شبكة ذي قار
عـاجـل










بتاريخ الخامس من فبراير عام 2003 ألقى كولين باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كلمة أمام مجلس الأمن الدولي هدفها كسب موافقة الدول الأعضاء فيه للموافقة على حملة عسكرية جديدة ضد العراق. وقد استعد باول لذلك جيدا وتسلح بأكاذيب كان قمتها أن نظام الرئيس العراقي صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل وهي الكذبة التي استعملها قبله الرئيس الأمريكي وقتذاك جورج دبليو بوش.

 

واستند باول في حجته على عميل يعمل للمخابرات الألمانية تحت اسم مستعار Curveball أي الكرة المنحية وهذا غريب إذ أن واشنطن لم تهتم يوما بما تزودها به المخابرات الألمانية ولو كانت تهتم فعلا لاهتمت ببلاغ أجهزة الأمن الألمانية لها بعد سفر محمد عطا وزياد جراح ومروان الشحي من هامبورغ إلى الولايات المتحدة ودعا البلاغ إلى التحقيق معهم لشك الألمان بهم. هذا دليل على أنه كان بوسع الأمريكيين تفادي وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

 

ليس جديدا أنه منذ سنوات واضح أن الأمريكيين شنوا حملتهم العسكرية على العراق واحتلوه عام 2003 لأن العميل Curveball وهو عراقي جاء إلى ألمانيا عام 1999 تحت اسم رافد أحمد علوان ويحمل اليوم الجنسية الألمانية، كذب في ذلك الوقت وأكذوبته كانت أكبر معين للأمريكيين لتبرير حملتهم العسكرية على العراق وتغيير نظامه.

 

وإنما الجديد أن المخابرات الألمانية BND رغم فضح أكاذيبه فإنها تزوده بالمال وتقدم له خدمات أخرى وتحميه من الصحفيين. وكانت قمة هذا الدعم أن المخابرات الألمانية تولت عملية حصوله على الجنسية الألمانية وإضافة لذلك كشف تقرير لقناة MDR الألمانية أن المخابرات الألمانية قامت لسنوات بدفع راتب شهري لعميلها السابق قيمته ثلاثة آلاف يورو عبر شركة وهمية في ولاية بافاريا تحمل اسم Thiele und Friedrichs وذلك حتى عام 2008.

  وعلى الرغم أن عقد العمل المبرم بين المخابرات الألمانية ورافد الذي يعتقد المراقبون أنه جاء لألمانيا عام 1999 خصيصا للترويج لامتلاك نظام صدام حسين أسلحة الدمار الشامل، لا ينص على حصوله على امتيازات لكن على ما يبدو فإن المخابرات الألمانية واصلت تقديم الدعم المادي له مشترطة ألا يتحدث لوسائل الإعلام. لكن رافد حاول الإدلاء بأحاديث صحفية مقابل مبالغ طائلة من المال.

 

في نهاية عام 2008 ألغت المخابرات الألمانية عقد العمل مع عميلها السابق رغم أن مدته كانت عشرة أعوام ورفع Curveball دعوى ضدها أمام محكمة العمل بمدينة ميونيخ مطالبا الحصول على راتب شهري تبلغ قيمته ألفي يورو. لكنه منذ ذلك الوقت يحصل من صندوق الضمان الاجتماعي على راتب شهري قدره 1590,82يورو وهذا المال يدفعه المساهمون في دفع الضرائب وتمويل الصناديق الاجتماعية من عمال وموظفين ألمان وأجانب ومن بينهم عرب يحصلون قوتهم في هذا البلد وهذا من المفارقات العجيبة.

 

وعرض التلفزيون الألماني كيف أن الشرطة الألمانية تدخلت فورا لمنع فريق التلفزيون من ألمانيا والدانمارك للحديث مع رافد بعد أن تم التعرف على مكان سكنه بمدينة كارلسروهي حيث هددهم على الفور بإبلاغ الشرطة لإبعادهم وهذا ما فعلته الشرطة.

 

يشار أن أكذوبة العميل العراقي تسببت في حرب أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من أبناء شعبه وإلحاق الدمار ببلده وما زالت نتائجها المدمرة تحصل حتى اليوم. الغريب أن الولايات المتحدة نفسها لم تمنحه حق اللجوء لأراضيها أسوة بغيره ولا زالت حتى اليوم البلد الذي منح اللجوء لأقل عدد من العراقيين الذين فروا من بلدهم إما لانكشاف أمرهم في التعاون مع الاحتلال أو للنجاة أو لقتامة صورة مستقبل بلدهم. وظهر في التقرير التلفزيوني مسؤول أمني أمريكي أشرف على تحليل أكاذيب رافد حيث أدلى بشهادته وقال: للحفاظ على سلامة العمل المخابراتي فإن العميل حين تنجلي أكاذيبه يجري حرقه بمعنى إنهاء كل علاقة معه حتى في المستقبل.

 

كذلك صرح كريستيان شتروبلي عضو البرلمان الألماني(بندستاغ) وعضو اللجنة البرلمانية لمراقبة أنشطة أجهزة الاستخبارات الألمانية بعد أن عبر عن استيائه لدعم المخابرات الألمانية لصاحب أكذوبة غزو العراق 2003 وقال ان أموال دافعي الضرائب ليست لمثل هذه الأمور ويجب فتح تحقيق بذلك.

 

وقطب شتروبلي حاجبيه عندما بلغه أن المخابرات الألمانية هي التي تدخلت كي يحصل رافد على الجنسية الألمانية وعلق قائلا: لماذا حصل هذا الرجل على الجنسية الألمانية وهذا ما يجب الحصول على استفسار من المخابرات الألمانية حوله وأشار إلى أنه كان ينبغي على المخابرات الألمانية فور تبلغها أن رافد كذب عليها أن تنهي كل علاقة معه.

 

يعتبر تقرير التلفزيون الألماني شهادة على دور المخابرات الألمانية وصناع السياسة الألمانية في الترويج لأكذوبة حرب العراق وهذا ما يؤكده فريدبيرت بفلوجر عضو البرلمان الألماني الذي ينتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة ميركل الذي جاء في شهادته: إن الفقرة المميزة التي تم التركيز عليها في كلمة وزير الخارجية الأمريكي باول أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ الخامس من فبراير عام 2003 تحتوي على معلومات زودتها المخابرات الألمانية للأمريكيين وأضاف بفلوجر الذي كان في ذلك الوقت عضوا في لجنة العلاقات الخارجية التابعة للبرلمان الألماني: لقد سمعنا من ممثلي المخابرات الألمانية في جلسة سرية أن هناك إمكانية كبيرة بأن العراق يملك أسلحة للدمار الشامل ولدينا صور لمختبرات متنقلة يجري فيها تصنيع أسلحة كيماوية وأن الأقوال مسجلة على شرائط ينبغي العودة إليها عند التحقيق. في الحقيقة تخشى المخابرات الألمانية أن يفضحها رافد لذلك تواصل حمايته وهو يواصل ابتزازها.

 

 





الخميس١٠ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير عواد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة