شبكة ذي قار
عـاجـل










تتزاحم الافكار وتتصارع , كل يظن أنه الاصح والاجدر بالاتباع, وقد يتحول هذا الصراع الى الاحتراب عندما يسود الجهل والتعصب, ويبدأ كيل الاتهامات للاخر ليبرر بقائه وصحة منطقه, يسقط الملايين على مذبح الدفاع عن هذا الفكر أو ذاك وفي النهاية تتكشف العورات والاخطاء والسلبيات, أو قد يبدأ الانحراف الى خارج المنطق المطروح سلفا, وتبدأ التبريرات فينبري البعض للدفاع عنها واخرون يسومونهم بشتى الاوصاف من عمالة وانحراف ورشوة وتعصب لتبدا مرحلة جديده.


هذا هو قدر الحياة, صراع دائم متجدد دفاعا عن المصالح, والمهم هنا أية مصالح ومن تمثل, حيث يفترض أن تمثل مصالح البشر الساكنين على تلك الرقعة الجغرافية من الارض مهما اختلفت ألوانهم وأديانهم أومعتقداتهم ومذاهبهم فهم أصحاب الحق على الارض التي سكنوا عليها واقتاتوا منها, صادقوها وطوروها عرفوا كل زاوية بها ذاقوا حلوها ومرها دافعوا عنها وضحوا من أجلها, المهم أن لا تكون بدوافع أطراف خارجية لاتصب في النهاية لصالح هؤلاء البشر الذين اصطلحنا على تسميتهم بالشعب, وهنا يبرز تساؤل اخر حول مشروعية موضوعة الصراع ومن يقررها وبالطبع ستبدأ نقطة الخلاف في الرأي وستتجدد الاتهامات بين الاطراف المختلفة, وهنا قد تستخدم لغة أخرى تكون القوة المسلحة أداتها وهكذا تتكرر الحلقات المفرغة تحت مسميات مختلفة.


ويبرز التساؤل الاخر في البحث عن السبيل لتجاوز هذه الاشكالية, فيطرح مفهوم الديمقراطية كوسيلة لاختيار الافضل ليبدا مسلسل جديد حول أية ديمقراطية نختار وقد أتحفنا المنظرون بجهدهم المشكور بالوان شتى وقيل بأن كل واحدة تصلح لحالة معينة, وبصريح العبارة طرحت الديمقراطيات على أساس المنطق الليبرالي الرأسمالي وبالمقابل طرح مفهوم الديمقراطية المركزية المستند على المفهوم الطبقي لبنية المجتمع ضمن ما يستند عليه, وغرفنا منها كلها ولم نجد مايشفي الغليل لابسبب سوء الفكر ولكنها المحصلة على أية حال.


أين المعضلة اذا, حري بنا أن نبحث عنها كجزء من البحث عن الحقيقة. لقد اختيرت الديمقراطية بمفهومها الليبرالي فسقطت الامة بين مخالب الاستغلال والجشع والتزوير والغش والرشاوى والتكالب على المناصب بسطوة راس المال مع جمهرة من المستعدين للهتاف لمن يدفع في كل العهود ولمن لايدفع تبرعا ساذجا وأملا بالجنة الموعودة.


وجربنا النمط الاخر فتكررت الماساة بصورة أو بأخرى وبرز المدافعون والمؤيدون والمنتفعون وسرعان ماطفت على السطح انتهازية مقيتة قادرة على تبديل الثوب بسرعة البرق ولمح البصر, وسقطنا في مستنقع لاسبيل للخروج منه الا اذا شخصنا أخطائنا ورسمنا لنا دربا بوعي ومعرفة وتخطيط واستقراء لما يجري وما يجب أن يكون كي لايتكرر ذلك كما تكرر سابقا بسبب عدم الاتعاض من التجارب السابقة وعدم أخذ لدروس والعبر منها.


ترى مالذي يجري وماالسبيل لتجاوزالمحنة؟ سؤال ليس سهلا الاحاطة به والاجابة عليه, كما وأنه لايصلح بالضرورة كليا كوصفة سحرية لكل الظروف والمجتمعات, ولذا أتصور أن بالامكان تاشير الملاحظات التالية من كل ماسبق.


1. لاوجود لصحيح مطلق غير مرتبط بشروط ومصلحة لمجموعة ما.
2. أن المجتمع لايسير وحيدا في الساحة بمعزل عن تقاطع المصالح مع أطراف أخرى داخلية وخارجية لها رؤيا ومصلحة بالوقوف بالضد من هذه التجربة أو تلك.
3. أن القرار على موقف ما قد يمثل مصلحة الاغلبية وليس بالضرورة كلها.
4. أن الجميع لهم الحق في أن يضعوا بصماتهم على أي قرار ولا يحق لطرف أن يسلب حق الاخر وباي مسوغ.
5. أن عملية تحديد الحقوق والواجبات ورسم الطريق تستمد مشروعيتها من التشريع الممثل للاغلبية ومحمي بالقوة غير المنحازة ومن مؤسسات الداخل دون أن تفرض من اطراف خارجية قسرا أو بأساليب خداع ملتوية, فالحرية والعدالة والرفاهية لاتباع ولاتستورد بل تصنع من خلال الوعي والمعاناة والحس الصحيح.


6. ولا يتحقق ذلك دون الوعي والادراك والثقافة المميزة لما يجري وما يدور.
7. ولا خير في وعي لايرتبط بالارض والوطن.


من هنا أرى بأننا وضعنا يدنا على على الخطوة الاولى في تلمس الجرح وعلاجه مفادها:-


(أعطني شعبا مثقفا أصيلا واعيا أعطك ضمانا للمستقبل)


كثيرون تحدثوا عن أن مشاريع الاستغلال والكذب والنفاق لاتنطلي على الشعوب المثقفة وأن هذه الشعوب سرعان ماتلفظ الاجسام الغريبة عنها وتحت أي مسوغ أو ادعاء جاءت, ويضربوا بذلك اليابان مثلا في كونها وقفت ثانية بعد انتكاسة مريرة وعادت من جديد وبحلة أخرى تصلح للمستقبل ولا تنسى الماضي والتراث, وحيث أنا قد ملأنا الصحف بالتغزل بالتاريخ والتراث المجيد وهو حقيقة لايمكن أن ينكرها أحد الا أننا توقفنا عند تلك النقطة ولم نتجاوزها ونمنا على أحلامنا بها والتيار الحارق يجري من تحتنا. لقد أدرك الطامعون بنا هذه النقطة قبل أن نعيها نحن ونخطط لها, ولذا وان كنا في قمة تخلفنا فأن هاجس الخوف من سر نهوضنا يقلقهم ويدفعهم للامعان في تخلفنا وتمزيقنا وتشتيتنا كي لا ننهض من جديد, فترى خطط التجزئة والتقسيم على قدم وساق في كل بقعة من أمتنا ونحن لاهون فيمن سرق السلطة ممن قبل الف وأربعمائة عام وبدوافع خارجية لن تحقق شيئا سوى المزيد من التخلف والسقوط للجميع في مستنقع الهاوية.


أقول لكل هؤلاء جميعا أفلا ترون العالم بشتى ألوانه وكيف يسير, اما ان الاوان لكم كي تدركوا أن محتلكم وممزقكم يحوي في وطنه عشرات القوميات والاديان والاطياف ويا ويل لمن ينحاز لجهة دون أخرى خلاف للقانون المفصل ملائما للجميع بعد دراية ودراسة وتمعن ودون تدخل من طرف خارجي في وضعه وتشريعه.
أقول أيها اللاهون والعابثون واللاعبون بالنار التي ستحرقكم أول من تحرق, لياخذ أي منكم السلطة شرط أن تكون ممثلة للشعب حقيقة وأن يكون في عينه العراق وشعبه المسكين الذي لم يذق الحياة بمعناها الحقيقي كما يذوقها سائر خلق الله.


أقول الا تعسا لسلطة بنيت على أشلاء الضحايا ممن لاذنب لهم وتعسا لما تخططون له ياسراق الشعب والوطن, وسيلعن التاريخ كل خطوة خطوتموها على هذا الطريق الظالم العفن, وستشرق الشمس وهي متعظة من دروس الماضي كي نبدأ من جديد لرسم أحلام المستقبل المشروعة ونضع لبنة في البناء الانساني.

 

 





الاربعاء١٥ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو سرمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة