شبكة ذي قار
عـاجـل










ما من شك أن النظام السياسي العربي الراهن، بوضعه القطري الواهن، هو إفراز مسخ لاتفاقية ( سايكس بيكو ) الجائرة بحق العرب. وتبعا لذلك فقد كان الحال العربي على طول الخط في المرحلة التالية لهذا الواقع المنهك المشرذم، تبعيا للغرب وذليلا.

 

وازداد الأمر سوءا بزرع دولة الكيان الصهيوني،شوكة في خاصرة العرب، بدعم غربي صهيوني.وفي واقع عربي مجزأ، ونظام سياسي تابع، وحاجات جماهيرية معاشية ملحة، ومتطلبات اجتماعية حضارية، ونزوع انساني إلى الحرية، والعدالة، والتحرر من الهيمنة الأجنبية،والحاجة إلى التنمية، والتطلع إلى الوحدة كبديل مقتدر للتجزئة، كان لابد أن يكون هذا الواقع العربي الفاسد، المثقل بكل الموبقات،عائقا يقف بوجه أي تحولات،يمكن لها أن تستجيب لتلك المطالب العاجلة والمشروعة. وبذلك وقف النظام السياسي العربي عاجزا عن الاستجابة لتلك المطالب،وركن إلى الفردية، والدكتاتورية، والممارسات القمعية، لضمان بقائه في كرسي الحكم ،غير آبه بمطالب الجماهير بحقوقها المشروعة.وما أن فرضت عليه حالة الإصلاحات، بضغط الخارج والداخل معا، حتى استشعر عمق الفجوة، وصعوبة الانخراط في حركة العصر.فكانت الانتفاضات الشعبية، وحركة التغيير الشعبية، التي اصطلح الإعلام الأجنبي على تسميتها بربيع التغيير العربي،قد هبت رياحها بشدة،لتضرب حصون تمترسه في الصميم.


وهكذا جاءت انتفاضة الشعب التونسي، وانتفاضة الشعب المصري،، التي نجحت بإسقاط النظامين الدكتاتوريين، الذين عطلا تطور ونمو القطريين العربيين بشكل مقرف، وأفقرا شعبيهما الأبيين بطريقة مذلة، فكانت انتفاضة الشعبين العارمتين، اللتين فتحتا الباب على مصراعيه للجماهير العربية، في ليبيا، وسوريا، والبحرين واليمن، لتسلك نفس السبيل.


ومع انه لا يمكن وصف كل من خرج إلى الشوارع منتفضا بوجه الدكتاتورية، بأنه عميل للأجنبي،لكن الأكيد أن البعض الآخر، هو مدفوع بأجندات خارجية،لا تستهدف فقط إسقاط النظام، وإقامة البديل الديمقراطي على أنقاضه،كما يتداوله الإعلام المأجور،في مسعاه المقصود لتضليل الرأي العام العربي، وإنما الهدف هو ابعد من مجرد إسقاط النظام، حيث الهدف الأكبر هو نفط المنطقة، وإعادة صياغة الخارطة من جديد، والتآمر على الموروث التاريخي الحضاري للأمة العربية، في إطار استرتيجية الفوضى الخلاقة، التي تلت الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق.


ولعل الاستقواء بالأجنبي، كما حصل باحتلال العراق، وما يجري الآن على الساحة الليبية، حيث ( ثوار الناتو ) المدعومين من المجتمع الدولي الأوربي والأمريكي، وبعض النظام العربي، وبحماية طائرات الناتو الأجنبي، التي دمرت الحياة في ليبيا، وما بدأ يشاهده المواطن العربي الآن، من شعارات مرفوعة في أوساط المتظاهرين في سوريا، تطالب بحماية المجتمع الدولي للشعب السوري، إنما تعكس الارتباط الوثيق، بين البعض من أطراف المعارضة والخارج بشكل واضح،مما يجعل الإنسان العربي في عموم الساحة العربية، يشعر بعدم الرضا عن هذه الممارسات، ويحس بان الاستقواء بالأجنبي،على الداخل العربي،بذريعة التصدي لدكتاتورية الأنظمة وقمعها، ظاهرة سلبية في تاريخ الأمة المعاصر، إذ بدأ يتبلور لديه الإحساس بان الإصلاح والتغيير مطلوبان بشكل ملح، ولكنهما يجب أن يحصلا بأدوات داخلية صرفة، وبإرادة شعبية خالصة، لا يلطخها العامل الخارجي بوحل أجنداته الخبيثة،التي باتت معروفة الدوافع للجميع.

 

ولاشك أن الشعب العربي قادر على أن يصوغ قدره بنفسه،ومن دون الحاجة للاستقواء بالأجنبي،والاستعانة بأدواته،والأمثلة على ذلك في تاريخه كثيرة،ولسنا بحاجة لاستعراضها.

 

 





الاحد٢٨ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة