شبكة ذي قار
عـاجـل










مرة أخرى يطل علينا ميكافيلي برأسه وأفكاره ومقولاته التي تربت عليه الأجيال.

فالباحثون عن الديمقراطية اليوم في فيضان نهر الثورات العربية الربيعية لايميزون على مايبدو بين الوسيلة الشريفة والشرعية التي يمتلكونها والتي بها يستطيعون تحقيق مطالبهم وبين تلك الطرق التي يُرغمون على إتباعها وفقا لتقليد جهة ما أو تبعا لتوجيه خارجي وأحيانا بسبب عبثية المطالب وفوضى التزاحم من أجل هذه الفوضى.

والسبب في ذلك التداخل لايعود لقصر الفهم ولا لعدم وضوح الرؤية أو غياب المنهجية ، بل هي المنهجية بعينها.لأن المُعلن من الأهداف لا يمثل حقيقة ما مطلوب !.

 

في العراق يصف المراقبون وضع المظاهرات والإحتجاجات بأنها بدات تخف في الساحات!،  

لماذا ياترى يحصل ذلك بالرغم من شرعية المطالب وشرعية الإسلوب الديمقراطي والحضاري كما يقولون؟

هل يعود السبب الى أن الحكومة حققت مطالب المتجمهرين ، بالطبع كلا، هل يعود السبب الى شدة وقوة بطش السلطة ؟ سيكون الجواب بالنفي أيضا لأن البطش والقوة إن أستخدمت لردع مطالب شرعية فسيكون لها وقع معاكس تماما كمن يسكب الزيت على النار.

 

وفي سوريا لماذا إذا تزداد شدة التظاهرات والإعتصامات ويزداد الصدام ضراوة كلما إشتدت قوة السلطة وزاد بطشها ، ونحن نعلم جيدا أنه في مصر تهاوى نظام حسني مبارك بسرعة بسبب تزايد بطش السلطة!.

 

في العراق يعود سبب الظاهرة الى إختلاف الأهداف وعدم التنظيم وتباعد سقوف المطالب وضعف الترابط بين المتظاهرين والمعتصمين والخوف الذي أصبح ميزة الديمقراطية التي يريد الآخرون تقليدها!.ولأن هذا الإسلوب او الوسيلة بتفسير ميكافيلي لا تجدي نفعا وربما هي عامل مساعد لتحقيق الأهداف.

عدا ذلك .. وحدها الأهداف الوطنية الخالصة هي التي تتحدى بطش السلطة مهما إزداد وتعددت أشكاله.

 

وفي الأردن تطالب جماعات بعينها تدّعي أنها من ثورة الربيع العربي بمطالب تحاول فيها إستبدال الإستقرار والديمقراطية بفوضى عارمة وإنفلات مع ديمقراطية مشوهة تتحدد ملامحها وفقا لما تشكله أمواج فيضان النهر الجارف الذي سيخترق السداد مهما عظمت ويدخل لكل البيوت ولايستثني أحد ، ولايتمكن أي برج من صده لتخسر الأردن بعدها أهم ركيزة يستهدفها اعدائها وهي الأمن والإستقرار.

 

فإذا كان صاحب الحق أعمى وتجمعه مع غيره مصلحة تحقيق هدفه ومصلحته المعطلة وحقه الضائع فلا يمكن لأي مخلص لوطنه أن يقبل بقيادة جموع من العميان تجمعهم مطالب مختلفة بسيطة ليوجههم لا ليفقدوا حقهم للأبد بل سيفقدوا مع حقوقهم وطنهم ومستقبلهم وإستقرارهم .

 

فإذا كان المطلوب إشاعة الفوضى ومبادلة الإستقرار والأمن الذي يعم الوطن بفوضى عارمة هي التي تقوم بتشكيل الديمقراطية فالحديث عن الإصلاحات والتغييرات والمطالبة بتعديل القوانين لن يحل المشكلة ولن يكمح مطامع هذه المجموعات التي لاترغب بما تطالب ولاتعرف غير لغة التصعيد .. لأنها ببساطة لاتطالب إلا بالفوضى لتصل الى ما تريد.

فإذا كان هذا هو الهدف فنحن مع تجمع بلا قلوب مُحبة للوطن ولا مع أهداف يعرفها عدد قليل فقط ممن يُسيِّر الأحداث !،

 

وإذا كان الغرض من التظاهر والإعتصام والهتافات والتعبئة إسقاط هذا النظام أو ذاك .. فلن يكون هناك جدوى في أي إستجابة لأي مطلب كما لن يكون هنالك أي جدوى للرفض وإستخدام القوة ..وسيكون من الحكمة هنا إسقاط المبررات لا تزكية المطالب.

 

وليرى من لايريد أن يسمع:

هذا هو حال العراق اليوم..

وفي مصر يثور اليوم مَن ثار بالأمس وأسقط السلطة!، اليوم يثور نفس الثوار بحثا عن الأمن والإستقرار.

وفي اليمن وبعد ان رحل علي عبدالله صالح بفعل الثوار ، لازال الثوار يتقاتلون .

 

أما في ليبيا فلا زالت الأسلحة بيد الثوار بعد سقوط النظام السابق ولا تسود إلا الفوضى بوجود الاسلحة بأيادي الميليشيات بعيدا عن السلطة.

يجب أن لا ينتظرشعب هذه البلد العربي أو ذاك هذه الفوضى ويستسلم لقدرها المدمر ، لأنه إن حدث ذلك فسيخسر كل الذي بناه على مر السنين وسيطل عليهم مستقبل لا شمس فيه ليجبرهم ميكافيلي مرة أخرى بالعودة لمبدأه حينها سيُرغمون على البحث عن أي وسيلة بغض النظر عن أخلاقيتها ليخرجوا الى النور الذي يتوقعونه..والذي قد لا يأتي أبدا .

وسيتحصر ويتأسف الناس حينها على الأيام الخوالي .. كما يحدث اليوم لشعب ليس عنهم ببعيد.

 

 





الاثنين١٣ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كامل المحمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة