شبكة ذي قار
عـاجـل










دون كيشوت هذا الزمان

العربي البغدادي

تطالعنا، منذ اشهر، إحدى  عيّنات المعارك المفتوحة على صفحات العالم الافتراضي، يقودها، اليوم، أحد جهابذة "الدون كيشوتية" الجدد الذين يسخّرون قلمهم وخبرتهم متأثراً بـ("الونسو كوكسانو" الذي كان يقضي معظم وقته في قراءة الكتب التي تتحدث عن الفروسية والفرسان في العصور الوسطى وقتال العمالقة ، 
فقرر ان يكون مثلهم وارتدى درعاً، مطلقاً على نفسه اسم دون كيشوت، فامتطى فرسه وبدأ التجوال في القرى والأرياف بحثاً عن المغامرات، ولأنّ العمالقة غير موجودين إلّا في رأسه، فإنّه بدأ يتخيل أن طواحين الهواء هي العمالقة الأعداء، فبدأ بمهاجمة طواحين الهواء فغرس فيها رمحه؛ لكنه علق بها فرفعته إلى الهواء عالياً ثم طوّحت به أرضاً فرضّت عظامه، وعلى هذه الحال ما كان دون كيشوت يفلت من خطر إلا ويقع في آخر).
وتضيف الرواية:
(إن الناس حين رأوا جنون دون كيشوت رغبوا في علاجه، ورسموا لذلك مخططات لجعله يعود إلى سريره، وفي نهاية القصة فإنّ دون كيشوت يعلم أنّه كان غبيّاً لا فائدة مما يفعل، ولكن الأوان كان قد فات، حيث أُصيب بحمّى شديدة مات على إثرها وهو على سريره).
ما تقدّم يشكّل هذه الايام حالة اعتراضية ظرفية يقودها من كان بعضهم يتوسّم فيه الحصافة والدبلوماسية والذكاء، نظراً للسنوات التي امضاها في السلك الخارجي لبلده، قبل الاحتلال، إلا أن "الخُيَلاء" تحكمت به وهو على ابواب أرذل العمر فوقع في جموح طموحٍ لا يرحم شيبةً ولا يقيم اي وقار للسن المتقدمة في الزمن، فإذا به يقع صريع مواقفه الارتجالية وأوهامه ولم يجد من يشهر عليهم سيفه "المثلوم"سوى رفاق القضية والمصير الواحد، علّه يأخذ من صمتهم وصبرهم عليه انتصاراً وهمياً يُغنيه عن طواحين هواء دون كيشوت ليُفاجأ أنه اصطدم بجدارٍ عالٍ من طول الإناة جعله يعجز عن التطاول واستثمار الصراخ والعويل الذي يصدّع به قراءه المتناقصين على وسائل التواصل الاجتماعي، كل يوم، فحكم على نفسه بسوء الخاتمة، قبل أن يحكم عليه الآخرون. 
(فصل من مأساة جديدة بطلها  دون كيشوت هذا الزمان).




السبت ٢١ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب العربي البغدادي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة