شبكة ذي قار
عـاجـل










في كل مرة يقترب فيها استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية يدور سجال حول النص الدستوري واستتباعاً لنصاب الاقتراع .


هذا السجال يمليه عاملان: الاول، يتعلق بالنص والثاني يتعلق بالظرف السياسي الذي يظلل العملية الانتخابية، ولو كانت الامور عادية، لما قفز السجال السياسي الى الواجهة ولما كان استحضر السجال الدستوري حول الاكثرية المطلوبة .


ان انتخابات رئاسة الجمهورية تكتسب اهمية خاصة، كونها محصلة ثلاث تسويات، تسوية بين الفعاليات المارونية، وتسوية على المستوى الوطني العام ، وتسوية على مستوى تأثيرات الخارج الاقليمي والدولي على الداخل .


فإذا حصلت هذه التسوية في دوائرها الثلاث ، جرت العملية الانتخابية بسلاسة، وان لم تحصل، تقع العملية الانتخابية تحت تأثير التجاذبات وتبقى كذلك الى ان تظهر تسوية لها .


وفي مقاربة للمناخ السياسي السائد والذي يرخي ظلاله الثقيلة على الوضع اللبناني ، لا يبدو ان العملية الانتخابية ستجري بسلاسة نظراً للمعطى الداخلي المشدود الى تجاذبات حادة وللمعطيين الاقليمي والدولي اللذين يشهدان تجاذبات حادة حول اكثر من مسألة واكثر من ساحة، من ملف النووي الايراني الى ملف الازمة السورية التي باتت الساحة اللبنانية اسيرة تداعياتها وارتدادتها امنياً وسياسياً وانسانياً واقتصادياً.


وما يزيد الامور تعقيداً ، ان شللاً يصيب السلطة التنفيذية في ادائها الدستوري وكذلك السلطة التشريعية


امام هذا الواقع الراهن من الصعب التكهن بإمكان اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وحتى ذلك التاريخ سيبقى السجال قائماً حول النصاب الدستوري لجلسة الانعقاد وجلسة الاقتراع لأن بعضاً يقول بوجوب اكثرية الثلثين عملاً بنص المادة (49) من الدستور، وبعضاً آخراً ، يقول بإمكانية انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد اخذاً بنص المادة (34)


من جانبنا، نرى أن نص المادة (49) قد حدد الأصوات المطلوبة لانتخاب الرئيس في الجلسة الأولى وهي أكثرية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.


وعندما يؤكد النص على أكثرين الثلثين من مجلس النواب، فإنه يعني، ان الأكثرية المطلوبة في الدورة الأولى هي الثلثان من النواب الذين يتشكل المجلس منهم قانوناً والمجلس يتشكل قانوناً من 128 نائباً.


ولهذا، فإنه قبل أن تجري عملية الانتخاب يجب أن يتوفر النصاب الدستوري لانعقاد الجلسة وهي أكثرية 3/2 على مجموع النواب الذين يتشكل المجلس منهم قانوناً وليس الأعضاء الذين يحضرون الجلسة.


ولو كان المشترع قصد غير ذلك، لكان نص على أغلبية الثلثين من أعضاء المجلس الذين يحضرون ليكون اجتماع المجلس قانونياً قياساً على ما نصت عليه المادة 34 من الدستور.


أما وأن الدستور قد افرد نصاً خاصاً للأكثرية الموصوفة في انتخاب رئاسة الجمهورية، فإنه لا مجال للعمل بنص المادة (34) والتي لا علاقة لها بقانونية اجتماعه في نطاق عمله التشريعي.


وبما أن المادة (75) قد نصت على أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة ناخبة لا هيئة اشتراعية، فإنه لا مجال هنا للأخذ بنص المادة (34) على قاعدة القياس بل الأمر يتطلب تطبيق أحكام المادة (49) بحرفيتها وبما رمى المشترع.


من هنا، فإن الرأي الذي يدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية بأكثرية النصف زائد واحد، هو بعيد من المقاربة الدستورية، أولاً، لأن عملية الانتخاب ليست عملية تشريعية
وثانياً، لأن موقع الرئاسة يوجب أن يكون التصويت عليها بأكثرية موصوفة، باعتبارها الموقع السياسي والدستوري الأهم في الدولة.


وعليه، فإن المعركة هي حول تأمين النصاب، والنصاب المطلوب هو أكثرية الثلثين من الأعضاء الذين يتألف المجلس منهم قانوناً وهي 85 نائباً. فإذا توفر هذا النصاب فهذا يعني أن التسوية قد ارتسمت معالمها ولم يعد مطلوباً سوى تظهيرها بآلية دستورية، وأن لم تحصل التسوية، فلا إمكانية لتوفير نصاب قانوني، وبالتالي لاانتخابات رئاسية في موعدها وهذا يعني أن انتخابات الرئاسة يحكمها نصابان: نصاب سياسي ونصاب دستوري والاول هو الذي يرسم معالمها.

 





الاربعاء ١ صفر ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / كانون الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة