤمن به رغم ادعائه بأنه حركة إسلامية شيعية, وعند محاولته اعتماد التنافس السياسي وتجميد العمل العسكري ضد المحتل(والذي كان محدود أصلا ويعتمد على الدعاية والإعلام وليس جهادا حقيقيا ) والذي كان مجبرا عليه ظهر متخبطا في مواقفه السياسية وأحيانا متناقضا ,وخاصة إن اغلب هذه المواقف تأتي كرد فعل لمواقف الآخرين أو تأتي لاملاءات أجنبية على قائده الذي يتصف بالطفولية السياسية ,وبقيادة سياسية ليس لها دور حقيقي في اتخاذ المواقف وحتى في حالة محاولتها فأنها كثيرا ما تفاجأ بمواقف مغايرة من قبل قائد التيار مما يجعلها عمليا تحاول التركيز على مداهنته أولا و المحافظة على مصالحها ومواقعها ثانيا وهذا ما جعلها مشلولة تقوم بتسيير الأمور أكثر من كونها قيادة حقيقية .


عاشرا _ كان الاتجاه العام المعلن قبل تاريخ 9/4 هو إن القوات الأمريكية ستكمل انسحابها قبل نهاية هذا العام ,وقد فاجأ مقتدى الصدر الجميع ودون سابق إنذار بتهديده بإحياء جيش المهدي في حالة عدم الانسحاب مما سيعطي مبررا مقبولا لكافة الأطراف التي تتخوف من عودة جيش المهدي لتأييد تمديد بقاء هذه القوات فترة أخرى ,بحجة عدم استعداد القوات الأمنية لمواجهة ميلشيا جيش المهدي ,بل وسيجد هذا التمديد قبولا لدى الكثير من أبناء الشعب وكان الأجدر الانتظار لحين الإعلان عن محاولة التمديد رسميا ومن ثم يتم التهديد لو كان صادقا .


إن كل ما ذكرنا أعلاه توضح بما لا يقبل الشك بان الإعلان عن إعادة نشاط جيش المهدي ما هو إلا زوبعة الغاية منها الحصول على مكاسب سياسية رخيصة باسم الوطن وعلى حسابه ,وستستمر التمثيلية الهزلية بما فيها الحركات التي ستشهدها قاعة مجلس النواب والتصريحات النارية وربما التظاهرات المليونية , ولن ننسى مهلة 100 يوم التي أعطاها المالكي لوزرائه ولا الستة اشهر التي أعطاها الصدر للحكومة , ولا الافرازات التي ستأتي بها التظاهرات خلال الأيام القادمة وكل ذلك يجعل أي حديث قبل أوانه مجرد كلام ( رحم الله رياض احمد ) .

 

 





السبت١٢ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابو محمد العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة