شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ المكر الثقافي يدمر الذات قبل تدمير الاخر
۞ الانفصام و فوبيا الثقافة العربية في السودان يضر بالهوية

يعترف كاتب هذا المقال بأننا في السودان لم نستطع ادارة التنوع عبر المرحلة التي اعبقت الاستقلال وذلك نتيجة للوعي الناقص او المنعدم لدي القوي التي سيطرت علي مقاليد الحكم سواء كانت ديمقراطية او عسكرية..و هذا كنتيجة قد اضر بقضية التنوع كما اضر بالقضية الوطنية و التي تعمقت ازمتها عبر حكم الاسلاميين..هذا الواقع تمثل لدي البعض و كانه استهداف مقصود لوجود المكونات الثقافية و الاقلال من شانها و بالتالي، فبدلا من استهداف الانظمة التي مارست ذلك الظلم التاريخي ليس تجاه تلك المكونات فحسب، بل تجاه المجتمع ككل، وجهت بعض هذه المكونات كل الغبن تجاه المنتميين للثقافة العربية و كأن الانتماء لهذه الثقافة او تلك شيئا نختاره .. بعض الذين يقفون ضد انتماء السودان للثقافة العربية يتداولون في صراعهم المفتوح مع الانظمة الحاكمة مقولات في الخفاء او في العلن تتعلق بضرورة عودة العرب الي ديارهم الاصلية اي مغادرة السودان، و هذا سنلحظه لدي البعض و سط بعض اعضاء الحركة الشعبية حتي لا نقول الحركة الشعبية كتنظيم و تحديدا عبر فترات صدامها التاريخي مع الانظمة المتوالية علي الحكم في السودان و قبل انفصال الجنوب، و تبع ذلك المنهج غيرهم، و تم و في احوال كثيرة وصف السودانيين الشماليين بانهم مجرد جلابة بما تحمله هذه الكلمة من مفهوم احتقاري بالاضافة لبعدها المتعلق بتهمة الاسترقاق ، و هذا احيانا لم يسلم منه حتي الذين حملوا السلاح في الدفاع عن حق هذه المكونات ...

هنالك اعتراف ضمني و من خلال الخطاب العام لبعض هذه المكونات بان هنالك عربا في السودان و هم سبب المشكلة، كما يقول البعض وسط هذه المكونات، و لكن يتلاشي هذا الاعتقاد عندما يقول سوداني انه ينتمي للعرب او بانه عربي، هنا تظهر نعرة تهكمية تنكر علي هذا الشخص القول بالانتماء الذي يعتقده، هذه الحالة ساطلق عليها فوبيا الثقافة العربية في السودان، وهي فوبيا تؤدي الي حالة انفصام عند أصحابها تصل الي حالة المرض النفسي و الذي مكانه المصحات النفسية و ليس الصراع الفكري و السياسي و في هذا الاطار لا نخرج بعض المثقفين السودانيين في الشمال من هذه الاذواجية ..نلاحظ حالة هذا الانفصام عبر بعض الفيديوهات المجتزأة عن سياقها و التي يكون فيها شخص سوداني يقول بانه عربي، أو شخص عربي يقول شيئا سلبيا عن السودانيين او ينكر عروبتهم و يصبح هذا الشخص و الذي يمكن ان يكون مريضا نفسيا كمعيار لنظرة الأخر و وسط ملايين العرب تجاه السودانيين، و تصبح مثل هذه الحالات الفردية كاثبات لاهل الانفصام العقلي بان السودانيين ليسوا عربا و تصبح تلك الحالات الفردية كحكم عام لمجموعة كبيرة من الناس علي اسس تنعدم فيها المعايير الانسانية اولا ومن ثم المعايير العلمية. ادلل علي هذا بمقطع من فيديو انتشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي في الفترة الاخيرة و الذي ظهرت فيه سيدة سودانية في قناةال BBC مع سيدات من اقطار عربية اخري، و ظهرت السيدة التي تجلس بجوار السيدة السودانية منفعلة اذ قالت للسودانية بان شكلها لا يشبه العرب و بالتالي فهي افريقية، و بدا الامر و كأنه انتصار لجناح الانفصام العقلي و تأكيد لنظرية المكر الثقافي و التي تضر بالذات وليس الاخر و في اغلب الأحوال.

ولكن حين مشاهدة الفيدو كاملا فان الحقيقة تبدو غير ذلك تماما..فالسيدة التي قالت للسيدة السودانية بانها افريقية هي امراة متمردة علي العروبة و لديها موقف تجاه العرب اذ تقول بانها من الامازيغ المصريين و تنكر علي نفسها الانتماء للعروبةوو علي الآخرين، بل انكرت علي دولة المغرب الانتماء للعروبة و عللت ذلك بان المغرب دولة افريقية و ليست عربية، كما قالت الي امرأة ليبية كانت تجلس علي شمالها بانها لا تشبه العرب بل ان شكلها أمازيغي..فقام احدهم و بشكل ينسجم مع نظرية المكر الثقافي بترك كل ذلك و استقطع الجزء الذي قالت فيه هذه السيدة الامازيغية للسيدة السودانية بانها افريقية حتي تبدو الصورة بان هنالك امراة عربية تنكر علي السودانيين عروبتهم و بالتالي تصدق الرؤية الكسيحة التي يمثلها البعض في هذا الاطار و يتم احراج السودانيين امام أنفسهم و التشكيك في انتماءهم ..هذا الانحدار في التفكير و استخدام هذه الاتجاهات المتخلفة لاحراج السودانيين و الاقلال من شانهم لا يخدم قضية الهوية بل يضر بها. فالذين يريدون من السودانيين التنكر للثقافة العربية فانهم يضرون بقضيتهم اولا، و ذلك فان الذي يتنكر لانتماءه الذاتي فانه لا يجد حرجا في التنكر الاقوي لانتماء الاخرين بل معاداتهم، و الذي لا يدافع عن انتماءه لا يدافع عن انتماء الآخرين..و في تقديري و بشكل متواضع فنحن نحتاج الي احترام رؤية الآخر لنفسه و فقط ان نعارض تلك الرؤية عندما تحاول قمع اي رؤية اخري لا تتفق معها..فالعرب في السودان و عبر التاريخ لم يحملوا معاولهم لهدم ثقافة الاخر بل تداخلوا معهم و تكون هذا النسيج السوداني بخصوصيته المعهودة، و الذين يطرحون فكرة الأنا و الآخر و بهذه الحدة يجهلون ذلك التاريخ و يفضلون البيولوجيا علي الحضارة و هو تفكير رجعي لا يخدم الا قضايا التخلف و التي يجب ان نقف ضدها جميعا كسودانيين وبغض النظر عن انتماءاتنا، و هذا هو منطق الرؤية الحضارية مقابل الرؤية البيولوجية القاصرة و التي تحاكم الآخرين استنادا للون بشرتهم عندما يقولون بانتماءاهم للعرب، وهؤلاء وقفوا بشراسة ضد هذه التصنيفات عندما طالتهم داخل السودان و اقصد تصنيفات لون البشرة و الجهة، فكيف اذن تقاتل ضد شيء و تستخدمه ضد الآخر؟ هذا هو عقل الانفصام اذ هو عقل مدمر للذات و للآخر، و هنا فانا لا أعمم لكنني اتصدي لتيار ان اصبح سائدا فانه سيحرق الاوطان عبر تفكير البيولوجيا، اي الانحدار نحو الشرط اللا انساني في النظر للانسان





الاحد ٣ جمادي الثانية ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / شبــاط / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد محمود احمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة