شبكة ذي قار
عـاجـل










في حفل إعلامي إستعراضي طنان جرى يوم أمس السبت الموافق 30-3-2013 بفندق الرشيد في المنطقة الخضراء، وتحت إجراءات أمنية مشددة، حضر رئيس حكومة الاحتلال الخامسة نوري المالكي معلناً بشكل رسمي أن إئتلاف دولة القانون التي يرأسها ستشارك في إنتخابات مجالس المحافظات المزمع إجرئها في العشرين من شهر نيسان / أبريل القادم.


وكالعادة في سوء القراءة والعماء المزمن تجاه الواقع والوقائع، تبجح المالكي بأقوال لا تعكس ضحالة عقله وتفكيره فقط. بل وسلبيته الحادة بالتنكر حتى مع الذين يشاركونه في التحالف الوطني التي ينضوي تحت لوائها الطائفي المقيت. فهو يشير إلى: أن قيادته لإئتلاف دولة القانون ستجعله يفوز بالأغلبية ليتمكن من تحقيق الخدمات والإنجازات والإعمار. ولو لا بقاء إئتلاف دولة القانون متماسكاً في إطار التحالف الوطني "لكان العراق في وضع آخر". ويغوص في صلفه قائلاً: أن "هدف الإئتلاف حماية وحدة العراق وصونه من الطائفية والإرهاب".


أن ما سرده المالكي تعبير عن أعماق ما يؤمن منه سواء بإنحراف متعمد عن الحقائق، أو أنها سلوكية ذاتية تخصه. وبما أن تبجحات المالكي السياسية هي سلسلة مستمرة التواصل السلبي. لذا تستحق أن ننظر إليه من خلال منهج نفساني. بمعنى أن تبجحاته التي لا يراها مضطربة، توجب دراسة نفسية تحليلية. وحسب تصوري أن لا تقترن بالمنظور الذي وضعه كارل يانغ في مفهوم الإستجابة والتحدي. وكذلك لا تتصل بمفهوم النرجسية التي شخصها سيجموند فرويد. بل وفق دراسة تبين لنا العقدة الدونية، والإنحطاط الخلقي الذي وصل إليه المالكي كعينة تسود شخوص الإحتلال عموماً.


فالمالكي وبقية زمرته من أبراهيم الجعفري وخضير الخزاعي وهادي العامري وحسين الشهرستاني، والأذيال التي أصطفت خلفه، فهم لا يسألون أنفسهم، إن كانوا فعلاً سيحصلون على الأغلبية السياسية في إنتخابات مجالس المحافظات، فعلام هذه الجدارات الأمنية في أرتال السيارات وصفوف الأفراد المدججة بالسلاح؟ هل هي علامات الحبّ والتأييد أم الإنعزال والخوف من الشعب؟


أن ثقة المالكي بحصول إئتلافه على الأغلبية في الإنتخابات المحلية، لا تنم عن إقتدار شعبي متماسك، وإنما عن قدرة في الإلتفاف والتزييف بحصد أصوات الناخبين. ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، عناصر الجيش والشرطة وقوات الأمن من جهة. ومن جهة أخرى، توظيفه لأجهزة الدولة ومؤسساتها إدارياً ومالياً وإعلامياً وأمنياً.


أن عدم إقرار قانون الأحزاب والإنتخابات تجعل المالكي وغيره يتمادون ويتصرفون دونما حساب. فلا أحد يسأل المالكي لماذا وسائل إعلام حزب الدعوة ترتبط بالأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ العام 2006؟ أعني الجانب المالي بصرف الرواتب والمخصصات لموظفيها. إذ أن قناة آفاق الفضائية وحدها تكلفتها أكثر من مليون دولار شهرياً. فعدد كوادرها 512 موظفاً، ولها 9 مكاتب خارج العراق، يعمل فيها 36 موظفاً معظمهم غير عراقيين. يضاف إليها جريدتي: الدعوة والإتحاد، ومجلة الهدى؛ وإذاعتي: آفاق وبنت الهدى!


أن الإسقاط العمودي على السلطة التي أوصلت الكتلة المصنوعة والمدعومة من الطغمة الصفوية الحاكمة في إيران، جعلت من المالكي يظن إن إستغلاله للسلطة يعني حق التصرف بإرادة العراقيين ومستقبلهم. ولذلك تجاوز حتى حلفائه الطائفيين التقليديين عندما جعل من إئتلافه رمزاً لتماسكهم وإستمرارهم في دفة السلطة. وتناسى إنه من خلالهم تربع على دست الحُكم. فما بالك عن نكثه لعهوده وإلتزاماته مع شركائه بالعملية السياسية. فكل تلك التبجحات التي يطلقها المالكي توجب النظر إليه من خلال علم النفس التحليلي. فلو كان سوياً متزناً لتحمل شيئاً من الأزمات تلو الأزمات التي يفتعلها ثم يتملص من نتائجها.


إن المالكي يعاني من عقدة نقص خفية أظهرتها سنوات ترأسه لمجلس رئاسة الوزراء. فاللحية الإسلامية أنقشعت تدريجياً من على وجهه. تكراره للوضع الذليل مع أسياده: في صورته مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أو وزير خارجية أميركا جون كيري. خضوعه للتلاعب والضحك عليه، ومنها إفتتاحه في 12-12-2010 المستشفى العراقي الألماني وكلية الطب، التي قال عنها بأنها بداية مسيرة المشاريع الإستثمارية. هذه وغيرها الكثيرة تدل على أن المالكي يشكو من عقد نقص يدفعها بتبجحاته المتواصله إعتقاداً منه أنه يدفع نحو الأمام وذلك بالنظر إلى الواقع بشكل تضادي معكوس. فالدمار يراه إعمار. القتل والتشريد عنده مكافحة للإرهاب وللإرهابيين. الإستبداد والجور تعني القوة والشكيمة. الغرور والتعالي هي إثبات للذات الخ.


وبذا على العراقيين أن ينتظروا ليروا في السنوات الأربع القادمة، ما سيضيفه المالكي على سنواته القمعية الجارية منذ العام 2006. فهل سيسكت أهل الرافدين؟ وهل سيستلاعب المالكي بما يشاء وحده وبمفرده؟ لا أظن. وأن شرارة الثورة الشعبية بدأت منذ ثلاثة شهور، وهي ثمار المقاومة الوطنية المسلحة التي هزمت المحتل الأمريكي. وأن عموم الشعب العراقي الآن قد أدركوا تبجحات المالكي الذي تعنيه ولا تعنيهم.

 

 





الاحد ١٩ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة