شبكة ذي قار
عـاجـل










المتابع لحركة الأحداث على الساحة العربية ،  وفي عموم الوطن العربي ، يلاحظ بدون بذل أدنى عناء ،  تراجعا مضطردا للعرب ، وانكفاء مرير ،  على مختلف الأصعدة والاتجاهات. الأمر الذي أدى إلى تكريس حالة الانقسام ، وضياع الهوية ، والوجود ، بحيث أن الدعوة القومية ، إلى الوحدة العربية ، باتت نوعا من الخيال.


وإزاء هذا التراجع العربي المرير ،  نلاحظ تفوقا واضح ، للكيان الصهيوني ،  عسكري ، وتقني ،  واقتصادي ، وصناعي ، وتوسعي ، وعدواني ، يتخطى الموضع ، في فلسطين المحتلة ، ليأخذ مدياته الخطيرة ،  على الساحة العربية برمته ، بمشرقها العربي ،  ومغربه ،  وعلى كل الصعد المذكورة ،  في عملية تهديد واضحة ،  للوجود العربي ،  بالقضم والتشظية ، ومحو الهوية.


ولعل الأسوأ في هذا التراجع ،  مقابل ذلك التفوق الصهيوني ، هو تزامنه ، مع سحق مشروع الأمة الوحدوي الناهض ، الذي تجسد بالاحتلال الأمريكي البغيض للعراق. ومما زاد الطين بلة ،  عودة الاستعمار القديم ، هذه المرة ،  بشكل احتلال عسكري مباشر ، أكثر امبريالية ،  وأكثر خبث ،  وعدوانية من الاحتلال القديم ،  سيئ الصيت.وقد جاء احتلال العراق عسكري ،  بعد أن تم احتلال أماكن شاسعة من الوطن العربي ،  بطريق المعاهدات ، والتحييد ، كما هو معروف للجميع. لقد كان التغلغل الصهيوني ،  في قلب الوطن العربي ،  وعزل مصر عن ساحة التأثير ، وتخويف أقطار الخليج العربي ،  من التوسع الإيراني ،  في إرهاب واضح ،  لدفعهم للتعكز على الحماية الأنكلو أمركية ، بعد إعدام الدور الموازن للعراق ، في ميزان القوى في المنطقة..وانكفاء المغرب العربي على ذاته ،  لمواجهة التحديات الانفصالية ،  في عقر داره ،  مدعومة بمصالح دولية وإقليمية ، كلها كانت مساعي شريرة وآثمة ،  لتدمير الأمة العربية ،  وتفتيت أقطاره ، منعا له ،  من إعادة بناء الدولة القومية القوية ،  ذات السيادة ، التي تتمكن من الوقوف بوجه التحديات ،  التي تواجه الأمة.


فلا غرابة أن نرى القوى المعادية للأمة العربية ،  في تحالفها الأمريكي البريطاني الصهيوني ألصفوي المعاصر ،  تشجع ساسة الأقليات في الوطن العربي ، وتصطنعهم بأجنداتها الخبيثة ،  لكي يتمردوا على أقطاره ،  وينتهجوا النهج الصهيوني نفسه ،  في محاولة تشكيل كيانات قومية ،  موالية لإسرائيل ، في مختلف أقطار الوطن العربي ،  ذات الأقليات المتآخية غير العربية ، لكي تكون بؤرا لتفتيت العرب ،  وسرقة ثرواتهم ، وإنهاك كيانهم ، بجعلهم عناصر هدم وتخريب للأمة العربية ،  وبوابة لنفاذ إسرائيل فيه ، تمهيدا للامعان في تشظيته ، إلى المزيد من الكيانات الهزيلة ، ونهب ثرواته ،  وإضعافه ،  إلى حد إعدام تأثيرها عن الفعل ،  في الساحة الإقليمية والدولية ، لتبقى كانتونات منعزلة ، تنهكها جرثومة القضم ،  وتحركها إستراتيجية المصالح ،  الامركية الصهيونية الصفوية ،  كيفما تشاء.


إن المطلوب من العرب اليوم ، أنظمة ومؤسسات وشعوبا وافرد وأحزاب ، أن يتنبهوا إلى خطورة الحال ،  وان يتحركوا بسرعة ،  وبقوة ،  للملمة الشمل ،  والسعي الجدي للتوحد ،  بأي صيغة ممكنة ،  ومغادرة حالة التشرذم والانقسامات ،  لوضع حد لحالة التراجع والانكفاء ، ومواجهة التحديات المصيرية ، قبل أن يفوتهم قطار الفرصة ،  وعندها فسيخسرون أنفسهم ،  ويخسرون فرصة التاريخ ،  بل ويفوتون على الإنسانية المعذبة ،  فرصة الإنقاذ ،  التي اختيارهم الله من اجلها امة وسط ،  ليكونوا أداة العلاج ،  لكل الأمراض المزمنة ،  التي تعاني منها الإنسانية في الوقت الحاضر.

 

 





الجمعة١١ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة