شبكة ذي قار
عـاجـل










بات من المعروف ان الديمقراطية هي ممارسة سلوك رشيد يستهدف خدمة الشعب على افضل وجه،وليس مجرد صناديق اقتراع زائفة تسرق ارادة الشعب، وتصيبه بالإحباط، لاسيما اذا ما افتقر الشعب في اطار هذه المارسة الى ابسط مستلزمات الحياة،من خدمات ،وامن، وعدالة اجتماعية، وغيرها، حيث يفترض ان تكون الديمقراطية السياسية مرتبطة عضويا بالديمقراطية الاقتصادية ،وتنعكس عليها من خلال صنع منجزات ملموسة على الأرض، توفر مستوى جيد من الرفاهية للشعوب حتى ولو جرى ذلك بحسابات الحد الادنى ،وترتقي بمستوى معيشة الناس الى حد لائق،وإلا فما معنى ان ينتخب المواطن ويختار من يفترض انه يمثله،ليجد نفسه بالنتيجة يتسكع في الازقة عاطلا عن العمل، وليس لديه سكن،ولاضمان صحي، ولا تعليم، ولا امن يحميه،ويعاني من تهميش صارخ يلقي به في متاهات البؤس، والضياع في حاضر منهك،ومستقبل مجهول.


وكما هو معروف،فقد تعالت صيحات الغرب بالمطالبة بضرورة التغيير والاصلاح في الوطن العربي في العقد الماضي،وتراوحت الرؤى بين ضرورة ان يتم الاصلاح بالتغيير من الداخل،مراعاة للخصوصية الوطنية،ومستوى التطور، وكانت هذه الرؤية هي رؤى النخب، والانظمة الاستبدادية العربية الحاكمة، مجاراة لتلك الضغوط الخارجية ،والحاح الداخل في نفس الوقت على امل الحفاظ على كرسي الحكم،في حين كانت الرؤى الغربية تضغط باتجاه ان يتم الاصلاح بالتغيير من الخارج بكل الوسائل.


وبالفعل فقد تحقق النمطان في التغيير معا بشكل متوازي ،حيث تم فرض التغيير من الخارج بالقوة في العراق بالاحتلال العسكري المباشر، الذي اطاح بالنظام الوطني،حيث وقع الاحتلال بذريعة امتلاكه اسلحة الدمار الشامل،وتعاونه المزعوم مع القاعدة،ولما تعذر اثبات هذه المزاعم امام السخط الشعبي العالمي،تم الاحتلال بذريعة تحرير العراق من الدكتاتورية، ونقل الديمقراطية اليه بقرار منفرد من الادارة الامريكية خارج ارادة شرعية الامم المتحدة،وكذلك جرى الحال في ليبيا،في حين تحقق التغيير من الداخل، في انتفاضات التغيير العربي ،فيما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، الذي جرى في تونس،ومصر، ويجري الان في سوريا، حيث ركب احزاب الاسلام السياسي موجة انتفاضة الربيع العربي، وجيرت النتائج لصالحها بالانتخابات التي جرت في تلك الاقطار.


وفي كلا النمطين من التغيير،كانت التداعيات سلبية بسبب ديمقراطية المحاصصة، والإقصاء، والتهميش،والفساد المالي، وغياب الامن،وانعدام الخدمات، وانتشار البطالة،وغيرها،الامر الذي يمكن معه الاستنتاج بيقين تام، بان الديمقراطية المفروضة بهذا الشكل من الإقحام، والتي لم تستكمل شروط نضجها الموضوعي، والتاريخي اللازم،وتقفز فوق الخصوصيات الوطنية، لابد انها ستأتي بمضاعفات سلبية حادة، تدفع الجماهير في تلك الاقطار التي جرت فيها الثمن غاليا،بما فيها شبح تقسيم البلد.ولعل هذا هو ما يعكسه الواقع الراهن في العراق، وليبيا، ومصر،وسوريا،وما ينتظر ديمقراطية تونس من مصير مماثل.انها ديمقراطيات متهرئة،منتهية الفعالية حقا،مع انها جاءت مسلفنة، وبأغلفة براقة.

 

 





الخميس٢٥ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هـــداج جبـــر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة