شبكة ذي قار
عـاجـل











حينما تًصبح المشاركة السياسية مجرد مشاهدة سياسية.

في خِضَم الفوضى السياسية في العراق والتقاتل الواضح وتكالب الاحزاب الفاسدة للحكومة العراقية العميلة على المنافع وسعيها للسيطرة على أكبر ما يمكنها من الوزارات ليس للعمل وخدمة البلد إنما لنهب الموارد التي تمتلكها تلك الوزارات وتقسيم الحصص بحسب الموازنات المالية لهذه الوزارة او تلك دون أي إعتبارات لكفاءة من يشغل المنصب أو مؤهلاته إنما يتم الترشيح بصيغة ما يسمًى بالتوافق السياسي بما يضمن حصة كل كتلة نيابية وما تمثله من أحزاب وإرضاءاً للأطراف الخارجية التي تُملي على تلك الحكومة العميلة الهزيلة أسماء المرشحين بالرًفض لهذا المرشًح والقبول بذاك ويتم كل هذا بمسرحيات هزلية تتمثل بتطبيق الأسس الديمقراطية الكاذبة بعملية تصويت برلماني زائفة ورخيصة.

وبالأمس القريب خرج علينا الإعلام المأجور ليُلمٍع صورة العميل ( مصطفى الكاظمي ) بإعتباره شخصيةً معتدلة ولم تتلطخ يداه بدماء العراقيين ولا ولاء له لأي جهةٍ خارجية وكأنه لا ينتمي لرحم تلك الاحزاب الفاسدة ولا ينبثق منها بكل مسيرته السياسية المخزية الموسومة بالعمالة والخيانة للعراق وشعبه.

من هنا أصبح واجباً على الشعب العراقي الحر الأبي أن لا ينسى دورالبرلمانيين الذين يمنحون الشرعية لهكذا حكومات يرفضها الشعب بنفس الوقت الذي يدًعون فيه زوراً وبُهتاناُ تمثيلهم له , وربما يدًعي أحد اولئك النواب كذِباً ونِفاقاً أمام الإعلام برائته من تلك الحكومة وإستنكاره لها بينما لا يقوم بأي فعل حقيقي يخوًله إياه الدستور ويفرضه عليه واجبه كعضوٍ في البرلمان لمنع تلك المخالفات والمغالطات سواء على مستوى تشكيل الحكومات الفاسدة ومنحها الثقة أو بمهامه في التصويت على التشريعات ومتابعة تنفيذها كجهة تشريعية ولجان رقابية.

وحينها تتحول المشاركة السياسية عند البرلماني الى مجرد مشاهدة سياسية يكون خلالها قد إرتكب جريمة ( الإمتناع عن الفعل الواجب عليه قانوناً مع توفر الركن المادي والركن المعنوي لإتهامه بتلك الجريمة ومحاكمته عليها ).

وسنتطرق هنا لتوضيح كيفية اعتبار عدم القيام بالفعل الواجب فعله هو جريمة تستوجب المحاكمة وماذا يعني مصطلح ( الجريمة السلبية ).

تتفق كل التشريعات على أن الجريمة هي إرتكاب فعل حرَمه القانون أو الإمتناع عن فعل أمر به القانون , وعلى هذا الأساس تكون الجريمة سلوك إنساني إجرامي وهي ببساطة كل فعل خاطئ مخالف لقيم العدالة والمجتمع و يلحق الضرر بمصالح وحقوق الآخرين مع وجود القدرة للإختيار وللإرادة الذاتية وإتجهت الإرادة للقيام بالفعل أو الإمتناع عنه مخالفةً للقانون.

ولكي يمكننا تسمية أي فعل أو إمتناع عن فعل بالجريمة فلا بد من توفُر رُكنَي الجريمة الأساسيين وهما ( الركن المادي والركن المعنوي ) ,
أولاً , الركن المادي :

بمعنى الفعل المادي للجريمة الذي يقع تحت نص قانوني يُجرمه وقت وقوع الجريمة , ولهذا الركن ثلاث عناصر هي : الفاعل سواء أصلي أو تابع ’منفرد أو شريك , وتحقُق النتيجة الإجرامية ’ و وجود علاقة سببية بين الفعل والنتيجة.

أما الركن المعنوي الذي يعني القصد الجرمي المتجسد من خلال علم الفاعل وتوجيه الإرادة لإرتكاب الفعل وصولاً للنتيجة الجرمية وتحقيقاً للضرر.

إذاً يمكننا القول هنا بأن توفر الشروط آنفة الذكر يتطابق مع تسمية الفعل أو الإمتناع عن الفعل بالجريمة مكتملة الأركان مادياً ومعنوياً من حيث أن توفر الركن المادي للجريمة بوجود واجب قانوني وتوفر الجزاء لمن يخالف هذا الواجب وكذلك توفر القصد الجنائي لأن جريمة الإمتناع من ( الجرائم السلبية ) , اي أن الفاعل يحجُم عن إتيان فعل إيجابي وهذا ما يتمثل بالركن المعنوي , ولتحقق شرط وجود الواجب القانوني يجب أن يكون الفعل الإيجابي مفروض قانوناً على من إمتنع عنه.

من هنا يصبح عدم قيام اعضاء البرلمان العراقي بما يمليه عليهم واجبهم كأعضاء برلمان وفق القانون وإمتناعهم عن الفعل الموجب عليهم جريمة يجب بناءاً على توفر شروطها الواضحة محاكمتهم وتحميلهم مسؤولية كل ما آلت إليه أحوال العراق وشعبه سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.

فقد نص الستور العراقي في المادة ( ٦١ ) ما يلي :
يختص مجلس النواب بما يأتي
اولاً : تشريع القوانين الإتحادية
ثانياً : الرقابة على اداء السلطة التنفيذية
ومن هنا يصبح كل قرار يصدر من البرلمان هو مسؤولية كافة أعضاءه بدءاً من التشريع مروراً بالتطبيق وانتهاءاً بتنفيذ الأحكام على المخالفين , لأن هذه المهام منصوص عليها في مواد الدستور وكذلك في النظام الداخلي للبرلمان , حيث نصًت المادة ( ٣٢ ) من النظام الداخلي للبرلمان على ما يلي :

يتولى مجلس النواب أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية، وتتضمن الرقابة الصلاحيات الآتية :

أولاً : مساءلة أعضاء مجلس الرئاسة ومسائلة واستجواب أعضاء مجلس الوزراء بمن فيهم رئيس الوزراء وأي مسؤول آخر في السلطة التنفيذية.

ثانياً : إجراء التحقيق مع أي من المسؤولين المشار إليهم في أعلاه بشأن أي واقعة يرى المجلس إن لها علاقة بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين.

ثالثاً : طلب المعلومات والوثائق من أية جهة رسمية، بشأن أي موضوع يتعلق بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين او تنفيذ القوانين او تطبيقها من قبل هيئات ومؤسسات السلطة التنفيذية.

رابعاً : طلب حضور أي شخص أمامه للإدلاء بشهادة أو توضيح موقف أو بيان معلومات بشأن أي موضوع كان معروضاً أمام مجلس النواب ومدار بحث من قبله.

خامساً : لأعضاء مجلس النواب القيام بزيارات تفقدية إلى الوزارات ودوائر الدولة للإطلاع على حسن سير وتطبيق أحكام القانون.

وبناءاً على كل ما تقدًم يصبح كل خلل موجود في التشريعات أو تطبيقها هو جريمة إرتكبها كل أعضاء البرلمان سواء بالفعل من خلال المشاركة بها أو بالإمتناع عن الفعل من خلال منعها رغم وجود الصلاحيات والتشريعات التي تخوَلهم منعها من مسؤولية اعضاء البرلمان كسلطة تشريعية وكسلطة تمتلك حق الرقابة على السلطات التنفيذية ويجب محاكمة البرلمان العراقي بمجمل أعضاءه وحكوماته المنبثقة عنه وإحالة من ترتقي جريمته منهم الى مستوى جرائم الإبادة البشرية أو تبديد الثروات بهدر المال العام وإستخدامه لتمويل ميليشيات مسلحة وتوفير الغطاء القانوني والحصانة لمرتكبي تلك الجرائم كما حصل مع تشريعات عصابات ما سمًي بهيئة الحشد الشعبي التي صوَت عليها البرلمان لمنحها شرعيةً لا تقِل زوراً وبُهتاناً عن شرعية البرلمان نفسه , وبهذا يستوجب محاكمتهم في المحاكم الدولية كمجرمي حرب وإستعادة كافة الأموال المنهوبة والحقوق المسلوبة وتسليمها لصاحبها الشرعي وهو العراق وشعبه





السبت ١٨ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. فرات خورشيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة