شبكة ذي قار
عـاجـل










من مال الله يا محسنين , جزاكم الله خيرا إن أحسنتم لهذا الذي جاءكم يسألكم الرحمة والرأفة لحاله واحترام حقوقه الإنسانية . أطرق أبوابكم بكل ما أوتيت من قوة بعد أن سدت في وجهي كل الطرق والأبواب بعد أن فقدت الأمل وخاب رجائي بمستقبل وطني وأبنائه كنا سعيدين ونحن صغارا ننشد بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان

كبرنا وكبرت آمالنا معنا كما كبرت أوهامنا أيضا فيما بعد . كنا نسير ونلتقي في الشوارع والساحات العامة متظاهرين دعما للثورة الجزائرية ومتطوعين من مقاتلين وأطباء في جبال الأوراس ضد المحتل الفرنسي . كما كنا مشاركين في القتال ضد العدو الصهيوني على روابي فلسطين سنة 1948 سنة النكبة المشؤومة وما تبعها من معارك مرت عقود من الزمن والفرح يملأ قلوبنا لعمق الروابط القومية فيما بيننا بين أبناء أرض البطولات . لم نكن يومها شحادين ولا مستعطفين , ولم نستجدي أحدا ولا نطرق أبواب الآخرين , بل الذين كانوا يقبعون خلف تلك الأبواب الموصدة هم من كانوا يتسابقون لكسب ودنا ودعمنا لكن الصورة أصبحت أصبحت مغايرة تماما ومعكوسة اليوم بعد أن تفتت الأوطان إلى أشلاء وحلت النزاعات الداخلية بعد أن كنا نفاخر بجذورنا وروابطنا التاريخية التي اتحدت لتشكل أمة واحدة , تنطق وتكتب لغة واحدة , وتدين بعقيدة هي الجامع المقدس لأبناء قومية واحدة تقيم الشعائر الدينية من صلاة وصوم وزكاة وحج بيت الله الحرام وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله جئتكم جائعا فطردتموني خارجا ورميتم بي في أحضان الرذيلة والمخدرات وكل الطرق غير المشروعة .

جئتكم عطشانا فحولتم مجاري مياه الينابيع عن زرعي ومواشيي ولم يبق لي من أسباب البقاء على قيد الحياة شيئ . أولادي فروا هاربين من وطنهم إلى الغرب ( الكافر ) آملين بالفوز بحياة أفضل لكن أمواج البحار والمحيطات قذفت بهم أمواتا إلى الشواطئ ففقدوا أحلامهم وآمالهم مرتين , مرة بالوطن وأخرى بالهجرة . ولهذا جئتكم أطرق أبوابكم علكم تسمعون استغاثاتنا وآهاتنا من شدة أوجاعنا وآلامنا وإهدار حقوقنا , بعد أن فقدنا حقوقنا بتعليم أولادنا القراءة والكتابة , ومداوات كهولنا الذين حققوا الإستقلال للوطن الذي تتربعون على كراسي عرشه , ورعاية الأمهات اللواتي أعياهن الشقاء والتعب في تربية أولادهن في ظل ظروف الفاقة والعوز .

وفوق كل ذلك لم ينته الأمر عند هذا الحد بل تفاقمت الأمور أكثر بعد أن تفرق الأخوة وازداد الحقد والكراهية فيما بينهم ورسمت حدود مصطنعة تمنعهم من اللقاء , كما نشبت نزاعات وحروب توجه بعضهم على إثرها للأجنبي المستعمر راجيا دعمه وحمايته من أخيه ومده بالسلاح لسفك دم أخيه , ومنهم من التحق قسرا بطائفة دينية يلجأ إليها أوقات الشدة والضيق فتجذرت الطائفية البغيضة وتنامت الأحقاد والكراهية إلى الحد الذي صارت فيه المنابر الدينية مواقع لنشر التطرف وحث الناس على القتل وذبح الأحياء فانعدمت الرحمة والرأفة والتعاون بين الجميع .

فمنذ أكثر من سبع سنوات والمنطقة العربية تشتعل فيها نيران الغرائز المتوحشة والنزاعات الداخلية بين أبناء الوطن الواحد الذين هم في الأصل أخوة وأشقاء .

وهذا شرع كل الأبواب أمام التغلغل الإيراني الفارسي في المنطقة العربية والسيطرة على القرار السياسي في عدد من الدول العربية , وأدى كذلك إلى غلبة الكيان الصهيوني على العرب جميعا , وما العدوان الذي يشنه يوميا على الأراضي العربية خاصة على سوريا إلا دليل على حالة الضعف والفرقة العربيتين , ورغم كل هذه المصائب الجميع لاهون عن المواجهة كما أنهم ليسوا بوارد الدفاع عن ألأمن وإنما همهم في كيفية الإحتفاظ بالكراسي والمناصب التي اغتصبوها فيما مضى قرأنا تاريخنا , وكنا فخورين به وبما أنجزه أجدادنا من علوم وشعر وأدب وفن , فتعمقت روابطنا بجذورنا وأخذ الأمل يحدونا بالبناء على لبنات تلك الجذور , لكننا عوضا عن ذلك شكلنا علامة فارقة بين الماضي والحاضر , وأصبحنا نجتر الماضي ونفاخر به دون أن نبني عليه ونزيده غنى ورقيا لنستحق وصف خير أمة أخرجت للناس نحن نعيش في عصر يتسابق فيه العالم نحو ابتكار واختراع ما يحقق للبشرية مزيدا من الرفاه والعيش الكريم , في وسط عالم يفرض فيه القوي ما تمليه مصالحه على الضعيف المتهالك المتخلف , .

فأقلامنا ودفاترنا ودواؤنا ما زلنا نستورده من الخارج حتى السلاح الذي نستخدمه في الإقتتال فيما بيننا إلى أن فقدنا كل حقوقنا وكرامتنا , وصرنا عبيدا وخدما في قصور أعدائنا الذين يملون علينا مقدار المساحة التي نعيش عليها , وأشكال حكوماتنا ودساتيرنا دون أن يكون لنا رأي في مضمونها . ففي هذا الوقت بالذات هناك خمسة دول عربية يكتب تاريخها القادم أطراف أجنبية غير آبهة بمصالح المواطنين ولا الوطن , مع غياب أهل الوطن الحقيقيين والجامعة العربية غيابا تاما عما سيفرض عليهم من مشاريع أيها السادة أنا لست شحادا على أبوابكم ولست طالبا صدقة , إنما أنا صوت صارخ في أن أعدوا طريق الخلاص لهذه الأمة التي تتبجحون بانتمائكم لها ولدينها ولنبييها , صوت ملتحم بملايين الأصوات العربية وإلا فأنا متمرد عليكم وعلى معتقداتكم التي خنتموها وخرجتم عن تعاليمها , وهذا صوت الملايين من أبناء العروبة عجوز جمع أولاده قبل وفاته وأعطاهم حزمة من القضبان وطلب من كل واحد كسرها فلم يستطع أي منهم فعل ذلك لكنهم عندما اجتمعوا جميعهم على كسرها تحطمت بهوادة . فكانت وصية الأب لأولاده أن يجتمعوا لتجاوز كل الصعاب .
 





الثلاثاء ٨ محرم ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أيلول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جورج ديوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة