شبكة ذي قار
عـاجـل










الذي أريد أن أصل إليه أنه لا يمكن أن تكون عملية ديمقراطية حقيقية ما لم تسبقها عملية تأهيلية وتعليمية وتثقيفية يخضع لها الفرد والمجتمع من أجل تفعيل دورهما في بناء المجتمع الديمقراطي ,  وفي نفس الوقت يكون هنالك تفعيل سريع ودقيق لمؤسسات الدولة  بنفس القوة والاتجاه , ويكون للدور الرقابي دوراًمهما جداً من خلال الاهتمام ودعم مؤسسات المجتمع المدني لكونها مؤسسات مستقلة. وتمكينها من أن تملك القدرة على التفاعل الايجابي في التعاطي مع مفهوم وعمل التنشئة السياسية بشكل عام وكمادة تثقيفية للعمل الديمقراطي بشكل خاص , ولما لها من دور تتقلده داخل إطار المجتمع وعلاقتها بالدولة.

 

وأهم دور يمكن إن يسند لها هو تأهيل وتثقيف الفرد و المجتمع تثقيفاً ديمقراطياً يؤهله أن يعي و يدرك ويمارس دوره في العملية السياسية وفي أهم جانب لها وهو الديمقراطية .ويأتي ذلك نتيجة من القدر الذي يؤمن السياسيون والحكام بالعمل الديمقراطي وتحويل الشعارات إلى إجراءات , وهذا لا يمكن أن يكون إلا بالتطور والتحول السياسي للمجتمع وطبيعة نظامه السياسي السائد ومعاييره الإيديولوجية ومرونته الديمقراطية والانفتاح محلياً وإقليمياً وعالميا.

 

وليس تحقيقاً لرغبة طبقة متنفذة أو حاكم كأن يكون محتل قوي كما هو حاصل في عراق اليوم  , ولكي تكون العملية سليمة وفاعلة يشترط في عملية التطور والتحول السياسي أن تكون بتدرج وبمراحل تتشبع بالنضج السياسي في كل محطة سياسية , وأي طفرة أو حرق مراحل في سياق هذا التطور ستكون نتائجه سلبية على عموم العملية الديمقراطية , ويمكن أن يلاحظ مثل هذه النتائج في العملية السياسة التي تبناها المحتل في العراق ومنذ احتلاله في عام 2003ولغاية اليوم  , حيث وفي كل منعطف لها تفرز حالة لا ديمقراطية بل أفرزت مظاهر بعيدة كل البعد عن الديمقراطية كالقتل الجماعي والاغتيالات والفساد الإداري والمالي , وهي ظواهر مدانة اجتماعيا وسياسياً ولم تكن موجودة قبل بدعة ديمقراطية المحتل ,  ومن ثم الابتعاد عن الوطنية وهي أخطر الظواهر من خلال تنفيذ القائمين والمشاركين في العملية السياسية على تنفيذ الأجندات الأجنبية , و ألا ماذا يمكن أن نسمي سكوت الكثيرين من اللاعبين في العملية السياسية على التجاوزات الإيرانية سواء بالتصريحات أو خرق سيادة العراق بل احتلال أراضي عراقية أو قصف أراضي عراقية ,  والمصيبة الأكبر عدم الرد ولو بحياء على تطاول بعض المسئولين الإيرانيين بمطالبة العراقيين بتعويضات الحرب التي هم أشعلوها في عام 1980 وأصروا على استمرارها!

 

أمر ولاء هذه الدمى عجيب , ويصرون على أن عمليتهم السياسية هي ديمقراطية! ويستمرون في خداع شعبنا العراقي بالتستر وراء المذهبية و الطائفية والعرقية. إن ثقافة جماهيرية تتقدم العملية الديمقراطية تعطي ضمانة أكيدة على سلامة المسيرة الديمقراطية  , لان الديمقراطية الكاملة تُعبر عن ثقافة المجتمع والدولة قبل أن تكون وجه من أوجه الحكم , لتأثيرها في بلورة وعي وإدراك جماهيري لاختيار المرشحين المؤهلين والصادقين في خطاباتهم وشعاراتهم الانتخابية , وكذلك في قدرة هذه الجماهير في متابعة أداء ممثليهم سواء الذين في المجالس التشريعية أو السلطة التنفيذية والمتمثلة بالحكومة , 


يمكن أن تتشكل حكومة تحمل سمات الديمقراطية في تعدديتها ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الدولة تسير على النهج الديمقراطيً باعتبارها أي الحكومة تمثل أكثر ممثلي الشعب  , وتحت نفس تعبير الخلاصة أستطيع أن أقول أن ليس كل حكم فردي أو أقلية يعني الديكتاتورية , لأنه إن وجد شعب واعٍ وتربى على ثقافة الديمقراطية الحقيقية سواء عبر النظريات أو التجارب الديمقراطية المحدودة أو الشاملة و ترتبط في فلسفتها بتكوينٍ بيئي ينشأ من ما يزقه الواقع من عوامل النشأة والقدرة على الصيرورة الملائمة لطبيعة الشعب والأمة وتتأثر و تؤثر بنوعية التجارب , فإنه سوف لن يقبل بأي نوع من الديكتاتورية أو الانفراد بالحكم ومهما كانت غليظة عصى الديكتاتورية , وهو قادر أن يسقطها  , الم يكن شاه إيران ديكتاتورياً؟وكان الشعب الإيراني وطليعته الجماهير الطلابية والقوى التقدمية الثورية سبباً للحراك الثوري في التغير قبل تدخل القوى الخارجية و تُلَويثْ الثورة ببعض من رجال الدين المنافقين والانا نين ,   ألم تسقط حكومة سابغون الديكتاتورية العميلة على يد هجمات  الثوار من ألفيت كونغ في فيتنام الجنوبية وهي التي كانت تمارس كل أنواع الاضطهاد ضد الشعب الفيتنامي في الجنوب , الم يسقط حكم فرديناند ماركوس في الفيليبين  وفر هو وعائلته بعد إضرابات شهدتها الفلبين ضد حكمه، وتولي زعيمة المعارضة كورا زون أكيني الرئاسة بدعم من الجيش ,  ماركوس الذي لوي الديمقراطية وأغتال رموز وطنية باستخدامه لقوة السلطة ودعم الامبريالية له لم يصمد أمام ثورة الشعب , وكل هولاء أسقطتهم شعوبهم وبإرادة الجماهير , وكانت هذه النماذج من الحكومات مدعومة من قبل أقوى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية .فإذاً الشعوب التي عرفت و مارست الديمقراطية ولو بمحدودية وتوعت بالثقافة الثورية أو التجربة الثورية لأحزابها الثورية التي قد يعتبرها الامبرياليون غير كاملة ولكنها كاملة تمام , و إذا حُسِبَت بتوازي مع التطور التاريخي للديمقراطية وتناسبها مع المراحل التي يعيشها الشعب أو الأمة فتكون كافية ليناء الديمقراطي  , وفي نفس سياق الموضوع فالعراق كان يعيش التجربة الديمقراطية من هذا النوع ,  ومن خلال إيمان البعث الخالد بالديمقراطية والتي كانت ملائمة لمجتمعنا وللمرحلة التاريخية التي يعيشها الشعب العراقي من تحديات , وواحدة من أكبر الشواهد و الممارسات الديمقراطية ومنذ بداية ثورة البعث في 17/تموز/1968 هي الندوات الجماهيرية التي كان يقيمها الحزب في المناطق وتحت عنوان (أنت تسأل و الحزب يجيب)و بعدها طَوَر الحزب من أساليبه الديمقراطية ودعم كل طرق الرقابة الشعبية والحزبية , وما تجربة اللجان الحزبية في الوزارات إلا إحدى الوسائل الرقابية على مؤسسات الدولة , كذلك الانتخابات الحزبية للقيادات ووفق النظرية المركزية الديمقراطية التي كان يؤمن بها الحزب كانت صورة حية لإيمان الحزب بالديمقراطية , وثم المباشرة بانتخابات المجلس الوطني ومنذ عام 1980 والاستمرار بها كل أربعة سنوات.

 

أن كل هذه الحقائق قد يكون فيها  نوع من النسبية في الفهم والسلوك الديمقراطي وحسب اجتهاداتهم  والخلفية الفكرية والسياسية للبعض وخاصة لدي الذين موقف من الثورة العربية في تأكيد السلوك الديمقراطي للبعث , ولكن وجود خطط تنمية شاملة في العراق (الخمسية والعشرية) أكبر دليل ينتزع قناعة الرأسمالي و الماركسي أو الراديكالي و التوافقي بأن خطط التنمية في العراق كانت قاعدة أساسية للبناء الديمقراطي والتي بموجبها يتم السير بخطوات البناء والتنمية والتطور لكل أبناء الشعب , وواحدة من هذه النتائج التنموية هي في إتنشار الجامعات العلمية والأدبية في كل محافظات القطر وبمعدل لا يقل عن ثلاثة أو أربعة جامعات في المحافظة الواحدة , وفي تطبيق الخطة الزراعية وبكل تفاصيلها(خطط توزيع الحصص المائية وتأمين البذور والأسمدة الكيماوية وتشجيع الفلاحين بعدد من الحوافز وعقد الندوات تثقيفية في مجال الزراعة وفي كل أنحاء القطر) وفي كل محافظات القطر بالتساوي وبدون استثناءات والتي هي ليست موضوع بحثن , الم تنتشر النهضة الصناعية في القطر وتم وضع خطة توزع المصانع في كل محافظات القطر وبمقياس واحد لا يحكمه الا تواجد المواد الأولية والخبرة الفنية ,

 

وكذلك الدعم  الذي قدمته الثورة للقطاع الخاص الذي ارتقى بالصناعة العراقية لمستويات عالية يمثل دليلاً قوياً على إشراك كل قطاعات الشعب في العملية التنموية وبما فيها القطاع الخاص .إنها كانت نهضة  شاملة وعظيمة في كل أنحاء القطر وهي أحدى نتائج التنمية الشاملة وهي أهم ركيزة في البناء الديمقراطي لان كل الاجتهادات والمدارس الديمقراطية تتفق على أن أهم ما يميز أي نظام حكم ديمقراطي هو تنفيذه لخطط التنمية ,  وتبقى حملة محو الأمية  شاهداً عظيماً من الشواهد لثورة 17تموز على ديمقراطيتها واشتراكيتها والتي تعطي دليلاً أكيداً على دخول العراق في مرحلة إعداد المجتمع ديمقراطياً والتي شملت العراق من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه وبدون استثناءات , ونجاح الحملة بشهادة منظمة اليونسكو العالمية في عام 1980يعتبر خطوة أساسية و مهمة في البناء الديمقراطي والاشتراكي لأنها الإعداد الأولي للدخول العقلاني لمرحلة الديمقراطية . وتتقدم إقامة الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية 1973وتشريع قانون الحكم الذاتي في 1970 المواقف التي جسدت فكر البعث الخالد في إقامة المجتمع الاشتراكي الديمقراطي .


وللأمانة التي لا يريد الامبرياليون وعملائهم أن يسمعوها أو يقرؤونها هي الحقيقة التالية هل أعطوا فرصة للعراق أن يعيش الديمقراطية بكل إبعادها ويطورها وفق ما تطمح له عقيدة البعث الخالد ,  هم لم يعطوه فرصة أن يعيش فترة خالية من التحديات والعدوان عليه , فكيف يريدون من العراق الوطني ما هم لم يقدرواعلى جزء من حالة الطوارئ التي تعرض وعاشها العراق , الم تعلق حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية العمل ببعض حقوق الإنسان الأمريكي و الغربي وخاصة مراقبتها للاتصالات الشخصية وتعقيدها الإجراءات الأمنية بعد تعرض الولايات المتحدة للهجوم في أيلول 2001 , وتعرض بريطانيا للانفجاريات في خطوط المترو , فلأول هو هجوم محدود وجزئي على الدولة الفيدرالية الأمريكية والشعب الأمريكي. ولست هنا أُقلل من خطورته , والثاني عمل إرهابي محدود في تأثيره , ولكن لم يكن يستدعي كل الإجراءات الأمنية والتي أثرت على حرية المواطن البريطاني.  ولكني أذكرها فقط لأُتيح للعقول المنصفة أن تقارن والحال في العراق الذي لم يعطوه الفرصة أن يعيش لحظات إستقرارولكن كان يمتلك الإصرار في تنفيذه لبرامج وأهداف البعث الخالد في إقامة المجتمع الديمقراطي الموحد ..





الخميس٠٥ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة