شبكة ذي قار
عـاجـل










الخرطوم : الشاهد

عندما إختار التجمع الوطني الديمقراطي حمل السلاح وإعلان الحرب على حكومة الانقاذ من خارج الحدود, رفض حزب البعث العربي الاشتراكي, المشاركة في الكفاح المسلح وتخلى عن عضويته في التجمع مقررا تبنى العمل السلمي والمدني من الداخل , ولما فشلت قوى التجمع في اسقاط حكومة الخرطوم وعادت الى ارض الوطن عبر اتفاقيات ثنائية وجماعية, أعتبر الحزب ذلك دليلاً على صحة موقفه مقابل الخيارات الأخرى التي تبنتها أحزاب المعارضة بالعمل المسلح , ما جعل أمين سر البعث العربي الاشتراكي وعضو القيادة القومية علي الريح السنهوري يصوب خلال حوار صريح مع (الشاهد) إنتقادات لاذعة لمواقف المعارضة في لجوءها إلى القوى الاجنبية لدعمها لإسقاط الحكومة , فإلى مضابط الحوار:

 

* رفضنا مقررات أسمرا المصيرية بسبب النص على حق تقرير المصير للجنوب..

* الوطني استدرج الاحاب التي شاركت في الانتخابات الى ميدان معركته.

*قوى أسمرا تتحمل المسؤولية كاملة فيما سيحل بالبلاد..

* المعارضة من الخارج تعني رهن القرار الوطني لقوى أجنبية..

* تردد القوى السياسية في الانتخابات اربك الشارع السوداني..

 

كاحزاب معارضة دوركم ومساعيكم لدعم الوحدة ضعيفة؟

أحزاب المعارضة وكل القوى الوطنية السودانية في الشمال والجنوب لها وزنها وتاثيرها  في النضال من اجل وحدة السودان، والوحدة ثابت من الثوابت الوطنية، تعبر عن ارادة شعب السودان منذ مقاومته للاستعمار، وهي ليست خيار ..فليس وارد ان نختار وحدة البلاد او تفتيتها.. ان ماحل بالبلاد من ضعف وتراجع وتدهور نتيجة لتوالي الانظمة الديكتاتورية ، وعجز القوي التقليدية في فترات التعددية،، قد ادي الي حالة من الاحباط بشكل عام في السودان، وبشكل خاص في الجنوب جراء الحرب الاهلية الطويلة، والتي اتخذت في بعض الاحيان شعار الحرب الدينية المقدسة، مما ادي الي تعميق الخلافات بين الشمال والجنوب، وقد ولد ذلك احساسا لدي ابناء الجنوب، بالغربة الثقافية والسياسية تجاه الشمال، كما ان عجز الانظمة التي تعاقبت علي الحكم منذ العام 1956م الي هذا اليوم قد ادي الي بقاء الجنوب في حالة من التخلف ..حالة من انعدام الخدمات ناهيك عن غياب التنمية، هذا الواقع جعل بعض الجنوبيين ، يعتقدون ان الطريق الي التنمية والتقدم هو في الانفصال عن الشمال،تنامى هذا الاعتقاد بعد مؤتمراسمرا  للقضايا المصيرية، الذي رفضنا  في حينه مقرراته التي تدعو الي حق تقرير المصير لشعبنا في الجنوب.

 

مقاطعة:كحزب بعث.

نعم نحن في حزب البعث قلنا ان حق تقرير المصير يعطي  للشعوب التي ترزح تحت الاستعماراو الدول الملحقة باخري، بينما الجنوب جزء اساسي من السودان، وليس جزء مستعمر،وليس ملحقاً بالسودان، بل هو جزء اصيل من البلاد،لذلك رفضنا هذه المقررات، وظللنا ننادي بوحدة السودان، في اطار حل ديمقراطي وسلمي لقضية الجنوب، يراعي التمايز الثقافي والجغرافي بين الشمال والجنوب، ومن متطلبات هذا التبائن ان يكون هنالك حكم ذاتي، وتنمية مكثفة للجنوب وتحقيق التنمية المتوازنة فالتخلف الموروث من العهد الاستعماري سمة عامة في السودان، ولكن هنالك تفاوت في النمو وهنالك مناطق اكثر تقدما من اخري، وفدعجزت القوى التي تعاقبت علي حكم السودان عن تحقيق هذه المطالب مما أدي  الي الوافع الذي نعيشه اليوم

 

مقاطعة : لماذا قبلت القوي المعارضة انذاك في مؤتمر اسمرة حق تقرير المصير؟

في تقديري ان القوي التي اتخذت هذا الموقف في اسمرا لم تكن جادة في الالتزام به كعهدها في في عدم الايفاء بالوعود والمواثيق، وهو موقف خاطي، ويصل في تسميته بالجريمة في حق الشعب السوداني، وهي تتحمل المسؤولية كاملة، او المسؤولية الاولي، لاننا جميعا نتحمل مسؤولية وحدة البلاد، ولكن القوي التي شاركت في مؤتمر اسمرة تتحمل المسؤولية الاولى الى جانب المؤتمر الوطني فيما سيحل بالبلاد.

 

من حديثك هذا فان الموقف التي اتخذته تلك القوي هو مجرد تحايل علي حل المشكلة ولم يكن  يعبر عن موقف مبدئي؟

لاحظ ان هذا المؤتمر عقد في اسمرة، ولم يعقد داخل السودان، ومن عقدوه كانوا يقيمون خارج البلاد، وحزب البعث خرج من التجمع الوطني بسبب خروج القيادة الي الخارج، وقد كان قرار مؤسسي التجمع وحزب البعث من ضمنهم ان تكون القيادة في الخرطوم، اون يقودوا النضال السلمي من داخل السودان لاسقاط النظام، وان خروجها من البلاد قد جعلها عرضة للارتهان للقوي الخارجيةالتي توفر لها التمويل والمقرات والمعسكرات والسلاح، كما أن المعارضة من الخارج تعني رهن القرار الوطني لقوي اجنبية، ولذلك اعتقد ان مقررات مؤتمر اسمرة التي وقعت عليها الاحزاب لم تكن نابعة من ارادة وطنية،وانما امليت عليهم من القوي التي كانت تمولهم، والتي ارتهنوا اليها.

 

ولكن رؤية التجمع انذاك ان النضال السلمي من الداخل في مواجهة النظام وامكانياته لن يحقق شيئ بقدر ما يمكن ان يحققه العمل العسكري من الخارج؟

والله اذا كان هذا تفكيرهم فهي كارثة، لان مايعنيه ذلك هو عدم الثقة في الشعب، ونحن عندما قلنا بالنضال السلمي من الداخل، كنا نعني بذلك ان نعتمد علي شعبنا من خلال توعيته وتنظيمه لتحقيق اهدافه،اما عندما نعتمد علي قوي خارجية فذلك يعني عدم الثقة في الشعب ولا اعتقد ان من ياتي بتمويل اجنبي ودعم من قوي خارجية لاسقاط نظام داخل البلاد سوف يكون وطنياً، او يعبر عن الارادة الوطنية للشعب، اذ مامعني اسقاط النظام، ولماذا نريد ان نسقطه، نريد ان نسقطه لانه نظام ديكتاتوري وغير منحاز لمصالح الجماهير،ولانه غير قادر علي قيادة السودان وتمكينه من ان يلعب دوره في محيطه العربي والافريقي، هذه هي الاسباب التي جعلتنا نناضل ضد النظام في مبتدئه،ولكن عندما تدخلت القوي الخارجية لتهديد استقلال البلاد وسيادتها، وفشل النظام في الدفاع عن الثوابت الوطنية، راينا ان ازالته امر ضرورى للدفاع عن استقلال البلد وسيادته، وهدفنا لم يكن مجرد اسقاط النظام، ان اسقاطه هو وسيلة لتحقيق اهداف الشعب ..فاذا انتقلنا للخارج وارتهنا للاجنبي الذي يعمل علي تفتيت وتمزيق البلاد،وابقائها في حالة من التخلف والتبعية، لن نحقق شي، وبذلك نكون قد اهدرنا نضال شعبنا.

 

ولكن التجمع كان يري ان العمل العسكري يمكن ان يسقط النظام ؟

علي العكس تماماً ولو رجعت الي تجربة المعارضة في زمن نميري، تجد ان الاحزاب التي حملت السلاح في مواجهته فشلت،ولم يسقط النظام بفعل عوامل خارجية او بنضال مدعوم من الخارج،وانما اسقطه الشعب السوداني بنضاله من الداخل، واذا كان هذا الافتراض صحيح، فنحن نتسأل لماذا لم ينجحوا عبر العمل العسكري، نحن في حزب البعث كنا نري اننا في مواجهة نظام سوداني وليس احتلال اجنبي،نحن قادرون علي حمل السلاح من داخل الخرطوم اذا كنا نواجه احتلال اجنبي، ولكن في مواجهة نظام وطني، ولا اعني بوطني انه يعبر عن الاهداف والمبادي الوطنية، ولكن بمعني انه سوداني، فان محاربته بالسلاح لن تؤدي الا الي احلال الخراب والدمار بالبلاد،لاننا سوف نقاتل ابناء الشعب السوداني من قوات مسلحة وشرطة، ولن نقاتل الحزب الحاكم نفسه،ولم يثبت حتي الان انه من الممكن اسقاط اي نظام نظام سوداني من خارج البلاد، وانما الذي ثبت هو امكانية اسقاط الانظمة الديكتاتورية المتسلطة والتي لا تعبر عن مصالح وتطلعات الشعب السوداني بالاعتماد على قدرات شعب السودان كما حدث في اكتوبر 64م وفي ابريل 85م هذه هي التجربة السودانية، والذين اختارو العمل العسكري عادوا الي لسودان والى خيار النضال السلمي، وهم لم يحققوا شيئ بنضالهم من الخارج بل الحقوا الضرر بالبلاد.

 

نحن في حزب البعث لم نعمل يوماً علي الاستعانة بالاجنبي علي بلدنا، وهذا من المحرمات والخطوط الحمراء لدينا، كما اننا لم نعمل علي دعوة دول لمحاصرة بلدنا اقتصادياً او سياسياً، بل علي العكس كنا ندعو في كل مواقفنا ضد النميري والانقاذ،تلك الدول للتعاون مع السودان، لاننا نميز مابين السودان الدولة والسودان النظام، ونحن اكثر حرصاً علي ان تكون للسودان الدولة علاقات قوية ومتينة مع كل دول العالم،اما اسقاط النظام  فهي مسؤلية الشعب السوداني، وليست مسؤولية اي قوى خارجية حتي لو كانت عربية او افريقية، كما لا نعتقد بان الضغط الاقتصادي والمالي على النظام،هو الذي يمهد الطريق الي الثورة او التغيير، او تحقيق اهداف البعث،علي النقيض من ذلك فكل ما تطورت وتقدمت البلاد، اتسعت دائرة الوعي وتحرر الانسان من هيمنة وسيطرة العوامل المثبطة والمحبطة من فقر ومرض وجهل، وكل ماتحرر الانسان من عوامل التخلف كلما كان اقدر علي النضال بشكل ارقي، بينما الانسان الخاضع للفقر والجهل والمرض، يكون خاضعا لقيم التخلف وعاجز عن النضال بافق استراتيجي، لان قوي التخلف والقوي التقليدية ليس لديها فكر وبرامج لما بعد التغيير، وتختزل  شعاراتها في اسقاط النظام،وماذا بعد ذلك..هذا لايهمها كثيراً،لان كل مايهمها هو حصتها في  السلطة والثروة.ولذلك عندما تفشل محاولاتها تلجأ للمصالحة...

 

لكن قوي التجمع كانت تري انه ليس هنالك جدوي للعمل من الداخل في مواجهة نظام يمتلك ادوات القمع؟

هذا منطق من لايراهن علي الجماهير ولا يحترم ارادتها، وكل من يراهن علي الشعب يؤمن بانه قادرعلي ان يحقق التغيير، والنضال من اجل تغيير النظام هو الذي يمكن الشعب من نعميق الوعي باهدافه، ومن خلال المسيرة النضالية تتكون القوي الثورية القادرة علي ان تحدث التغيير بعد اسقاط النظام المعين،وهذا شيئ عام في كل الدول وليس خاصا  بالسودان، واذا كان الشعار فقط هو اسقاط النظام فهذا لن يحقق مطالب الشعب.

 

بعد الانتخابات لم يعد للمعارضة اي صوت او عمل؟

هذا صحيح الي حد ما، ونتيجة طبيعية تعقب اي انتخابات .....دائما مايحصل نهوض سياسي واعلامي كبير جداً في فترة الانتخابات تستنزف فيه القوة المادية والبشرية، وبعدها يحدث نوع من البيات الشتوي والخمول داخل هذه القوي لانها اعتقدت ان الانتخابات هي المعركة، وهذا  تزييف لحقيقة المعركة، نحن قلنا ان هذه الانتخابات هي تزييف لارادة الشعب، والمشاركة فيها جريمة، فالقضية الاساسية ليست الانتخابات، وانما القضية التي كان ينبغي ان نحولها لمعركتنا الكبري هي قضية الحريات والتحول الديمقراطي والتنمية المتوازنة والوحدة الوطنية، وكان علينا ان نتمسك بها كما اعلنا وتواثقنا علي ذلك في مؤتمر جوبا، وانه بدون بدون هذه القضايا لا يمكننا ان ندخل الانتخابات، وبالرغم من ان النظام سار في الاتجاه الاخر ولم يحل  اياً من هذه القضايا ، بل أصدر قوانيين قمعية اكثرسوءا مما كان عليه الامر ماقبل مؤتمر جوبا، ومع ذلك فقد ترددت أكثرية القوي السياسية في اتخاذ الموقف الصحيح ، وهذا احد الاسباب التي خلقت حالة من الاحباط بعد الانتخابات، لانهم بقرارهم هذا احدثوا بلبلة وسط الجماهير واربكوا الشارع،وانحرفوا بنضال  الشعب عن مساره الصحيح  وكأن القضية كلها قد أختزلت في الانتخابات وتفاصيلها ,,المفوضية غير مستقلة، والتسجيل، وهذه مجرد تفاصيل، واعتقد ان المؤتمر الوطني نجح في ان يستدرج ويورط ويجذب هذه القوي الي الميادين التي اراد ان تدور فيها المعركة،وقد انساقت الي ذلك بكل اسف، وحتي الذين قاطعوا فيما بعد قد قاطعوا في اللحظات الاخيرة، ومقاطعتهم  المرتجلة هذه قد زادت في ارباك الشارع ، وفي اضعاف ثقته في اقتدار قياداته السياسية، فالقيادات التي ساقت مبرراتها في اللحظات الاخيرة، كانت تعلم بفحوى هذه المبررات منذ وقت طويل، فلماذا شاركت في الترشيح والحملة الاننتخابية، مع وجود كل الاسباب التي ساقتها فيما بعد لاعلان مقاطعتها.

 

مقاطعة : لماذا شاركت : هذا خطا تاريخي!!

ولكن هل اعتقدت هذه الاحزاب ان الانتخابات ستجري بنزاهة، وانها يمكن ان تحقق فوز؟

حتي ولو كانت الانتخابات نزيهة،ولو افترضنا جدلاً وهذا شي غيرممكن وغير منطقي ان تكون هنالك انتخابات حرة وديمقراطية، ونزيهة في ظل غياب الحريات وفي ظل استمرار الديكتاتورية، ورفض النظام  احداث تحول ديمقراطي، هذا شي غير ممكن واذا افترضنا انه كان من الممكن اجراء انتخابات في ظل غياب كل هذه العوامل، فهي بلاشك سوف تكرس الديكتاتورية، والمشاركة فيها يعطي صدقية للانتخابات ومشروعية للديكتاتورية، ولا يفتح الباب امام التحول الديمقراطي ،بعضهم قال نعم هنالك قوانين قمعية موجودة ، ولكن المشاركة تفتح الطريق امام التحول الديمقراطي ، هذا وهم، والقائلون به كانو اول ضحاياه ، اذ قبل تكوين الحكومة الجديدة ذكرت تلك الاحزاب ان النظام قد رجع الي المربع الاول، هو اصلاً لم يغادر المربع الاول حتي يعود اليه،فهي قد شاركت في الانتخابات والنظام في المربع الاول، وهذه تبريرات لاقناع الذات وتسويق الموقف الجديد للجماهير،ولكنها تبريرات غير مقنعة.

 

 





الجمعة٠٤ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة