شبكة ذي قار
عـاجـل










 

أضاف قتلة العراق العلنيين والسريين عملاء الجهات المستفيدة من مجزرة الكون ضد البشرية ومقدساتها التي نتجت عن إحتلال العراق وإستباحته بشرا وحجرا، في الوقت الذي نعزي أنفسنا وأهلنا في العراق ونخص عوائل الشهداء والمصابين بهذا المصاب الجلل، نود أن نستقرأ الحدث الوحشي وأبعاده وغاياته الشريرة.

 

1.     لماذا استهداف الكنيسة وفي يوم الصلاة الجماعية للمؤمنين من المسيحيين؟

2.  لماذا السرعة الخرقاء والرعناء والمتهورة في قرار اقتحام الكنيسة، هل ناتجة عن غباء وتخبط أم استهانة بأرواح العراقيين وتقصد؟

3.     ما هي الأبعاد من وراء ذلك العمل المعادي لله وعباده ولشعب العراق؟

 

قبل أن نبدأ بذلك لابد من التأكيد على حقائق ثابتة قد تكون مدخلا لذلك هي:

 

·   من هم مسيحيو العراق هذا الموضوع طالما وددت أن أكتب فيه، وارجئت الكتابة فيه لأسباب عدة، منها إن العراق والحاكمين فيه يريدوا توظيف أي كتابة في مسائل التعددية لأغراض تغذي منهجهم، وإن كان هدف الكاتب الجانب الإيجابي في التعدد المجتمعي العراقي. وسأكتب في هذا الجانب ان شاء الله.

 

·        لماذا استهداف المسيحيون في الوطن العربي والعالم الاسلامي؟

 

·        من وراء كل هذا، وهل المتطرفون مسلمون حقا ويعملوا وفق الشريعة الدينية؟

 

·        دور الأنظمة الرسمية وعلاقتها في تنمية ذلك؟

 

·        دور رجال الدين ودور الإفتاء في مواجهة ذلك؟ وهل إهمالها لذلك ينم عن تدينها وإلتزامها الديني؟

 

·   دور أحزاب الأحتلال التي شكلتها دول العدوان ودعمتها في ما يجري للعراقيين وبالأخص غير المسلمين كونهم يمثلون جزءاَ قليلا بالعدد من نسبة حجم السكان؟ وما هو دور قوات الإحتلال في ذلك، لكنهم يمثلون شيئا مهما وكبيرا في بنية المجتمع وتكوينه الأخلاقي والديني والوطني والتاريخي؟

 

·   من هي دولة العراقية الإسلامية؟ وكيف وصل المجرمون الى كنيسة سيدة النجاة؟ التي يعرف كل العراقيين موقعها وكم هناك دوائر تخص الحكومة وبيوت منتسبي حكومة اللإحتلال في مننطقة الكرادة، وكم عدد مفارز قوات الأمن والحمايات الخاصة لمقرات تلك الأحزاب وأركان حكومة الإحتلال هناك، وإن كانت منطقة الكرادة بهذه البساطة في الإختراق فعن أي أمن وأمان يتحدث قائد عموم القتلة وزبانيته الذي وفروه للمواطن، ولعلم غير العراقيين إن منطقة الكرادة تمتد بموازاة نهر دجلة من باب الشرقي الى منطقة الجادرية في جانب الشرقي (الرصافة) وتمتد المنطقة الخضراء التي تضم حكومة الإحتلال وسفارات دول الإحتلال على طول الجانب الغربي (الكرخ) بنفس الطول لا يفصلهما غير نهر دجلة الذي لا يتجاوز عرضه في أوسع منطقة عن 500م، أي أن من يخترقها يخترق المنطقة الخضراء، فماذا يؤشر ذلك عند أي محلل يعرف بغداد ومناطقها؟

 

المسيحيون العراقيون هم القبائل العربية التي سكنت العراق وتوطنت فيه من قبل التاريخ وإتبعت دينات الله ورسالاته عندما بلغتها، فهم ليسوا مكون طاريء ولا مجموعة هامشية في حياة الشعب العراقي، ولا أقوام وافدة للمنطقة ولا جاليات مهاجرة بل هم سكان العراقيين السابقين إعتنقوا المسيحية وإتبعوا رسالة سيدنا عيسى بن مريم عندما إقتنعوا بها ووجدوا فيها الحق من ربهم، وهذا متأتيا من درجة النضج الفكري والوعي الحضاري والإيماني عند قدماء العراقيين، بل هو دليلا مضافا على أنهم كانوا متقدمين على سكان العالم في ذلك الزمن وعياَ وفهماَ وإدراكاَ، فالعراقيون عرفوا الدين منذ فجر التاريخ بل هم من صنعوا فجرا للتاريخ، وكل المكتشفات الأثرية واللقي التنقيبية والدارسين لعلم الآثار ومتابعي التاريخ البشري والجولوجين أكدوا بالبرهان القاطع والحقائق العلمية الثابتة أن بدأ المدنية والحضارة الإنسانية كان منشأه بلاد الرافدين، وكون رسالة سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام سبقت رسالة سيدنا محمد صلى الله علية وآله وسلم فكان غالبية سكان بلاد الرافدين التي يشكل العراق مركزها الحضاري كانوا مسيحيين، حتى ظهر الإسلام فكان الدين الأوسع انتشاراَ وتبعه الكثير من العرب من أصحاب الكتاب أو المشركين فصار غالبيتهم مسلمين ولكن وكما تطرقنا وبشيء تفصيلي في سلسلة حلقات بحثنا عن الإسلام وبالأخص الجزئين السابع والثامن منهه والتي تضمنت عهد الله وذمة رسوله سيدنا محمد لنصارى نجران والتي غيبت للأسباب لا يعلم من ورائها إلا الله حتى أن الغالبية العظمى من المسلمين وجميع المسيحيين العرب وفي العالم لم يعرفوها!! وهذا يؤشر قصورا من المؤرخين العرب عموماَ بكل دياناتهم، بل وعموم رجال الدين لجميع الرسالات وبالأخص المسلمين الذين تابعوا أحاديث وأفعال وإقرارات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وثبتوها، حتى أن بعض الأحاديث النبوية الشريفة بذل المؤرخون والجامعون والمنقحون للحديث النبوي جهودا كبيرة لا يبغون منها الى رضا الله وحفظ سيرة رسوله وطمئنة المسلمين على صحة ما يتبعون، فلماذا غيبت هذه الوثيقة المهمة من جميع الجوانب، سيدسية وإجتماعية ودستورية وغيرها من جوانب الحياة في أي مجتمع حضاري علما بأنها مشهودة ومشهورة لدرجة أن عدد الشهود عليها أكثر من أربعين من أشهر الصحابة الكرام رضي الله عنهم والحبر الأكبر لمسيحي نجران وكبارهم ورؤوساء قبائلهم ما يساوي أو يزيد عن عدد الشهود المسلمين، وكون الوثيقة صادرة عن رسول الله فإني أتوقع بشكل جازم أن مسيحيوا الجزيرة العربية قد وزعوها الى جميع مسيحيوا الوطن العربي ولذلك جاءت وثيقي الصلح بين مسيحيو القدس أو أهلها التي تمت في زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هديها وسياقها وكذلك وثيقة الصلح مع مسيحيو مصر مع عمرو بن العاص لا تخرج عما جاء في وثيقة الرسول الكريم، وظلت بنود الوثيقة (الدستور) هي أساس التعامل في الدولة العربية الإسلامية في عهد الدولية الأموية والعباسية ولم ييجرؤ أي خليفة أو حاكم من تغيير شيء منها كونها تمثل حكما نبويا هو كما قال الله في القرآن ما جائكم به الرسول فخذوه، أي أنها تشريع ديني وليس تكتيكا حاشا الله ورسوله عن الخداع والتضليل والتكتيك.

 

إن هذه المقدمة تبين للجهلة منهم المسيحيون في العرب وفي العراق بالذات، فهم قبائل العرب التي توطنت بلاد الرافدين قبل أن توجد دول وحدود، وهم حفدة الساميون والسومريون والأكديون وألكنعانيون والآراميون والآشوريون، وحفدة قوم نبي الله يونس عليه السلام، نعم كان البعض من العرب مشركين وهم سكان وسط شبه الجزيرة العربية، بحكم عوامل لورجعتم للتاريخ بشكل تحقيقي لوجدتموهم أنهم ضلوا عن دين أبونا إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة واللسلام، وهي الحنفية الحقة وعبدوا الأصنام زلفى ظنا أنها تقربهم من الله سبحانه، ولكنهم لا ينكروا الله والدين، وتأثر نفر من شرق الوطن العربي بديانات الفرس المجوس، ولكن معظم العرب كانوا يتبعون دين الله الحق في تلك الفترة في نجران واليمن كان هناك المسيحيون الموحدون، حتى أن حروبا وجرائم أرتكبت من قبل اليهود ضدهم لفتنتهم وردهم عن الديانة المسيحية وما جاء في القرآن الكريم من إشارات عن أصحاب الإخدود ما هي الى تأكيد على ذلك، وكان عرب العراق والشام يدين معظمهم بالديانة المسيحية، وعرب مصر (الأقباط) هم أصحاب أول كنيسة في العالم، وقد حاربهم الإغريق والرومان الوثنيين، وحتى بعد أن دانوا بدين المسيحية ولكنها ليست مسيحيتنا الحقة التي نزل بها الإنجيل وبعث بها سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام، بل غيروا فيها وشوهوها ولذلك تعرض مسيحيوا الشرق لإضطهاد وحروب ضدهم من قبل الأغريق والرومان حتى أن كنائسهم وكتبهم صودرت وشُرّدَ رجال الدين منهم الذين رفضوا أي تحريف وتغير وما الأب بنيامين في مصر الذي بقى مختبئا 13عاما من قيصر حتى جاء الفتح الإسلامي وحررت مصر من الإستعمار البيزنطي وبلغه أمان والي مصر الجديد عمرو بن العاص فظهر من مخبئه وعاد ليحكم وفق الإنجيل في أتباع ديانة سيدنا المسيح عليه السلام وساهمت الدولة الإسلامية في إعادة بناء كنائسهم التي نهبها وحرقها الروم، ولو عدنا لدراسة علمية إيمانية لوجدنا أن المسيحيون العرب شاركوا في معارك التحرير والفتوحات الإسلامية مع كونهم على ديانتهم المسيحية، ودعموا جيوش الفت الإسلامي ضد المحتليين الروم، مما حدا بالخليفة عمر بن الخطاب لإسقاط الجزية عنهم كونهم مقاتلون مع إخوانهم العرب المسلمين، ولايمكن أن أستعرض كل التاريخ العربي بين بعث سيدنا عيسى وسيدنا محمد وما تلاه في مقال ولكن أشير إشارات ومن يريد التوسع والبحث فليعود أولا للقرآن ومن ثم لكتب التفسير والتاريخ سيجد فيها الكم الغزير من الحقائق عما ذكرت.

 

أعود الى أهلنا مسيحيوا العراق هم العراقيون الأصلاء وليسوا جالية وهم أول العراقيين عراقة، وهم أحفاد كل حضارة العراق والأقوام التي صنعوها كما أسلفت من أشريون وأكدويون وأراميون وإستقطابهم لأبناء قومهم من المهاجرين اللاحقين من شبه جزيرة العرب لا يعني أن المهاجرين الجدد فاقوهم عددا فتغلبوا عليهم وإستوطنوا معهم، بل بل يدل على وحدة القوم الإجتماعية وكونهم من ذات القبائل وعندما هاجر قومهم نتيجة ظروف عديدة أهمها في ذلك الوقت الجفاف وقلة الما والكلأ و من ثم إنهيار سد مأرب وغيرها من الأسباب جعل القبائل العربية القاطنة في حوض الرافدين تستقبل المهاجرين والوافدين الجدد برضأ ورحابة صدر وموافقة، لذلك لم يذكر المؤرخون أو دواوين العرب الشعرية أية معارك سبقت أو رافقت تلك الهجرات والنزوح من شبه الجزيرة العربية الى العراق والشام ومصر، وهذا يدل على وحدة القوم في كل الأرض العربية وعلى تواصلهم مع قبائلهم الأصلية، وإلا من غير المنطقي والمعقول أن يؤرخ لحرب البسوس (ناقة) ولا يؤرخ لحروب بسبب الوطن والسكن والمعيشة، وهذا يؤكد وحدة الشعب العربي وكون وحدته القومية لا تتأثر بإختلاف معتقداتهم الدينية وانتماءاتهم القبلية، ويؤكد أن أخلاق العرب هي هي الترحيب بالضيف وإقرائه وإغاثة اللاجيء ومساعدة المتضرر وتكافل القوم بينهم وهي قيم العرب التي جبلهم الله عليها، فمن يريد اليوم أن يشرع أعرافا جديدة للعرب نقول له: أنت عدو للعرب، ومن يريد أن يحرف ما جاء به القرآن ووثقه نبينا وحبيبنا محمد رسول الله للبشرية جمعاء ويلغي ما كتبه وسماه عهد الله وذمة رسوله نقول له: إنك لست مسلما وفق ما ثبته سيدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالعرب هم جسد واحد بكل معتقداتهم وقبائلهم وبلدانهم، ودولة العراق الإسلامية عميلة الموساد الصهيوني وحكومة الإحتلال في العراق حاليا عدوة وقاتلة العراقيين ليسوا عرب ولا عراقيين ولا مسلمين وسنأتي لباقي الموضوع في جزء آخر.

 

 





الاربعاء٢٦ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة