شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اعلان الرئيس الأمريكي رونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران في 8 أيار ـ مايو 2018 ..والتصعيد مستمر ابتدأ بقصف إسرائيل لمواقع إيرانية داخل سوريا ،وإعلان بومبيو وزير الخارجية الامريكية 12 شرطاً على النظام الإيراني ان ينفذها والا فان العقوبات السابقة ستبقى اضافة الى عقوبات اشد ، ولعل ابرز شروط بومبيو ..سحب القوات الإيرانية من جميع البلدان العربية وخصص بالذات سوريا ووقف الدعم للحشد والمنظمات الإرهابية ،حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وطالبان والقاعدة، واحترام سيادة العراق ووقف تدفق المليشيات الإيرانية ووقف نشاطات فيلق القدس خارج الأراضي الإيرانية، ووقف تهديد حلفاء أمريكا وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية والامارات ! ويمكن اعتبار هذه الشروط واختيار ترمب لابرز المناوئين للنظام والسياسة الايرانية بومبيو للخارجية الى جانب ماتيس للدفاع وجون بولتون مستشاراً للامن القومي هي بمثابة استكمال تحضيرات ترمب لحربه على نظام الملالي والتي اختلف حولها المحللون فهناك من يرى ان واشنطن عازمة على تغيير نظام الملالي حتى وان تطلب استخدام القوة، وهناك ،وهم الأغلبية، من يرى ان هذه الحرب لن تتعدى العقوبات الاقتصادية والاعتماد على القوة الناعمة (السياسة) في اخضاع ايران للشروط الامريكية !رغم ان طبول الحرب تقرع بقوة ، فهل ان المنطقة مقبلة على حرب ولو محدودة ام ان ما يجري يندرج تحت باب التخويف ودفع طهران الى الاستجابة سلمياً؟! ما هو اكيد ان الولايات المتحدة عازمة على وضع حد لسياسة ملالي ايران حتى وان انتهى بعمل عسكري يرجح ان يكون من بعيد ومن دون تماس مباشر وقد تنفلت الأمور ويتوسع في الشرق الأوسط الملتهب اصلاً!،واذا ما حصلت المواجهة العسكرية فان ساحتها الأساسية العراق حيث الوجود العسكري الإيراني المتمثل بالحرس وفيلق القدس وابرز المليشيات الطائفية في الحشد ،يقابله وجود عسكري امريكي محدود يتوزع على القواعد العسكرية السبع داخل العراق وقرب قواتها وقواعدها في الكويت وقطر وتركيا. ايران رغم التصريحات المتشددة لبعض قادة الحرس فانها تكثف تحركها السياسي على حلفائها الروس والصينيين وباتجاه اوربا وتحديداً مجموعة الـ 5 الاوربية الموقعة على الاتفاق النووي والتي ابدى بعض أعضائها في البداية انتقادهم لانسحاب ترمب من الاتفاق مؤكدين التمسك به ، ولكن ما ان اكتشفوا جدية الإدارة الامريكية وسرعة إعادة فرض العقوبات القديمة والتهديد بأشد ،وملاحظة اهتزاز الداخل الإيراني اذ اصبح سعر الدولار الواحد 80 ألف ريال بعد ان كان 45 ألف وارتفع التضخم ليبلغ 71% ويتوقع ان يصل في آب ـ أغسطس المقبل عند بدء سريان العقوبات الى 80% حتى انفرطت بعض العقود لشركات نفطية وغيرها اذ انسحبت توتال النفطية الفرنسية ومثيلاتها الألمانية واغلب الشركات الاوربية المتعاقدة بملايين الدولارات ، وراح هؤلاء يدعون ايران الى التعامل مع المطالب الامريكية بإيجابية لاسيما وان هذه الدول ممن عانوا من السياسة الإيرانية ودعم ايران للارهاب ،كما انه ليس من المنطق ووفق مبدأ ضمان المصالح ان تفضل دول اوربا ايران على الولايات المتحدة اقتصادياً اذ ان ميزان التبادل التجاري الاوربي مع أمريكا في عام 2017 فقط بلغ 707،4 مليار دولار فيما بلغ الميزان التجاري لاوربا مع ايران 12 مليار دولار للعام نفسه؟!، وبغض النظر عما تتناقله وسائل الاعلام من الجانب الإيراني فان النظام خائف وقد يقدّم على بعض التنازلات تلافياً لبدء التنفيذ الفعلي للعقوبات وخاصة على النفط والبنك المركزي والتعاملات المالية التي تعني هروب الاستثمارات وشل قدرة ايران على التحرك والايفاء بتعهداتها تجاه العديد من الأمور وابرزها ديمومة مساعيها لامتلاك السلاح النووي وبرنامج تطوير سلاح الصواريخ الباليستية وتمويل وتسليح المنظمات الإرهابية واذرعها من ميليشيات في اكثر من بلد مما يعنى توقف مشروعها الطائفي التوسعي لاقامة امبراطورية فارس الكبرى وخصوصاً اذا ما نفذ ت أمريكا مطالبها باخراج ايران بميليشياتها وعملائها من العراق عمقها في التمدد في المنطقة ،والخروج من العراق يعني كذلك نهاية وجودها في سوريا ونهاية للحوثيين في اليمن، وضعف وقصقصة اجنحة نصرالله وحزبه في لبنان!،وعلى الصعيد الداخلي فان معاناة شعوب ايران ستزداد ومشاكل النظام ستتفاقم والاحتجاجات ستتصاعد ،فالانتفاضة الشعبية التي اندلعت في عموم ايران عام 2009 لم تخمد جذوتها تماماً ولعل الأوضاع في اقليم الاحواز العربي ومناطق الاكراد والبلوش والاذريين والارمن والافغان وكل القوميات المضطهدة من العنصر الفارسي هي الأقرب الى الانفجار بوجه السلطة المرفوضة شعبياً وهذا احد اهم التحديات ومما يقلق السلطة اذ لم يخف الامريكان مراهنتهم على الثورة الداخلية للاطالة بحكم الملالي اذ خاطب بولتن مستشار الامن القومي المعارضة الايرانية في كلمته امام مؤتمر لمجاهدي خلق في باريس العام الماضي قائلاً " سنحتفل معكم في طهران عام 2019 " وهو اعلان واضح من ان واشنطن مع تغيير النظام الحالي ؟! وهذا إضافة الى اعتبارات أخرى منها الخشية الامريكية على قواتها ومصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة اذ تملك ايران سلاح صاروخي واذرع هنا وهناك إضافة الى الخشية من قطع امدادات وتدفق النفط للعالم الغربي لتحكمها بمضيق هرمز في الخليج العربي ووصولها الى باب المندب في البحر الأحمر من خلال الحوثيين! مما جعل الكثير من المحللين يميلون الى ان سياسة القوة الناعمة هي المرجحة ولا يستبعد ان ترافقها عمليات عسكرية على اهداف محددة كمنشآت نووية مختارة ممن يسهل الوصول اليها او على بعض مواقع الحرس البرية والبحرية ،وقد تكون بعض هذه الضربات على اهداف إيرانية داخل الساحة العراقية اذا ما تصدّت طهران ببعض ميليشيات الحشد العراقي لاسيما وان ايران وعلى لسان إبراهيم ازغدي عضو المجلس الأعلى للثورة الإيرانية كانت قد هددت الولايات المتحدة بقوله "ان ايران ستقاتل الامريكان بشباب العراق وامواله .." او تم التحرش بالقوات والقواعد الامريكية داخل العراق ، فالتصادم عسكرياً تتحكم فيه تصرفات نظام طهران او اية تطورات كالتمكن من اقتراب صنع السلاح النووي ، او أي تهديد للنظام الإيراني يعجل بنهايته ! وبعيداً عما ينشر وتتداوله وسائل الاعلام.. فان ترمب لن يتراجع في موقفه من الاتفاق النووي وان مصداقيته امام حلفائه في المنطقة ستهتز اذا ما تراجع عن شروطه لطهران وبالذات سياستها العدوانية المهددة لأكثر من حليف وسيفقد المليارات التي يجنيها من الحلفاء الخليجيين بالذات! والاختبار الأكبر هو اخراج ايران من العراق مع حرسها وفيلق سليماني والمليشيات والقوى التابعة اذ ان إيقاف تهور واستهتار حكام طهران لن يتوقف الا بأخراجهم من العراق الذي فرط به ،العرب قبل غيرهم ،بعد ان كان المصّد الحقيقي وحامي المنطقة من شرور الفرس ، فالضربة متوقعة وايران ستحاول احتواءها بالتنازلات والاذعان لاسيما وان وضعها على الساحة العراقية قد اهتّز نتيجة المقاطعة الواسعة لعملائها في الانتخابات التي جرت في 12 مايس الجاري ، والوضع الداخلي المتوتر الذي قد ينفجر مع تشديد العقوبات،فضلا عن اتساع الرفض العربي والإقليمي والدولي للنظام وسياساته.




الاحد ٢٦ رمضــان ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / حـزيران / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة