شبكة ذي قار
عـاجـل










"العرب شعب لا يقرأ، واذا قرأ لا يفهم، واذا فهم لا يطبق" - وزير الدفاع الاسرائيلي موشي ديان.

 

قبل إنشاء الدولة الصهيونية بعدة أعوام قال بن غوريون:

"إن عقب أخيل (أي نقطة الضعف) في الائتلاف العربي هى سيادة المسلمين في لبنان فهى سيادة زائفة، يمكن بسهولة قهرها.. وبدلاً من ذلك ستقوم دولة مسيحية تكون حدودها الجنوبية على نهر الليطاني، وستكون الدولة الصهيونية على استعداد لتوقيع معاهدة مع هذه الدولة..وبعد أن نكسر الفيلق العربي ونضرب عمان بالقنابل  سوف يكون بإمكاننا إزالة دولة الأردن  وبعد ذلك سوف تسقط سوريا  وإذا اجترأت مصر على محاربتنا فسوف نقصف بورسعيد والإسكندرية والقاهرة  وهكذا ننهي الحرب ونقضي قضاء مبرماً على مصر  وآشور بالنيابة عن أسلافنا".

 

أليس غريبا وعجيبا ان نرى اليوم مفكرين كبار يتحدثون عن مخططات قديمة جدا لتقسيم وتفتيت كل دول المنطقة من الباكستان مرورا بالعراق وسوريا وفلسطين والسعودية ودول المغرب العربي الى الدرجة التي تجعل المرء يفكر وكأنه أمام فيلم هوليودي قديم لم يتسنى لنا مشاهدته بسبب إنشغالنا بمشاكل صغيرة أفقدتنا الرؤية الثاقبة وسلبتنا البصيرة ونحن نقرأ عن خطط وضعت في في الأربعينات وجرى البدء بتطبيقها مطلع الثمانينات واليوم ننتظر وبعد أكثر من ثلاثين عام على ذلك التأريخ لنشاهد كيف تتواتر الأحداث وكأنها أشجار خبيثة تتجه لعنان السماء بعد كل تلك السنين والصبر والمطاولة في الزراعة والسقاية والرعاية!.

 

ماهي تفاصيل هذا المشاريع وأين نحن من مراحلها اليوم؟

قبل أن نتناول بالتفصيل هذه المشاريع علينا أن نفهم بدقة المصطلحات التالية التي تمثل وسائل تحقيق الأهداف التي أستخدمت لإشاعة أهمية التقسيم والتفتيت لدول المنطقة لنتأكد كم نحن بعيدين عن تخطيط الأعداء ولا نقرا ولا نحلل ولا نتعض :

لنفهم أولا معنى العولمة.

ثم لنفهم معنى الفوضى الخلاقة.

ثم معنى الشرق الأوسط الجديد.

ثم معنى الشرق الاوسط الكبير.

ثم نبدأ لنلمس بوضوح خيبة مفكرينا وقياداتنا.

 

الشرق الأوسط القديم والجديد

من المعروف أن التقاريروالمقالات والتحقيقات التحليلية في السياسة والإقتصاد والتي تنشر في الصحف والمجلات الأمريكية وخاصة تلك التي تتميز بكونها تمثل وجهة نظر تيارات مهمة في الإدارة الأمريكية  إن هي في الواقع إلا تسريبات عن دوائر المخابرات الأمريكیة والمؤسسات صاحبة القرار في الدولة (وتكون هذه التسريبات متعمدة في كثير من الأحيان أو يجري إخراجها لدواعي أخرى).

 

والمتابع لما تنشره الصحافة الأمريكية المهمة منذ السبعينات يؤكد بوضوح أن جميع مقالات وتحقيقات وتحليلات كتابها في الشان العربي والإسلامي تركز على خمسة نقاط مهمة وهي:

- الأولى..تغذية وإشاعة عوامل إضعاف العلاقات العربية العربية والعلاقات العربية الإسلامية وبذلك نرى إن أي مشروع فكري او تنفيذي لأي حركة او حزب سياسي يحمل برنامج لتوحيد الدول العربية أو الإسلامية أو يسعى لتوحيد الصف العربي وتقريب وجهات النظر العربية الإسلامية في أي موضوع سياسي او إقتصادي يكون هدفا لهجوم شديد تسخدم فيه كل الأسلحة وحتى غير النزيهة لإسقاط هذه الحركة شعبيا ولاحظنا كيف أن أبسط هذه الوسائل غير الأخلاقية هي بالقول بأن هذا الحزب هو وليد الدوائر المخابراتية الغربية أو وصل الى السلطة بقطار أمريكي أو حتى على بعير يسيره بريطاني!.

 

- الثانية.. العزف المستمر على وتر المكونات في البلد الواحد!..بهدف تصوير الإختلاف العرقي والطائفي والديني وكأنه لغم مؤجل قد ينفجر في أي لحظة من خلال التركيز على قضايا موجودة أو يتم خلقها مثل الحقوق المسلوبة أو المضطهدة لبعض هذه المكونات على حساب تفرد مكونات أخرى بالسلطة والمال بغية خلق مناخات ملائمة منذ ذلك الوقت لزرع الفتن وإنعاش الطائفیة والنزاعات المناطقية.

 

- الثالثة.. السعي المحموم لكسب الشباب والطبقة المثقفة وتهيئتهم لتقبل عروض الحلول الوردية ونشر ثقافة الوطن الحلم الذي يمثل حلا لابديل له للتعبير عن الذات( القومي او الطائفي أو المناطقي) من خلال سلخ فكرة الترابط التأريخي بين هذه المكونات وأهميتها سعيا لإيصالهم الى درجة الإيمان بأن (قوتنا في إنفصالنا وليس في وحدتنا!) تمهيدا للمطالبة للتقسيم بإنشاء دويلات تقوم على أسس طائفية أو قومية.

 

- الرابعة..تصوير الغرب وخاصة الولايات المتحدة بأنها الدولة الراعية للديمقراطية في العالم وهي المدافع الحقيقي عن تطلعات الشعوب المضطهدة أينما وجدوا من خلال التمجيد بالتجربة الأمريكية في كل المجالات في وقت ينعتها ( القادة المتسلطين على رقاب هذه الشعوب!) بأنها دولة الإستعمار الجديد والتي تهدف لنشر ثقافات الإنحلال والإبتعاد عن قيمنا العربية والإسلامية.

 

- الخامسة..تصوير القيم والمباديء العربية والإسلامية الأصيلة التي تربت عليها الأجيال بأنها (سبب تخلف وتأخر وفقر وبداوة هذه الشعوب!) وأن وجود هذا التخلف الحضاري في عالم تتسارع فيه عجلة التطور سيخلق فوارق إجتماعية وإقتصادية وحضارية ستكون مبررا لخلق بؤر الإرهاب ونشر الفوضى في العالم المتحضر!..

 

وبطبيعة الحال كان نشر هذه الأفكار والبرامج يتزامن مع أعمال دؤوبة في دوائر المخابرات وبيوت الخبرة السياسية والإقتصادية والعسكرية وحتى الفنية في السينما والمسرح والثقافة يساعدها البيئة العربية والإسلامية التي كانت مهيئة بسبب بساطتها وتباعدها عن بعضها البعض وبغياب وسائل نشر الثقافة والوعي الوطني والتي ساعدت على إنتشار ركائز بناء هذه الثقافات الجديدة والمخططات في هذه البلدان.

ولعل أساس تفكير هذه المؤسسات الغربية والأمريكية ومنذ ذلك التأريخ بالسعي لتحقيق هدف هو الأساس في ماجرى ويجري اليوم في الوطن العربي والإسلامي وهو:

 

" خلق الفوضى لديهم قبل ان ينقلوا الفوضى لنا".

 

لنبدأ وفقا للتسلسل التأريخي للتآمر والتخطيط والتنفيذ:

بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان في الحرب الأخيرة أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية أن الشرق الأوسط الجديد سيولد من رحم هذه الحرب. فما هو هذا الشرق الأوسط الجديد؟ ولماذا تبحث الولايات المتحدة تحديدا عن كيانات  جديدة؟!

 

قبل الخوض في تحليل هذا المصطلح يمكن القول وبصراحة إن الإستراتيجيات الغربية منذ منتصف القرن التاسع عشر  ترى وتؤمن باهمية وضرورة تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات إثنية ودينية وعرقية مختلفة حتى (تتقي الدول الغربية المتقدمة شر هذه البلدان المتخلفة من جهة ولكي يسهل التحكم فيها من جهة اخرى!!).

 

ولعل قيام دولة إسرائيل  في قلب هذه المنطقة ماهو إلا إحدى الركائز المهمة لإيجاد الوسائل المؤثرة اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

ومن هنا يمكن القول أيضا أن أي نظرية (تدعو الى وحدة العالم العربي) ستكون محور إهتمام ومتابعة هذه الدول وأجهزة مخابراتها..

أما إذا تولدت الظروف الموضوعية المادية والفكرية والعملية لتطبيق هذه النظرية والذي قد يخلق كيان ذو ثقل وتأثير إستراتيجي وإقتصادي وبشري وعسكري مما يشكل عائقا أمام الأطماع الإستعمارية الغربية فلابد من توقع قيام هذه الدول بإجراءات فعالة على الأرض لتقويض ذلك وهي التي تختار الوسائل والتوقيتات وسوف لن تتردد في إستخدام كل الوسائل لزعزعة ذلك النظلم او بإشغاله من خلال خلق نزاعات ثانوية بينه وبين جيرانه او أشقائه او بزرع عوامل داخلية معينة وتغذيتها لتفتيت هذه النظرية من الداخل.

 

وإزداد حجم وقدرة وتأثير هذه الدول الغربية في دعم هذه الرغبة دخول الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ومن ثم قيادتها للعالم كقطب واحد بعد أفول نجم المعسكر الإشتراكي بتفكك الإتحاد السوفيتي والذي كان يمثل احد عوامل التوازن في العالم.

 

ولكي تبقى هذه المنطقة الحساسة في حالة صراع فقد وجدت دولة إسرائيل لتكون نقطة إرتكاز للدول الغربية والولايات المتحدة ولتشكل جسما غريبا تلفظه المنطقة وتتحسب منه.

 

لذلك فالرغبة بتقسيم العالم العربي والإسلامي وتفتيته إلى دويلات إثنية ودينية وطائفية بحيث تعود المنطقة إلى ما قبل الفتح الإسلامي أي منطقة مقسمة إلى دويلة فرعونية في مصر وأخرى أشورية بابلية في العراق وثالثة آرامية في سوريا ورابعة فينيقية في لبنان وعلى القمة تقف دولة عبرية متماسكة مدعومة عسكريا من الولايات المتحدة في فلسطين لتصبح هذه الدولة الصهيونية الاستيطانية المغروسة غرسا في الجسد العربي دولة طبيعية بل وقائدة للمنطقة وسيكون الأمر عندها واقعا مثاليا لتفادي (شرور!!) هذه الدول وتسهيل السيطرة عليها وإستثمار ثرواتها من جهة ولتطبيع الدولة الصهيونية التي تعاني من شذوذها البنيوي باعتبارها جسداً غريباً غرس غرساً بالمنطقة العربية (لتجرب دورها في قيادة المنطقة)! كما قال شمعون بيريز:

 

"لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن فليجربوا قيادة إسرائيل إذن" وهذه هي الرؤية التي طرحها برنارد لويس منذ السبعينيات وتبناها المحافظون الجدد، وتدور السياسة الأميركية في إطارها.

وهكذا ومنذ ذلك الوقت تتساقط قطع الدومينو العربى الواحدة تلو الأخرى كما تنبأ برنارد لويس وقد أكد وليام كريستول (من المحافظين الجدد) أن هذه فرصة للولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة مرة أخرى في المنطقة.

ربما يتصور البعض ان هذا المفهوم للشرق الأوسط ينطلق من تصور أن التاريخ متوقف تماما بهذه المنطقة وأن الشعب العربي سيظل متفرجا وفاغرا فاهه لهذه الأفكار وهي تطبق على ارض الواقع بعد طول زمن وكأن هذا الشرق العربي مجرد مساحة أو منطقة بلا تاريخ ولا تراث مشترك ..وكأن الجماعات الإثنية والدينية التي تقطنها لا يربطها أي رابط وليس لها ذاكرة تاريخية ولا إحساس بالكرامة!..

 

ولكي نفهم كيف هم يفكرون !..

وكيف هم يخططون!..

وكيف نحن غافلون!..

علينا أن نعرف انه قد مضى أكثر من نصف قرن مضت من العمل المخابراتي والتحليلات السياسية قبل ان تبدأ ملامح تطبيق مشروع تقسيم الشرق الأوسط بالظهور.

 

بشكل عام وعبر كل مراحل التأريخ الموغل في القدم تسيطر القوى المتحكمة على العالم عن طريق تجزئة البلدان وتقسيم الدول وتشتيت القوى المناهضة  لتتمكن عبر ذلك منبسط نفوذها والإنتصار على إراداتها. وغالبا ما يقود هذه الخطط مفكرون وينفذها حكام وقادة ومشروع تقسيم المنطقة ورد بمشروع قدمه شخص اسمه "برنارد لويس" وهذه المرة يضع أمام سادة الحرب في أمريكا نسخة مليئة بالحيل والخداع تستهدف العالم الإسلامي معتمدة على نفس الشعارات التي تم إستخدامها عبر التأريخ من قبل قادة الحروب اتوسعية الطامعة: " فرِّق تسد أو فرِّق تنتصر"..وفي كل مرة ينتصر الطامعون بتطبيق هذه المقولة السحرية كانوا يضيفون إليها تجارب تراكمت لديهم مما ضاعف من فعاليتها ووسّع من مساحات التسلط وتعدد أشكاله وتغيير وسائله.

 

ظهر تعبير "الشرق الأوسط الجديد" بعد أحداث الإجتياح الإسرائيلي للبنان وتدميره ..هذا المسمى الذي إهتم به الخبراء والمراقبين والمحللين والدبلوماسيين والسياسيين مما دفعهم إلى فهم جوانب هذا المشروع وخارطته الجديدة والاهتمام بتفاصيله الميدانية وفهم مبرراته ودوافعه وضروراته ونتائجه وما يترتب عليه بعد ان تم تحوير مسمى "مشروع الشرق الأوسط الكبير" بشكل لم يكن إعتباطيا ولا محض صدفة او سهو بل هي عملية مقصودة بشكل تفصيلي ومتعمد بغرض تعديل سلم الأولويات الاستراتيجية الأمريكية بالضرورة الولى وفقا لسلسلة طويلة من الإحتمالات الميدانية التي تستهدف دول المنطقة التي نجح بعضها والبعض الآخر لازال ينتظر..

ودائما نلمس تلك الرغبة الجامحة المستميتة لإخراج ثقل مصر والعراق وسوريا من ميدان الصراع !..

 

هكذا هو شرق أوسطنا الذي نعرفه:

 

فما الذي يقكر فيه الأعداء؟

ولماذا لاتعجبهم هذه الخرائط؟

ماهي هذه المشاريع ومن الذي صاغها؟

برنارد لويس هو أحد أهم هؤلاء ..وهو من المتخصصين الغربيين بالجانب السياسي ومشاريع ومخططات الشرق الأوسط  والرؤية الغربية والإسرائيلية لمستقبله. ولد لويس من أسرة يهودية  من الطبقة الوسطى في لندن في عام 1916. تخرج من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن عام 1936 في تخصص تأريخ الشرق الأدنى والأوسط وحصل على الدكتوراه عام 1939 في تخصص تأريخ الإسلام من نفس الكلية. واتجه لويس أيضا لدراسة القانون، قاطعاً جزءاً من الطريق نحو أن يصبح محاميا، ثم عاد إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط عام 1937.

 

خدم لويس في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية في الهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات في 1940، ثم اعير إلى وزارة الخارجية. وبعد الحرب وفي عام 1949 عين استاذا لكرسي جديد في الشرق الأدنى والأوسط في سن 33 من العمر.

 

إنتقل برنارد لويس إلى الولايات المتحدة حيث أصبح يعمل كأستاذ محاضر في جامعة برنستون وجامعة كوىتل  في السبعينات. حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1982 كما حاز على العديد من الجوائز من قبل مؤسسات تعليمية أمريكية لكتبه ومقالاته في مجال العلوم الإنسانية.

 

تميزت طروحات وآراء ومداخلات برنارد لويس بالسلبية تجاه العرب والمسلمين، حيث عزى تأخرهم عن أوروبا لأسباب ثقافية ودينية. كما رأى بأن العالم الإسلامي في حالة صراع مستمرة مع المسيحية وإن فترات السلم ليست إلا استعداد لفترات حرب قادمة.

 

في عهد جيمي كارتر الذى كان رئيساً لأمريكا فى الفترة من 1977- 1981 تم وضع مشروع التفكيك المفترض للمنطقة حيث قام "برنارد لويس" الذى وصل إلي واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط برسم أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان.

 

وضع "برنارد لويس" مشروعه سيء الصيت بتفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية وتفتيت كل منها إلي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية الصغيرة وأوضح ذلك بالخرائط التفصيلية التى قسَّمَ فيها هذه الدول الى تلك التجمعات العرقية والمذهبية والدينية وسلَّمَ لويس المشروع الذي قام بإعداده إلى بريجنسكي الذي كان مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي  جيمي كارتر.

يكفي أن نعرف أن الحرب العراقية الإيرانية قد إشتعلت في ذلك الوقت لتبدأ أولى صفحات عملية تآمرية كبرى لوضع حدود جديدة لمعاهدة سايكس بيكو جديدة وبما يتلائم ويتوافق مع هذا المخطط.

 

ومن الجدير بالذكر بأن الكونغرس الإمريكي كان قد وافق بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983م علي مشروع برنارد لويس.

وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية وبموجب إستراتيجية خاصة التى تم تنفيذها بدقة واصرار شديدين.

 ولعل ما يحدث فى المنطقة من حروب وفتن يدلل على هذا الأمر ويبين كيف تتجه المنطقة بفعل عوامل جدية خارجية مفتعلة او تحريك تفاعلات داخلية ساكنة ومهيئة وإستثمار ظروف كل جزء صغير في المنطقة في وقت كانت قيادات وضعوب هذه المنطقة تختلق الذرائع لتسهيل عمليات تحقيق هذا المخطط المرعب.

 

إعتمد برنارد لويس في تبريره لصياغة وتنظيم هذا المشروع التفكيكى لدول المنطقة الذي تم إقراره في عام 1983 على قناعته بمايلي:

 

- إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون وفوضويون ولا يمكن تحضُّرَهُم وإذا تُرِكوا لوحدهم في بلدانهم وبما يمتلكونه من ثروات وقوة بشرية هائلة وموقع جغرافي أستراتيجي فسوف يفاجئون العالم المتحضر الذي يسبقهم بالحضارة والتقدم والإزدهار والإستقرار بموجات بشرية إرهابية تدمِّر هذه الحضارات المتقدمة وتقوِّض مجتمعاتهم المتقدمة.

 

- يكمن الحلَّ السليم للتعامل مع هذه الأقوام العربية والإسلامية الفوضوية الفاسدة هو إعادة احتلالهم واستعمارهم من جديد وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية.

 

- ستكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة المرشحة الوحيدة القادرة على تحمل مسؤولية  القيام بهذه المهمة (الإنسانية والتأريخية!).

 

- ولأجل قيام أمريكا بهذا الدور في هذه العملية التأريخية فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في إستعمار المنطقة لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان خلال فترات إستعمارها لهذه البلدان ولما تحمله من معلومات عن طبيعة التناقضات في كل دولة وكيفية إستثمارها إضافة الى الخبرات التي تختزنها في كيفية التعامل مع شعوب هذه الدول.

 

- سيكون من الضروري إعادة تقسيم هذه الأقطار العربية والإسلامية إلي وحدات عشائرية وطائفية وعنصرية.

 

- سيكون من الخطأ الإيتراتيجي التفكير بدواعي مراعاة خواطر مكونات شعوب هذه الدول ويجب عدم التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم مهما كانت الظروف.

 

- يجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو سيطرتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية.

- وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها وإستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها.

 

ماهو هذا مشروع؟

 

نبدأ بدولة فلسطين!

ينص المشروع على تحويل فلسطين كلها إلى دولة يهودية! ونقل السلطة للفلسطينيين في الأردن!

 

أما العراق

فينص المشروع على تفكيك العراق علي أسس عرقية ودينية ومذهبية علي النحو التالى:

 

دولة شيعية في الجنوب حول البصرة

دولة سنية في وسط العراق حول بغداد

دولة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل علي أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية سابقًا.

علما صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي كشرط انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29/9/2007 على تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات المذكورة أعلاه والمعروف أن دستور "بريمر" قد أقر الفيدرالية التي تشمل الدويلات الثلاث على أسس طائفية: شيعية في (الجنوب)/ سنية في (الوسط)/ كردية في (الشمال)، عقب احتلال العراق في مارس-أبريل 2003.

 

اما سوريا

يعرض المشروع تقسيم سوريا إلى:

- دولة علوية شيعية علي ساحل البحر المتوسط

- دولة سنية في منطقة حلب

- دولة سنية حول دمشق

- دولة الدروز في الجولان

 

أما لبنان

فينص المشروع على تقسيم لبنان إلى:

- دولة سنية

- دولة مارونية

- دولة سهل البقاع العلوية

- تدويل بيروت العاصمة

- دولة فلسطينية حول صيدا وحتي نهر الليطاني تتبع منظمة التحرير الفلسطينية

- دولة لحزب الكتائب في الجنوب

 

- دولة درزية غير دولة الدروز فى الجولان

 

أما مصر

فينص المشروع على تقسيم مصر إلى:

- سيناء وشرق الدلتا: تحت النفوذ اليهودي" (ليتحقق الحلم اليهودي بالحدود من النيل إلى الفرات).

- الدولة النصرانية: وعاصمتها الإسكندرية تمتد من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط واتسعت غربًا لتضم الفيوم وتمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون ليربط هذه المنطقة بالإسكندرية وقد اتسعت لتضم أيضًا جزءًا من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرسى مطروح.

 

- دولة النوبة: المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية عاصمتها أسوان وتربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر.

 

- مصر الإسلامية: عاصمتها القاهرة الجزء المتبقي من مصر ويراد لها أن تكون أيضًا تحت النفوذ الإسرائيلي (حيث تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى التي يطمع اليهود في إنشائها).

 

أما السودان

ويجري بموجب المشروع تقسيم السودان الى 4 دويلات وهي:

- دويلة النوبة: المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان.

- دويلة الشمال السوداني الإسلامي:

- دويلة الجنوب السوداني المسيحي: وهي التي سوف تعلن انفصالها في الاستفتاء المزمع عمله ليكون أول فصل رسمي طبقًا للمخطط.

- دارفور: والسعي لفصلها عن السودان بعد الجنوب مباشرة حيث إنها غنية باليورانيوم والذهب والبترول.

 

أما دول الخليح العربي

فقد نص المشروع على إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دول فقط وهي:

 

- دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين

- دولة نجد السنية

- دولة الحجاز السنية


أما اليمن

فتتحول إلى جزء من دولة الحجاز.

أما  دول شمال أفريقيا

ينص المشروع على تقسيم هذه الدول الى:

- دولة البربر

- دولة النوبة

- دولة البوليساريو

- دولة الأمازيج

- دولة المغرب

- دولة تونس

- دولة الجزائر

 

أما إيران وباكستان وأفغانستان

ينص المشروع على تقسيم إيران وباكستان وأفغانستان إلي عشر دول عرقية هي:

- كردستان

- أذربيجان

- تركستان

- عربستان

- إيرانستان

- بوخونستان

- بلونستان

- أفغانستان

- باكستان

- كشمير

 

أما  تركيا

فيقترح المشروع إنتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق.

 

لقد وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال"برنارد لويس " عام 2006  بانه:

( المؤرخ البارز للشرق الأوسط والذي وَفَّرَ الكثير من الذخيرة الإيدلوجية لإدارة بوش في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب حتى إنه يُعتبر بحقٍّ منظرًا لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة. لقد قدَّم لويس تأييدًا واضحًا للحملات الصليبية الفاشلة وأوضح أن الحملات الصليبية على بشاعتها كانت رغم ذلك ردًّا مفهومًا على الهجوم الإسلامي خلال القرون السابقة وأنه من السخف الاعتذار عنها)!.

"برنارد لويس " هو أول من إستخدم وفسّر مصطلح "صدام الحضارات" على الرغم من إرتباط هذه التسمية بالمفكر المحافظ "صموئيل هنتينجتون" والذي أشار في كتابه "هنتينجتون" الصادر في 1996م إلى فقرة رئيسية في مقال كتبها "لويس" عام 1990م بعنوان جذور الغضب الإسلامي، قال فيها:

 

"هذا ليس أقل من صراع بين الحضارات، ربما تكون غير منطقية، لكنها بالتأكيد رد فعل تاريخي منافس قديم لتراثنا اليهودي والمسيحي، وحاضرنا العلماني، والتوسع العالمي لكليهما".

طوَّر "لويس" روابطه الوثيقة بالمعسكر السياسي للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن العشرين؛ حيث يشير "جريشت" من معهد العمل الأمريكي إلى أن لويس ظلَّ طوال سنوات "رجل الشئون العامة"، كما كان مستشارًا لإدارتي بوش الأب والابن.

 

في 1 /5 /2006م ألقى "ديك تشيني" نائب الرئيس "بوش الابن" خطابًا يكرِّم فيه "لويس" في مجلس الشئون العالمية في فيلادلفيا؛ حيث ذكر "تشيني" :

"أن لويس قد جاء إلى واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط".

قام" برنارد لويس " بتأليف 20 كتابًا عن الشرق الأوسط من بينها:

 "العرب في التاريخ"

و "الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط الحديث"

و"أزمة الإسلام"

و"حرب مندسة وإرهاب غير مقدس".

 

لم يقف دور" برنارد لويس" عند استنفار القيادة في القارتين الأمريكية والأوروبية، وإنما تعدَّاه إلى القيام بدور العراب الصهيوني الذي صاغ للمحافظين الجدد في إدارة الرئيس بوش الابن إستراتيجيتهم في العداء الشديد للإسلام والمسلمين.

 

وقد شارك لويس في وضع إستراتيجية الغزو الأمريكي للعراق.. حيث ذكرت الصحيفة الأمريكية أن "لويس" كان مع الرئيس بوش الابن ونائبه تشيني خلال إختفاء الاثنين على إثر حادثة ارتطام الطائرة بمركز التجارة العالمي وخلال هذه الإجتماعات إبتدع لويس للغزو مبرراته وأهدافه التي ضمَّنها في مقولات "صراع الحضارات" و"الإرهاب الإسلامي".

 

وفي مقابلة أجرتها وكالة الإعلام مع "لويس" في 20/5/2005م قال الآتي بالنص:

"إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها".

 

وفي موقف مهم آخر إنتقد "لويس" محاولات الحل السلمي، وانتقد الانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له، فالكيان الصهيوني يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية، وهي تقف أمام الحقد الإسلامي الزائف نحو الغرب الأوروبي والأمريكي، ولذلك فإن على الأمم الغربية أن تقف في وجه هذا الخطر البربري دون تلكُّؤ أو قصور، ولا داعي لاعتبارات الرأي العام العالمي، وعندما دعت أمريكا عام 2007م إلى مؤتمر "أنابوليس" للسلام كتب لويس في صحيفة "وول ستريت" يقول بالنص:

 

"يجب ألا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا بإعتباره مجرد تكتيك موقوت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل".

 

ولغرض البقاء في ذلك الزمن الذي قرر فيه الأمريكيون تطبيق هذا المشروع وتحديدا في عام 1980 قال "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي الأمريكي:

"إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن (1980م) هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود "سايكس- بيكو".

 

وفورا عقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بدأ  "لويس" بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كلا على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي.. إلخ، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس "كارتر".

 

ومع ان كل هذه الخطوط التي تمثل حدود الدول في خارطة الشرق الوسط هم الذين أوجدوا أغلبها فهم يرون ان لهم الحق في إعادة ترسيمها ليس جغرافيا فقط ولكن سكانيا ووفقا لتقسيم طائفي وعرقي لكي تصبح خريطة الشرق الأوسط الجديد كما إقترحها لويس كما يلي:

 

ولتحقيق ذلك..فعلى القوى التي تتبنى هذا المشروع أن تجعل الكل يتجزأ والجزء يفكر بتقسيم نفسه..

وستكون  الوسيلة الفعالة التي تؤمن تحقيق ذلك هي بجعل هدف التقسيم أملا ورغبة جامحة لمكونات البلد المُستهدَف وفقا لمذاهبهم وطوائفهم وقومياتهم وربما لمناطقهم.

 

ومثل هذا الهدف ليس سهلا ولا متاحا في زمن قريب فالتقسيم يحتاج لخطط محكمة ولجهود جبارة ومستلزمات هائلة لاتتم بليلة وضحاها عدا الحاجة لإستثمار الزمن والصبر على التنفيذ وربما حتى المرونة في التطبيق للمراحل وحتى تغيير بعض الأهداف الثانوية.

 

وسنرى كيف يتم تعزيز هذه الخطط بالجديد من الأفكار والمشاريع والتحاليل والتقارير التي تعتمدها الإستراتيجية الأمريكية وفقا للمتغيرات التي تعم المنطقة سواءا تلك التي تظهر بموجب تطور المراحل أو تلك التي يختلقونها هم.

 

وسنناقش كيف يفكرون..وماذا علينا ان نفعل ..أو على الأقل أن نفهم!..

 

يتبــــــــــــــع ....

 

 





السبت ٢٥ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كامل المحمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة