شبكة ذي قار
عـاجـل










يقولون وإن إختلفت الساحات والنيران فالحق واحد ..
ونقول .. وإن كان الحق واحد فلكل ساحة واقعها ولكل نار مهمة منها مايحرق ومنها ما يفيد .. وشعلة الحرية ليست هي نفس الشعلة التي نحرق بها الوطن ..
نعود للعراق ..


يجتهد الذي أمسك بكرسي السلطة في إختيار المفردات التي يخاطب بها من يراهم غالبية الناس والتي تتلاعب بمشاعرهم ولا بأس بذلك كونه كلاما ! ..
ولكن هل هذه الوعود بمستقبل لاطائفية فيه ولاعنصرية .. ولا تعصب لدين أو فكر ولاتسييس للاجهزة حيث تسرح الخراف مع الذئاب جنبا الى جنب في ربوع الوطن المستقر الآمن المسالم لاتزيد عن كونها محض كلام لأسباب عديدة لامجال لذكرها بل نركز على سبب واحد مهم وهو :


إن الذي ينادي به المسؤول يتعارض مع منهج وفكر وعقيدة الحزب الذي ينتمي اليه ويتحرك وفقا لإيديولوجيته لعقود طويلة! ..
ومنهج الحكم يختلف عن منهج التثقيف والإعداد خارج السلطة ! ..


ثم إننا نفهم أن فكر وعقيدة الأحزاب الدينية تركز على إعداد وتهيئة الفرد لملاقاة ربه لأنها ليست أحزاب دنيوية لتضع مناهج لإدارة الفنون والتعاقد على تنفيذ المشاريع وجلب الاستثمارات الأجنبية وغيرها .. هي أحزاب توجيهية وتربوية .. وإن أرادت أن تستلم السلطة فعلى أي مذهب ستسير الدولة ووفق أي معتقد؟ .. وعندها سيتحول رجال الدين الى رجال سلطة تفرق الشعب ولاتوحده وتمزق الوطن ولا تعالج جراحه ..


نذهب قليلا لما جرى ويجري حولنا بعيدا عن تجربة العراق المعقدة ..
أثمر الربيع العربي حسبما يسموه عن إزاحة أنظمة من رأس السلطة في عدد من البلدان العربية وتأثرت أخرى بما جرى ..
ولعل إستفادة الاحزاب والحركات والجماعات الإسلامية من الربيع العربي ومن التصويت العقابي الذي مارسه الناخب العربي بحق الأنظمة المستبدة والحراك الذي أحدثته الحركات الشبابية يجعلنا ننتبه لمايلي:


1. الشعب غالبا ما يدلي بصوته رفضا لنهج معين .. وليس حبا بنهج معين آخر ..


2. لقد كانت الثورات الشعبية العربية وعبر التأريخ هي حراك تحرري لشعوب متطلعة لمستقبل واعد ضد أنظمة حكم إما مستبدة أوقابعة على صدر الشعب من عقود طويلة أو ضد نهج فاسد او ظالم لايلبي متطلبات المجتمع .


3. وعندنا غالبا ما كانت هذه الثورات يقودها رمز أو رموز من الثوار .. وكانت هذه الثورات غالبا ما تأكل أغلب قياداتها بعد تآكل شعاراتها .. وتدريجيا يتحول ثوارها الى حكام متسلطين .


4. وبعض ثوراتنا التي تتخطى الحدود التي لايسمح بتجاوزها الأعداء .. تتحول الثورة فيها الى مصدر قلق وربما ذعر لمن يتربص بأهمية هذا البلد السياسية والجغرافية والتأريخية وبما يحتويه من ثروات خاصة عندما ينحى هذا البلد بصدق نحو مستقبل مشرق .. ونرى مسلسل التآمر ضده يكبر الى ان تتم الإطاحة به بإنقلاب عسكري أو بقوة عسكرية خارجية وتغيير مسارات هذه الثورة .


5. بعد العدوان الأمريكي على العراق وما أفرزه الإحتلال العسكري المباشر من إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها وهيكليتها وتغيير النظام وقتل وتهجير وإعتقال وعملية سياسية تغلب عليها المحاصصة والطائفية تحول إسلوب التغيير بإستخدام وسائل جديدة بغض النظر عن شرعية هذه الأساليب ونتائجها وما سيتمخض عنها بعد التغيير .. بمعنى آخر يتم التغيير بإعتماد آليات بشكل غير مباشر وغالبا ماتكون هذه الوسائل لها أجنداتها ومناهجها التي تتعارض كليا مع تلك الجهات التي تقف وراء التخطيط والتنفيذ والدعم لتلك الوسائل.


6. ولنا في الميادين الحقيقية أمثلة واضحة .. لأن الذي يستلم السلطة ينسى حتى من كان معه كتفا لكتف ! ..


7. وكان الربيع العربي .. حيث شجع إنهيار النظام التونسي السريع للتحرك لتحقيق مهمة تكاد تكون مستحيلة .. ولكنها تحققت بإعلان مبارك على التنحي .. ليعقبه تحرك حلف الأطلسي ليطيح بالقذافي .. ثم تحولت رياح ربيع الخريف الى اليمن بإعلان صالح تنحيه عن السلطة .. وتستمر الموجة ! ..


8. رغم كل التقييمات والاختلافات هي الثورة الشعبية العربية إذا .. وبكل قطاعاتها .. بتجمع جماهيرها .. وإعتصاماتهم .. وهتافاتهم .. ومسيراتهم


9. بعض هذه الثورات الشعبية لها منهج واضح من جراء معانات شعوبها وحرمانها وثأرا لكرامتها وإكراما لأنهار دماء شبابها ودفاعا عن تأريخها وهويتها وحريتها .


10. والبعض الآخر من هذه الحراكات غير ذلك .. صحيح انها تعرف اهدافها متمثلة بإسقاط النظام فقط .. ولكنها لا تعرف ماذا بعد ذلك .. وعن أي شيء ستستغني .. وعلى ماذا ستحصل عوضا عن ذلك! .. وربما ستقبل بأي شيء .. وحتى الفوضى!.


11. إن التسليم بمقولة : أن الإسلاميين قادمون لا محالة .. يفتقد للكثير من الحقائق والمسلمات فالقادم على موجة رفض الموجود يحتاج لقدرات على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والحضارية في خضم ثورة التجديد والتغيير والرفض .


12. القادمون يحتاجون الى القناعة بضرورة وجود برامج إصلاح عملية وواقعية مفصلة تراعي الظرف الحالي للمجتمع والشباب بشكل خاص في حين ان الحركات الإسلامية تواجه صعوبة في التوفيق بين الفكر والنظرية وبين حاجة الواقع الحالي وما يتطلبه من حداثة وتغيير ..


13. تحتاج هذه الاحزاب لكفاءات وقدرات بشرية وبرامج إصلاح عصرية .. وهي تحتاج لإيمان عميق بهذه الاجراءات بدلا من الارتكاز على الوعود بتحقيقها والتنصل منها لعدم تطابقها مع ايديولوجية هذه الأحزاب .


14. العامل الصعب الأهم أن هذه التيارات تتسم بالطائفية ولا نقول بالتمييز والعنصرية والتعصب الطائفي مهما إدعت وكابرت وتشدقت وهذا ما يجعلها تنخر في جرف المواطنة للوطن وللشعب بمختلف أطيافه ودياناته وطوائفه .. وستكون عاملا للتفرقة بين مكونات الشعب الواحد.


15. إن إستفادة الأحزاب الإسلامية من تشرذم وتشتت القوى والأحزاب القومية واليسارية والليبرالية ومن موجة الربيع العربي واستثمارها لنتائج الفعاليات وللمشهد الإعلامي للحراك الشعبي .. سيجعلها في فوهة المدفع خاصة وإنها لم تجرب تحمل المسؤولية بعد التصويت لها كمنقذ.


16. لقد بات مؤكدا ماكان معروفا وواضحا من أن أمريكا والغرب ليس لديهم حليف دائم بل لديهم مصالح دائمة وهم قادرون على الاستغناء عن أعز الأصدقاء وفي أحلك مراحل حاجته لها.


17. ليس مستغربا أن تمد الولايات المتحدة يدها إلى أحزاب الإسلام السياسي لاتساع قاعدة هذه الأحزاب الشعبية .


واخيرا وليس آخرا ..
لقد خلقت موجة الربيع العربي طوفانا من الأمواج المتلاطمة ..
فمن كانت جدران ولايته جيدة البنيان وتقف سواعد الشعب بشبابه وشيوخه خلفها فلن تستطيع الموجات هدمه ..
ربما وحدها القوة العسكرية الغاشمة والعدوان الخارجي الذي تقف وراءه الدول العظمى ستتمكن من هدم جدار الوطن وتدمير كل من بناه! .. عندها سيحتاج الشباب لربيع وخريف وشتاء وصيف متواصل من المقاومة والصبر والمطاولة والعمل لتحريره وإعادة بناءه! ..


أما الذي بنى سلطانه على جرف هار مهما تعددت أساليب وصوله للسلطة فسيهوي ويهوى معه سلطانه .. وربما سيأتي ثوار حقيقيون هذه المرة ..
وربما سياتي مع هذه الموجات من ركب البحر طمعا بالصيد! ..
وعندها سوف لن تجلب موجات البحر هذه غير الدمار وشعارات الحرية ! ..

 

 





الجمعة١٩ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كامل المحمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة