شبكة ذي قار
عـاجـل










كل الأزمات التي تحصل في العالم تشكل لها إدارة خاصة تسمى غرفة إدارة الأزمة ؛وهي التي تنبثق عن غرفة العمليات المركزية التابعة للداخلية أو الدفاع إن كان الموضوع (الحدث) يتعلق بالشأن الخارجي أي تهديد قومي؛وتتشكل هذه القيادة أو إدارة الأزمة من أعضاء مشهود لهم بالكفاءة كي يرسموا المخططات ويضعوا الخطط التي يتم التعامل مع الأزمة على ضوءها و كيفيتها؛ومن هذا الأسلوب تكون النتائج مقاربة أو ربما تماماً مثل ما وضعت على الورق ؛والهدف من تلك الممارسة هو تقليل الضحايا خاصة إذا كانت القضية تتعلق بأبرياء مرتهنين لدى فئة قذرة أو باغية مثل تلك التي احتجزت الرهائن في الكنيسة؛ومن ثم إنهاء الأزمة بأقل قدر من الأضرار إن أمكن؛أو الخروج على أقل تقدير بأسر احد المهاجمين حيا لتعرف الجهات الأمنية أو الحكومية من يقف وراء هذه العملية وما هي الإمكانات اللوجستية لتلك المجموعات الإرهابية ومن يقف وراءهم وماهو حجم المساعدات والأسلحة والى غيرها من المعلومات التي تفيد وتساعد على تقويم العمل الأمني من أجل الحفاظ على أرواح الناس الذين هم الشعب بشكل عام وتحديد الجهات التي تتربص به وبمساراته في المستقبل .


ولا أذكر سوى أزمة المسرح الروسي الذي تم احتجاز رهائن فيه ومن ثم قامت القوات الروسية بعدة محاولات فاشلة لم تفضي إلا الى تعنت المجموعة المتحصنة بالمسرح من الإرهابيين كما يسمونهم وعدم التجاوب مع السلطات الروسية مما أضطر تلك السلطات الى مهاجمة المسرح بمن فيه بالغاز مما أودى بحياة إن لم تخني ذاكرتي كل الموجودين بالمكان ومن كلا الطرفين (الإرهابيين والرهائن)؛وكان مشهدا مروعا للغاية ذهب ضحيته أناس أبرياء نتيجة سوء التخطيط والتعامل مع الأزمة.


وهو بالفعل ما حصل في بغداد منذ أيام على غرار الأزمة الروسية شكلا ومضمونا؛فقد احتجزت جماعة إرهابية تقول الحكومة إنها من القاعدة مجموعة من الأبرياء لاذنب لهم سوى أن المخطط لتلك الأزمة أراد أن يلفت الانتباه عن جرائم زمرة معينة حين ورد ذكرها في وثائق ويكيلكس بالتعاون مع إيران وتحديد نوع تلك الجرائم مما فتح عين الشارع والرأي العام على حقيقة أولئك وحقيقة تعاملهم بل خنوعهم لجهة أجنبية والوثائق تذكر أي أني لا أذيع سرا أو أسرد من أفكاري ؛لذلك وحسب تصوري أن الرواية التي تقول أن إيران هي من خطط لتلك الحادثة وسرد تفصيلات تتعلق باستقدام مجموعة من المقاتلين التابعين للقاعدة التي تعمل بآمرة إيران وزجهم في وسط المنطقة التي تضم الكنسية وأختار يوما ليس من الأيام العادية ليضرب فئة من أهلنا تحت أنظار رئيس الوزراء وعلمه ؛ومن ثم دفع القوات الحكومية للتعامل مع الأزمة وفق مبدأ القوة التي شاهدناها ؛بحيث دمرت المبنى وقتلت أكبر عدد من الرهائن بعملية فجة غير مدروسة ولا تنم إلا عن عدم دراية المهاجمين بطريقة وأسلوب العمل العسكري؛وهو ما يؤشر صحة الرأي القائل أن الجهة المخططة أرادت أن تتخلص من المنفذين؛ أي أن المنفذ لا يعلم بنية الدافع ؛والمهاجم لا علم له بالاتفاق الذي تم ؛ ويعزز الرأي الذي يؤكد أن القوات العراقية لاتملك من المهنية مايؤهلها للدفاع عن شارع واحد في بغداد وليس تحصينها ضد مثل تلك الهجمات سواء من جانب الإرهابيين الذين اثبتوا على مدى السنوات السبع الماضية بأنهم أكثر تقدماً وتطوراً وبرغماتية من كل القوات التي دربتها الولايات المتحدة أو قدمت لها المشورة أو حتى التي دربتها إيران على شكل وهيئة مليشيات أو تلك التي أسسها رئيس الوزراء خارج النطاق الدستوري ولا ينطبق عليها إلا مسمى العصابات؛وهي التي فضحها ويكيلكس في وثائقه وأشار الى عملها الإجرامي بدعم متواصل من لدنه.


ولهذا كله لم تستطع تلك المليشيات التي يقودها والتي تسمى بقوات بغداد من حل أزمة الكنيسة بسلام وحفظ أرواح الأبرياء والخروج بمحصلة تأتي بثمار قد تفيد للتوصل الى خيوط العملية ومن يقف وراءها كي يعلم الشعب من يريد به سوءاً منذ السنين السود التي جاءت بها تلك العملية العرجاء المسماة بالسياسية وكانت وبالا عليه وأحرقت كل ما بناه العراقيون في سنينهم الماضية؛وهو ما يعزز أيضا الاتهام الذي يوجهه السياسيون لتك القوات (أي القوات التي شكلها المالكي ) بأنها تقف وراء كل تلك الأحداث الدموية الدائرة في العراق عموما وليس في بغداد على أقل تقدير؛ثم ما يؤكد كلامنا أن المالكي وفي خضم خسارته المركز الأول في الأنتخابات هدد وتوعد بأن ستعاد الحالة الى سابق عهدها إن هو فقد السلطة ؛وهو ما يبرهن بان تلك الأعمال لاتخرج عن كونها من فعل قوات تابعة للرجل و تعمل بأوامره المباشرة.


وحين التمحيص بالدلائل أكثر نجد أن كل المناطق التي حدثت فيها التفجيرات التي تلت العملية الإجرامية التي شنها المجرمون على كنيسة سيدة النجاة ؛كانت قد حدثت في مناطق تغلب عليها سيطرة القوات الأمنية التابعة للجيش أو الداخلية ؛ومنها مدينة الصدر والشعلة والشعب ؛أي حسب المسميات الطائفية التي يعمل عليها رئيس الوزراء (مناطق شيعية) ؛وهذه مقفلة ولا وجود لغريب فيها فمن أين أتت تلك السيارات المفخخة ودخلت وتجاوزت كل التحصينات المنصوبة بالشوارع حتى وصلت الى الأماكن التي أطمئن لها المجرمون بأنها توقع فيها أكبر عدد من الضحايا وقاموا بتفجيرها هناك؛ ألا يبعث هذا التساؤل على الدهشة؛سيما وأنه لم يجب عليه أي من الذين يسمون أنفسهم بالمسئولين الأمنيين؛ ثم أين المحكمة الاتحادية كما يسمونها أليس من واجبها أن تقدم على سؤال من يتولون الأمن ؛وما ذنب الضحايا ومن يحميهم في هذا العراق الذي مزقته رعونة هؤلاء.


دأبت كل الحكومات في العالم على تقديم استقالتها عند حصول مثل تلك الأزمات وهي حكومات منتحبة ودستورية وتمارس صلاحيتها الحكومية وفق الفترة التي انتخبت من اجلها ومع ذلك تستقيل؛ومنها أن استقال وزير النقل الهندي على خلفية تصادم قطارين راح ضحيتهما عدد من المواطنين؛وكذا فعل وزير النقل المصري حين وقع حادث مشابه لما وقع في الهند؛ إلا أن هذه لم تحصل عندنا رغم ديمقراطية الحكومة التي تقول فيها؛ على الرغم من أن الحكومة التي يديرها المالكي منتهية الصلاحية وعليها أكثر من قضية أثيرت عالميا وبوثائق تكاد أن تكون شبه رسمية ؛وغير مخولة اليوم باتخاذ أي أجراء حكومي حسب الدستور فهي حكومة تصريف أعمال ومع ذلك يحاول هؤلاء الدفع بمساندة قوة أجنبية السيطرة على زمام الأمور بالقوة المفرطة واستخدام تلك القوة دون مسوغ وبحجة القضاء على الإرهاب ليمارسوا إرهاب الدولة وهو تصرف يجب أن يحاسبوا عليه ؛وإلا من يتحمل مسؤولية من سقطوا من الضحايا سواء في الكنيسة المنكوبة أو حتى في أحياء أهلنا بمدينة الصدر وغيرها وهي من المفترض تحت حمايتهم؛إلا يعطي هذا مسوغا للمحكمة أن تطلبهم للمسألة؛ومنذ متى كان القانون يقف عند احد وهو أصلا مثارا للشبهات.


عدم جاهزية القوات علامة بارزة في إدارة الأزمة؛وعدم قدرة الوزارة متمثلة بالمالكي على إدارة البلاد واضحة جلية ؛وفشل الأداء بارز في كل قرار اتخذه الرجل وهذا مدعاة للوقوف في القفص الذي أوقفتم فيه مسئولي النظام السابق على خلفية قضية قلتم أن ضحاياها قاربوا المائة والثمانون؛فما بالكم والعراق اليوم هو الضحية؛إننا نطالب بتحقيق دولي في تلك القضايا بالذات وبالقضايا التي سبقتها ومنها القضايا التي صبغت أيامنا ووشحت ليالي أهلنا بالسواد ,أتت على أبرياء لاعلاقة لهم بالصراعات الدائرة بين هذا وذاك لا من قريب ولا من بعيد ؛إننا نطالب الأمم المتحدة بالتدخل لحل تلك الأزمات التي أوقعتنا بها نتيجة سكوتها على ماجرى من مهزلة الاحتلال ؛ وأن لا تكون الإجراءات إلا حين يتم التعامل بالحق الذي شرعته القيم السماوية والوضعية ومبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية ؛وكفانا استهتارا بأرواح الأبرياء في العراق والتعامل مع تلك الأزمة وكأنها لا تتعدى خلاف مابين فرقاء ؛بل هي ابعد من ذلك بكثير وتدخل في صراعات إقليمية ودولية اختلقتها الولايات المتحدة ومن ناصرها على الباطل لتضع كل البيض في السلة الإيرانية وتتنصل من الحلول التي باتت أكثر تعقيدا مما بدا للمنظر الأمريكي اليوم وهو يحاول الخلاص من مأزق كبير دخل قفصه وحار في كيفية الخروج منه بعد أن استقوت القوى التي استقدمها بغيره ولم تعد تعير لحساباته الخاسرة أي حساب؛ذلك إن من أتى صحبة المحتل بات اليوم أكثر قوة مما كان عليه أيام استقدامه ليكون حجر شطرنج يديره البيت الأبيض بعد أن اختلفت موازين القوى وما ترتب عليها من تغير في موازين وحسابات البيدر العراقي أو إن صح التعبير الإيراني؛فما فرضه غباء بوش وبلير أصبح أكثر تهديدا للعالم من الذي كانوا يهيئون عقول الناس لقبوله بأن عراق صدام حسين يشكل تهديدا وهو كلام لا ينم إلا عن جهل العقلية الدولية لمجريات الأحداث وهو نفسه ما خلق غولا جديدا في المنطقة يهدد قبل أي شيء أخر المصالح الأمريكية دون غيرها؛ ولم يعد أكثر استقرارا بعد رحيل صدام وهو النص الذي يبجح به بوش وصديقته الجميلة كونداليزا ؛والدليل أن مجموعة صغيرة من الإرهابيين الذين رعتهم سياسة الولايات المتحدة بالعراق هم من اعتمدت عليهم غريمتها إيران لتهدد ما تقول أمريكا وكلابها في العراق من أنهم بنوه ( الأمن ) منذ سبع سنين ويتبجح المالكي بأنه هو الذي رسخ هذا الأمن في العراق ؛وهو ما هزته بل مزقته عشرون سيارة مفخخة تناثرت جراء انفجارها أشلاء العراقيين الأبرياء في كل أنحاء بغداد التي صانها المالكي بأمن من ورق؛ والسؤال هل فشل المالكي في إدارة الأزمة كعادته بالفشل أم نجح في تنفيذ الأوامر.

 

 





الاحد٠١ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الدغمان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة