شبكة ذي قار
عـاجـل










 ( واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ )

ابناؤنا وأحفادنا زينة الحياة الدنيا ، نحدثهم فننسى كل شيء ونحن في محرابهم .. نلقاهم حين ياتون الينا كبارا وصغارا فكلنا عيون ناظرة .. واذان سامعة ، وقلوب لهم بالبقاء والسعادة داعية .

 

قبل ثلاث سنوات رثيت حفيدي تمام   عبر موقع دروب :

 

سألت الصبح لن أشاهد بعد اليوم

زين الشباب تمام

ادموعا تريدها ام رحيقا

لا ونعماك لن انسا حبيب جده

كان امضى شبا واصفى حفيدا

و من كتمام زين الشباب هواه

يا صفي الاحزان تسقي البرايا

كأسها مرة وتسقيك شهدا

ضاحك الثغر والضحى مكفهر

من يداعب جدك بعدك يا تمام

وانت الملهم حاضر البديهة

يا ابن ابنتي الحسناء

كل حسن ارى محياك فيه

فأطيل الامعان والتحديقا

طرق الطيف بعد ان غاب وهنا

أنت أحلى من النعيم طروقا

ان قلبي خميلة تنبت الاحزان

ونرجسا وشقيقا

لو على الصخر نهلة من جراحي

راح مخضوضل الظلال وريقا

همي الهم لو تكشف للناس

لأغرى حسنا وراع بريقا

اترع الكأس للربيع فغنى

وأنتشى فماس رشيقا

نجمتي والطريق تيه وليل

وحفيدي فقدت وكان الابن والرفيقا

تمام :
دعوت قبرك بالامس ياحبيبي لتسمعني

وهل تجيب دعاء الثاكل الحفر

قبرك بضاحية سحاب عمان طفت به

فلملم الطيب من حصبائه السحر

زواره معي الطير والاشواق والقمر

يا ابن الحسناء

اصبحت بعدك يا زين الشباب

حيران منفردا والليل معتكر

ابكيك .. حتى بكى من لوعتي الحجر

قد لا مني الصحب حتى لا اضيق به

ان عقني الأقربان السمع والبصر

ذهبت يا زين الشباب كما ذهب الربيع

على الربى منه يد وعلى القلوب له يد

ولك الامارة على نفسي و قلبي وكبدي

يقرها الأمس ولا يضيق بها الغد

تمام
نعيك لم تقبله البصيرة واللب

جس الطبيب النبض حيران ذاهلا

وهيهات لم يفد الطبيب والطب

فوارحمتا للناهلات من الصبى

ألم يتهيب من براءتها الخطب

يا ابن الحسناء

أحنو على دمك المطلول ألثمه

أزكى من الورد ما جادت به الورد

دماء قلبك ايمان وغالية

فليس ينكرها بدر ولا أحد

دماء قلبك ما من قطرة نزفت

الا تمنت سناها نجمة تقد

أنت روحي فارقت جسدي

وكيف يبكي ويرثي روحه الجسد

بأيام عرفات الفضيلة مررت بقبرك

أغليه وألثمه وحولي الساخران :

الغيب والأبد

العيش بعدك يا زين الشباب لغو

فلا طرب فيه ولا أمل هان ولا كمد

يا خالق الكون الحقني بزين الشباب تمام

وارحمني من عنائي وتأوهي وبكائي .

 

 واليوم  بذكرى مولد حفيدي  ،  رفيق درب من العراق الاسير ، حدثني عن واقعة كان طرف فيها ، مفادها ان الفارس العربي صدام حسين رغم ظروفه الصعبة في الاختفاء والاعداد للمقاومة المسلحة ،  بعد ايام من استشهاد عدي وقصي وحفيده مصطفى ، طلب ثلاثة اعلام عراقية . ومع الفجر ذهب لزيارة قبور الابناء والحفيد  ، قرأ الفاتحة على ارواحهم ودعى لهم بالرحمة والغفران . و وقف على قبر حفيده الشهيد مصطفى فبكاه بحرقة وقال ( ستغفر ياولدي ل سبعين من اهلك . قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم . انت الشهيد وابن الشهيد وانتم السابقون ونحن اللاحقون ان شاء الله .  والحمد لله الذي بشرني باستشهادكم . غرز الفارس الاب والجد على اضرحة الابناء والحفيد اعلام العراق وعاد للكفاح والجهاد بعزيمة وايمان عرفها العالم كله حتى قرع ابواب الجنة .

 

ما أغلى من الولد الا ولد الولد

هذا التراث الضخم في هذا الموضوع الحيوي .. الانساني الصادق حقا ، بعد رحيل حفيدي تمام ، أعطيته سنتين من البحث والاهتمام والتقدير ، فوجدت  صور الابوة العظيمة وما يتصل بها من تعامل مع الاحفاد ، والمشاعر الحانية التي لا تماثلها مشاعر اخرى في رقتها وعمقها .  فوجدت  أن الحنو المتناهي للأحفاد - الذي لا يماثله أو يقاربه حنو - هو حنو رسولنا الأعظم - وقدوتنا الأكبر محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - إذ ورد أنه كان يصلي ذات مرة - فلما سجد أطال السجود، حتى إذا ما انتهى سأله من صلى معه : يا رسول الله: أطلت السجود - فقال: إن ابني هذا - الحسين - ارتحلني (أي صعد عليّ) وأنا ساجد فكرهت أن أعجله (ينزل بنفسه).  وكان - صلى الله عليه وسلم - يحمل الحسن والحسين  على ظهره الشريف.. وقال لهما ذات مرة ( نِعم الجَملُ جملكما)..  ما أعظمك يا رسول الله أباً.. جداً.. محباً.. مثالاً لا يتكرر في حقيقة النبوة.. وحب الأحفاد.. أعطيتنا نموذجاً فريداً خالداً في هذا المجال الإنساني النبيل فجاء على إثرك من كتبوا من الشعراء والكتاب مؤلفاتهم وقصائدهم في هذا الحب الصافي النقي الجميل.

 

 الشاعر بدوي الجبل   

 من فينا سنة 1963 كتب  عن حفيده  محمد  قصيدة من 113 بيت  فغرد وابدع ، وانقل منها :  

سلي الجمر هل غالى وجن وعذبا      كفرت به حتى يشوق ويعذبا

ولا تحرميني جذوة بعد جذوة            فما أخضل هذا القلب حتى تلهبا

وما نال معنى القلب الا لأنه              تمرغ في سكب اللظى وتقلبا

هبيني حزنا لم يمر بمهجة                فما كنت أرضى منك حزنا مجربا

وصوغيه لي وحدي فريدا وأشفقي    على سره المكنون ان يتسربا

مصونا كأغلى الدر عز يتيمه           فأودع في أخفى الكنوز وغيبا

وصوغيه مشبوب اللظى وتخيري     للالامه ما كان اقسى وأغربا

وصوغيه كالفنان يبدع تحفة           ويرمقها نشوان هيمان معجبا

فما الحزن الا كالجمال احبه           واترفه ، ما كان أنأى وأصعبا

 

ويجرنا هذا الشاعر العملاق بقصيدته التي استلبت المشاعر والأفهام لكل من قرأها بعملاق آخر كتب إلى ولده رسائل متنوعة، ذلكم هو الشيخ الجليل  عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري   في كتابه «رسائل إلى ولدي». والى رثاء العلامة الفاضل الجليل الدكتور عصام العطار لحفيدته . وكثير من هذا التراث الذي اتخذ مجاري ثلاثة :

 

1-     الندب : وهو بكاء الاهل والاقارب والاصدقاء

2-     التأبين : وهو نوع من الثناء على الميت ، او التعاطف الاجتماعي .

3-     العزاء : وهو الانطلاق من الموت كفكرة الى استنبات الحكم والمعاني الفلسفية .

 

ومن الثابت ان الخنساء هي كبرى شاعرات العرب في الرثاء . وتجدر الاشارة الى ان الفارس العربي صدام حسين اخذها نبراسا ومقارنة بين استشهاد اولادها الاربعة في معركة القادسية ، حين قالت حمدا لله الذي بشرني في استشهادهم .

 

نرجو الله ان يوفقنا في جمعه في مجلد . خدمة للادب العربي

 

 





الثلاثاء٢٤ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نصري حسين كساب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة