شبكة ذي قار
عـاجـل










يواجــه الأنســان في مسيرة الحياة , العديد من الأمور والقضايا والأحــداث ... , وهو في جميع ما يواجـــه , لايكون الا في واحدة من حالتين , وما بينهـــما ... بحـــدود . نجاح أو فشل , تقدم أو تراجع , فــــوز أو ســــقوط ..... , وخيبات أمـــــل من كل نــــــوع , يتعثر , ينهض ... يتأمــــل , يراجـــع , ليبــــدأ في انطلاقة حيـــاة في كل ما يمكن أن يكون واعـــدا , من جــديد . بهذا فالحيـــاة بدون تأمل ومراجعـــات .. وموقف , مع جهــد وعمــل .. وأمـــــــــل , لا تعني الا شيئ من غياب العقـــل والحكمـــة, وفي غيابهما لن يكون الأنسان الا ذلك الجاهــل والكســول , الذي يعيش الحيــاة على نمط ما وجدت عليــــه , دون أن يكون له دور من أي نــوع أو طبيعــة كانت , في الفعــل والتأثــير . فهي بهـــــذا حيـــاة بلا معنى ولا قيمـــة , ولا أثـــــــــر يمكن أن يأتي بالذكــــر . الا على غـــرار , ما يكـــون .. " جــــاء فـلان , دخـــــل .. وخــرج " , من هــو فــلان , كيف دخــل , كيف خــرج , مـــاذا فعــل ومـــاذا لم يفعـــل , لا أحــد يــدري . ..!!! . هكـــــذا .. عبــــــورا , مـــرورا , كمــر الــــكرام ... وغــــــــــير الــــــكرام .


مع كل ما يواجـــه الأنسان في الحيـــــــــــاة , تظل هنــــاك حال قائمــــة بذاتها هي ما يبقى في عميق الأحساس والحدس حـــــيا , في ضمير الأنسان الحي الواعي , وهـــــو .. " الأمــــــل " والذي هو حال أشــــبه بـ " روح كامنــة " لها فعل " المحفـــز ـ الديناميك " تتلاقى فيه العــــديد من المشاعر والعواطف والأحاسيس , المستندة الى ذلك الـــكم والنـــوع من العـــلم والمعرفــة والخــبرة , لتخلق هذا القـــدر من تحديد الموقف ومن الرغبة في الصمــود والتحــدي والأصرار على مواجهــة ظروف الحيـــاة مهما كانت عليــه , من أجل البقـــاء والأســتمرار والسير قدمــــا في مســالكها وشـــعابها . وهي في التقدير " نســـــبية " ترتبط " نســــبيتها " بمقدار وعي الأنسان , علما ومعرفـــة , فكرا وثقـــافة ..., وما توفـــر من خبرة هي حصيلة تجارب الحيــاة , ايجابـــا وســـلبا . وما جاء في النتيجــة خلاصــة لمعانـــاة , لتكون موقفــا يســتقر عليه الأنسان فيما استقر لتتــحدد به معالم وخطوط ملامح تكوينـــــــه الشـــخصي . وبما سيــكون عليـــه .


الأيمــــــــــان : " ... أكثر أهل العلم , يقولون أن " الأيمــان " في اللغــة , " التصـــديق " . ولكن في هذا نظــر , لأن الكلمــة اذا كانت بمعنى الكلمة , فانها تتعدى بتعديها , ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه , والأيمان لايتعدى بنفسه , فنقول مثلا : صدقتــه , ولانقـــول : آمنتـــه , بل نقول آمنت بــه . أو آمنت لــه . فلا يمكن أن نفسر فعلا لازمــا لايتعدى , الا بحرف الجــر بفعل متعد ينصب المفعــول به بنفســه .ثم لأن كلمة "صــدقت " لاتعطي معنى كلمة " آمــــنت " فان آمنت تدل على طمأنينة مخبرة , أكثر من " صدقت " ولهذا لو فســر الأيمــان بالأقــرار , لكان أجــود . فنقــول : الأيمان , الأقرار ولا اقرار الا بتصديق , فنقول : أقــر به , كما نقول : آمــن بــه , وأقـــر لــه , كما نقول : آمن لــه ,.". " شرح العقيدة الواسطية ـ لأبن عثيمين ـ ص ـ 444 "


بهـــذا يمكن تعريف " الأيمـــان " بأنه في حقيقته , عمل نفسي يبلغ أغوار النفس ويحيط بجوانبها كلها , من ادراك وارادة ووجـــــــــدان .عليــــه , فهو قناعة واعتقــــاد شخصي , عن وثـــوق ويقــــين , لايمكن النقاش فيه , لايحتمـــل الشـــك , ولايمكن أقتسامه مع الآخرين . ان فعل الأيمان فعل يومي , يعيشه الأنسان في حــدث , ولايمكن أن يعيش بـــدونه . وهــــو بهــذا .. اعتقـــاد فوق مســتوى الحـــــــــــواس .


من هنــــا .. ان " الثــورة " هــي .. " ايمـــــــــان " . ايمــــان ـ بوجه من وجـوهها ـ بحق الأنسان أن يعيش أنسانيته , بعــدل وحريـــــة وكرامة . وهي بهــذا ترقى الى مستوى " العقيــدة " , التي تشكل احدى عناصر جوهــر الأنسان , بما يحقق الأساس في طبيعة علاقتـــه بالحيــاة بكل جوانبـــها .


الرهـــــــان : أمر يتعلق بحال قابل لأكثر من طبيعـــة ونتيجة , فيدخل بهــذا في باب " الســباق ـ بشتى ما يكون عليه من وجـــــوه " . ففي الســـباق .. لا تكون هناك من نتيجــة الا .. اما رابح أو خاسر , اما فائز أو فاشـــــل , وما بينهما في تدرج الســياق والحســاب ـ ويظل في كل الأحوال محسوبا على احدى الحالتين ـ عندما يكون في الأمر أكثر من طـــرف , بهـــذا .. فمهما تكن درجة الوثوق بنتيجــة " الرهـــان " فأنها لن ترقى ولا بأي حال الى ما يرقى اليه " الأيمـــان " , في حساب النتائج . فـفي " الرهــان " يبقى هنــاك عنصر قائم بذاته , حتى في افضل الأحــوال , وهو نســبة من " الشــــك " بأي قــدر كان .


الرهان له وجهان , فــلا أحــد يراهن , وهو على حال من يقين على أي وجهة يمكن أن تأتي النـــــــــــــتائج . لأنه لــو عرف لما كان هناك ما يمكن ان يطلق على ما هــو بشــأنه , صفــة الرهـــان . ذلك لأن معرفة النتيجــة مسبقا , تسقط صفة الرهـــان , المســتند أساسا الي شيئ من عنصـــر المفاجئة وتوقـــع الأحتمـــالات . أما في " الأيمــــان " فلا يمكن أن يكون هناك " شــك " ولا بأي نسبة من النســب , واذا قــدر أن يكون , فلا يعـــود هناك .. " ايمـــان " , لأن الأيمـــان ينتفي مع وجود " الشــك " , فــ " الأيمـــان .. ايمـــان " بحســــم الأمـــــــــــر .


من هنــــا الحديث عن " الثـــورة والثـــوار " في العلاقة الجدليــة بين الأثنين , ذلك لأنه , لايمكن أن تكون هناك " ثــورة " بــــدون " ثـــــوار " , كما لايمكن الحديث عن " ثـــوار " بغـــير " الثـــورة " . ان الوصول الى حال الأستعداد للوضع الذي يصبح فيه الأنسان أمام خيــار واحــد , لاغــير , ولا بــديل له , وهو خيـــار " الثـــورة " بهـــذا فان من يشــعل فتيلها ويقــودها هـــو" الثـــائر " , الذي يأتي تقديره الى أن الوضع قد بلغ الحــد الذي لامجال فيه لغير ما بلغــه , وأي حال غير هـــذا , لايعني الا أن الأمر لم يبلغ المســتوى من النضــوج والأســتعداد , أي أن شروط وأسباب ودواعي الثــورة لم تستكمل أبعادهــا , بعـــد . وما ان يستكمل كل شيئ فيهـــا , عندها ما عليهــــا الا أن تبــــدأ صيحــتها الأولـــى . فنجاح الثــورة لا يأتي الا من النجــاح في تحديد ســـاعة الصفــــر ـ في الغالب العـــــام ـ وبعـــد الصفـــر تأتي كل الأرقـــــــام على التـــــوالي .
الثـــورة : أعلى مراتب التعبيــر عما يتطلبــه حال في الرفض والمواجهـــة , لما هو قائم من حال لم يعــد هناك من مسوغ لتحملــــه, وبالتالي من موجب لبقـــاءه واستمراره . لما هو عليه من فســـاد وتخلف وظلــــــم . فلا يكون هناك من حل الا التنادي لرفع راية الثــورة , وهذا الذي لايأتي الا بالشعور العميق بالأيمــان بضــرورة العمـــل من أجل أحقـــاق الحــق . والذي لا يمكن أن يأتي احقاقــــه في الوضع الذي هو عليه الحــــال في الوطن , الا بالثــــــورة .


من هنـــا .. الربــط بين " الثــورة والأيمـــان " وليس هناك من مجال لأي نوع من ربط بين " الثــورة والرهـــان " . ذلك لأن علاقة " الثــورة بالأيمـــان " علاقة حضــور اليقين بالأنتصـــار , بالتلازم المطلق, والثقــة التي لاتحتمل أي قدر من شــك بالأيمــان بالفوز المحـــتم والأكيـــد , بهــذا يكون هذا الأندفاع في المواجهة والأقتحام , وهذا هو العنصر الأساس في اختلاف معادل المقارنة بين ارتفاع المستوى المعنــوي للثــوار ومستواه الهابط والضعيف لدى أعــــدائهم . والذي يفســر .. " ... كم من فئــة قليلة غلبت فئــة كــثيرة بأذن اللـــه واللــــه مع الصــــــــــــابرين " " البقــرة ـ 249 "


الثــورة ايمــــــــــــان , ومن ملأ الله قلبـــه بالأيمــــان , لايكــــون النصـــر الا معــــــه وحليفــــه . ومع طلائع أيــــام عيد الفطـــر المبارك , ســتلوح .. انشــــاء الله بشــــائر النصــــر المظفـــــر , وترتفع راية العـــدل والحريـــة والكرامـــــــــــة , خفاقــــــــــــــــــة عاليـــة في ســــــــــماء الوطن الحــــــبيب .


وهـــذا هــو ... " العيـــــــــــــد المبــــــارك "

 





الاحد ٣٠ رمضــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تمــوز / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. خالــد الســامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة