شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس غريبا على العراقيين العرب الإقدام بكل شجاعة وإصرار لاستعادة وطنهم وكرامتهم اللتان اختطفتا من قبل إيران والمليشيات الطائفية الموالية لها لفترة لم تدم طويلا مقارنة بأعمار الشعوب , وإن مثلت كابوسا على صدور العراقيين. فجاءت إنتفاضة البصرة مؤخرردا صاعقا في وجه الحكومة وضد التدخل الإيراني وإملاء السياسات التي يريدها الإيرانيون تحقيقها في العراق والتي تخدم مصالحهم .

عظيمة إنتفاضة البصرة وعظمتها تكمن في كونها انطلقت من مناطق النفوذ الإيراني وميليشياتها , ومع الإنتفاضة تكون السلطة الحاكمة قد سقطت دون مبالغة في ذلك بكل رموزها وتوجهاتها وأساليب عملها البائسة منذ الإحتلال وحتى هذه اللحظة لقد تمثلت مطالب المنتفضين ظاهريا بمطالب معيشية وخدمية , فلم يجدوا ماء يشربونه أو كهرباء تضيء ظلام حياتهم أو قوتا يقتاتون به , أو أمنا يعيشون في كنفه بسلام , بعد أن كدست الحكومات المتعاقبة المليارات في البنوك الأجنبية , فيما الشعب يتضور جوعا على بحيرة النفط التي يعيش فوقها . لكن الأهداف الحقيقية ظهرت سريعا في رسائل مصورة , وها هم العراقيون ما عدا ميليشيات إيران يترحمون على الشهيد صدام حسين وعلى حكمه ويلعنون أميركا وإيران ولا يستثنون أحدا ممن حكموا ويحكمون من المعممين , ويقارنون بين أوضاع العراق في فترة صدام حسين وما وصل إليه العراق بعد الإحتلال في فترة حكم عملاء إيران الذين غيبوا العراق عن وضعه الطبيعي ودمروا كل الإنجازات التي تحققت فترة الحكم الوطني . فكانت الشعارات التي رفعت خير تعبيروإفصاح عن غضب الجماهير على فساد المسؤولين وغيابهم عن هموم الشعب ومطالبه وحاجاته .كما ترددت شعارات تدعو إلى خروج إيران والمليشيات الموالية لها من العراق ورفض التدخل في الشؤون العراقية , ترافقت معها عمليات إحراق العديد من المقرات الحزبية الطائفية التابعة للمليشيات ومبنى المحافظة وبعض المؤسسات ومبنى القنصلية الإيرانية في البصرة , تعبيرا عن النقمة الشديدة التي أخذت تتزايد في الشارع ضد الطغمة الفاسدة الحاكمة , لكن الأجمل في تلك الإنتفاضة هي الشجاعة التي تحدى فيها المنتفضون كل طواقم الحشد الشعبي والظهور العلني أمام كاميرات التلفزيون وبشكل ملحوظ يترحمون على الشهيد صدام حسين وعلى نظام الحكم الذي كان يرأسه والإعتراف بالإنجازات العظيمة التي تحققت في عهده , وبدا توقهم للعودة لنظام العدل والتقدم والنهضة التي قادها حزب البعث العربي الإشتراكي بكل جدارة

الغرابة أن الأحزاب الطائفية المتمثلة بالحشد الشعبي اتهمت أميركا بالوقوف وراء الإنتفاضة وإشعال فتيلها متغافلة عن حقيقة مساوئ النظام ومعفية إياه من مسؤولية الدرك الذي وصل إليه العراق , كما وصفت المنتفضين بالدواعش , وهددت بالرد على المتظاهرين باعتبارهم مجموعات إرهابية حسب تعريف الحشد السيئ السيط الملحق بوزارة الدفاع وتحت قيادة حيدر العبادي . هنا نعتقد أن الحشد سيرتكب مجازر بحق العراقيين المنتفضين واغتيال عدد منهم بالمتفجرات ومسدسات كاتمة للصوت والمفخخات , من أجل إرهابهم , وإخماد حماس الناس , دون أن يعلم أو يتعلم أن الإنتفاضة وإن هدأت إلى حين وبشكل مؤقت أن نيرانها تحت الرماد سوف تلتهب مجددا في أية لحظة , فالعراقييون على درجة كبيرة من العلم والمعرفة والتمييز بين الحق والباطل , أي بين عهدين عهد الشهيد صدام حسين الذي عمل جاهدا على إيصال العراق إلى مصاف الدول المتقدمة متخطيا بنهضته الدول النامية ودول العالم الثالث , بشهادات منظمات أممية تابعة للأمم المتحدة , وبين عهد ساده الفساد السياسي والإداري وأصبح في مؤخرة دول العالم , فتعطلت معه كل حركة نهوض وتقدم إلى أن أصبح دولة فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة وأكثر دول العالم فسادا . إن المواجهة التي خاضها المتظاهرون مع الحكومة الفاسدة في بغداد هي رسالة موجهة إلى إيران أن لا مكان لها في العراق , وإن كان لتلك الرسالة من معنى فهي تعني القطيعة التامة بين العراق وإيران , وأن إيران هي دولة معادية للعراق وتتربص به الشر والعدوان

بعد هذا نعتبر أن النظام الفاسد الذي برمجه الأميركيون للعراق وأهدوه لإيران قد سقط وأصبح غريبا عنه وإن لم يزل مسجونا داخل المنطقة ( الصفراء ) بعد أن لفظه الشعب , وما على هؤلاء إلا الرحيل , لكن بعد تحقيق العدالة ومحاسبتهم واستعادة ممتلكاتهم التي نهبوها وأموالهم المنقولة وغير المنقولة وإعادتها للشعب

نحن شهدنا عن قرب عزيمة العراقيين وشجاعتهم وتمسكهم بوطنيتهم وعروبتهم ودعمهم لكافة القضايا العربية العادلة سواء في فلسطين أو سوريا أو مصر أو في غيرها من القضايا

وهكذا ينتصر صدام حسين بعد موته على أميركا وإيران بشعبه بعد أن عرف شعبه أن صدام هو من كان يحميه ويحمي العراق من الفوضى والدمار والأطماع الفارسية والغربية , فانتصروا له وانتصر صدام بغضب العراقيين كلهم بعد 15 عاما من استشهاده .





الخميس ٣ محرم ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيلول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جورج ديوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة