شبكة ذي قار
عـاجـل










كان الزعيم  معمر القذافى  سباقا في   خطابه يوم مولد النبوي الشريف لعام 2010 عندما أشار إلى  ضرورة التفرقة بين الإرهاب والمقاومة واعتقد كان مصيبا في هذا بعد إن اختلطت الأمور وضاعت الفواصل بين المقاومة والإرهاب - فماذا عن هذه التفرقة ؟

 

 المعروف  المقاومة في العراق هي ضد الاحتلال والمقاومة في  أفغانستان وفلسطين وغيرها من دول العالم الإسلامي التي تتعرض للاحتلال ، أو الدول الأخرى المحتلة بالفعل هي كذلك...  ثم الأهم هو الإرهاب الصهيوني في فلسطين وفي العراق اليوم، وكل من يقاوم الاحتلال فهو مقاوم له شرعية المقاوم ، وفي هذا الصدد نكتب عن تلك الفروق بين المقاومة والإرهاب ، يقول البعض في أي موضوع الفرق بين المقاومة والإرهاب ـ ليس حديث النشأة ، بل وجدت أعمال العنف والقمع والقتل والاغتيالات منذ القدم وفي المجتمعات كافة ، ومارسها الأفراد كما مارستها الجماعات والقوى المختلفة ، لكن العمل الإرهابي في الوقت الحاضر لم يعد هو العمل الإرهابي في القدم ، ففي الماضي كان العمل الإرهابي فعلاً عنيفاً له أهداف محددة وضحاياه قليلة، ووسائله القديمة متجسدة بشكل أساس بأعمال الاختطاف والحجز وأخذ الرهائن والتهديد واغتيال الشخصيات الهامة، أما الإرهاب الحديث والجديد فهو أكثر تطرفاً وحدة وأهدافه واسعة غير محصورة ، ووسيلته الأساسية هي القتل الجماعي، إن هذا التحول النوعي في الإرهاب يمكن ربطه بما يسمى بالحروب الجديدة ، حيث نرى أن هناك شكلاً جديداً من الحروب في العالم يقوم على مجموعات خاصة متجاوزة للحدود تشمل تنظيمات وأمراء ، أمام هذه الظاهرة الخطيرة يحق لنا أن نتساءل ما هو الإرهاب وما هي أركانه وما الفرق بينه وبين المقاومة؟.

 

أولاً : مفهوم الإرهاب وأركانه
1.  مفهوم الإرهاب:
الإرهاب لغة تعني إشاعة الخوف والفزع والرعب ، أما اصطلاحاً فلا يوجد تعريف جامع مانع لمفردة الإرهاب، بسبب تعدد واختلاف آراء المهتمين بدراسة هذه الظاهرة من جانب والغموض وعدم التحديد الدقيق لها على المستوى السياسي والقانوني من جانب آخر، الأمر الذي أدى إلى فتح المجال واسعاً للاجتهاد البشري، حيث طرحت تعريفات عدة، كلً نظر إلى المفهوم من خلفيته الفكرية والفلسفية والدينية وطبقاً لمعالمه الخاصة، حتى وجدنا أنفسنا في نهاية المطاف أمام   أكثر من 100 تعريف  ، من أبرزها تعريف لأحد الفقهاء يقول (( إن الإرهاب هو "العمل الإجرامي المصحوب بالرعب أو العنف أو الفزع بقصد خدمة هدف محدد"، وآخر عرف الإرهاب على أنه "عبارة عن أعمال من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد مما ينتج عنه الإحساس بالخوف بأي صورة" وذهب آخرون  إلى تعريف الإرهاب على أنه "كل اعتداء على الأرواح والأموال والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لأحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة"  أو  "إنه اصطلاح يستخدم في الأزمنة المعاصرة للإشارة إلى الاستخدام المنظم للعنف، لتحقيق هدف سياسي وبصفة خاصة جميع أعمال العنف التي تقدم منظمة سياسية بممارستها على المواطنين وخلق جو من عدم الأمن"

 

 أما تعريف الإرهاب على صعيد المنظمات الدولية ، فنجد أن الاهتمام بهذا الموضوع بدأ منذ عام 1930 ، عندما اختطف بعض ثوار بيرو طائرة لغرض الهرب بها إلى خارج بلادهم، إلى حد الذي لفت أنظار المجتمع الدولي آنذاك ، حتى تمكنت عصبة الأمم بعد نقاش دام سبع سنوات من عقد اتفاقية منع الإرهاب والمعاقبة عليه عام 1937، حيث ورد في الاتفاقية إعلان تعريف الإرهاب مفاده أن الإرهاب هو (جميع الأعمال الإرهابية الموجهة ضد دولة ما وتهدف أو يقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معينين أو مجموعة من الأشخاص أو عامة الجمهور) ، ثم بعد ذلك توالت جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن من عام 1947 ولغاية يومنا هذا، وبعد نقاشات طويلة جداً توصلت إلى إن الإرهاب يمثل (جميع الممارسات والوسائل غير المبررة التي تشير إلى رعب الجمهور أو مجموعة من البشر لأسباب سياسية وبصرف النظر عن بواعثه المختلفة) ، وهناك بعض الاتفاقيات الدولية أشارت لمفهوم الإرهاب سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، منها على سبيل المثال اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها لعام 1977 والاتفاقية الأوربية لعام 1977 والاتفاقية العربية لعام 1998... الخ ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت سواء على الصعيد الذاتي (الباحثون والفقهاء) أو على الصعيد الدولي ، لكن لم يتوصل الجميع إلى تحديد مفهوم جامع مانع للإرهاب، بسبب اقتصار هذه المفاهيم على بعض الجوانب دون غيرها، فمنهم من ركز على الجانب المادي (الأفعال) ومنهم من ركز على الجانب القانوني (الجرائم)، وآخرون ركزوا على الجانب السياسي بينما الأمر يتطلب أن يكون هناك تعريف يحتوي على أمرين هما : التجرد والموضوعية في الطرح ، والإلمام بالجوانب المختلفة للظاهرة دون إغفال أي منها.


2
.  أركان الإرهاب :

من خلال قراءة متفحصة لمفاهيم الإرهاب السالفة الذكر، واستناداً للواقع الذي نعيشه وحصيلة الدراسات الأكاديمية التي تناولت موضوع الإرهاب يمكن القول إن للإرهاب، مجموعة من الأركان الأساسية التي توضح ماهيته وتميزه عن بقية المفاهيم المقاربة وهي الآتي :                                                                                           

 

1. العمل الإرهابي عملا ً من أعمال العنف، أما التهديد بالعنف فيدخل في باب الردع لا الإرهاب.                                                                                     2. يتم العمل الإرهابي بقدر من التنظيم وبذلك يتم استبعاد أعمال العنف العفوية كلها من عداد أصناف الإرهاب.

3. ينطوي العمل الإرهابي على مضامين وأهداف سياسية وبذلك يمكن استبعاد أعمال الإرهاب ذات المقاصد الذاتية والتي تدخل في عدادا لجرائم العادية. 

4. يتسم العمل الإرهابي بالطابع الرمزي أي أنه يحمل رسالة إلى فئة أو جماعة أو مجتمع أو دولة متجاوزاً بذلك الضحية المباشرة أو الهدف المباشر للعمل الإرهابي بهدف خلق تأثير نفسي معين لدى الخصم كالشعور بالخوف والذعر وعدم الأمان.                                    

 واستنادا إلى هذه الأركان يمكن القول إن الإرهاب ظاهرة تختلف عن المقاومة، لان المقاومة لها شروطها وظروفها الخاصة، هذا ما سنحاول توضيحه في المطلب القادم.

 

أما المقاومة فهي تختلف اختلافا جذريا عن الإرهاب فهي جزء من شعور وطني للإنسان الذي وقع عليه ظلم فكان له ر فعل قوي يوازي الضرر الذي وقع علية ويزيد
إن المقاومة حق مشروع يتمتع به كل شعب من شعوب العالم في حال تعرضه لاحتلال خارجي، لأن الموضوع هنا متعلق بالدفاع عن النفس والحفاظ على سيادة الدولة عندما تنتهك، وحقوق الشعب عندما تتعرض للاغتصاب، هذا الحق في فترات الحكم الاستعماري لم يتم الإشارة له، لأن الدول الاستعمارية آنذاك مسيطرة على شعوب العالم الفقيرة ومستغلة خيراتها وقاهرة لإرادتها ، تحت حجج ومبررات عديدة ، لكن على الرغم من ذلك برزت صيحات متفرقة تطالب بحق الشعوب بتقرير مصيرها وإنهاء حالة استعمار البلدان المتقدمة للشعوب المستضعفة ، منها ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 في مادته الأولى الفقرة الثانية والمادة الخامسة والعشرين التي تشيران إلى إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس المبدأ الذي يقضي بأن الشعوب متساوية ويجعل لها حق تقرير المصير، كذلك ما جاء به مؤتمر باندونغ للدول الأفريقية والآسيوية لعام 1955 والذي كان نقطة فاصلة بين المعسكرين الشرقي الذي يمثله الاتحاد السوفيتي سابق والمعسكر الغربي الذي يمثله الولايات المتحدة والذي أشار إلى الاعتراف بحق تقرير المصير وتأييد قضية الحرية والاستقلال للشعوب، ثم بعد ذلك صدر قرار الأمم المتحدة رقم (1514) في 14/12/1960 الخاص بمنح الاستقلال للشعوب والأقاليم المستعمرة، وتلته قرارات متشابهة أهمها القرار رقم (2625) الصادر في 24/11/1970 الذي أقر مبدأ حق الشعوب بتقرير مصيرها.      

 

أشكال المقاومة
وبذلك أصبحت الدول المستعمرة تمتلك الشرعية القانونية التي منحتها لها القرارات الصادرة عن المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) في مقاومتها للاحتلال ، وهذه المقاومة أخذت أشكالا ً متنوعة منها :  

 

المقاومة المدنية : هذا النوع من المقاومة يقوم على أساس استخدام تقنيات ووسائل تهدف إلى شل قدرة الخصم ومواجهة سلطته وأهدافه من خلال استخدام سلطة رديفة لا عنيفة تنطلق من تأييد الرأي العام والتفافه حول قضيته، أي مقاومة بلا عنف.

 

المقاومة المسلحة : هذا النوع هو يستند بدرجة كبيرة على المقاومة المدنية وتتكامل معها، حيث تبدأ بعمليات محددة خاطفة وسريعة وتنتهي بجيش من المقاومة يتمم عملية التحرير، وقد تبقى عمليات محددة في المدن والشوارع والأرياف .... الخ، مما يؤدي في النتيجة إلى تهديد أمن المحتل ويحطم معنوياته.  والمقاومة بكل أنواعها ومضمونها السالف الذكر لكي تكون مقاومة مشروعة حسب قرارات وقواعد القانون الدولي، ينبغي أن تتوفر فيها مجموعة شروط أهمها :                         

 

1. أن تكون هناك حالة احتلال فعلي ووجود لقوات الاحتلال داخل الأراضي المحتلة.                   

2. أن يقوم بأعمال المقاومة أفراد من الشعب المحتلة أراضيه.                                  

3. أن تتم أعمال المقاومة بالضد من قوات الاحتلال العسكرية فقط.                                

4. أن تكون أعمال المقاومة داخل وخارج حدود الأراضي المحتلة لإرغام العدو المحتل على الرضوخ وإنهاء مابدأ به  .                   
الفروق بين المقاومة والإرهاب


تأسيساً على ما تقدم، يتضح لنا أن هناك ثمة فرق بين المقاومة والإرهاب يمكن تجسيدها بالآتي: تختلف المقاومة عن الإرهاب الذي يعتمد العنف دون الاعتماد على سقف الشرعية الدولية أو القانون الدولي وحقوق الإنسان.                                                           

 وتختلف المقاومة عن الإرهاب من حيث الضحية أو الجهة المستهدفة، ففي المقاومة الجهة المستهدفة هي قوات الاحتلال فقط، أما الإرهاب فلا توجد جهة مستهدفة لأنه لا يبالي من هو الضحية، المهم بالنسبة للقائمين به هو إرسال رسالة للخصم بغض النظر عن الضحية المستهدفة. 

 

إن المقاومة لا تقتصر على أبناء البلد المحتل ، وإن في وضع كوضع العراق الذي هو جزء من امة عربية وأمة إسلامية كان لابد أن تنطلق جحافل المجاهدين دفاعاً عن ارض العرب والمسلمين ولكن دائما تكون الأولوية لأبناء الأرض المحتلة والمقاومة يتطلب وجودها وجود قوة محتلة لأراضي البلد، بينما الإرهاب لا يتطلب ذلك. المقاومة محصورة ضمن حدود جغرافية محددة ، لكن الإرهاب ليس له حدود معلومة.  من هنا كان التفريق  بين المقاومة المشروعة والإرهاب ، خاصة ما يحدث في العراق و في الأرض المحتلة في فلسطين ضد الإرهاب الصهيوني ، حيث أن مفهوم الإبادة الجماعية يسيطر على التفكير الأمريكي والصهيوني.

 

إن المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة عمل شرعي يتماشى مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية الأخرى ، ومع ما هو متعارف عليه عالمياً بخصوص الاستعمار والاستعمار الاستيطاني ومقاومة الاحتلال الأجنبي والعنصرية والتمييز العنصري. العادل للشعوب الذي تخوضه حركات المقاومة ضد الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والعنصرية في ديسمبر 1972. واتخذت المنظمة الدولية في كانون الأول العام 1974 القرار رقم (3214)، وأجاز حق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح، وبالتالي تكون الأمم المتحدة قد ميّزت بين المقاومة والإرهاب وأجازت مقاومة الشعوب للاحتلال، أي أجازت المقاومة العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي البغيض.   وإن ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وبمبادئ وأهداف الشرعية الدولية تدفع جميع الأعمال العدوانية كالغزو والاحتلال والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والاستعمار الاستيطاني بالإرهاب ، وتؤيد حق الشعوب والأمم في مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير ونيل الاستقلال الوطني، وتدين الإمبريالية والعنصرية والصهيونية، وتؤكد على عدم شرعية احتلال أراضي الغير بالقوة وتحرّم استخدام القوة والحروب العدوانية كأداة لفرض سياسات معينة أو الحصول على مكاسب إقليمية أو إجبار المغلوب على أمره توقيع اتفاقيات إذعان كما حصل في لاهاي عام 1919 وفي أوسلو 1993.

 

سيف الدين احمد العراقي / باحث في القانون الدولي الخاص





الخميس١٢ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سيف الدين احمد العراقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة