شبكة ذي قار
عـاجـل










هذا هو حالنا ..ودائما ..لا نتعض لا من تجاربنا ولا من تجارب الآخرين ..
عندما تغيب الرؤية الوطنية..ولأننا ( دول تفصلنا هوة كبيرة عن الدول المتقدمة ) ..ولأننا تعودنا على المحاكاة وتقليد ما نراه قادرا على تحقيق مكاسب لنا..فنحن لا نعي لحد الآن أن ليس كل التجارب مسموح لنا بتقليدها ..ولا كل الميادين مسموح لنا بدخولها..


وعندما تغيب الرؤية الوطنية..
سيمتطي صهوة الموجة (قادة مصطنعين) يجعلوننا نعود للرفض وسننظر لكل الساحات على أنها ميادين دائمة للثورة وسيبقى سعير موجة الرفض مستعرا حتى بعد تحقيق مطالب المحتجين وستتحول كل نار الى شعلة متقدة للأبد..


في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان هنالك إيمان كبير بمقولة ( نقل النصوص الجاهزة وتطبيقها في حياتنا بدون مراعاة الخصوصية إن هو إلا ضياع للفرص التأريخية في التطور)..


وهذا ما لانراه اليوم..
وعندما هبت رياح جديدة على المنطقة سارع الكثير بتسميتها برياح الربيع العربي قبل أن يعرف مميزاتها رغم ما حملته من عواصف ترابية في شرق المنطقة ورعد وبرق في أوسطها!..
قبل الاسترسال نحتاج أن نعي الحقائق التالية:


1. أنه بعد عشر سنوات من هجمات الحادي عشر من أيلول يرى المراقب المحايد كيف تراجعت الأسهم وذبل الإلهام وتكسرت حلقات التقليد للخط المتطرف الذي يتخذ من الإسلام عباءة يتستر بها عن جرائمه التي طالت عشرات الآلاف من الابرياء والبسطاء من عامة شعوب المنطقة ومنها منطقتنا العربية ..ولقد بدأ هذا الانحسار الشعبي واضحا عندما خلت الصفحات الأولى من عناوين الاخبار والصحف من أي ذكر لجرائمهم..في حين طغت في الطرف الآخر من المعادلة العربية على الكثير من الأحداث ظاهرة تهاوي الأنظمة السريع بفعل الضغط الشعبي وكيف ظهرت نتائج تفوق الأحزاب الإسلامية في انتخابات الدول التي افرزها الربيع العربي وسط تساؤل كبير عن السر الذي يقف وراء تراجع وتخلف وفشل الاحزاب التأريخية التقليدية وحول قدرة تلك الأحزاب الإسلامية في تحقيق برامجها في تلبية طموحات الناخبين .


2. أن تعميم ذلك على كل الميادين كافة أمر خاطيء لسببين:
الأول: أن لكل بلد عربي واقع سياسي يختلف عن غيره ..


ففي العراق مثلا.. تغير النظام فيه بفعل الإرادة الأمريكية التي دخلت لفعل ذلك مباشرة للميدان العراقي بكل طاقاتها وقدراتها العسكرية والإقتصادية والسياسية ولازالت تتحكم بإرادته ..والإسلام السياسي هو الذي يحكم العراق اليوم بفعل الإجتياح الأمريكي وإن ثبتت أركانه بعد الإنتخابات التي جرت في ظل الإحتلال..ونظام الحكم الحالي في العراق يواجه معارضة شديدة لاتقل قوتها عن قوة ربيع الشباب العربي في الدول التي أسقط أنظمتها ..فالعراق نموذج قيم لفهم نتائج التدخل العسكري الأجنبي ولطبيعة الحكم لأحزاب التيارات الإسلامية..
فالواقع العراقي يختلف عن الواقع السوري واليمني والمصري ..وبذلك تختلف وسائل التغيير من مكان لآخر وفقا لطبيعة تأريخ الحاكم وطبيعة العلاقة بينه وبين الشعب وما أنجزه خلال فترة حكمه وكيف كان البلد وكيف أصبح..


الثاني: إختلاف الواقع التأريخي وتباين ظروف المعارضة من بلد لآخر .
فالبلد الذي تعيش فيه المعارضة مطاردة في الخارج وترفع السلاح في الداخل غير ذلك البلد الذي تعيش فيه المعارضة كجزء من السلطة وتمارس حقها الإنتخابي ونقدها يوميا بدون حرج..


وبذلك تختلف الشعارات والأهداف لرياح الربيع أو الخريف العربي التي تكون إسقاط النظام هناك وتصحيح المسار هنا..
ومثال على ذلك هو مايجري في الأردن ..


حيث أن التيارات الإسلامية في الأردن كانت منذ زمن بعيد ولازالت الجهات المدللة من قبل كل الحكومات وتعيش في وسطها وتمارس حقوقها كاملة عكس تلك التيارات في البلدان العربية الاخرى ..ففي الوقت الذي كانت التيارات الإسلامية متابعة وملاحقة من اجهزة السلطة في البلدان العربية كانت الحركة الإسلامية في الاردن لها مطلق الحرية في الحركة والنقد والمشاركة في السلطة والبرلمان وسط حالة إستقرار فريد ودائم ..


وفي الوقت الذي ترفع التيارات الاسلامية في مصر هذه الأيام شعارات التهميش والتعسف التأريخي ضدها وتطالب بفرصة للحكم فإن التيارات الاسلامية في الاردن والتي كانت جزءا من السلطة وخاصة السلطة التشريعية ولها هذا الهامش الكبير من الحرية والذي كانت ولازالت تحسده عليها كل الأحزاب في المنطقة لايمكنها ان تتبنى وترفع نفس الشعارات.. وعليها أن لا تطالب بنفس المطالب وأن لا تفكر بنفس عقلية تلك الحركات وإن فعلت سترى بأن ركوب الموجة قد يغرقها بدلا من أي نتيجة نظرية تفكر بتحقيقها.


لذلك وكما أن أمطار ربيع ذلك البلد أو خريفه سيثمر عن خير وافر فإنه وربما ستفضي أمطار ربيعنا أو خريفنا الى خراب دائم ..
تماما كما حدث هنا وهناك ..


حيث يبني البعض مستقبلا مشرقا على أنقاض نظام سابق وبفعل ثورة الربيع أو الخريف فإن البعض يتحسر على السيادة والأمن والإستقرار والوحدة الوطنية التي تبخرت بفعل رياح الموجة..


وأخيرا ..
نحن نحتاج عربيا في كل مكان للإصلاح والتغيير بشرط توفر الحكمة والعقل والواقعية والإنصاف والإيمان بوحدة الوطن شعبا وأرضا وخيرات ..
وعلى المناهضين من شباب العرب أن بتذكروا دائما أين هم واقفون..
وأن يتذكروا العراق..


وإلا ستتحول نسمات ربيع التغيير التي تثير مشاعرهم وتلهب أحاسيسهم وسط غياب البرنامج الى عاصفة فوضى خريفية لاتبقي ولا تذر..


وللحديث بقية..

 

 





الثلاثاء١٦ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كامل المحمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة