شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن من السهل أبداً الدخول إلى بناية رئاسة محكمة الحلة للعدد الهائل من الطوابير البشرية التي كانت تنتظر في الخارج كلاً يحمل همه معه في ظل الاوضاع التعيسة التي يشهدها العراق من شماله الى جنوبه.


وبعد طول إنتظار كانت هناك مجاميع ذو أشكال صفر كريهة تدخل وتخرج دون أية رقابة أو رقيب سألنا من هولاء ولما كل هذا التأخير .. !؟
جاءنا الرد "الفاجع" أن هولاء لديهم هويات حمراء خاصة والمحكمة مشغولة اليوم بتوزيع صكوك 10 ملايين دينار إضافة إلى قطعة أرض في محافظة الحلة خصوصاً المقاطعات القريبة من مدينة بغداد .. لماذا؟ لآنهم لم يحملو السلاح ضد إيران وفروا هاربين من الحرب آنذاك .!؟

 

ذهبت بصحبة أمي إلى محكمة الحلة اليوم الساعة التاسعة والنصف صباحاً بتوقيت بغداد لغرض إجراء معاملة نقل ملكية لعقار نملكه في مدينة الحلة مركز محافظة بابل، وإذا بنا نجابه بهذا العدد الهائل من الطوابير البشرية التي تتحرك بانسيابية دون عن غيرها من الطوابير التي كانت مجمدة دون حول أو قوة. أشار لنا الشرطي بالوقوف خلف الطوابير التي لا تتحرك لأننا لا نملك الهوية الحمراء. وقفنا لفترة من الزمن ثم جاءنا أحدهم فقال الافضل لكم "وكان يقصد كل الواقفين بالطابور"أن تعودا غداً لاكمال معاملاتكم فسالته لماذا؟ فلم يجب!! ..


ثم دخل أحدهم وكنت اعرفه فسألته هل لك أن تقول لي مالذي يحدث اليوم.؟
 أجابني بحرقة وألم
- العراق بيع وسنباع نحن وراءه .. حسبنا الله ونعم الوكيل


سألته لماذا ماذا يحدث.؟ أجاب أنهم يعطون 10 ملايين دينار لكل من لم يحمل السلاح ضد إيران ولديه ما يثبت أنه هارب من الخدمة آنذاك أو بشهادة أثنين تسهيلاً للأمر إضافة إلى قطعة أرض سكنية في النواحي القريب من مدينة بغداد .. انهم يكافئون أذناب إيران ويبررون سرطانهم المنتشر في هذه المحافظة تحديداً!!؟

 

بالحقيقة لم أصدق ما قاله الأخ الذي أعرفه واعرف أنه ثقة وصدوق ولم أعهده إلا كذلك لكن ما قاله شيء لا يصدقه العقل أو المنطق .. ذهبت بنفسي وتركت والدتي تنتظر في الطابور بعد أن قررنا أن لا نسمع لكلام ذاك الشخص الذي طلب العودة غدا لإكمال المعاملة. وبدأت أفتش عمن اعرفه خصوصاً أنني من سكان المحافظة أباً عن جد ولابد لي أن اعثر على أحدهم .. وبعد دقائق وجدت شخصاً اعرفه فسألته بالله عليك يا أخي هل ما سمعته صحيح من أنهم يقومون بإعطاء 10 ملايين دينار وقطعة أرض للفارين أثناء الحرب العراقية الإيرانية ..

 

- أجابني وبالحرف الواحد "وليش متعجب يعني ما يستاهلون!! أني نفسي أخذت لأنني هربت شهرين .. ما تتذكر؟!!"

وقفت مندهشاً وأجبت: نعم .. نعم أذكر!! وكيف لا اذكر. وكيف لا اذكر خصوصاً والطريقة التي تحدث بها اليّ كانت اكثر من مجرد تهديد!!


- عاد وسأل "ها شكلت .. تريد أزكيك يمهم لو تروح وبعدين نتشاوف؟!!"
- أجبته :"بارك الله بك .. أصيل والله .. أحسنلي خلي أروح وبعدين نتشاوف"
رجعت إلى أمي وطلبت منها الذهاب فرددت وسألت "لماذا وليدي"


قلت لها يا أمي أنهم يوزعون الأموال والأراضي مكرمة
للهاربين والخونة ممن باعوا وطنهم ولم يشاركوا أخوانهم في الدفاع عن شرفك وشرف العراق .. أجابت بلهجتها العربية التي نفتقدها بعد أن كثرة لغة العجم : " يمه !!! انفجعنا"

 

قلت يا أمي دعينا نذهب قبل أن يوشي بيّ أحدهم ويقول لهم أنني كنت ضابطاً في الحرب العراقية الإيرانية وجسدي يشهد لي على ذلك بكل شرف .. فيكرمونني أمامك ويردوني قتيل .. وهذا ليس بمهم فلا حياة نعيشها بعد كل ذلك .. لكنهم اوغادً مثلما ترين ولن يتوانوا عن قتلك أنت أيضاً لأنك .. أمي .. أجابت "أمشين .. وليدي .. وقرة عين المالكي"

 

 





الاربعاء١٦ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مراسل موقع المرابط في الحلة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة