مما لاشك فيه أن التجربة العراقية بكل ما تحمله من معاني الصدمة والترويع هي مريرة ولاشك في أن العراق الذي قالوا لنا عنه بأنه عراق ديمقراطي جديد يبدو في ذاته دليل إدانه لايحتاج إلي وثائق فلقد أسهم هذا الغزو التتاري الإستعماري في تحويل هذا البلد إلي أطلال دولة ، دولة للخراب والدمار ينعق فيها بوم المحتل وغربان العملاء ، دولة اغتيالات وعصابات وتصفيات ومقابر جماعية لكل من يناهض أو يقاوم هذا الإحتلال ، فهل من المنطق أو المعقول أن تُسلب دولة وتُسرق بشعبها في أكبر سطو مسلح علي مر التاريخ جهاراً نهاراً وفي وضح النهار وعلي رؤوس الأشهاد ولاتحتاج إلي توثيق أو وثائق أكثر مما جري ، فهل لنا أن نتخيل سرقة دولة من شعبها أو سرقة شعب من دولته تحت سمع وبصر العالم أجمع ،

فهل إزالة دولة وأبادتها من علي الخارطة آلا تشكل جريمة إبادة جماعية لاتحتاج منا إلي وثائق بالأطنان أو بالملايين فيكفينا أنه في يوم من الأيام كان هناك دولة ورئيس وعلم ونشيد فماذا تبقي لنا اليوم من هذه الدولة ؟ جاء الشيطان الأكبر بوش وإدارته وجيشه من المارينز والمرتزقة وحلفائه لغزو العراق وإعلان حربه علي الأمة ولديه تصوراً واضحاً عما يسفر عنه هذا الإحتلال ، أمريكا لديها تصورا كاملا عن حقيقة الفوضى الهدامة التي دخلت علي أساسها العراق من أجل إسقاطه من المعادلة العربية لصالح الكيان الصهيوني ، ولذا أرتكبت أمريكا في حربها كل المحرمات ونسفت كل المواثيق الدولية وضربت عرض الحائط بكل القيم الأخلاقية والإنسانية ، لقد حولت العراق إلي أكبر مقبرة جماعية في التاريخ بقتلها الأبرياء غيلة وغدراً وعدواناً ، وهي جاءت العراق لتبقي ولن تتركه كما زعموا وقالوا لنا عن جدولة أنسحاب ، ففي الأسبوع الماضي أعلنت السفارة الأمريكية في العراق عن بقائها سنوات طويلة وأعرب السفيرعن ذلك بقوله إننا ننوي التخطيط لان يكون لنا أكبر وجود دبلوماسي في البلاد لمتابعة التزاماتنا ونسعى في ذلك إلي تعزيز وجودنا المدني ولا ضرر في ذلك فكل الدول العربية بها مقار للمخابرات الأمريكية ! نقصد سفارات ولكن أن تتحول العراق إلي قاعدة عسكرية أمريكية لضرب أي دولة تقف ضد المشاريع الصهيونية فهذا هو بيت القصيد ، وقد أكد السفير الأمريكي في العراق "جيمس هيمفري" خلال مؤتمر في كركوك أن أنسحاب بلاده من العراق في العام المقبل وفق الاتفاقية الأمنية لا تعني إنتهاء المصالح الأمريكية وأنها تعمل بموافقة الحكومة العراقية وذلك لتحقيق التزاماتها في البلاد ، يا سادة أن كل ما يجري في العراق اليوم علي يد أمريكا مُعلن ولا يحتاج إلي وثائق تدينها او تدين عملائها او تدين النفوذ الإيراني الذي يفوق الاحتلال الأمريكي وهي من فتح الباب لهذا النفوذ ،

لقد قامت أمريكا بغزو العراق ومارست في ذلك كل أنواع التدليس والخداع والتضليل علي المجتمع الدولي ومارست كل ألوان النصب الدولي بإعدادها للحرب ووضعها كل صلاحيات مجلس الأمن الدولي تحت سيطرتها الفعلية وقد شاهدنا كيف تحول أعضاء مجلس الأمن بقدرة الآفعي الأمريكي إلي سحرة فرعون فخرج الساحر كولن باول وزير الخارجية الأمريكي مستخدما وسائل عرض سحرية مزيفة من خرائط وصور وتحدث عن معلومات كاذبة بشأن العراق وعن إمتلاكها أسلحة دمار شامل في حافلات متنقلة وسراديب سرية وأتضح فيما بعد باعترافهم بأنفسهم بان كل ذلك هو مجرد خداع وأكاذيب لتبرير عملية الغزو والحرب ، وبذلك تكون أمريكا مارست كل أنواع التدليس والتزييف علي المجتمع الدولي فاستحقت وبجدارة أن يكون بوش وإدارته الصهيونية هم من أكبر مجرمي الحرب الذين يستحقون المحاكمة ، أليس هذا الجرم هو أكبر وثيقة ودليل ولا يحتاج إلي إعلان أو تسريب من ويكيليكس او غيره بان أمريكا أرتكبت أحط وأقذر أنواع الجرائم علي الإنسانية بنصبها وإحتيالها علي المجتمع الدولي مستخدمة في ذلك كافة الأساليب والأدوات القذرة أمام مجلس الأمن لتسهيلة لهم إعلان الحرب ومن ثم الغزو والإحتلال ، آلم يصرح الأمين العام الأسبق" كوفي عنان " بان هذا الغزو والإحتلال غير مشروع ،

آلم تعلن بعض الدول رفضها لهذا التحالف وسحب جنودها من العراق عقب إكتشافها فضيحة الحرب والغزو فهل يحتاج كل ذلك إلي وثائق ، آلم تعلن أمريكا بعد أعتقالها الرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه بأنهم أسري طبقاً للقانون الدولي وإتفاقيات جنيف بشأن آسري الحرب ومن ثم قامت بقتلهم واغتيالهم غدراً بعد إجراء محاكمات هزلية عن طريق عملائها من حفاري القبور، فهل هذا يحتاج إلي وثائق ؟ ولكن لنا أن نتسأءل لماذا لم تسُرب لنا وثائق ما تم الأتفاق عليه من بنود سرية بين الحكومة العراقية العميلة والإحتلال الأمريكي بشأن الاتفاقية الأمنية أذا كان هذا التسريب يتسم بالشفافية والنزاهة ؟ ولكن الأمر لا يحتاج إلي تفكير لان بمقتضي هذه الاتفاقية يتحول العراق إلي أكبر محمية أمريكية صهيونية قد تكون قاعدة انطلاق لزعزعة الأمن في المنطقة العربية مع إعطاء الكيان الصهيوني كافة التسهيلات لاستخدام هذه القواعد لضرب أي دولة تقف ضد مشاريعها الصهيونية وعلي قوي الأمة وشرفائها من كتاب ومفكرين وقانونيين ومقاومين أن يتحركوا قدرأستطاعتهم وأن يركزوا علي ما بين أيديهم من وثائق بالملايين وموثقة صوتاً وصورة ولا تحتاج إلي ويكيليكس الذي سرب المُسرب وكفي دجلاً وإستخفافاً بعقولنا، ولا نلقي بالاً لوثائقهم الكلينكس ، علينا أن نؤكد علي ضرورة محاكمة مجرمي الحرب ومطاردتهم قضائياً أينما حلوا من الذين دلسوا ودنسوا وخدعوا العالم وسفكوا الدماء وقتلوا وشردوا الملايين وسرقوا حضارة أمه وتاريخ شعب علي الهوا مباشرةً وحصريا للأمة العربية .