لماذا اعتماد المحاصصة الطائفية؟ ولماذا مجلس الحكم على الصورة التي شكل بها؟ وماذا يعني سن دستور بهذا الشكل للعراق؟ ولماذا اعتماد الطائفية والعرقية منهجا للحكم في العراق؟

اعتماد امريكا منهج المحاصصة الطائفية التي بنت عليها مجمل عدوانها على شعب العراق، وأعتمدتها منهجا للم المرتزقة بشتى اغطيتهم دينية كانت أو غيرها ممن ارتضوا أن يتنكروا لعمر طويل قضوه يكذبون على الناس باسم التيارات الفكرية التي انتموا اليها، كالذين يدعون أنهم يساريون بكل مناهجهم الفكرية شيوعية كانت أو قومية، عاشوا عمرا طويلا في حسابات الزمن ينافقون على الناس ونحن نعرفهم من الأول ولذلك لم نتعامل معهم وان تعاملنا مع البعض في خفلة من الزمن أو لظروف تكتيكية فرضها ظروف البلد فلم نكن مغشوشين بهم ونعرف أنهم متسلقين لأجل المواقع والمصالح وليسوا من النضال والدفاع عن قضايا شعب ووطن، ولذلك تساقط الذين دخلوا الحزب وانكشفت حقيقتهم فالتجأوا لتيارات تبحث عن السلطة لا عن مصلحة أمة بل يعرفوا أن أحد وسائل الوصول للسلطة والمنصب الانتماء للحزب عندما أيقنوا أن الحزب قاب قوسين أو أدنى من استلام الحكم، أو الذين فتنتهم السلطة عند استلام الحزب لها وضيعها لعوامل عديدة اهمها عدم الخبرة كما كان في 8شباط 1963، وما لحقه من ظهور تيارات تدعي أنها بعثية، وفي حقيقتها لا علاقة لها البعث كفكر ولا علاقة لها بالبعث كمنهج ولا تعرف البعث كحزب رسالة، كونه ابن هذه الأمة المختارة لحمل الرسالة، كانت علاقتهم بالبعث هو المواقع ومن خلالها تحقيق طموحات شخصية واشباع غرائز النفس الامارة بالسوء، فعندما اطيح بالثورة وعرفوا ان المرحلة اللاحقة ستكون شديدة الوطأ على البعثيين لعوامل عدة، اهمها انهم باتوا معروفين كاشخاص ومستهدفين كشخوص وكحزب، فراحوا يبحثوا عن مثابات امنة تؤمن لهم الحماية كونهم صاروا خارج الحزب وتؤمن لهم تحالفات بأسم التنظيم القومي، الذي يتصوروه بشكل يختلف تماما عن البعث العربي المتمسك بالطريق الاسمى والامثل ولكنه الاصعب في تحقيق تحرير الأمة ووحدتها وبناء غدها المشرق، ولكونهم أدركوا أن الجماهير العربية تؤمن وتعترف أن الفكر الحقيقي الذي سيحقق اهدافها ويعبر عنها فعلا هو فكر البعث العربي وبرنامجه القوي الايماني الحضاري الانساني فادعوا أنهم بعثيون، ولكنهم اختلفوا مع قادة الحزب لاسباب كل وضع لنفسه مبررا فمنهم من قال أن القيادة يمينية وهم يسار! ومنهم من قال أن القيادة لا تؤمن بالاشتراكية ولذلك هي تناوئ الماركسية فانشأوا كتلا تدي أنها بعثية ولكنه تمازج بين القومي والماركسي!، ومنهم من ادعى انه يؤمن بمنهج البعث ولكن بغير هذه القيادة وكأن الحزب سلطة يحكم ويقرر فيها القيادة فقط. تماما كمن أدعوا أنهم تنظيمات أو أحزاب اسلامية وهم لا يمتوا للمسلمين بشيء لا ايمانا ولا منهجا ولكن أرادوا الدين غطاءا وأدعوه كما ادعى مسيلمة أنه أوحي له أنه شريك في النبوة، وللأسف انساق وراء تلك التيارات أناس كان لهم مواقع دينية ويعتبرون مراجعا ولكن زلهم الشيطان فتنحرفوا بعد ايمانهم.

لقد كان واحدا من الوسائل الخطرة والخبيثة هو زج المسألة الدينية والطائفية واستخدامها كسلاح في العدوان على العرب والاسلام منذ المحاولات الاولى لهجمة الامبريالية الاستعمارية على الوطن العربي، ولكن وظفت ونجح التوظيف السيئ في العراق بعد احتلاله لاسباب معروفة وهي اعتماد المحاصصة الطائفية والعرقية العنصرية من قبل المحتل لاعطاء مبرر لتغلغل واضفاء شرعية ولو وهمية لمجاميع المرتزقة التي جمعتها أمريكا وشكلتها ككتل مجندة مقابل ثمن هي تعرفة لكل منهم وهم أيضا يعرفوه، فكان مجلس الحكم الوليد المسخ الذي اريد منه يكريس تقسيم العراق وابعاده عن بيئته الاسلامية العربية، ومسح هويته كشعب حضارة كان له الشرف والفخر في أنه رائد الحضارة الانسانية ومهدها، كان المراد من ذلك أن يوجدوا موطيء قدما للاحزاب التي تدعي أنها شيعية ولكن حقيقتها معروفة لكل شعب العراق وللعالم فهي أحزاب لا علاقة لها بشعب العراق أصلا وقد عبرت عن حقيقتها يوم تجندت مع ايران في حربها على العراق، فالكل يعرف أن فيلق بدر والمجلس الاسلامي! وحزب الدعوة كانوا يقاتلون مع القوات الايرانية في الحرب بين العراق وايران، فهل يقوم بذلك مواطن مهما كان موقفه وتقييمة للحرب؟؟؟ ومواقفهم وما فعلوه خصوصا باقر وعزيز الحكيم مع الأسري العراقيين لدي الجانب الايراني يعرفه العراقيين جيدا، فهي كتل وعصابات تجندت للشيطان ولا جذور لها في العراق، فكيف يجعلوا لها مبرر فقالوا أنها أحزاب تمثل الطائفة العرب الشيعية وأضافوا لها كثير من البكائيات المعمولة في هوليود وطهران عن المظلوميات والمقابر الجماعية الوهمية التي سبق وأن تعرضنا لها ولحقيقتها، وذات الشيء فعلوا مع الحزب الاسلامي كممثل للعرب السنة، وأعتبروا العميلين مسعود وجلال ممثلين لاكراد العراق، وجاءوا باناس رخيصين، ومنهم من لم يعش في العراق ولا يعرف العراق، كممثلين للتركمان والعرب المسيحين بفصيليهم الكلدان والآشوريين وعملاء سابقين من الازيدين كانوا منبوذين ولا علاقة لهم باهلنا اليزيديين العرب ممن ادعوا مقابل سحت حرام أن اليزيديين قوما أكراد.

لم يكن غرض امريكا فقط اضفاء شرعية وتحقيق مبرر لتعايش هؤلاء الغرباء الاجانب أو الخونة من الهاربين لاسباب متعددة بهذا الاسلوب الرخيص واللا أخلاقي بل لأنه يخدم المخطط الامبريالي الصهيوني، الذي يريد اعتماد هذا المنهج لتنفيذ عدوانه وفق المخطط الخاص بالعراق والعام الذي يحقق النظام العالمي الجديد العولمة، ففي العراق يخدم على المستوى الآني والبعيد، فعلى المستوى الآني يدمر الوحدة الوطنية للشعب ويغير الهوية الوطنية والانتماء الوطني للمواطن، وعلى المستوى البعيد هو الطريق الفكري والعملي لتحقيق تقسيم العراق، أما على المستوى العام فهو تحقيق نواة كبيرة وممكنة التطوير بالتغذية الفكرية والاعلامية والتموين وبناء تنظيمات مذهبية طائفية ممكن استنساخها سريعا خصوصا عندما تكون هذه المرة مغدات من قبل جهات دينية اسلامية كي تهيء لاحلال المذهبية كأديان بديلة عن الاسلام وبهذا تحقق الصهيونية والامبريالية التي توحدت على الأقل فكريا وسياسيا مع الصهيونية كمنهج لتفتيت الامة العربية والمسلمين عموما على هذا الاساس، وهنا أعود لأذكر بأن أول سؤال سؤلت عنه عندي أسري من قبل الأمريكان ما هو دينك؟ وعندما رقضت الاجابة قالوا نعرف أنك مسلم ولكن شيعي أو سني؟ وعندما قلت لا أعرف هذه التسميات ، قالوا لي ان كنت شيعي فهل أنت جعفري أو اثني عشري أو زيدي أو اسماعيلي؟ وان كنت سني هل أنت شافعي أم حنبلي أم حنفي أم مالكي؟ نعم هكذا يعملوا ويخططوا لتقسيم الاسلام على الأقل لثمان أديان، كما فعلوا مع المسيحية دين الله الأسبق.

لهذا كان مجلس الحكم على هذه الصورة التي نفذها بريمر وهكذا وضع الدستور الذي كتبه الصهاينة وهكذا أعتمد كمنهج للحكم في العراق، وساهمت حكومة ايران بغباء أو بطمع في كسب مؤقت أوحته لها الدوائر الامبريالية والصهيونية فكانوا صيدا سهلا لتنفيذ المخطط الشرير والخطير وأداة طيعة لتسهيل متنفيذ المخطط على مستوى العراق على الأقل في هذه المرحلة. أما الجانب الآخر من المخطط فهو الشق الثاني من التكوين الخبيث الجديد وهو انشاء كيانات في المنطقة عموما (خاصة الاسلامية منها) قائمة على العرقية العنصرية وهو الذي ثبته الاحتلال وكرسه في دستور العراق الذي أسموه دائمي، وهو الممهد للانفصال بين مكونات الوطن والشعب، وهذا سيكون نموذجا ومنطلقا ومبررا لاسامح الله في حالة نجاحه ليعتمد كصيغة عالمية، وهو ذات السبب الذي فرضته امريكا وحلفائها في معاهدة الصلح في السودان، وتغذيه وتنميه وتمول أعمال التخريب والتقسيم هناك ليكون تعزيز لما تفعله في العراق، للعمل على تقسيم السودان، وبهذا يكون طرحه مقبولا لاعتماده كمنهج دولي مستقبلا يقره مجلس الأمن بضغط امريكي، ويكون اسلوبا لتنفيذ مخطط الصهيونية والامبريالية في تنفيذ ما أسموه الشرق الأوسط الجديد، هذا هو في تصوري المراد من كل ذلك. وليتصور العرب والمسلمين والعالم أجمع خطورة المخطط وخبثه وأهدافه البعيدة.

نعم كان للمقاومة العراقية شرف اسقاط المشروع الشيطاني الشرير على الأقل في المرحلة الحالية بحكم ما ترتب على الامبريالية خصوصا زعامتها الامريكية من خسائر بشرية ومادية، لكن يجب أن يدرك الجميع ان المخططات الامبريالية الصهيونية لن تلغى وانما تؤجل لحين توفر الظروف المناسبة والتي يمكن تنفيذ المخطط خلالها، والتاريخ مليئ بالشواهد والعبر، وما تحالف الغرب مع الدولة العثمانية ضد ثورة مصر القومية في عهد محمد علي باشا عنا ببعيد، ثم تنمية التيار الاقليمي باسم العروبة لضرب الدولة الاسلامية ممثلة بأي شكل بالخلافة العثمانية والتأسيس لمنهج خبيث مازال فاعلا عند الكثير من التيارات السياسية القومية والاسلامية على السواء وهو وهمي امبريالي خطير للايحاء بالتعارض بين المنهج القومي والعروبي والمنهج الديني الاسلامي، مع الأسف انطلى على الكثيرين وسبب معرقلا كبيرا لتشتيت قوى الامة النماهضة للاستعمار ولم يدركه الا قليلين من المفكرين ولم يدرك ابعاده ميعاديه بشكل حقيقي من الاحزاب القومية الايمانية غير حزب البعث العربي ولهذا كان اول المستهدفين بعد الاحتلال هذا المنهج والبرنامج فصدر قانون اجتثاث البعث كفكر ومنهج ومناضلين مؤمنين بالتوحد الكامل بين الاسلام كمنهج ورسالة وبين الأمة كحاضن وطليعة مجاهدة في سبيل الله. أين هيئة الأمم المتحدة ومجلس امنها ومنظماتها ومحاكمها من هذا المخطط الشرير والذين أوجدوه ويعملوا على تدمير البشرية من خلاله؟  

اللهم أنت القوي العزيز فزد غضبك عليهم، وسلط جندك على حلف الاعور الدجال وجمع الكافرين.