شبكة ذي قار
عـاجـل










لا جرم ان الحلم القومي الشعبي لشكل الدولة العربية المعاصرة ، يوم كان المد القومي الجماهيري علي الساحة العربية في اوج حراكه ، كان ولازال ، هو ( الوحدةالاندماجية ) الشاملة ، ليس بصيغة التمني الايدولوجي ، والرومانسية الثورية وحسب ، وإنما بصيغة الضرورة العملية التي تفرضها متطلبات الحاجة الى البقاء ، في عالم لا مكان فيه للكيانات الصغيرة ، الا على هوامش مدارات افلاك التبعية للحيتان الكبيرة ، وما يحمله مثل هذا الوضع المزري من مس بالسيادة ، ومصادرة استقلالية القرار الوطني.واذا كان وضع التجزئة القطرية الراهن ، هو افراز كرسته اتفاقية ( سايكس بيكو ) الاستعمارية سيئة الصيت ، التي انجبت استراتيجية تقسيم المقسم ، وتجزئة المجزأ بالفوضى الخلاقة ، وفق الصيغة التي اطلقتها علن ( كونداليزا رايس ) ، بعد احتلال الامريكي البغيض للعراق ، امعانا في انهاك الحال العربي ، بما تقتضيه سياسة الهيمنة ، ووفقا لحسابات مصالحها القومية العليا ، في منطقتنا العربية بالذات.


 لذلك فان الدعوة لتطوير اي شكل من أشكال الوحدة بين اقطار الوطن العربي بشكل عام ، وأقطار مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص ، حتى وان جاء بمستوى ادنى من صيغة الوحدة الاندماجية ، ستكون خطوة استراتيجية ، مطلوبة بإلحاح أكثر من سواها ، من امور التقارب الاخرى.وإذا كانت التحديات والمعوقات التي تعصف بالوضع العربي بمجمله ، تفرض انية التلاقي بين المملكة العربية السعودية والبحرين كخطوة اولى ، فلا باس ان تكون تلك الخطوة نقطة البداية على جدول اولويات اعادة صياغة الحال المنهك باتجاه التوحد ، استجابة للمخاطر التي تواجه عروبة اقطار الخليج العربي ، وفي المقدمة منها الازدواجية السكانية التي خلقتها العمالة الوافدة ، والتي تشكل طابورا خامسا للبلد الام ، من الخلايا النائمة بأشكال متعددة.


 ولاشك ان اي اطار وحدوي مهما كان متواضعا ، ستكون له الكثير من المزايا ألاقتصادية التي يتيحها الاستثمار الجمعي الكبير ، الذي يبحث لنفسه عن بيئة قادرة على استيعابه ، مقابل محدودية الطاقة الاستيعابية لسوق قطرية متشظية ومتخمة.


ومن دون الالتفات الى ذريعة الخصوصية الوطنية ، لأي طرف من الأطراف الداخلة في تجربة الاتحاد المقترحة ، فإن في الاتحاد المقترح فرصة كبيرة ، لتوكيد الهوية الام ، المهددة بالمسخ والتشويه ، ناهيك عن المزايا الاقتصادية التي تحققها ميزة تشابك الاقتصاد العربي الخليجي الكبير الموحد.


أما في مجال حماية الأمن القومي ، وخاصة بعد تصاعد الوعي الشعبي العربي بمخاطر التمدد الإيراني الداهم ، فان الاتحاد سيكون رسالة واضحة لإيران بأن اقطار الخليج العربي وحدة سكانية وإقليمية واحدة ، وانها ليست وحدها في الميدان ، وذلك من خلال ما يفرزه لها العمق السوقي ، الذي تشكله بقية الاقطار العربية الشقيقة الاخرى ، بكتلتها الديموغرافية ، ومواردها الاقتصادية ، وموقعها الاستراتيجي ، من دعم مؤازر ، حتى وان كانت خارج اطار الاتحاد في الوقت الحاضر ، وبالتالي فإنها سوف لن تكون لقمة سائغة ، يسهل ابتلاعها من قبل ايران متى شاءت ذلك.  


ولا شك في ان الاتحاد المقترح ، سيكون ضمانة للأمن الجماعي لدول الخليج العربي ، بغض النظر عما يوفره من بيئة مثلى ، لتوظيف الموارد المتاحة في مجالات الاستثمار المناسبة لفرص اقتصاد السوق الكبيرة.ولعل هذا النهج التجميعي للإمكانات العربية لا يروق لإيران ، واذرعها المنتشرة في ساحات عربية كثيرة بمسميات مختلفة ، في ضوء المؤشرات المستجدة والتي تثبت ان الاطماع الايرانية ، ما فتئت تتربص بعرب الخليج الدوائر ، لتنفيذ مشروعها التوسعي في المنطقة ، الامر الذي يحتم استعجال الدخول في اجراءات تنفيذ مشروع وحدة اقطار الخليج العربي بأي صيغة كانت ، قبل ان تجري الرياح في الخليج بما لا تشتهي سفنه ، وعند ذاك فلات ساعة مندم.

 

 





السبت١٩ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة