شبكة ذي قار
عـاجـل










الأخ الحبيب / الرئيس الشهيد والزعيم الخالد صدام حسين .
يا شموخ النخيل في أرض الرافدين .
يا دفق الفراتين ، وخيرهما .
يا قنديلاً لا ينطفئ نوره ، لأن زيته من شجرة الزيتون التي باركها الله في كتابه العزيز، وكرَّم بها وديان الأرض العربية وجبالها فملأها بها .
يا فخر الجماهير العربية ، وعنوان عزتها وكرامتها .
يا من تحولت كلماته ونداءاته حمماً تحرق الغزاة والمحتلين في العراق وفلسطين .
يا قدوة لكل حملة المبادئ والرسالات المؤمنين بانتصارها .
يا من يؤرق طيفه وذكره كل الخونة والعملاء ، ويقض مضاجعهم ، ويطيل ليلهم الحالك .
يا حلماً وردياً يملأ مخيلات الأطفال في فلسطين والعراق ، وفي كل أرض العرب ، فتزهو أمانيهم بمستقبل وعدتهم به ، ووعدوك أن يحملوا طموحهم إليه حتى يحققوه .

 


*****


شرف للموت أن تَطعَمَه أنفسٌ جبارة تأبى الهوانا .
ـ 1 ـ




نبكيك ؟ .. نعم . تبكيك منا العيون والقلوب والجوانح والعروق . فهل نفيك حقك!!
نرثيك؟ .. نعم . لك القوافي كلها والقصائد والمعلقات والكلمات فهل تكفيك !!

نفديك؟ .. نعم . أرواحنا كلها كانت تحوم حولك ، وتتسابق لتفديك ، وتدعو الله أن يبقيك ... لكنك يا أبا الفداء ، ويا سيد الشهداء أبيت الا أن تكون أنت الفدائي لا المفتدى ، فزدت الدين في أعناقنا ، وجعلتنا أسرى محبتك .


نفتخر بك؟..نعم . وهل في حياتنا المعاصرة صورة للعز غير صورتك ؟، ومواقف للرجولة ترقى لرجولتك ؟، ومعاني للشرف والمبادئ والقيم والمثل بمستوى ما جسدته بطولتك ؟ فزدتنا فخراً بك ، نباهي بك الأمم ، وتتباهى الأمم بك حتى الموت ، كان يرتعد خوفاً وارتباكاً وهو يراك تتقدم نحوه بشموخك وكبريائك ، بعد أن أرعبت الخونة من حولك . كان خجلاً كيف يتصرف معك ، هل يستقبلك أم يهرب منك ، لكنه أطمأن حين رأى في استقبالك شرفاً له يزين به صفحات الخالدين لديه.


نترحم عليك؟..نعم . فقلوب الملايين من أبناء أمتك العربية ، ومن شعوب العالم ، أطفالاً ورجالاً ونساءً ، تشخص إلى الله تستسقيه الرحمة عليك والمغفرة لك ، فأنت المؤمن الصادق الأمين الذي حظي برضاء شعبه وربه ، ونال الشهادة الأبهى التي أجلسته مع العليين في جنان الخلد .


أنت لم تمت يا سيدي ، لقد غادرنا جسمك فقط ، وأصررت على ألا تضمه غير أرض العراق التي تحمل عبق التاريخ والحضارات ، ليمتزج جسدك بهذا العبق، ويزيده ثراء . أما روحك الطاهرة فقد انطلقت من جسدك لتسكن ملايين الأجساد وتبث فيها روح الصمود والنضال ، وكأنك بموتك وهبت الحياة للآخرين . ومن يهب الحياة لغيره فهو لا يموت .


*****


ـ 2 ـ



هل كان يجب أن تستشهد أيها الحبيب حتى تكتشف الأمة قيمتك فيها ، ومكانتك بينها ، فتنطلق الملايين باكية عليك ، هاتفة باسمك ، معاهدة إياك على الوفاء لك ولمبادئك وأهدافك ، بعد أن أدركت أنك عشت لها واستشهدت في سبيلها ، وراحت تتسابق في التعبير عن حبها لك وإيمانها برسالتك . أطفال يولدون فيحملون اسمك ، وشباب وأطفال ونساء ينتحرون حزناً عليك، ومشاركة لك في آلامك ، وأملاً في اللقاء بك عند رب العالمين . قرى وبلدات وشوارع وساحات تعيد تسمية نفسها باسمك لتظل ساكنا مع أهاليها إلى الأبد . ملايين من صورك باتت تملأ البيوت والأزقة والحارات لتظل صورتك ملء العيون في كل زمان ومكان . ألوف مؤلفة من المقالات والرسائل والأشعار والأغاني والندوات والخطابات والإذاعات والفضائيات تتحدث عنك ، وعن تاريخك وبطولاتك ومواقفك وقراءَتك الصحيحة لواقع هذه الأمة وكيفية تحقيق أهدافها وبناء مستقبلها ، وتشخيص أعدائها وأعداء الإنسانية ، وكيفية مواجهتهم . وفلسطين بالذات ، أرضها وشعبها، كانت الأكثر افتقاداً لك ، وحزناً عليك . فقد كنت الأكثر إيماناً بقضيتها ، ووفاءً لها وعملاً واستعداداً من أجل تحريرها . إذ لم تغب عنك وأنت تخطو خطوات المجد نحو سلم الشهادة ، فكانت حريتها وعروبتها آخر ما نطقت به . وقد أدرك أهلها أن فلسطين وقضيتها ، وموقفك الرافض لأي مساومة عليها ، أو التسليم للعدو الصهيوني الأمريكي باغتصابها ، كان السبب الرئيسي لما جرى لك وللعراق العظيم .


لم تكن الأمة على وعي كامل بأبعاد المخاطر المحدقة بها والتي حاولت توعيتها عليها ، ولا بأهمية الأهداف التي حددتها لها ودعوتها للتوحد من أجل تحقيقها ، ولا بأبعاد المؤامرات التي تحاك ضدها ، والمعارك التي خضتها ضد أعدائها من إمبرياليين أمريكيين واستعماريين غربيين ، وغزاة صهاينة ، وأطماع وأحقاد قومية فارسية . ولم تصغ جيداً لتنبيهاتك لها على هذه المخاطر ، ولم تستجب لدعواتك من أجل بناء الأمة وتوحيد موقفها لدرء هذه الأخطار ، ولم تتفهم ـ كما يجب ـ مشروعك النهضوي القومي العربي الذي بدأته ببناء العراق القوي الموحد كمنطلق لتحقيق هذا المشروع . بل إن بعض الأطراف ممن ينتسبون زورا لهذه الأمة ، وخاصة حكامها ، كانوا جزءً من المؤامرة عليك وعلى العراق العربي والمشروع القومي ـ كما تآمروا من قبل على الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي حمل المشروع نفسه ـ ووضعوا أنفسهم في خدمة المستعمر ومخططاته ، ليحافظوا على كراسيهم ومصالحهم الشخصية ودويلاتهم ومشيخاتهم المصطنعة .


بالتأكيد كان هذا الوضع يغضبك ويقلقك ، لكنه لم يثنك عن أهدافك المبدئية ، ورسالتك القومية والإنسانية . بل زاد من قناعاتك وإيمانك بصحة أهدافك ، وزاد من إصرارك على المضي في طريق التضحيات . ووضعت نصب عينيك أن الأمة بحاجة إلى من يوقظها ويوعيها ، وأنها بحاجة إلى مثل ورمز يشكل قدوة لها ، فكنت أنت هذا الرمز ، بشموخك وكبريائك وأنت في الأسر ، وأمام المحكمة . وكان استشهادك البطولي هو الصدمة التي هزت الأمة ، وأشعلت فيها نيران الغضب ، واستنفرتها ودعتها للنهوض من أجل الدفاع عن شرفها وأرضها وعروبتها واستكمال الرسالة التي ضحيت أنت والشرفاء الذين سبقوك في سبيلها .


وعندما رأيت هذا الحراك الشعبي الهائل بين جماهير الأمة وشرفائها، وشرفاء العالم ، الذي أحدثته مبادئك ومواقفك وبسالتك أمام أعدائك وأمام الموت ذاته ، ازددت اعتزازاً بنفسي، ويقينا بصحة مواقفي . حيث كان لي شرف الوقوف معك ، وإلى جانبك منذ البداية وحتى اليوم وإلى الأبد . حين كنت في موقع قيادة العراق والأمة ، وحين كنت مختفياً ، ثم وأنت بين قضبان السجن ، وأمام محاكم الخونة والعملاء . لم تحرفني أو تزعزع مواقفي انتقادات البعض لك ، وتهجمهم عليك ، أو انتقادهم ولومهم لي على هذا التقدير لك ، والإيمان بك ، الذي يملأ أعماقي ، وعلى الحب الذي أبديه لك في رسائلي وكتاباتي وندواتي ومحاضراتي . وها هو الثبات على المبادئ والمواقف يشكل مصدر فخر واعتزاز لأصحابه ، ويعيد الكثير من اللائمين والمنتقدين إلى صوابهم ، ويدفعهم إلى الندم ، والاعتذار عن أخطائهم .


*****

 

ـ 3 ـ



هذا الغضب الجماهيري الذي يملأ أرجاء الأرض العربية ، ويمتد إلى كل شعوب العالم وقواه الشريفة . ليس وفاءً لشخصك فقط ، ولا غضباً مما جرى لك فحسب ، وإنما هو تجسيد للمعاني والقيم التي مثلتها ، وتمسك بالمبادئ التي نشرتها ، وإصرار على الصمود والتحدي الذي كنت رمزاً له ، وتعبير عن صحوة الأمة ، وتنبهها لما حذرتها منه ، ودعوتها لمواجهته. وهذا ما أردت الوصول إليه حين اخترت الطريق الصعب الذي انتهى بالاستشهاد العظيم . فها هي الأمة تدرك اليوم ـ وإن كان ذلك جاء متأخراً كثيراً ـ أن ما قلته لها ، وما دعوتها إليه ، وما فعلته من أجلها ، كان سليماً وصحيحاً.


قلت لها ، ـ وخططت لذلك ـ إن معركة العراق ستغير وجه العالم ، وستمرغ أنف الغزاة الأمريكيين في الوحل ، وهذا ما يجري في العراق الآن ، وستحرك شعوب العالم ضدهم، وستزعزع الوجود الأمريكي في كل مكان . وهذا هو ما يجري اليوم في أمريكا الجنوبية ، وامتداداً إلى شعوب أوروبا وأفريقيا وآسيا . وأتذكر ما رأيته بعيني ، وفي وقت مبكر منذ أوائل التسعينات أثناء العدوان الثلاثيني على العراق ، وبعده . زرت بصحبة الرئيس الشهيد ياسر عرفات العديد من الدول الأفريقية . كانت الجماهير الأفريقية الفقيرة العارية التي لم تر صدام حسين ، ولم تسمع عنه إلا القليل ، تستقبلنا بالهتاف لياسر عرفات ولصدام حسين . وكانت الجلسات مع رؤسائها ومسؤوليها يدور معظم الحديث فيها عن صدام حسين ، يسألوننا عنه، ويحملوننا التحيات له ، يقولون لنا إن ما يفعله صدام حسين في مواجهة أمريكا إنما يفعله باسمنا جميعاً ، ويتمنون لو كان في مقدورهم وإمكانياتهم أن يفعلوا مثله ، ويدعون له بالنصر .


وضعت نصب عينيك تحرير فلسطين ، للتخلص من المشروع الصهيوني الاستعماري الذي يمثل الخطر الأكبر على الأرض العربية والمشروع القومي العربي ، وخضت كل المعارك العربية، ودعمت الثورة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني ، ووجهت صواريخك إليه ، ورفضت الاعتراف بوجوده على الأرض العربية ، وحذرت الأمة وحكامها من الاستسلام لهذا العدو أو التسليم بوجوده . ولكنهم للأسف الشديد لم يستمعوا إليك ، وبدلاً من أن يقفوا في وجه هذا العدو ، وقفوا في وجه العراق ، وتآمروا عليه ودمروا قوته . وها نحن نرى ما يفعله الاحتلال الصهيوني في فلسطين وشعبها ، والدور الذي لعبه في التحريض على غزو العراق ، وتفعله أجهزة الموساد الإسرائيلية في العراق من تدمير ونهب حضارته وآثاره التاريخية ، ومن تأجيج نار الفتنة الطائفية والعرقية فيه ، وملاحقة المقاومة العراقية البطلة .


نبهت الأمة للمخاطر والأحقاد والمطامع الفارسية التي تحملها إيران ضد الأمة العربية وأرضها ، والتي تغطيها بأكاذيب دينية مذهبية تقسيمية ، ووقفت في وجه هذا الخطر في معركة دامت ثماني سنوات وحميت الأمة منه . لكن الأمة لم تكتشف حينها حقيقة هذا الخطر ، وانخدعت بأكذوبة الثورة الإسلامية التي ادعاها ملالي العمائم السوداء . والآن يتكشف الدور الإيراني التقسيمي المذهبي في العراق وامتداداً إلى بلاد الشام والجزيرة العربية ، وحتى المغرب العربي .


نصحت الأخوة الأكراد في شمال العراق بألا يضعوا مصيرهم ومصير قضيتهم بيد الأمريكان والصهاينة ، والأطماع الإقليمية ، ومنحتهم حكماً ذاتياً يحفظ قوميتهم وثقافتهم وتراثهم ويعزز انتماءَهم لأرضهم العراقية وشعبهم العراقي ، ولكنهم للأسف الشديد وقعوا في الفخ الذي حذرتهم منه .


*****


ـ 4 ـ

 


بعد أن أيقظ استشهادك الأمة على هذه الحقائق ، وأزال الغشاوة عن عيونها ، واتضحت لها مصداقيتك قولاً وفعلاً ، فإن البكاء عليك وحده لا يكفي ، ولا الاعتذار منك ، أو الندم على التقصير بحقك وحق الأهداف القومية يكفي . والوفاء لك ليس في الافتخار والاعتزاز بموقفك فحسب . فمقياس الوفاء والإخلاص لك هو الوفاء للأمة وأهدافها ، والوفاء للعروبة وتاريخها ، والوفاء للمقاومة وبطولاتها ، والوفاء لفلسطين ومقدساتها وعروبتها . هذا هو الامتحان الذي وضعتنا أمامه ، والأسئلة التي طرحتها علينا ، وطلبت منا ألا نكرر الخطأ في إجابتنا عليها . لم نعد بحاجة لمزيد من الوقت ، أو البراهين والإثباتات لنكتشف أهداف وأبعاد الغزو الأمريكي، أو مخاطر الوجود الصهيوني ، أو ضعف وعجز الحكام العرب وتواطئهم مع أعداء الأمة ، وتعزيزهم للنزعة القطرية لدى المواطن العربي لقتل الانتماء القومي العربي ، ودفن فكرة الوحدة العربية . لم تعد مخاطر التقسيم الطائفي والمذهبي ، الرامية لتدمير العروبة والإسلام ، خافية على أحد . لنلاحظ أن كلمة الوطن العربي غابت عن تعابيرنا وإعلامنا وثقافتنا اليومية ، وأصبح تعبير الشرق الأوسط هو المتداول بيننا ، وهو تعبير ابتدعه الاستعمار الأوروبي أولاً، والأمريكي تاليا ، لاستبعاد فكرة الوحدة العربية ، ولتثبيت الوجود الإسرائيلي في قلب المنطقة ، وتكريس البعد الإقليمي بديلاً للبعد القومي .


ولنلاحظ أيضاً الضبابية التي باتت تحيط بمفهوم الأمة . فبعد أن كانت كلمة الأمة مقرونة بصفة العربية ، ومرتبطة بوحدة الأرض واللغة والتاريخ والتراث والحضارة . باتت تائهة بين مفهوم عربي وإسلامي ، وبل وغلب عليها التفسير الإسلامي . مع أن الله سبحانه وتعالى حين بعث رسالته للعالمين عبر نبيه الكريم محمد (صلعم) شرف الأمة العربية باختيار نبيه منها ، وبوصفها في كتابه العزيز بأنها خير أمة أخرجت للناس ، لتحمل رسالته إلى أمم الأرض الأخرى وشعوبها ، لتنشر الإسلام بينها ، وهي أمم وشعوب اعتنقت الإسلام كعقيدة إيمانية إلهية، ولكنها ظلت متمسكة بانتمائها القومي ولغتها وتاريخها وتراثها .


ولنلاحظ كذلك تراجع وتفتت الحركة القومية العربية بأحزابها وقواها وهيئاتها ومثقفيها وأدبياتها ونضالاتها . وهذا التراجع ينعكس اليوم خطراً على الفكرة القومية العربية ذاتها ، التي باتت غائبة عن وعي أجيالنا الشابة . وذلك هو جوهر الخطر الذي يتهدد مستقبل الأمة . خاصة وأن هذا الغياب يتعزز يوماً وراء يوم نتيجة غياب الثقافة القومية ومؤسساتها ونتيجة وجود فضائيات مهمتها نشر الثقافة القطرية ، وسياسات الحكام العرب الموالية للغرب . وفضائيات أخرى وجدت لإفساد العقل العربي . وصرفه عن همومه اليومية وقضاياه الوطنية والقومية ، وكذلك تعدد الفضائيات المذهبية والطائفية التي تكرس الفرقة القومية . بينما لا نجد فضائية قومية واحدة تعني بنشر الثقافة القومية ، والفكر القومي ، ووحدة قضايا الأمة التحررية والسياسية والاقتصادية ، وتربية الأجيال العربية الصاعدة على هذه المفاهيم . وهذا قصور كبير يحسب على أطراف الحركة القومية العربية ومنتسبيها أفراداً وأحزاباً ومثقفين وأصحاب رؤوس أموال .


*****


ـ 5 ـ


ولمواجهة كل هذه التحديات ، وحتى لا يموت المشروع القومي مع استشهاد الرئيس صدام ، كما حدث له من تراجع بعد استشهاد الرئيس عبد الناصر ، واشتداد التآمر على العراق وعلى صدام حسين باعتباره كان الوريث القيادي لعبد الناصر في حمل راية المشروع القومي ، فإننا يجب أن نستفيد من حالة الغضب واليقظة والوعي التي تسود الأمة الآن نتيجة مواقف الرئيس صدام وصموده وشموخه حتى في لحظات الاستشهاد . وهنا يكمن الوفاء للشهيد صدام حسين ، وللشهيد عبد الناصر ، وللأمة العربية وقضاياها ، ولكل شهدائها . وردنا يجب أن يكون عملياً مبرمجاً ، لا نظرياً فقط أو مجرد خطابات وشعارات أو إقامة مؤتمرات أو تجمعات تحمل مسميات قومية ، ولكنها لا تعكس المضمون القومي ، ولا تملك برنامجاً أو مشروعاً قومياً . وكلامي هنا موجه لكل وطني أو قومي عربي شريف ، أيا كان انتماؤه الحزبي ـ وطنيا أو قومياً ، أو تقدمياً أو إسلاميا عربياً ـ أو شخصيات مستقلة .



أ ) : أبدأ حديثي بالتوجه للبعثيين العراقيين ، وأبناء القوات المسلحة العراقية الأبطال ، بكل فروعها وأجهزتها العسكرية والأمنية . فأنتم أول المطالبين بالوفاء لقائدكم الشهيد الخالد ، ولرسالته التي حملها وضحى في سبيلها . انتم مطالبون بالوحدة ورص الصفوف سواءٌ كنتم داخل العراق أو خارجه . والالتفاف حول قيادة الحزب ممثلة بخليفة الرئيس الشهيد الرفيق المناضل عزت إبراهيم الدوري ، قائد الحزب والمقاومة والقوات المسلحة . من ابتعد منكم عن الحزب ( ولا اقصد هنا بعض الانتهازيين ) وتخلى عن دوره النضالي في الحزب أو في القوات المسلحة المقاومة ، فقد جاءَته الفرصة ليكفر عن قصوره ، فروح الشهيد البطل تناديه وتستنخيه . ومن غادر منكم العراق لأسباب غير أمنية ، وبإمكانه أن يعود فليعد . وإن تعذرت عودته فإن وجوده في الخارج لن يعفيه من دوره النضالي . فمن كان بإمكانه أن يقدم دعماً مادياً أو معنوياً لنضال المقاومة في الداخل ، فواجبه ألا يقصر . أما الذين لا يملكون ما يقدمونه ، فعليهم أن ينظموا عملهم وصفوفهم ، ويكونوا رسل الحزب والمقاومة والعراق الأصيل في الخارج ، سياسياً وإعلامياً وثقافيا ، على الصعيدين العربي والدولي .


ب ): وحديثي ثانيا موجه لكل الوطنيين العراقيين الشرفاء من كل الأحزاب والهيئات والمنظمات . ومن كل القوميات ، عرباً وكرداً وتركمانيين ، وآشوريين وآكاديين . ومن كل الطوائف والمذاهب ، مسلمين ومسيحيين . فهذا أوان وحدتكم الوطنية التي كانت دوماً عنوان مجد العراق وفخره وقوته ، ونبذ التعصبات العرقية والطائفية والمذهبية التي جاءَكم بها الاحتلال الأمريكي والفارسي ليقسم العراق ويدمره ويلغي دوره القومي ، وتراثه التاريخي والحضاري . وها أنتم ترون إلى أين أوصلت العراق هذه السياسات التي يغذيها الغزاة وأعوانهم الحاقدون على عراق التاريخ والحضارة ، والطامعون بأرض العراق وثرواته . فوفاءً للعراق العظيم ورسالته الخالدة ، ولقائدكم الشهيد البطل الذي ضحى من أجلكم ومن أجل العراق والأمة ، أدعوكم إلى التوحد في مقاومة المحتلين بكل أطيافهم ومطامعهم من أجل تحرير العراق ، والتمسك بوحدة أرضه وشعبه ، ورفض سياسات المحاصصة والتقسيم العرقي والمذهبي ، فالتنافس اليوم يجب أن يكون على البطولات والتضحيات ، وليس على المناصب والحصص .


ج ): وحديثي ثالثاً موجه إلى العشائر العربية في العراق ذات التاريخ البطولي المجيد ، منذ توحدت تحت راية واحدة نسجتها هند بنت النعمان بن المنذر ، ويقال إنها كانت نفس الألوان الأربعة التي يتكون منها علم العروبة والعراق، وهزمت جيوش الإمبراطورية الفارسية في معركة ذي قار قبل الإسلام . وحين توحدت ـ مع أن بعضها لم يكن قد دخل الإسلام بعد ـ في معركة القادسية الأولى تحت راية الإسلام ، مؤكدة انتماءَها العربي وولاءَها لأرضها العربية ، لمواجهة الاحتلال الفارسي وتحرير أرضها منه ، ثم كررت ذلك في معركة القادسية الثانية في ثمانينات القرن الماضي وتصدت للأطماع الفارسية الصفوية في أرض العراق ، وحمت الأمة العربية وأرضها وثرواتها من الأطماع الإقليمية الإيرانية الفارسية ، ولم تستمع حينها لكل الدعوات المذهبية التي حاول النظام الصفوي الفارسي في إيران أن يستقطبها على أساسها ليدفعها إلى خيانة وطنها ، وشرفها العربي ، وقيادتها العربية الأصلية ، لكنها خاضت معركتها على أساس انتمائها الوطني والقومي ، وحققت النصر المبين للعراق وللأمة العربية ضد الطامعين من دعاة المذهبية والطائفية . ولم تكن الوحدة الوطنية والقومية لشعب العراق وقبائله وعشائره في مواجهة الاحتلال البريطاني في ثورة العشرين وما تلاها من نضالات ، أقل من وحدتها في القادسيتين الأولى والثانية .


هذا هو التاريخ المشرف لقبائل العراق العربية في وجه الغزاة أيا كانت أسماؤهم ودياناتهم ومذاهبهم وقومياتهم . وهذا ما نذكرهم به وندعوهم للتمسك به وفاءً لعراقهم وعروبتهم وتاريخهم . ووفاءً للعهود التي قطعوها لقائدهم الشهيد الخالد صدام حسين بالدفاع عن العراق وحمايته ، حين التقى بشيوخ العشائر قبل الغزو . وتنفيذاً للوثائق التي وقعوها قبل عدة أشهر مطالبين بالإفراج عن قائدهم ، الأسير وقتها ، ورفاقه ، وما أعلنوه وقتها من التزام بالنضال والمقاومة حتى يتحرر العراق .


د ): وحديثي الرابع ـ وإن كان يعز عليّ أن استخدام هذه المسميات ـ فنحن العروبيون لم نعرف في تاريخنا معنى للطائفية أو المذهبية ، والإسلام الصحيح أيضاً لم يعرف المذهبية السياسية فهي دخيلة عليه . حديثي الرابع هو للأخوة الشيعة العرب ، وبصورة أدق أصحاب المذهب الجعفري الذي نجله ونجلهم ، وهو حق لهم كحق أصحاب المذاهب الأربعة الأخرى . لكني أدعوهم للانتباه للتشويهات والتحريفات التي تحاول المذهبية الصفوية الفارسية وأتباعها من المرتزقة تلويث صورة مذهب الإمام جعفر الصادق بها ، وحين تحاول إيران الفارسية أن تستغل انتماءَها للمذهب الصفوي لبسط سيطرتها ونفوذها على الشيعة العرب وعلى العراق ، وأن تفرض عليهم ، من خلال مرجعياتها الدينية الفارسية ، مفاهيمها المذهبية .


وهنا أنبه أصحاب المذاهب السنية الأخرى إلى التفريق بين أخوتهم في العروبة والإسلام من الشيعة العرب ، وبين الشيعة الفرس الصفويين ومرتزقتهم ، وأحذرهم من الخلط بين الفريقين . فالخطر الذي يستهدف تمزيق العراق والسيطرة عليه هو بالإضافة إلى العدو الأمريكي والصهيوني ، العدو الفارسي الصفوي ، وأن هذا العدو يشكل خطراً على الإسلام الحقيقي بمذهبيه الشيعي والسني . وبالتالي فإن العرب سنة وشيعة مدعوان للنضال معاً ضد الغزو المذهبي الصفوي الإيراني لحماية العراق والعروبة والإسلام الحقيقي .


وما أدعو عرب العراق ، بسنتهم وشيعتهم إليه ، أدعو كل أولئك العرب الذين امتد إليهم النفوذ الإيراني سواءٌ في بلاد الشام أو في منطقة الخليج العربي . أن يعوا مخاطر هذا النفوذ والوجود على عروبتهم وعلى الوحدة الوطنية في أقطارهم . فالمذهبية التي تسعى لنشرها إيران في هذه المناطق لا علاقة لها بالإسلام أو مذاهبه الصحيحة ، إنها مذهبية صفوية وصناعة فارسية ، هدفها تقسيم الوطن العربي وبسط نفوذها ، وكأنها تريد الانتقام من العرب لأنهم حملوا رسالة الإسلام التي أطاحت بالإمبراطورية الفارسية . وإن الأموال التي تنفقها إيران في هذه المناطق ، وفي سوريا ولبنان وفلسطين ، بحجة دعم المقاومة ، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الأمريكية ، إن هي إلا لتعزيز الدور الإيراني . ونشر أفكارها في هذه المناطق لخدمة المصالح الإيرانية . وعلى هذه القوى العربية السياسية والشعبية أن تتفهم هذه الحقائق ، وأن ترصد الوقائع التي تجري على الأرض في بلدانها وفي العراق ، وأن تستذكر الدور الذي لعبته إيران ضد العراق في حرب الخليج الأولى في التسعينات ، وفي مساعدة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، وما يفعله عملاؤها ومرتزقتها اليوم ضد المقاومة العراقية ومن ذبح للعرب والفلسطينيين في العراق ، ومن تعاون مع المحتل الأمريكي ، وفي الوقت الذي تدعي فيه نصرتها ودعمها للشعب الفلسطيني ومقاومته ، وفي الوقت الذي تقدم فيه نفسها لشعوب العالم على أنها دولة معادية للسياسة الأمريكية والصهيونية .


هـ.): ورسالتي الأخيرة هي لك أبناء وأطراف الحركة القومية العربية ، إلى كل المؤمنين بالفكرة القومية ، والوحدة العربية ، في كل أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. بعثيين ، وناصريين ، وكل القوميين العرب . أحزاباً ومنظمات وشخصيات مستقلة . مثقفين ومفكرين وسياسيين وإعلاميين . نقابات مهنية أو اتحادات شعبية . إلى كل الذين استفزهم اغتيال الشهيد البطل صدام حسين ، وتفهموا الأسباب الحقيقية التي من أجلها استشهد صدام حسين ، الممثلة بالدفاع عن فلسطين والأمة العربية والمشروع النهضوي القومي العربي الذي حمله . ..... إلى كل هؤلاء أقول : إن الطريق إلي حماية العروبة ، والفكرة القومية ، واستنهاض الأمة العربية للدفاع عن نفسها ، وتحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية وبناء الديمقراطية ، هو في إقامة جبهة قومية موحدة تضم كل هذه القوى والفعاليات ، وتضع مشروعاً موحداً تعمل على أساسه ، وفق برنامج محدد ، داخل كل قطر عربي ، وعلى مستوى الوطن كله ، لتحرير الأرض العربية من الوجود والنفوذ الأمريكي الصهيوني ، وحماية الوطن العربي من المطامع الإقليمية المذهبية والفتن الطائفية ، وتحقيق المشروع النهضوي العربي .


*****


ـ 6 ـ



يوم نفعل ذلك ، سنثبت أننا مناضلون حقيقون ، وأننا قوميون صادقون ، وأننا لسنا مجرد أصحاب شعارات وهتافات . وحينها نكون وفينا بعهدنا لأمتنا ، وللشهيد الخالد صدام حسين ، وأخيه الشهيد الخالد جمال عبد الناصر ، ولكل شهدائنا . وسترتاح أرواحهم ، وترفرف فوقنا داعية لنا بالنجاح والتوفيق في خدمة أمتنا العربية ، وأجيالها القادمة .

 

 





الثلاثاء١٥ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عـبد الله الحـوراني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة