شبكة ذي قار
عـاجـل










ذكرى اليوم العربي لمحو الأمية

الأمية الأبجدية والجهل بين التشابه والاختلاف

الأستاذ الدكتور مسارع حسن الراوي

رئيس الجهاز العربي لمحو الأمية (سابقاً)

 

هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة (السنن) وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (سورة الجمعة 2)

يتبادر إلى أذهان البعض من الناس على اختلاف ثقافتهم أن الأمية هي الجهل ولكن لو تعمقنا بمفهوم كل منهما - محتوى وأهدافاً وكيفية المواجهة - لوجدنا أن هناك تشابهاً وكذلك اختلافاً.

فالأمية ظاهرة اجتماعية وكذلك الجهل. والأمية سبب التخلف وكذلك الجهل فالأمية والجهل كلاهما نتيجة لظاهرة التخلف الاجتماعي.

أما الاختلاف في أن الجهل أوسع مفهوماً - معنى وهدفاً وكيفية مواجهته، فالأمية مشكلة تعليمية لتتمثل في العجز عن تملك المهارات الاساسية من قراءة وكتابه ومبادئ الحساب ويطلق على هذا النوع من الأمية الأبجدية ويكون محورها بتملك هذه المهارات الثلاثة. وقد أطلق على هذا النوع بالتعليم اللانظامي اللامدرسي الذي لا يتعدى مستواه المرحلة الابتدائية.

أما الجهل: فهو الأمية الحضارية باعتبارها مظهراً للتخلف سياسياً واقتصاديًا واجتماعيًا ويكون مواجهتها بإعطائها الأولوية المطلقة في خطط التنمية الشاملة، ومكافحة الجهل يكون بتحرير الإنسان من أميته أبجديًا وحضارياً - إلى المستوى الذي يؤهله متابعة الدراسة والتدريب لتحقيق المشاركة الإيجابية في بناء المجتمع باعتماد أسلوب المواجهة الشاملة ويمكن أن يطلق على هذا النوع من التعليم - بالتعليم غير النظامي الموازي لنظام التعليم المدرسي النظامي.

ولقد استطاع الجهاز العربي لمحو الأمية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، التوصل إلى وضع استراتيجية لمحو الأمية بالمفهوم الحضاري في إطار المواجهة الشاملة هدفها تحرير الإنسان العربي من أميته أبجدياً وحضارياً إلى مستوى تعليمي ثقافي يمكنه (تملك المهارات الأساسية في القراءة والكتابة و الحساب إلى المستوى الذي يؤهله متابعة الدراسة والتدريب) الإسهام في تنمية مجتمعه و تجديد بنيانه ، وبهذا الهدف يمكن  الانطلاق من مفهوم محو الأمية في إطاره الضيق المقصور على الأبجدية إلى المفهوم الحضاري الشامل - الجهل و الجهالة و الطائفية والظلم الاجتماعي .

إن الآية القرآنية الكريمة التي خاطبت الرسول الأمي أبجديًا محمد صل الله عليه وسلم؛ دعته إلى مكافحة الأمية الحضارية في إطار المواجهة الشاملة والتي تقول: هو (الله) الذي بعث في الأميين (قوم محمد أي العرب) رسولاً منهم (محمد) يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتابة والحكمة (الفرائض والسنن) وإن كانوا من قبل في ضلال مبين...

إن هذه الآية في مضمونها تعني مكافحة الأمية الحضارية من جهل وفقر وفساد وتخلف وشرك، وهكذا تمكن جيش المسلمين المؤمن بالله بقيادة الرسول الأعظم محمد تحرير البلاد العربية - أرضاً وشعباً من هيمنة الامبراطورية الفارسية (معارك القادسية) والامبراطورية الرومانية (معارك اليرموك) وهكذا كان محمد وصحبه - ثورة حضارية ضد الجهل والجهالة والتخلف والشرك.

نسأل الله العظيم أن يكون كل الشعب محمداً ضد الفساد والمفسدين والتخلف الحضاري والتدخلات الأجنبية من ترك وفرس وروم وليس ذلك على الله والشعب العربي ببعيد...

سينهض من خلال البؤس جيل**** شديد البأس جبار عنيد

(وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) صدق الله العظيم

8/1/2023






الاحد ١٦ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور مسارع حسن الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة