كانت استراتيجية التخادم الامريكي الايراني مستورة،وتكاد تكون غير واضحة للكثير من الجمهور قبيل التواصل الامريكي الايراني الأخير بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الامريكي اوباما والايراني روحاني.ولعل خطورة المكالمة لا تأتي من مجرد ما حظيت به اهتمام اعلامي واسع، باعتبارها اول اتصال رئاسي مباشر بين الطرفين منذ عام 1979 ، وانما تأتي من خلال السياق التي جرت في إطاره ، ومن خلال خطورة الظروف التي تمر بها المنطقة العربية ، وما يعنيه هذا اللقاء من احتمال حدوث تحول جذري في مسار العلاقات بين الولايات المتحدة وايران في هذا الوقت بالذات.

فلاشك ان الرغبة الامريكية والإيرانية المشتركة للتوصل باسرع وقت ممكن الى اتفاق،بعد ان قام الرئيسان اوباما، وروحاني باصدار تعليماتهما لفريقي عملهما ( بالعمل على وجه السرعة لانجاز اتفاق بشأن برنامج ايراني النووي ) ، حيث اعرب اوباما عن اعتقاده بإمكانية ( الوصول الى حل شامل ) ، في حين ان افادت المصادر الايرانية ان الرئيسين ( شددا على الارادة السياسية لحل المسألة النووية سريعا ، وإعداد الطريق لحل مسائل اخرى اضافة الى التعاون في الشئون الاقليمية ) ، يعني ان الامر يتجاوز مجرد رغبتهما للتوصل الى حل للمسألة النووية وحسب ، الى التعاون في المسائل الاقليمية ، بمعنى الشروع بالفعل المباشرالمشترك بالقضايا العربية،مما يمكن ان يستنتج منه ان المطروح الان هو الانتقال من صيغة التواطؤ والتخادم الامريكي الايراني،الى العمل المشترك في اعادة ترتيب الحال العربي ، على النحو الذي يخدم المشروع الامريكي الصفوي الصهيوني في منطقة الخليج العربي بشكل خاص، والوطن العربي بشكل عام.

وعلى ذلك فانه يتوجب على الاقطار العربية ان تنتبه على عجل الى مخاطر توصل امريكا وايران الى مثل هذه الاتفاق الاستراتيجي الشامل الذي تبلورت مقاصده الان على نحو واضح، وان تبادر الى ممارسة المزيد من رص الصفوف ، سواء على المستوى الرسمي ، او على مستوى القوى الشعبية ، للتصدي الجمعي ، والوقوف بوجه التحديات ، والمخاطر المحتملة التي ستستولدها اتفاقية التحالف الاميركي الصهيوني الفارسي للتدخل في الشؤون الداخلية العربية تحت أي ذريعة.