شبكة ذي قار
عـاجـل










لعل من الواضح ان ثورات الربيع العربي التي قامت بها جماهير الشعب في الاقطار العربية التي طالها التغيير، كانت من أجل تحقيق الحرية، والعدالة،ومحاربة الفقر، وإعادة توزيع الثروة القومية، وحرية الرأى، والإعلام ، وحماية حقوق ألاقليات، على اساس قيم المواطنة ، وعدم التمييز علي أساس ديني، أوعرقي، وترسيخ مؤسساتية اجهزة الدولة بمهنية، وبشكل مستقل عن الحاكم.


وعندما تصدرت احزاب الاسلام السياسي المشهد السياسي في الاقطار التي حصل فيها الربيع العربي، بعد ان تمت الاطاحة بالنظم الدكتاتورية فيها باستثمارها فرصة الظرف،وركوب الموجة من خلال اليات الشرعية الديمقراطية بالانتخابات، وصندوق الاقتراع التي اتاحتها ثورات الربيع العربي،الامر الذي منحها شرعية دستورية مؤقتة،تمثلت بقبول الجماهير المصوتة لها،فكانت اساس استمرارهم بالحكم لتحقيق الاهداف التي ثارت من اجلها تلك الجماهير. ومن المعلوم انه بقدر استجابة الحاكم لتطلعات الجماهير، يكون قبول الجماهير،ورضاها بنظام الحكم والحاكم، اساسا لمنح الشرعية،وهذا ما يعني ان الشعب هو مصدر السلطة السياسة القائمة، ويتم تفويض الحاكم الحكم بها، بأحد وسائل الحكم التي من بينها الإنتخابات،والتي تعتبر شكلا من أشكال الشرعية الدستورية.لكن ذلك التفويض بالطبع، لا يعني بالضرورة ان الحاكم يتصرف به كيف ما يشاء،ذلك لأن من يحدد الشرعية ليس هو الحاكم نفسه ، بل ان من يحدد الشرعية بما هي القدرة على الإنجاز،وكفاءة الأداء،والإستجابة لمطالب الجماهير، هو الشعب، وبالتالي فان فوز احزاب الاسلام بالحكم بأسلوب الشرعية الديمقراطية،لا يجوز لها ابدا،ان تسعى لخلق شرعية جديدة، تخولهم الاستئثار بالسلطة، وأسلمة الدولة، والتمييز على اساس ديني، واقصاء الاخر،لان ذلك يتنافى مع الشرعية الثورية،التي استولدت تلك الشرعية الديمقراطية التي منحتها صناديق الاقتراع لهم، والتي ينبغي لها الإلتزام التام بالمباديء التى أرستها ثورة الربيع الأم.


لذلك فان الاشكالية التي وقعت فيها احزاب الإسلام السياسي التي تولت سدة الحكم بعد فوزها بالانتخابات،هي سعيها لخلق شرعية جديدة مطلقة، هي شرعية الصندوق الديمقراطية مع انها تظل شرعية مؤقتة، ومن ثم فان عدم الرضا الجماهيري عن ذلك المسلك الانتقائي، هو الذي أدى الى الخروج الجماهيرى العام على أنظمة الحكم الجديدة بعدما فقدت الشرعية الثورية.


لذلك فان من الطبيعى أن تتجدد الثورة،وان تبقى دائمة،ومتوهجة،حتى تعيد لنظام الحكم الذي افرزته انتفاضة جماهيرالربيع العربي شرعية الثورة الأم،وترسخ نهج الشرعية الثورية في اطار ملزم لكل من يتصدر سدة الحكم في المستقبل،وعند ذاك فقط، ليس مهما من يتصدى للحكم،ومن أي طيف سياسي،طالما أن شرعية واحدة تحكم الجميع، هى شرعية الثورة الأم التي انتفضت من اجلها جماهير الربيع العربي،اذ من خلال الشرعية الثورية فقط،يمكن ان يتحقق التوافق،والشراكة بين جميع القوى الجماهيرية التي ساهمت في بناء الشرعية الثورية.

 

 

 





الاثنين ٣٠ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة