شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى الميلاد العظيم

البعث والمرأة فِكراً وتطبيقاً

د.محمد رحيم آل ياسين

 

تمتعت المرأة العربية عبر عصور التاريخ بقدر كبير من العلوّ والرفعة، كما عُرِفَت بالأنَفة والكرامة والعفّة والشرف والحزم وعلوّ النفس. ويطلعنا التاريخ أنَّ هناك نساء عربيات خلَّدن أسماءهن قبل ظهور الإسلام، في ميادين الأدب والسياسة والحكم والحرب والتجارة وغيرها. واستطعن أن يفرضن احترامهنّ على معاصريهنّ، منهنَّ في بادية الشام قبل الإسلام: الزباء أو زنوبيا ملكة تدمر التي تولَّت مملكة تدمر بعد وفاة زوجها سنة 267م، وأجمعت المصادر التاريخية على قوة شخصيتها وشجاعتها وقدرتها في السيطرة على مملكتها، ومهارتها في شؤون السياسة والحرب. كما تجدر الاشارة الى بلقيس مملكة سبأ في اليمن التي حكمت في القرن التاسع قبل الميلاد، والتي كانت على درجة كبيرة من الهمَّة وعلوّ الكلمة واتساع النفوذ، وتمتعت بقدر كبير من قوة الشخصية والدبلوماسية.

 

ثم ظهرت شمس الإسلام، ليوطّد مكانة المرأة، ويؤكد الحقوق المشروعة لها، أمَّاً وزوجة وإبنة، وأحاطها بسياج من العفّة والاحترام، يحول دون العبث بكرامتها، أو الحطّ من شأنها. ولأنَّ البعث قد استلهم نظريته وفكره القومي من روح الإسلام وقيمه ومنهجه الانساني والأخلاقي، وحيث أنَّ الإسلام هو

 

ثورة في النفس البشرية، قبل أن يكون ثورة اجتماعية وثقافية، ثورة على بعض التقاليد والعادات التي حاربها وقضى عليها. وأنَّ البعث هو أيضاً ثورة مستوحاة من قيَم الإسلام وروحه، فكان ثورة على الواقع العربي المتردي، وثورة تبدأ في أعماق الانسان العربي أولاً، من هنا فقد أولى البعث أهمية خاصة بالمرأة العربية، وشكَّلت قيمة معنوية واعتبارية ونضالية في مبادئه ومنهجه، فكانت ذات شأن كبير في فكر البعث و دور عظيم في نضاله، عبَّر عن ذلك الرفيق القائد المؤسس رحمه الله، في كتاباته المستفيضة، وتبعه بعد ذلك مفكر البعث الدكتور الياس فرح في كتابه (المرأة في فكر ونضال حزب البعث العربي الاشتراكي)، وعبر عن ذلك كل قادة البعث في مؤلفاتهم واحاديثهم وكما جاء في أحاديث الرفيق القائد صدَّام حسين (انَّنا عندما نضع المرأة في مكان لائق، فإنَّما نضع أنفسنا في المكان اللائق).

 

لا يمكن اعتبار قضية المرأة العربية قضية خاصة، بل هي قضية مجتمعية تقترن بمستوى التقدم الاجتماعي، تتأثر به وتؤثر فيه، في علاقة جدلية مميزة.  كما أنَّ المسألة ليست مساواة قانونية شكلية، مثل منحها حرية التعليم والعمل، بل هي وعي المرأة بقدراتها، وايمانها بما يكون لها من دور وعنوان في هذه المرحلة التي تعيشها الأمة، وفي قضية التحرير وتحقيق النهضة والتنمية، فالتنمية لا تعني تطوير المستوى المادي فقط، بل تعني بنفس الوقت تحرير الانسان ليمارس حريته وحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإلَّا لن تكون هناك تنمية بشرية. ونقصد بالانسان هنا هو(الرجل والمرأة)، فالوعي والايمان بقدرات المرأة من قبل كل من المرأة والرجل معاً، هي الخطوة الأولى، وأنَّ صورة المرأة التي يريدها البعث، هي صورة الانسان المشارك بفعَّالية في النضال والنهضة والتنمية بكل مسؤولياتها وايجابياتها.

 

وتؤثر شروط البيئة الاجتماعية العربية على مساهمة المرأة والتي تثبّط في حالات كثيرة من عزيمتها للدخول في قوة العمل، ويعود السبب الى أنَّ هناك شرائح اجتماعية تعتقد أنَّ المرأة انَّما خُلِقت لادارة المنزل وتربية الأطفال وكل ما له علاقة بالدور الانجابي، وانها غير قادرة على الجمع بين مهمتها العائلية هذه، ودورها في العمل والمساهمة في نهضة المجتمع. علماً بان هذا الفهم قد اثبت الواقع خطأه، اذ سجّلت المرأة العربية النجاح الكبير في الجمع بين مهمتها المجتمعية والعائلية معا، وحققت الكثير من التميّز والريادة على الصعد المحلية والعربية وحتى العالمية. وللأنظمة السياسية الحاكمة في بعض الأقطار العربية، نصيب كبير في الابقاء على هذه المعضلة، بسبب من سياساتها القاصرة والهامشية في هذا الجانب.

 إنَّ فكر البعث منذ التأسيس، قد ساهم في خلق الوعي السياسي والمجتمعي العربي لأهمية دور المراة في النهضة العربية وبالتالي ساهم في تحسين هذا الواقع وادى الى سن العديد من القوانين والتشريعات والتعليمات اللازمة لذلك في عدد من الاقطار العربية. لقد اعتمد البعث مبدأ أنَّ الانسان العربي هو الوسيلة لتحقيق أهداف الأمة الكبرى، وهو ذاته الهدف والغاية منها في نفس الوقت. ويرى أنّ التغيير الايجابي في المجتمع انَّما ينطلق من مساهمة كلا الرجل والمرأة في عملية البناء والنهضة التنموية الكبرى، فهما القاعدة الأساسية التي من خلالها تتم عمليات التغيير الشمولي في المجتمع. لذلك كان من أولى مهمات الحزب القيام بتوعية الرجل والمرأة بأهمية المشاركة الفاعلة للمرأة في بناء المجتمع الجديد المتحضّر، وان ذلك يحتاج الى الاهتمام الفعلي وليس النظري بالمرأة، ابتداءً من التعليم، ومنحها حقوقها كاملة غير منقوصة.

 

وقد فتحت هذه المبادئ التقدميّة للبعث المجال واسعاً امام مشاركة المرأة العربية عامة، والبعثية خاصة، في كافة اوجه النضال السياسي والمجتمعي في اقطار الوطن العربي فبرزت مناضلات عربيات جليلات ساهمن بشكل فاعل في الكثير من الاحداث واوجه النضال الضروس الذي خاضته وتخوضه الأمة في عموم اقطارها، ومازلن يدفعن الثمن باهضاً باذلات شتى انواع التضحيات فارتقت ارواح بعضهن في الشهادة من اجل تلك المبادئ، اضافة الى تعرض الكثير منهن الى الاعتقال والأسر والنفي ومختلف انواع الاضطهاد والاستهداف اسوة باخيها الرجل.

 

البعث تجاوَزَ الدور التقليدي للمرأة

ابتداءً فقد كان على الحزب التأطير لتغيير كل ما لحق بالمرأة من اهمال لحقوقها المشروعة، أسرياً، ومجتمعياً، ومؤسسياً، وبالتالي الدعوة الى استبدال الدور التقليدي الحصري للمرأة باعتبارها مجرد أمَّاً وزوجةً وربَّة بيت وحسب، بآخر تنهض من خلاله بكل ذلك، الى جانب دورها المجتمعي الفاعل في النهضة والتقدم، مع الحرص على تحقيق التوازن بين المسؤوليتين. وكانت فكرة تغيير حياة المرأة العربية، والدعوة لانطلاق حريتها، واحقاق حقوقها، وتخليصها من القيود التي تُكبّلها ، مع مراعاة تامة للقيم المجتمعية العربية الاصيلة، قد نشأت منذ بداية تأسيس البعث في أربعينيات القرن الماضي، وهذا التوازن هو ما ميّز فكر البعث وسلوكه عن باقي الاحزاب الثورية او التقدمية الاخرى في الوطن العربي.

 

البعث والتَّمكين المجتمعي للمرأة – العراق مثالاً

شهد العراق بعد ثورة17تموز المباركة، تغييرات جذرية في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية، كان لها انعكاسها على الحياة الاجتماعية وأثرها على أوضاع المرأة التي أحسَّت بأهمية دورها، بعد أن أزاح البعث الستار عن الجمود والقيود التي فرضها المجتمع عليها خلال سنوات طوال. فاستطاعت بفضل النظام السياسي الجديد بقيادة الحزب، التخلص من انزوائها، فخرجت بكل قوة لتشارك في الحياة العامة الى جانب الرجل، شريكها في الوطن. وتمكّنت من أن تتحوّل بنفسها الى امرأة فاعلة ومثقفة

 

وواعية، وأن تتجاوز واقعها، وتبني ذاتها، وتُنمّي فكرها وثقافتها، آخذين بنظر الاعتبار تغيّر الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال مرحلة السبعينيات وما تلاها. فلم تعد المرأة العراقية بعد ثورة البعث، أسيرة العادات والتقاليد (التعسفية) التي لا تعطي المرأة القيمة الانسانية التي أعطاها الله لها أسوة بالرجل. ولعل غياب شخصية المرأة العراقية وانزوائها كما قدَّمنا، قبل قيادة الحزب للعراق، بسبب ما أحاط بها من تقاليد وعادات، أفقد المرأة تلك الصورة المشرقة التي كانت تطل علينا بها خلال عهود الدولة العربية الكبرى، وزمن حضارتها العظيمة.

 

 وكان من الطبيعي أن ينعكس هذا النمط من الحياة على مستوى الوعي الاجتماعي لدى المرأة بشكل عام، وبالتالي فقد أثّر على مستوى دورها في المجتمع، بحيث لم يعد بامكانها أن ترتفع الى أعلى من نطاق تعليمها المحدود، في وسط هذا الركام من العادات والتقاليد المجحفة والمتعسفة التي فُرِضَت على المرأة، رغماً عنها.

 

 ومما لا شك فيه فإنَّ التعليم والعمل يمثلان قيمة مهمة ليس للمرأة وحسب وانما لعموم مجتمعنا العربي، حيث بيَّنت كافة الدراسات، أهمية نسبة مساهمة المرأة في سوق العمل في تحقيق نهضة اي مجتمع. كما أكدت تلك الدراسات، أنَّ المجتمع العربي عموماً، فيه عدد أقل من النساء المتعلمات. غير أنَّ هذا الحال قد تغيَّر في بعض الاقطار العربية وكان النهوض في هذا المجال مميَّزا في العراق بعد قيادة البعث للدولة والمجتمع فيه، فقد تطور اجمالي القوة العاملة من النساء، كما جاء في العديد من المصادر. كما تم استحداث وتخصيص برامج تستهدف ردم الفجوة بين المرأة والرجل في كافة الميادين التي يقوم بها كلاهما.

 

ولأن الأسرة هي نواة المجتمع لذا يشكِّل الاهتمام بقضايا المرأة والأسرة والطفولة، من بين اهم أهداف الحزب المجتمعية، التي حرص على تطبيقها بداية من تطوير المرأة الريفية، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية، ومساواة فرص التعليم العام والجامعي ، وكذلك توحيد اجور العمل بينها وبين الرجل، وتعزيز دور المرأة في الحياة العامة، والدعوة الى التمكين المجتمعي للمرأة، وتعزيز موقعها الاعتباري، ومساهمتها في كل مفاصل الدولة، من تربية، وتعليم، وصحة، وثقافة، واشراكها في صنع القرار، سياسياً، واجتماعياً، بما يحقّق لها من دور متقدم فاعل وجوهري وليس دوراً هامشياً او شكليّاً في قيادة المجتمع والدولة.

 

وقد دعى البعث في البدء الى اصلاح مناهج التعليم في المجتمع، التي كانت تخلق وعياً منقوصاً وزائفاً بقضية المرأة ومكانتها المجتمعية. وهكذا فقد حقَّقت المرأة في العراق في ظل قيادة البعث للدولة، مكاسب جمَّة عبر سنوات متواصلة في نضال الحزب. حيث نالت مساواتها مع الرجل، سواءً ما يتعلق بحقوقها الاجتماعية، والسياسية، كحق الانتخاب والترشيح للمجالس والنقابات والاتحادات المهنية، وباقي المنظمات المدنية، كنقابة الأطباء، والصيادلة، والمحامين، ونقابة المعلمين، والفنانين، ونقابات العمال. وعلى المستوى الحزبي فقد تبوّأت المرأة مواقع حزبية قيادية متقدمة، كما دخلت في السلك الدبلوماسي من أوسع الأبواب، وفي الشرطة والجيش، وفي التدريس الجامعي، والقضاء، والمنظومات الصحية، وفي كافة المجالات الحياتية في العراق.

 

لقد قطعت المرأة العراقية في ظل قيادة الحزب للقطر العراقي، شوطاً بعيداً في نهضتها، ووقفت على قدم المساواة مع الرجل في مجال التعليم في كافة مراحله، كما أنها شاركت مشاركة فعّالة في النواحي الاجتماعية والثقافية، وفي النشاطات الطلابية، ومنها معسكرات العمل الشعبي الطلابي التي تم تخصيصها للطالبات في الثانويات والجامعات. وكان للمرأة دور واضح في الأدب والصحافة، فقد أصدرت الصحف والمجلات، وعقدت الاجتماعات

 

والندوات، وألقَت المحاضرات، وأسهمت في المؤتمرات، وتولّت مناصب ومواقع ادارية متقدمة في الدولة، ومؤسساتها الرسمية، وشاركت في المجال السياسي بقوة. وبهذا تكون المرأة العراقية قد تخلّصت من التراكم التاريخي والاجتماعي الذي فُرِض عليها خلال سنين طويلة، وألقى بظلاله على المجتمع بشكل كامل. ونشير هنا الى أنَّ الدستور العراقي (المؤقت) في عهد النظام الوطني والقومي للبعث ، قد نصّ على أنَّ: الدولة تكفل مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ونقولها بكل وضوح، أنَّ المرأة العراقية قد اندمجت اندماجاً حقيقياً في الحياة العامة في دولة العراق الوطنية بعد ثورة17تموز المجيدة، بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي...

 

 المرأة العربية وتكوين الشخصية البعثية

 

 كان لفترة خمسينيات القرن الماضي وما تبعها، أهمية بالغة في تكوين الشخصية العربية (القومية) ذات الهوية والملامح العربية الواضحة، بعد أن نضجت الأفكار والنظريات القومية، وخاصة الفكر القومي (البعثي)، بعد اعلان تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من نيسان لعام1947م. وقد قامت المرأة بدور بارز ومهم في تلك الفترة المهمة والخطيرة من التاريخ العربي المعاصر. وكان لهنَّ آثارهنّ في بناء الشخصية البعثية وبالتالي العربية، والتي بدورها نهضت في كافة جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، ومردود ذلك كلّه يعود الى مهارات النساء العربيات في التربية وتنشئة الأبناء، وتأصيل العقيدة البعثية، والهوية القومية، وغرس مقومات عديدة في نفوس الأجيال أنذاك، فكان لذلك أبلغ الأثر في اعانتهم على أن يمتلكوا شخصية متزنة، ذات تأصيل عربي مستنير. ويُحسب للمرأة العربية في فترة النهوض والمد القومي في منتصف القرن العشرين، دورهن الفاعل في هذه الآونة الخطيرة من حياة الأمة. وقد لا نبالغ اذا قلنا أنهنَّ استوحَين دور أسلافهنّ من العربيات في صدر الإسلام، ذلك الدور الذي برزنَ فيه ونشطنَ من خلال اخراج جيل من القادة، نساءً كانوا أم رجالاً، استطاعوا أن يبنوا دولةً وحضارة يتمسك أهلها بمقوماتها، من عقيدة وثقافة وهوية مميزة لها عمَّا سواها، حيث ساهمت النساء العربيات مع أزواجهنَّ في بناء وتكوين الشخصية والهوية العربية على أصولها.  من هنا وجدت المرأة العربية اليوم في عموم الوطن العربي، نفسها أمام اختبار مهم وحاسم، وهو أن تلعب دوراً لا يقل أهمية عن دور النساء اليعربيات البارزات في تاريخ الأمة المجيد.

 

لقد تشربت العقيدة (البعثية) بشكلها السليم والصحيح في نفوس المناضلات في الحزب، واللواتي بدورهنّ علَّمنها وغرسنها في أبنائهنّ، فقدَّمت المرأة البعثية نفسها وأولادها نماذج في المجتمع يُحتذى بها. والبعث يرى أنَّه لكي تقوم المرأة بدورها في تعزيز الهوية القومية العربية، وتأصيلها في النشء الجديد، فلابد من اعدادها اعداداً سليماً، عقائدياً، وصحياً، ونفسياً، وعقلياً ، فلن يحقق المجتمع العربي تقدماً ورُقيَّاً حقيقياً، دون مشاركة المرأة بعد اعدادها الاعداد الأمثَل.

 

ولا يقتصر دور المرأة كما يرى البعث، في التربية وتكوين الشخصية عند هذا الحدّ، بل لا بدّ من الغرس الثقافي والأدبي والأخلاقي في أبنائها الذين يشكّلون أنماط المجتمع العربي. ونشير هنا أنَّ الماجدة البعثية قد تميَّزت بقدرتها على الحوار البنَّاء، وهو في نظرنا حاجة انسانية مهمة، فهي تتيح للانسان اشباع حاجته الانسانية الملّحة في الاندماج والتواصل مع الآخرين، فالحوار يحقِّق التوازن بين حاجات الانسان، والمشاركة والتفاعل مع الآخرين. فهي تعلَّمت على أسلوب الحوار وآدابه وضوابطه، فكان من السهل عليها أن تربِّي الأبناء على ماربَّتهم عليه.

 

والتجربة الحيَّة والواقعية في موضوع بناء وتكوين الشخصية العربية للمرأة وفق منظور البعث ، ظهرت بشكل واضح وعملي في دور الثائرة الفلسطينية ، والمناضلة الجزائرية، والسودانية، واللبنانية، والتونسية وغيرهن في الساحة العربية. كما وتميزت تجربتها في العراق بعد قيادة الحزب للقطر العراقي في العام1968م، فصارت المرأة العراقية تشارك في بناء وتكوين الشخصية الأدبية والأخلاقية والسلوكية للمجتمع ككل، فقد امتلكنَ النساء (البعثيات) حسن الادراك وسرعة البديهة ومهارة في بناء المجتمع وتكوينه وفق نظرة وفكر البعث ومنهجه، وهي لم تقلّ شأناً عن الرجل في انتاج وافراز أجيالاً من الأبناء، يحملون بين جوانحهم وفي وجدانهم، ذلك المواطن الشجاع، المقدام، المخلص والمُتَحفّز دائماً للبذل والعطاء من أجل العراق والأمة. جيلٌ يفضّل الموت في سبيل الدفاع عن العراق وأمته العربية. فكان دور الماجدة العراقية واضحاً في معركة العِزّ والشرف والكرامة، قادسية العرب الثانية ضدّ العدوان الايراني الفارسي على بوابة العرب الشرقية، فقد تميَّزت بمستوى عالٍ من الشجاعة وشدة البأس، أظهرتها طوال ثماني سنوات من القتال الضاري على امتداد الحدود العراقية الايرانية، فكانت تشحذ همم المقاتلين في جبهات القتال، وتشجّع أبناءها في مواصلة القتال، وفي المطاولة. كما أظهرت قدرتها على تقنين مصروفات منزلها خلال الحصار الاقتصادي الجائر طيلة ثلاث عشرة سنة، فكانت ربَّة بيت مُقتصدة.

 

أما وقفتها البطولية في مقاومة المحتل الأمريكي الغاشم، فهي أكبر دليل على اخلاصها لوطنها، واقدامها على التضحية بالغالي والنفيس في سبيل تحرير العراق من براثن الاحتلال، حيث قدَّمت حياتها كشهيدة في تلك المقاومة الباسلة اضافة الى قيامها بتنفيذ العمليات الفدائية البطولية ،  وتقديم كل أنواع الدعم والاسناد للمقاومين الأبطال، ولا ننسى وقفتها الشجاعة في سجون الاحتلال التي امتلأت بالبعثيات والوطنيات الاخريات، وصمودها أمام الاجتثاث والاقصاء والتهميش الذي سلكته حكومة الاحتلال المارقة.

 

وبعد ذلك فقد كان للمرأة العربية وقفة بطولية في كل الأقطار التي شهدت حراكاً شعبياً، وثورات شبابية عارمة، كما حصل في فلسطين وتونس، والسودان ، ومصر، والجزائر، واليمن، ولبنان، وسورية، والعراق. فقد ضَحَّين بأنفسهنَّ من أجل التغيير والخلاص من حكومات الفساد والاستبداد، فكان منهنَّ شهيدات من أجل الحرية والكرامة، في مصر، والعراق، والسودان. ولم تزل المرأة العراقية والسودانية تشارك مع الثوَّار الشباب في ثورة تشرين المباركة في العراق، والثورة السودانية الظافرة.

 

وهكذا كانت نظرة البعث للمرأة منهجاً وفكراً ونضالاً، وهكذا كان موقفها كمناضلة بعثية، قدَّمت وتقدّم أروع الأمثلة في ايمانها بمبادي البعث وتجسيدها لقيَمه، وفي مشاركتها لرفاقها في مسيرتهم النضالية في سبيل تحقيق أهداف البعث والأمة في وحدتها وحريتها ورفاهيتها وتقدمها.. 

 

 

 

 





الاثنين ٩ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د.محمد رحيم آل ياسين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة