شبكة ذي قار
عـاجـل










رؤية الدين ودور رجال الدين لصنع السلام

 

اولا: رؤية دينية لصنع السلام

 

إن السلام هو احد عناصر ملكوت الله على الارض، يأتي كثمرة لعمـل العدالـة والمحبة. ولصنع سلام عادل في كل مجتمع يرتكز على ثلاث عناصر عملية اساسية:

 

1-  الايمان بالخير العام وشموله لكل افراد البلد الواحد، لا بل شمول العائلة البشرية جمعاء. فالمجتمع الآمن يبنى عندما تحترم حقوق وحريات مكونات الشعب الواحد والشعوب الاخرى. وخاصة المستضعفين منهم.

 

2-  المسؤولية ازاء نمو السلام. فالسلام هو اكثر من غياب الحرب، هو التزام الكل بالعمل على تطور ونمو الافراد والجماعات وازدهارهم( تأمين حياة كريمة)، فمعظم الصراعات التي شهدتها الانسانية جاءت نتيجة حقوق مهضومة، وفقر، وتطلعات مهملة وغيرها.

 

3-  التضامن الإنساني. بالاستجابة لحاجات الاخرين وإن إختلفوا في التدين او العرق او القومية، منطلقين إن الجميع إخوة ويترتب عليها مسؤولية الحفاظ على هذه الإخوة الآلهية، وكما عبر عنها الامام علي بن أبي طالب: (كل إنسان إن لم يكن أخوك بالدين فهو نظيرك بالخلق).  

 

ويعم السلام متى ما تعامل الحكومة مواطنيها باحترام وتعزز كرامتهم، تعزز وتثبت الخير العام عبر احترامها لحقوق مواطنيها في المشاركة الفعالة في بناء بلدهم، دون ان تستبعد فردا او تحصرهم في ايدولوجية سياسية او دينية، وصانع السلام هو كل من له قلب محب للسلام، متواضع، ودود، لطيف، صبور مع الناس وفي نفس الوقت قوياُ وفعالاُ ونشطاُ، أي مبادراُ مبتكر وخلاّق له بصمة في الحب والسلام والخير العام.

 

ثانيا: دور رجال الدين:

 

بإمكان رجال الدين أن يجعلوا الدين نموذجا إنسانيا يقتدي به لو طبق الفكر الديني وتشريعه بشكله الصحيح الذي بعث الله به الانبياء ونزل الكتب، بعيداّ عن أي مصالح، عندها يكون منبع القيم الاخلاقية والروحية ليكون دليل الانسان الى قيم العدل والمساواة والتآخي البشري وتحرير الانسان من عبودية البشر والتسامي نحو الكمال. فيسهم في الاصلاح الاجتماعي ويكون له مفعول محرر ومنفتح لعلاقته مع الاخرين ونشر الثقة والمسامحة والشهادة والتضامن وينمي الروح الانسانية واحياء السلام العالمي. والتفاعل مع الديانات المختلفة الذي هو طريق بناء وحدة مملكة الله في الارض. لذا لابد اولا ان يؤمنوا بثلاث اسس ارثية ثابتة منها:

 

 ان الايمان الحقيقي لا يمكن أن يكون سببا للخلاف والقتال، بل هو نقطة اللقاء المشترك بين جميع الاديان والبشر، إن لم يوظف لغير تشريعه الرباني.

الايمان بحقائق ترابط السنّة والشيعة بالدين الواحد والتعايش المشترك الواحد، كما لا يمكن تجاهل ترابط المسيحي بالمسلم وباليزيدي وبالصابئي تاريخياُ وثقافيا ُوحضاريا.

 

 تنمية الضمير الانساني لمبادئ السـلام؛ العدالة ومحبة القريب والتضامن والتعاون والتسامح. فالانسان فطريا خلق محبا للخير مبغضا للشر، يركن الى العدل وينفر من الظلم، فطرته تقوده الى الرحمة وتدفع به الى البحث عن اليقين والايمان. هذه اليقظة مدعوة اليهما بالحاح جماعاتنا الدينية، حث الانسان الى الاصغاء الى ضميره، سكنى صوت الهه فيه، ليتخلص الانسان من انانيته والخروج للقاء الاخر الذي يطل الله في وجهه.

 

المسؤولية الدينية والوطنية لرجال الدين:

 

1-  التوعية بالخطب والوعظ اثناء اداء الصلوات، والحث على الحوارات لتوضيح حقيقة الانسان كجوهر وخلق وهدف أسمى، والتوصية ان يكون الانسان موضوع وهدف كل نشاط انساني، لان الانسان هو اقدم واقدس من كل انتماء اوتنظيم. فكل مؤمن سيجز في اليوم الأخر، لكن لا على انتمائه الى هذا الدين او الى ذاك المعتقد، بل على ما فعله او لم يفعله من افعال انسانية لكل، متألم، محتاج، مضطهد، معذب وكل ضحايا الظلم والقهر، لان ذلك هو محك الايمان الحي لا الايمان اللفظي بالله.

 

2-  توعية مؤمنيها وذوو الارادة الطيبة على اسس تنظيم وادارة المجتمع ،بالعدالة والتساوي والتاخي التي تقود الى السلام.

 

3-  تقوية الوعي لدى مؤمنيها بشهاداتهم الايمانية الحقيقية بمحبة الاخر والتضامن معه ووجوب مساعدته، فهو الاخ والقريب والشريك.

 

4-  مساهمة المسجد والكنيسة في تشكيل ضمائر العاملين في الحياة السياسية، وذلك باقتراحها الوسائل الانسب لتحسين الواقع ساعيةُ مع ذوي الارادة الصالحة اتخاذ التعديلات الاجتماعية والاقتصادية.

 

5-     ان تكون عين ناقدة للمجتمع السياسي والدفاع عن المضطهدين، حماية الضعفاء ورعاية المحتاجين.

 

6-  إدانة البنى والمواقف التي تمس كرامة الشخص البشري وتعزز ظلمه، وتوضيح الرؤيا الربانية للانسان وتحريم سفك الدم.

 

7-    عمل مؤتمرات حيّة بين الاديان والطوائف وعلى كل المستويات والاشكال، لا من اجل الحوار فقط كغاية بحد ذاتها فحسب، بل لعمل مجاميع عمل وايجاد  فرص التعاون لتحقيقه من اجل خير الانسان ومصالحته مع الاخر.

 

8-  نشر اعلام عن طريق برامج اذاعية وتلفزيونية تتضمن مواضيع ( اخلاقية، دينية، روحية) هدفها اولاُ نشر حضارة المحبة، المحبة المجانية الغير مشروطة والتي هي جواب لحاجات وضروريات الحياة الانسانية وهدفها وسعادتها، وثانياُ  لتكون فرصة معرفة للاخر المختلف دينياُُ.

 

دور المرأة: تكاد تشكل المرأة الأم الأساس الكبير في تربية الطفل وتنمية تكوينه الفكري والسلوكي، وهي تتحمل القسط الأهم في رعايته وتكوينه فلابد من إيلاء دورها إهتماما خاصا والتركيز على تطوير قابلياتها ومعلوماتها وتغذيته بشكل دائما لتكون فاعلة وإيجابية في إتمام دورها ورسالتها الإنسانية العظيمة، كأم ومنشئة للمجتمع ومسؤولة عن حفظ الجنس البشري كما أراد لها الله العزيز الجليل، وهي ثانيا التي تهيمن على المؤسسة التعليمية بحجم الأعداد الكبيرة مما المعلمات في مراحل التعليم الأساسية رياض الأطفال والتعليم الإنتدائي وحتى المتوسط والذي تشكل نسبة المعلمات فيه الى المعلمين ما يقترب من 75% ، وهذا يعطي دورا مهما ويوضح بشكل بارز دور المرأة في بناء المجتمع، وعلى كل المجتمع أن يولي المرأة أهمية كبيرة توازي دورها الوطني والإنساني ولا يعتبر الرجال الذيم هم جزءنا الآخر أنهم متفضلين علينا في إحترام دور المرأة وإعطائها دورها الصحيح في المجتمع.

 

الخاتمة:

 

كان الدين وما يزال المنظومة الروحية الأكثر أثرا وتاثيرا على السلوك الانساني، ولا يقل تأثيره عن دور العائلة في تكوين الأنسان الفرد والجماعة فبقدر ما يكون للدين الاثر الايجابي لتوجهات الفكرية والحضارية، فانه كان بالمقابل للاستخدام السيء لقيم الدين انعكاساته السلبية التي اضرت الكيان الانساني مشوهة قيم الدين واصوله.

 

وكان للصراع الديني والطائفي في العراق نموذجا لتوظيف الدين لصالح خلافات واطماع سياسية ومنافع لحزب او كتلة على حساب الشعب والوطن، ادى الى تفكيك وحدة الهوية الوطنية العراقية واعطاء الفرصة للطامعين لتقسيم البلد وبسط نفوذهم وهدم كل امكانية لتعايش الاديان والطوائف بالسلام والتعاون، فعلى القائمين على المرجعيات الدينية لكل مؤمني العراق أن يضعوا أسسا لمنهج ديني وعمل عقائدي وتعليمي لمناهج الدين يكون عاملا فاعلا في بناء المجتمع لا العكس، كي يكونوا بحق رجال دين وربانيون.

 

ولاعادة بناء عائلة المجتمع العراقي وسط تحديات الصراعات، لابد من مشاركة الجميع بكل مكوناتها، بدا بالسلطة المدنية بتشريعاتها، والاخصائيون في العلوم كافة بابحاثهم في مجالات توحيد المجتمع وبنائه ورجال الدين بعملهم الاخلاقي والديني، والجمعيات والمنظمات بمبادراتها، كل على طريقته ومن منطلق وظيفته مع توافق بينهما.

 

 





الاثنين٠٣ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عاشقة النهرين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة