شبكة ذي قار
عـاجـل










يرى المراقبون السياسيون في العالم ان الوضع في الشرق الأوسط في تدهور مستمر وخطير، خاصة في سوريا وفلسطين ولبنان، بل وحتى في تلك الدول العربية التي عاشت حالة التغيير في أنظمتها السياسية ومجيء طاقم جديد من القوى التي باتت تحكم هذه الدول كتونس وليبيا ومصر واليمن، ذلك لأن القوى المعادية لشعوب هذه المنطقة، وأعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية العالمية، خلفت لها أعوان في دول المنطقة كقوى احتياطية تحركها عند الضرورة وتمهد لها الطريق لتكون البديل عن القوى القوى التي كانت تحكم لسنوات طويلة وباتت معزولة عن جماهير الشعب وطموحها للتحرر السياسي والاقتصادي.


وبالطبع فأن هذه الحالة تختلف نسبياً من دولة لأخرى في مدى معاداتها للشعب وإخضاع ثروات البلاد المادية والبشرية لمصالح اعداء هذه الشعوب. وهنا نود التأكيد على إننا نعني بالأعداء الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية العالمية، وفي الأونة الأخيرة النظام الطائفي البغيض القائم في طهران.


أما الوضع في العراق فيختلف كلياً مما جرى في بعض دول المنطقة. لأن النظام الذي كان قائماً في العراق كان نظاماً وطنياً، وهذا سبباً جوهرياً يغيض الأعداء، بالأضافة الى انه قام بعملية جريئة لصالح الشعب والوطن في تأميم الثروة الوطنية الهامة للعراق وتطوره اللاحق، ونعني بذلك تأميم النفط. بالإضافة لذلك انتهج سياسة خارجية لا تروق للأعداء، وسعى من اجل توطيد استقلال الوطن سياسياً واقتصادياً مما حول العراق الى بلد ينشد التطور في جميع مجالات الحياة، تحسن الوضع المعاشي للمواطن، محو الامية وتطوير نظام التعليم وتوسيع القاعدة العلمية لخلق جيل من العلماء في جميع المجالات، تعميم الرعاية الصحية للمواطنين في توسيع شبكة المستشفيات في الريف والمدن وغيرها من المنجزات الوطنية الهامة ومنها خلق نظام دفاعي بمستوى يليق بدور العراق في المنطقة في بناء جيش حديث وتسليحه بالأسلحة المتطورة. وبديهي ان مثل هذا التطور المستقل لا يسمح به الأعداء، خاصة وان النظام الوطني سعى من اجل الأستفادة من الطاقة النووية لأغراض سلمية ومن اجل صيانة الوطن، وكقوة معتد به لدعم حركة التحرر الوطني العربية، وخاصة قضية فلسطين.


هذه حقائق يجب ان تقال لأن ذكر الحقائق لجماهير الشعب والرأي العام العالمي ذات أهمية وطنية لحاضرنا ومستقبلنا وأن لا نسمح بطمس الحقائق الموضوعية وتشويهها لأغراض تخدم الأعداء، وللتأكيد على ان العراق كان غنياً ومبدعاً في الأستفادة العقلانية من الطاقة البشرية الخلاقة التي يمتلكها العراق. وأفضل من يعرف هذه الحقيقة هو الشعب العراقي، بل وحتى الرأي العام العربي والعالمي لهذا يتسأل المراقبون السياسيون ماذا حل ببلاد الرافدين الذي اصبح يشكو مواطنوه من شحة المياه شريان الحياة؟ ماذا حل بهذه البلاد مهد الحضارة الانسانية ليرغم مواطنوها على الهجرة بل الهجرة القسرية ايضاً داخل البلاد نفسها؟


أن الأعداء لم يسمحوا للعراق في مواصلة تطوره المستمر لأن ذلك سيقدم المثال الملموس على مقدرة كل شعب يدار من قبل حكم وطني على إنتهاج نفس الطريق، خاصة إذا علمنا ان المنطقة العربية قادرة على ذلك معتمدة على امكانياتها الذاتي وتعاونها المشترك وبذلك فأن الأعداء سيخسرون أوسع سوق اقتصادية ذات الثروات المادية والبشرية. لهذا كان لابد للأعداء إزاحة النظام الوطني، أي إزاحة عقبة كأداء تعرقل مواصلة استقلالهم لهذه المنطقة الاستراتيجية التي كانت وما زالت تخدم مصالحهم الجشعة.


إن التخطيط لغزو العراق وإزاحة نظامه الوطني شرع فيه الأعداء منذ إنتهاء الحرب العراقية الأيرانية واعترف بذلك الجنرال الأمريكي شوارتسكوف في مذكراته وهو الذي قاد جيوش أكثر من ثلاثين دولة حليفة لأمريكا بذريعة إخراج القوات العراقية عن جزء تاريخي من ارضه أي الكويت. ولم تكن مسألة الكويت أكثر من ذريعة للتدخل العسكري في العراق وخوفاً من الأمتداد القسري العراقي يشمل مناطق اخرى في الخليج العربي. أعقب الغزو الأمريكي وحلفائه فرص حصار اقتصادي على شعب العراق امتد حتى الغزو البربري عام ٢٠٠٣. وبديهي ان اي نظام يعيش تحت سيف مسلط على رقابه من تهديد عسكري وحصار اقتصادي فريد من نوعه لابد وان يقترف الأخطاء التي تنعكس على مجمل مسيرة التطور المستقل وهذا ما حدث. لكن المهم ان هذه الأخطاء لم ترقى الى مصاف التخلي عن النهج الوطني الذي واصله النظام بإصراره لذلك ايضاً استخدمت ضده كل وسائل اضعاف مكانة النظام الوطني محلياً وعربياً وعالمياً وعزله دولياً. هذه الحقائق يجب التأكيد عليها لأنها كانت ومازالت عرضة تشوية وتقديم صورة غير موضوعية عن كل ما جرى وما زال يجري بهدف زعزعة الثقة اي ثقة الشعب بتاريخه المجيد والعمل الدؤوب والجاد في المرحلة الراهنة ليهب هبة رجل واحد لإستعادة سيادة واستقلال الوطن.


أن القوى الوطنية العراقية اتخذت موقفاً واضحاً وطنياً وسيما للسعي من اجل دفع النظام الوطني لمعالجة الأخطاء وتوفير الفرصة لتعبئة جميع القوى الوطنية العراقية لدعم السلطة الوطنية في رفضها سياسة التهديد واسقاطه بقوة الأعداء الخارجيين والمحليين، فتوجهت الى السلطة الوطنية للحوار بدلاً من الذين وقفوا خانعين للقوى المعادية وتحولوا الى خدم اذلاء معبرين عن استعدادهم للعمل مع الأعداء ضد الشعب والوطن.


واستجابت السلطة الوطنية للغة الحوار فتوجه الى بغداد وفد يمثل بالأساس التحالف الوطني في اوروبا نهاية عام ٢٠٠٢ واجرى حواراً مباشراً مع الرفيق عزة ابراهيم رئيس الجبهة الوطنية والقومية المسلحة للمقاومة للخلاص الوطني والرفيق طارق عزيز وزير الخارجية، وانتج الحوار عن اتفاق حول بعض القضايا الهامة، لكن الفترة بين التنفيذ والغزو كانت قصيرة، مقارنة مع سرعة الاعداء والخونة الذين التحقوا بالأعداء لتنفيذ الغزو معتمدين ايضاً على انظمة عربية وعلى النظام الأيراني الذي تميز تاريخه السابق واللاحق في معاداة العراق والأنتقام من الهزيمة التي لحقت به.


نذكر هذه الحقيقة لأنها تجربة يجب ان نتمعن بدروسها جميعاً، فالعدو يسعى دائماً الى بث الفرقة والإنشقاق بين القوى الوطنية في البلد المستهدف، وهذا ما افلح فيه الأعداء قبل الغزو. كانت جبهة الوطنيين تدعو للحوار وتعبئة القوى لمقارعة الغزاة واخرى انظمت الى جبهة الغزاة ومن بينها قيادة احزاب عريقة بتاريخها وسعة جماهيرها التي ادركت بعد الغزو جسامة الخيانة العظمى التي اقترفتها قيادة الحزب الشيوعي التي فضلت حماية نفسها ومصالحها الذاتية غير عابهه بالتاريخ العراقي لهذا الحزب، لكن جماهيرها الواسعة ادركت وتدرك الآن أكثر من السابق ان مكانها الإنضمام للمقاومة الوطنية وتقديم الشهداء ونبذ هذه القيادة المزعومة التي ما زالت تستجدي العطف من زمرة المالكي ودعم سياسته.


واليوم فأن عصابة المالكي تبذل كل جهدها للحيلولة دون التحام القوى الوطنية معتمدة على الأكاذيب والاغراء والتهديد بالموت، لكن مثل هذه السياسة التي اصبحت مفضوحة حتى لحلفائه بالأمس القريب حدود ونهاية وماهذه الأزمة التي تشد بخناقها على اطراف العملية السياسية إلا دليلاً على ما سيؤول اليه النظام الذي يرعى مصالح نظام ايران الغارق بطائفيته وسياسته المتسمة بالنفاق العربق والمراوغ، كما ويرعى مصالح امريكا والحركة الصهيونية العالمية. وهذا يتطلب مواجهة هذه السياسة الرعناء والخطيرة التي تنتهجها (الرزخون) الفاشل المالكي واتباعه الذي يخرج علينا يومياً بسخرية جديدة، كعملية الأصلاح أو الاحتكام للدستور الذي وضعت بنوده لخدمة مصالح الغزاة أو عقد مؤتمر وطني للمصالحة، ولا ندري كيف يطلقون صفة الوطنية لأطراف تحقد على الوطن والشعب. فلو كان لهذه الأطراف المنساقة في العملية السياسية ذرة من الروح الوطنية لأقدموا على تقديم استقالاتهم فوراً والوقوف ضد هذا النهج السياسي الذي لا يدير دولة لأنها معدومة بالمفهوم السليم للدولة واركانها الاساسية، بل يدير مجموعات من العصابات الغريبة عن الوطن، ويتولى ادارة شؤون العلاقات مع ايران وامريكا.


لا نريد الخوض في المشاكل الجمة التي يعاني منها شعبنا في ظل الأحتلال ودميته التي يقودها المالكي، لأنه ادرى بها ويعيشها يومياً، ولكن نعتقد ان من واجبنا الوطني التأكيد على ما ذكرناه كحجر اساسي وسلاح مضاد ضد الأعداء ووضع حد للوبال الذي يعيشه شعبنا ونعني بذلك الوحدة على اساس ان الجميع هم ابناء العراق نبذوا وينبذون الطائفية المقيته والتعصب القومي الأعمى، وندعم بعضنا البعض. وقد أكد شعبنا على نبذ الطائفية والتعصب القومي كما نبذ الهيمنة الأجنبية، لكن هذا الموقف الوطني بحاجة الى فعاليات ملموسة لتوسيع عملية الكفاح الوطني وتنوع اساليبها لدعم المقاومة الوطنية المسلحة، كالعصيان المدني حيث بلغ السخط الشعبي ذروته ويشمل جميع القطاعات بما في ذلك ابناء القوات المسلحة، فتفعيل النشاط الجماهيري كمنظمات الشباب والطلاب والنقابات العمالية والمهنية وتوحيد نشاطها ودعم بعضها ببعض خير عوناً لفصائل المقاومة الوطنية المسلحة ويشكل زخماً جماهيرياً يهز اركان العصابات الحاكمة المهزوز اصلاً.

 

إذ لا خلاص من سياسة القتل وسفك الدماء والاعدامات وضحيتها بالأساس جيل الشباب سواء كانوا في السجون والمعتقلات او خارجها في هذه الحال لتكون التضحية تخدم الهدف الرئيسي وهو تحرير الوطن وتحقيق الأستقلال السياسي والاقتصادي وتطهير بلاد الرافدين من ارجاس الاجنبي والطارئين.

 

 

 





الاثنين ٢٣ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة