مما لاشك فيه والكل يعلم علم اليقين ان العراقي شهم وكريم وشجاع ونموذجي ، وكان يقتدى به من بين اغلب الشعوب ، ولا يؤمن بالتفرقة والعنصرية والهمجية والطائفية ، ولا يفرق بين شخص واخر .
وانا جالس في بلاد المهجر ، رجعت بذاكرتي الى الوراء وتذكرت انني في عام 1989 زرت احدى الدول ( لم اود ذكر اسمها ) ورايت من شعبها العجب العجاب من النصب والاحتيال والغش الذي كان مستشري بشكل غير طبيعي ، علما انها ليست متقدمة لا عمرانيا ولا صناعيا ولا علميا ، هذا الوضع سبب لي الذهول وقررت في قرارة نفسي بانني سوف لن اعود لزيارة هذا البلد .
فوجئت في عام 2003 ، عندما سنحت لي الفرصة بزيارة هذه الدولة مرة ثانية ، تلك الدولة التي اصبحت متقدمة عمرانينا وصناعيا وعلميا ، ولم استغرب من هذا التقدم كون الاعمار والتطور الصناعي ياتي بالتقادم ، ولكن كانت مفاجئتي الاكبر هي التغير الحاصل في سلوكيات شعبها ، فأصبح صادقا في التعامل مع الغير ومتطور فكريا وعلميا ومكافحا من اجل بناء دولتهم وتقدمها بين البلدان الاخرى .
واخذتني ذاكرتي الى ما حصل لنا نحن العراقيين ، وبدأت اقارنها بين ما كنا عليه قبل الاحتلال وما نحن عليه الان ، فبعد ما كان عليه العراقيين من الصفات الجيدة كما ذكرت في اعلاه ، اصبحنا الان شعب متخلف فكريا وعقائديا واصبح منهج العنف والقتل على الهوية من ابرز صفاتنا وبدأت ديمقراطية الطائفية تسأل اذا كان هذا الانسان اسمه ( علي ) او ( عمر ) او ( آزاد ) او ( هرمز ) او ( يالجين ) او ( الياس ) ... الخ .
واصبح الجار في العراق الذي عشت معه لاكثر من عشرين عاما يعتدي على جاره من اجل الاستحواذ على داره وممتلكاته .
وانا كمواطن عراقي كوردي احد كوادر حزب الحرية والعدالة الكوردستاني في المهجر اريد ان اعود الى بلدي ، فبأي هوية أو أسم ، أدخل بهوية سنية او شيعية او كوردية أو انا تابع لاي حزب او كتلة او لاي مسؤول في الحكومة العراقية الحالية ، او اكون تابعا للمحتل الصهيوني الامريكي ، او اكون مناصرا او معاضدا للمقاومة العراقية الشريفة ، كل هذه التفاصيل تضعني في حيرة من امري والتي تجعلني اتراجع في قرار العودة .
واني لأأسف لما وصل اليه الحال في العراق ، وما وصلنا اليه نحن العراقيين كوننا انحرفنا وبشكل سريع ومذهل ، واصبحنا نزغرد ونتمسك بالامريكان والصهاينة ، واصبحنا شعب طائفي متطرف تتداول قصصه كل دول وشعوب العالم .
واني اذ اتساءل الى متى يبقى سفك واراقة الدم العراقي بايدي العراقيين انفسهم خدمة لاجندة الاحتلال وللدول السائرة في ركب السياسة الامريكية .
وانني كمواطن عراقي يحب العراق والعراقيين اتمنى وادعو من الله ان يعود شعبنا الى جادة الصواب والى سابق عهده وكما كان يضرب به الامثال بالكرامة والشجاعة والتسامح والاخوة الصادقة ، وان يبتعد كل البعد عن ما زرعه المحتل الامريكي الصهيوني من نزعة طائفية حاقدة ومقيتة ، كون نحن العراقيين كلنا اخوان وتربطنا روابط عميقة عمق حضارة وادي الرافدين ، بما فيها رابطة الدم والمصاهرة والتاريخ والوطن ، وان لا يتخلى العراقي عن اخيه العراقي مهما كانت ديانته او مذهبيته ، وارجوا من الباري عز وجل ان يتعافى العراقيين جميعا من هذا الداء الذي جلبه المحتل ومن سار بركبه ، وان تسود المحبة والاخوة والسلام بين جميع ابناء شعبنا العراقي العظيم .
مواطن عراقي كوردي في المهجر
احد كوادر حزب الحرية والعدالة الكوردستاني