شبكة ذي قار
عـاجـل










في تعريفها لما هو التدخل الإنساني ذهبت منظمة الصليب الأحمر الدولي وعلى لسان فيليب لافوييه – رئيس الإدارة القانونية للجنة الدولية للصليب الأحمر – في جنيف إذ يقول (( نحن نعتقد وبقوة بأنه لا يجوز استعمال تعبير إنساني عندما نستعمل عبارة ( تدخل الإنساني ) لوصف عملية عسكرية مهما كانت أسبابها خيرة ، ويجب أن تطلق فقط على الأعمال غير العسكرية التي تهدف إلى منع أو تخفيف المعاناة الإنسانية ، هذا هو جوهر مصطلح الإنسانية ))


فهل ينطبق ذلك مع ما ادعت أمريكا من تدخل في شمال العراق وفرض الحصار و العمليات التي تمت لغاية الاحتلال عام 2003 ، أو لأدعاءات بالتدخل لحماية الشعب الليبي في أزمته الداخلية الحالية, حيث جاء حكم محكمة العدل الدولية الصادر عام 1986 في قضية تتعلق بنشاطات عسكرية وشبه عسكرية في نيكاراغوا مانصه ، وهو من مباديء الاحكام الجازمة في القانون الدولي :


(( إذا كان لتقديم المساعدة الإنسانية أن يتجنب الإدانة كتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ، يجب أن يكون مقتصراً على أهداف وممارسات الصليب الأحمر ، بعبارة أخرى ليس هناك شيء يسمى – حرب إنسانية )) .


وهو ما ينسجم مع مقاصد الأمم المتحدة في المادتين (1-2) خاصة الفقرات ( 1,3,4,7 ) خاصة و أن الحرب على العراق كانت معيارا لفساد وبطلان ادعاءات التدخل الإنساني , للحجج و الذرائع المعلنة التي تم دحضها ونقضها وتكذيبها , جعلت الإرهاب ينتشر ولو حكم الميثاق لما حصل من جرائم ومن ضياع لكيان الدولة العراقية ولما حصل هذا التدخل من قبل أكثر من ثلاثين دولة في شؤون العراق الداخلية بخلاف الفقرة ( 7 من المادة (2) التي لا تسوغ للأمم المتحدة وهي طرف معني بالشأن الدولي من التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطات الداخلي لدولة ما .


فكيف بررت أمريكا تدخلها الإنساني المزعوم في شمال العراق و جنوبه منذ العام 1991 ، ثم تحت أي مبرر أصدر الكونجرس الأمريكي عام 1998 قانون ما يسمى بتحرير العراق الذي هو خرق فاضح وتدخل في الشأن الداخلي بل و إعلان حالة حرب مع دولة ليست في حالة حرب معها وعضو في الأمم المتحدة مساوياً لما في السيادة حسب المادة ( 2-1) من الميثاق , ولكل الفصل الأول من الميثاق الدولي .

 

واليوم نراهم يحاولون ركوب موجة الاضطرابات الداخلية في القطر الليبي الشقيق فنراهم ينبرون لبحث هذا الموضوع في مجلس الأمن وتوصلوا ( نتيجة سطوتهم على القرار الدولي ) الى إصدار قرار من مجلس الأمن لأحالة الموضوع الى المحكمة الجنائية الدولية نظام روما ، لتبدأ التحقيق وليبدأ معه جر الأمور الى ما لانهاية له ألا باحتلال أبار النفط الليبية بحجة التدخل الإنساني ، وسيدفع بالأمور الى اللاحل لتنتج ثمار ماتريده امريكا ، بينما نرى نفس (الأمريكا) تسكت عن سلوك الحكومة المنصبة من قبلها عندما تبطش وتذبح شعب العراق وتضربه حتى عندما يتظاهر رفضا لهذه الحكومة الألعوبة في تظاهرات سلمية يبيحها دستور الاحتلال لعام 2005 الذي وضعه الأمريكان أنفسهم .. فأي حرص على الإنسانية ! ، المعذبة بنار حقدهم تنتهج أمريكا ؟ أم انه الغرضية والبراغماتية الأمريكية المعروفة ، ونرى أن معهد ( بروكينغس ) الأمريكي في دراسة قدمها عن دور القوات المسلحة الأمريكية كأداة للسياسة الخارجية منذ العام 1946 لغاية العام 1975 ، أكد فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت قواتها المسلحة لأغراض سياسية شهريا" تقريبا في (215) حالة ، وطرحت مسألة استخدام السلاح النووي (33) مرة في جدول العمليات في واشنطن ، بما في ذلك التهديد المباشر للاتحاد السوفيتي (4) مرات ، وان (20) إلى (25) مليون إنسان ماتوا بسبب الصدمات التي سببتها أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية ، طبعا ضحايا الحرب على العراق البالغ عددهم أكثر من أربعة ملايين ونصف تقريبا منذ العام 1991 لغاية كتابة هذه السطور ليسوا ضمن هذه الإحصائية ، وان أمريكا استخدمت (80%) من أسطولها البحري في حين لم تطلق دولا كثيرة طلقات مدفعية اسطولها ألا لأغراض التدريب ، واستخدمت (50%) من طيرانها العسكري ونفذت مخابراتها ما لم تستطع تنفيذه القوة العسكرية بشكل مباشر .. فهل تكون صفحة التدخل الإنساني المزعوم في ليبيا جزء من تلك الأعمال المخابراتية الأمريكية القذرة ! ؟ .

 

 





الخميس١٩ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د.علي الفهداوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة