شبكة ذي قار
عـاجـل










رغم أن ميثاق الأمم المتحدة صدر عام 1945 وكانت بقايا الوصاية الدولية والاحتلالات ، إلا أنه لا توجد في هذا الميثاق كلمة واحدة تشير إلى الاحتلال وإنما تشير مفردات الميثاق إلى العدوان و الأعمال التي تهدد السلم و حفظ السلم و الأمن الدوليين وإنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي وكذلك تأكيد المساواة في السيادة بين أعضاء الهيئة الدولية وفض النزاعات الدولية بالوسائل السلمية و الامتناع عن التهديد باستعمال القوة و استخدامها ضد سلامة الأراضي و الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة .... و أخيراً التأكيد أن ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ...


بينما نرى القرار 1483لسنة 2003 الصادر عن مجلس الأمن الدولي أحد هيئات المنظمة الدولية وجزء من ميثاقها ، يسلم بالصلاحيات و المسؤوليات و الالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على دولتان اعتدتا بالقوة وبسياسة فرض الأمر الواقع ، بوصفهما دولتان قائمتان بالاحتلال تحت قيادة موحدة هي السلطة ...


فمن أين جاء بهذا التعبير الذي شطب من سجل قرارات ومواثيق الأمم المتحدة بعد أن أنهي الاستعمار، وحتى الفصل السابع الذي تصرف بموجبه مجلس الأمن فإنه خلواً من أي إشارة إلا لتدابير القمع التي لا تطبق إلا في حالة تهديد السلم أو الإخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ( المادة 39) من الميثاق ومن الحق في أن تتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم و الأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه ( مادة 51 ) من الميثاق ... فمن كان يهدد من ومن اعتدى على من وكيف حصل الاحتلال أليس بعدوان سافر فرض بالقوة المفرطة ، فمن عطل كل هذه النصوص و سمح باحتلال العراق بل واجتثاثه من الخارطة السياسية و القانونية في المجتمع الدولي ومن عطل دور مجلس الأمن في صد العدوان ومن سمح له باستخدام تعبير احتلال رغم أن لا شرعية لوجود هذه الكلمة في القانون الدولي لأنه أن وجد فهو مؤقت ويجب أن لا يستمر .


وتوضح هذا الأمر بجلاء الفقرة /353/ من الدليل الميداني للجيش الأمريكي رقم /27-10 لسنة 1956 وهو قانون داخلي أمريكي ملزم ( المحتل المحارب في حرب خارجية حيث يستند على السيطرة على أرض عدوه ، يسلم ضمنياً بأن سيادة الأرض المحتلة لا تنتقل إلى سلطة الاحتلال ، فالاحتلال في جوهره مؤقت)..


ثم تلاه المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة ( برايمر ) سيئ الصيت الذي أصدر الأمر رقم /1/ لسنة 2009 لتشكيل سلطة ائتلاف وفقاً لقرارات مجلس الأمن وبناء على قوانين و أعراف الحرب( ). خول نفسه بموجب الفقرة الأولى من امر تشكيل هذه السلطة ، سلطات الحكومة المؤقتة خلال الفترة الانتقالية كافة التنفيذية و التشريعية و القضائية ، بخلاف ما جاءت به المادة (43) من اتفاقية لاهاي 1907 وبقية الاتفاقيات الدولية ، جنيف لسنة1949 وغيرها . وأول أمر كان لهذه السلطة لمؤقتة هو الأمر الأول رقم (1) لسنة 2003 ( تطهير المجتمع من حزب البعث ) وحل الحزب وحرض الناس في الأمر نفسه ، على كل الأفراد العاملين في المناصب الحكومية وكذلك حرض الناس، مقابل مكافئات تؤدي إلى القاء القبض على كبار أعضاء حزب البعث وعلى الأفراد المتواطئين مع نظام الحكم السابق فيما ارتكبوه من جرائم، متناسياً أن الجريمة الكبرى في حق العراق والعراقيين هي الاحتلال ووجود سلطته نفسها ... ثم أصدر المذكرة رقم 7 لعام 2003 التي فوض بموجبها إلى تشكيل غير شرعي أسماه مجلس الحكم ، صلاحية تنفيذ الخطوات الكفيلة بتطهير المجتمع العراقي من حزب البعث معلناً بذلك بدء حالة الانتقام التي طالت أكثر من( 120.000) مائة وعشرين ألفاً من أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي خاصة وأن مكونات مجلس الحكم هم ممن كانوا يناصبون العراق وحزب البعث العداء ويوالون دولاً تعتبر في حالة حرب مع العراق وتحديدا ايران .... وفوض مجلس الحكم كذلك سلطة الحجز على عقارات وممتلكات حزب البعث واداراتها مما سهل لمكونات مجلس الحكم وأحزابه سلب المال على اعتباران ممتلكات حزب البعث كانت مالاً عاماً وسيطرت الكيانات و الأحزاب التي جاءت مع المحتل على هذه الممتلكات واتخذتها مقرات لأحزاب عاونت المحتل في احتلاله ونهبت وقتلت العراقيين وعذبتهم .


وسبق ان أصدرت الادارة الامريكية ما سمي بقانون تحرير العراق لسنة 1998 (1) مدعية فيه أنه من أجل دعم التحول نحو الديمقراطية ولأن العراق غزا ايران ومعتبرة إياه بأنه البادئ في هذه الحرب ، في حين أن المجتمع الدولي لم يحسم هذا الأمرولأن لكل طرف حججه وادعاءاته ... وبدعوى أن الحكومة استخدمت الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد ... كذلك غزا العراق الكويت ، ولو ان ذلك ذنباً يستوجب عقاب مرتكبيه لكانت الولايات المتحدة نفسها الدولة التي بحاجة لأكثر من قانون تحرير وتحول ديمقراطي لأنها غزت نصف العالم واستخدمت الأسلحة الكيماوية بل الذرية بشكل غير مبرر في حربها مع اليابان لمرتين بدون مبرر ... وفي فيتنام لم تبقى سلاحاً محرماً إلا واستخدمته وذلك الأمر منطبق على( إسرائيل) التي شنت حروباً على كل جيرانها واستخدمت الأسلحة المحرمة دولياً في كل الحروب و آخرها الحرب على غزة .


المهم في هذا القانون أنه تضمن اجتثاثاً للنظام السياسي القائم في العراق و المساوي لأمريكا في السيادة حسبما تنص الفقرة(1 من الماده2) من ميثاق الامم المتحدة ، من خلال دعمه لشتات المنظمات العراقية التي سميت( معارضه) ، دعى صراحة إلى إزالة رئيس البلاد من السلطة في حين أن أوضاع العراق بعد الاحتلال تنبئ بأن الذي حصل كان احتلالاً لا تحولا" ديمقراطياً ، وسبب هذا الاحتلال أكبر جريمة في هذا العصر تمثلت بضياع كيان الدولة العراقية واحلال عناصر من المرتبطين بمخابرات دول الجوار وخاصة ايران والمرتبطين بوكالة المخابرات الامريكية ( cia ) مما يعني ان الاجتثاث كان مبيتاً ومهيئاً له قبل الاحتلال بفترة بعيدة .


ان العدوان السافروالغزو الذي شنته الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا وهما عضوان في هيئة الامم المتحدة على عضو آخر فيها هو جمهورية العراق التي هي عضو مؤسس في المجتمع الدولي والهيئات الدولية منذ عام 1932 م دون مسوغ أو دون أن يهدد او يعتدي على سيادة وأراضي هاتين الدولتين ، في سابقة خطيرة واستغلال للقوة العسكرية والاقتصادية ضد بلد لايساويهم إلا في السيادة كما نص الميثاق الدولي .. وبعد ان فرض الامر الواقع باحتلالهما العراق واسقاط نظامه الوطني تحت حجج وذرائع باطلة وواهية ثبت عدم صحتهما .. فانهما لجئتا وبرسائل من وزيري خارجيتهما إلى رئيس مجلس الامن طالبتين فيها توصيف وضع قواتهما والقوات المتحالفة معهما وتوصيف الوضع القانوني لجمهورية العراق فجاء قرارمجلس الامن 1483 في 22/أيار/2003 كاشفا وواصفا للوجود الامريكي البريطاني في العراق على انه ( سلطة احتلال ) وانهما دولتا احتلال محارب .. دون صدور ادانه من هذا المجلس واضحة وصريحة لهذا العدوان الذي افضى إلى حتلال دولة عضو في هيئة الامم ودون تخويل مسبق من هذا المجلس ايضاً ، ولم يتصرف مثلما تصرف عند احتلال العراق دولة الكويت .مع ذلك فأن القرار أكد على جميع المعنيين ضرورة التقيد تقيداً تاماً بالقانون الدولي وخاصة اتفاقيات لاهاي 1907 وجنيف 1949 الاربعة وبموجب الفقرة ( 5 ) من القرار 1483 نفسه.


وهو الامر الذي لم يحصل اطلاقا بل لجأت الولايات المتحدة وبريطانيا على خرق ابسط مبادي القانون الدولي والدولي الانساني في كل تصرفاتهما في العراق ابتداء من انهاء الوجود المادي لدولة العراق ومؤسساتها ، الجيش وقوى الامن الداخلي مروراً باعتقال رئيس جمهورية العراق وأعضاء الحكومة وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي ومروراً بالجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان من الاعتقال التعسفي غير المحدود المدة واستخدم وسائل التعذيب والإهانة إلى سرقة الثروات الوطنية الطبيعية والاقتصادية والثروات الثقافية ونهب الآثار الوطنية وعملية التطهير الثقافي ،والتسبب في قتل أكثر من ( 1.5 ) مليون ونصف انسان عراقي و تهجير أكثر من ثمانية ملايين عراقي داخل البلد وخارجه و التسبب في خراب النظام التعليمي والصحي و الاجتماعي و التسبب بحرب طائفية و عرقية و الأهم من كل ذلك احد .





الخميس١٢ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور علي الفهداوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة