ليس من بلــــد .. على سطح هــذه المعمــــورة , كالعـــــراق , في عراقتـــه وتنوع كل شيئ فيه . فمنذ أن بدأت الخليقة الى اليوم , وتأكيــــدا , ليس من بلد , عاش مــا عاش , ولا عرف ما عرف , ولا عانى ماعانــــــــــاه . ومع كل هذا الكم من الموروث , الهائل والمتنوع , من التجارب والخــبرات , فهــو ضائع متخبط , وفي وضع كارثي , على مدى أكثر من عقـــــد من الزمـــــان . هذا العقــــد الذي لا يعادله أو يســـاويه قرن بطولـــــــه , بثــقل موازينه , من مآسي وكوراث وخيبـــات أمل فاجعــــــة .
قامت أولى أنواع الدول في هذا البلــد العريق الجميــــــــــل .. وبلغت الأوج في
امبراطوريات لا تغيب الشمس عن أطرافهــــا . ومرت الدولة , بما يشبه الفصول في تنوع
أوضاعها وأحوالها , على مدى قـــرون , لتـنتهي الى ما انتهت اليه
اليـــــــــــــوم . في حال من الفشــل الذريع في كل جانب من جوانب الحيـــــاة
فــيها .
تأسست في العراق كل أنواع الأحــــــــزاب , وطنية , قومية , أمميــــــة . وحملت
أسماء كل ما ظهر على سطح المعمورة من أحزاب وحركات وتنظيمات .. , وفي الــــفكر لم
يبق فـــــكرا الا وكان له نوع من وجــــــــود , في غابة الأفـــكار
والأيديولوجيــــــــات . وتصارعت الى أن افنى بعضـــها بعضـــا , في حروب داحس
والغـــبراء , ولم يبق الا البقايــــــــــــــا , من هـــــذه وتـــــلك .
وظهر في العراق كل اصناف الرجـــــــــال , رجـــال دولة , رجال حـــرب , رجال
اقتصــــاد , اجتماع , وعلـــــــوم وفنــــــــون ... ورجال ديــــن . وبمستويات
عالية في الكفاءة والقدرة والأخلاص والوطنيـــة . وفي المقابــــل كان النقــــــيض
, من كل أنواع .." أشــــباه الرجــــــــال ".
ليس من جنس من البشر الا وله حظــــــــــور , في هذا البلــد الجميل العريق , ليس
من دين الا وله أتبـــاع , وليس من فــــكر الا وله مشايعون , وليس من حزب الا وله
مؤيــــــــــــدون . هــــذا هو العــــراق وفي كل ما فيه , فهو .. عراقــــــي ,
في الهـــــواء والمـــــاء والســـــــــماء .... والــــــتراب .
العـــــــــــراق الغني بما أغنــــــــــــــاه الله من كل شيئ , بما كفى
وفـــــــــــــــاض . وكان له أن يكون , وقد كان . عندما كان الناس يقدرون أنهم
ينتمون الى العـــــراق العظــــيم . فعندما يقدر المرأ نفسه ويعزها بأحـــترام
الـــذات والأنتســـــاب , يكون هذا التقدير والأعــتـزاز للوطن , أولا ,
وللأمــــة التي وجدت على أرض هـــــذا الوطن .. ثانيــــــا . فتـــــكون
المواطنــــة وحب الــــوطن . ويكــون البــــذل والعطـــــــاء , ويكون الأمن
والأمـــــــــــــان . والحيــــاة الحرة الكريمـــة على مداها ولكل
المســـــــتقبل .
اليـــوم .. وفي أجـــــواء الصراع , مع اليأس والأحـــباط ... وخيبات الأمـــل
المريرة , وبين الأصــــرار على التحــــدي والصمــــود , يعـــود ليقف انسان
العـــــراق وقفتـــــه المعهــودة و المشهودة , التي كثيرا ما أنجــدته في
الملــــمات , وأعادتــه الى الحيــــاة , في مواجهــة صعابها وتحدياتــها . عندما
تتحرك في أعماقـــه مشاعر العزة والنخـــوة والــمروءة , وفي أصعب الظروف وأدقــها
وأعقدها , يقف ليكون هــو " المنقــــذ " . وهو يواجــــه ما حل بالوطن
والأهــــــــــــــــل , وتكون الثــــــــــــــورة . الثورة النبيلة في أسبابها
وبواعثها , وفي أهدافها ومراميهـــــا .
قراءة لكل ما مر على العراق من نــظم سياسية و تجارب حــكم , وما استطاعت ان تأتي
به وما حققــته , وما لم تحققـــه , وما ثبت منها وما لم يثبت , وما نجح منها بقدر
وما خــــاب , الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليـــــــــه , لنرى ما هي
النتيجـــــــــــــة . أليس أكثر حتى من صفر على الشـــمال ... أمــــام واقع ما
نعيشـــه اليــــــــوم . ؟؟؟.
من هنا الحديث عن .. خيــــار " نظــــام الدولة المدنيــــــــــة " . وهذا ما
يتطلب العرض بما يمكن من ايجــــــاز . مع بقــــاء الباب مفتوحا على كل رأي يمكن
أن يثري ويغني الأفكار التي يمكن ان تقدم من أجل اقامة نظـــام يليق بالعــــراق و
يســـــتحقه ويعبـــر عنه أصدق وأدق تعــبير . لينعم أهلــــــــــــه بما أنعم
الله عليهم من نعـــــــــــــــــــــــــــــــيم .
فما هي هـــذه " الدولة المدنيـــــة ..؟.
ـ الدولة المدنيــــة : هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع , بغض النظر عن
انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية .
ـ تقوم الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر , والمساوات في الحقوق والواجبات ,
وضمان الحقوق لجميع المواطنين .
ـ التأكيد على مبدأ ـ المواطنــة ـ الذي يعني أن الفرد لايعرف بمهنته أو بدينه أو
بأقليمه أو بماله أو سلطته . وانما يعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه ـ مواطن ـ أي
انه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات . وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين .
ـ الدولة المدنية .. لاتتأسس بخلط " الدين بالسياسة " . كما لاتعادي الدين أو
ترفضـــه , فالدين يظل عاملا في بناء الأخــلاق , وخلق الطاقة للعمل والأنجاز
والتقـــــدم . ان ما ترفضه ـ الدولة المدنية ـ هو استخدام الدين لتحقيق أهداف
سياسية . ذلك لأنه يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه .
ان هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين الى موضوع خلافي وجدلي والى
تفسيرات قد تبعده عن " عالم القداسة " وتدخل به الى عالم المصالح الدنيوية الضيقة .
ـ وترتكز الدولة المدنية على " مبدأ الديمقراطية " التي تمنع من أن تؤخذ الدولة من
خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو نزعة أيديو لوجية .
ويبقى الحديث مفتوحـــا على العديد من القضايا التي تخص الدولة وبما آلت اليه الحال
في الوطن , فلابد من اعادة تأسيس , بتمهيد ارضية جديدة , تبــــــــــدأ من اصلاح
ما جرى تخريبــه أولا . كي يصار الى اعتماد نظام الدولة المدنيــــــــــــــة
المنشــــــــودة . وذلك بــ :
ـ الغــــــــاء كل كل القرارات والأجراءات التي جاء بها المحتل واعتمدها
وكــــــــــلاءه .وهي لاتعــــد ومنها :
ـ المحاصصـــة , بما تسببت به من تفتيت للوحدة الوطنيـــة .
ـ قرار حل الجيش الوطني , بما أدى الى تسريح جيش بني على العقيدة الوطنية على مدى
قرن . وهذا ما يتطلب فيه الأمر من اجل اعادة بناءه .. تشكيل لجنة عليا من قادة هذا
الجيش وتكليفة بمهمة اعادة البنــاء .
ـ الدســــتور , الذي ليست له علاقة بالعراق , ولايعبر ولا بأي قدر كان عن هوية
شعبه وارادته .
ـ اجتثـــــــــاث البــعث .. هذا القرار الجائر , الى ابعد الحدود . فعلى مدى خمسة
وثلاثون عاما من حكم البعث, لم يبق بيت في كل العراق الا وكان فيه من هو منتمي أو
منتسب الى البعث او له علاقة به , من خلال هذه المنظمة أو تلك , بهذه الواجهة
والعمل أو ذاك , وبهذا الشكل والطريقة أو تلك . بهذا المستوى أو غــــيره . وما
ترتب عن هذا القرار من ظلم واجحاف ... لاحدود له . والحديث يبـــدأ وليس من السهولة
أن ينتهي .
ـ المـــادة ـ 4ـ ارهـــــاب , والمخــبر السري ... والمليشيات .........
ـ الأعتقال العشـــــــــــوائي ... والذي تركز على مكون دون غير , ليصبح ممارسة
طائقية بأمتيـــاز ...و ...
والى كل الذين يهمهم أمر العراق وأهلـــه , الذين نذروا أنفسهم لــه , مؤمنين به
وبحقـــه في حياة آمنة مستقرة حـــرة كريمـــــــة . أن يضعــوا القلـــــم في
مســار واحد ولو لزمان ما يتمكنوا فيه من وضع اسس لنظام يخرج بهم وبوطنهم من هذه
الحـــال التي لاتسر صــــــــــــــديق . وليكن عقــدا اجتماعيـــا جـــديدا ,
يبذل فيه كل جهد من أجل أن يأتي كاملا متكامــــــلا . لتبــدأ مســـيرة العــراق
الظافــــــرة الى المجــــــد .
الثــــورة .. انطلقت ولن تقف الا بعد أن تحقق كل أهدافــــــــــــــــها
النبيلـــــــــــــــة . " وما النصــر الا من عنـــــد اللــــــــــــه " .