شبكة ذي قار
عـاجـل










ابتداء لابد من القول،بان من حق الشعب العربي في أي قطر من أقطار الوطن العربي، سواء في ليبيا، أو في سوريا، أوفي غيرهما ، أن ينتفض على الدكتاتوريات الحاكمة ، للمطالبة بحقه المشروع ، بالحرية والديمقراطية ، وإجراء إصلاحات التغيير ، وغيرها من الايجابيات التي أفرزتها الحداثة ، والديمقراطيات المعاصرة.

 

وليس بمقدور بعد اليوم، أن يستنكر عليها مثل هذه الحقوق،مع التمني بالطبع،   أن يجري انتزاعها بأسلوب سلمي حضاري، من دون اللجوء إلى إثارة الفوضى،وتخريب المتراكم من الشواخص الوطنية، واستخدام السلاح لقتل المواطنين، والاستقواء بالأجنبي، على الداخل العربي، تحت أي ذريعة. ولا شك انه بهكذا تصرف مقبول، تنأى الجماهير عند المطالبة بحقوقها عن وصف الثورة على النظام، أو الانتفاضة الشعبية عليه, بالفوضى والتمرد، إذ بالمحصلة فان خروج الجماهير المنتفضة عن هذه الآلية الحضارية،بدفع من الأجنبي،سيضعها في خانة وصف التمرد،بما سيتركه على الوطن من تداعيات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، اكبر بكثير من جرائم النظام القائم وموبقاته.

 

ولعل ما يثير السخرية في هذه المقاربة، هو التعامل المزدوج للغرب عند تعاطيه مع انتفاضة الشارع العربي، مقارنة بما يجري في الشارع البريطاني،حيث وصف رئيس وزراء بريطانيا الذين يجوبون شوارع كبريات المدن البريطانية، تعبيرا عن استيائهم من موبقات النظام الرأسمالي، الذي بدا يترنح ليس في بريطانيا فقط،بل في اعتى قلاع الرأسمالية المعاصرة،ألا وهي الولايات المتحدة الأمريكية،بمثيري شغب ومجرمين،في حين يتباكى هو وقادة الناتو، على معارضي نظام ألقذافي في ليبيا،وكذلك المتظاهرين في المدن السورية، ويصفونهم بالثوار،في أبشع ممارسة لسياسة المعايير المزدوجة، رغم أنهم يعرفون أكثر من غيرهم حقيقة المتمردين، كأداة صنعتها مطابخهم، وبالتالي فهم ليسوا إلا دمى تحركهم استراتيجيات القوى الكبرى،لخدمة مصالحها في الوطن العربي، تنفيذا لمشروع الشرق الأوسط الكبير، بغطاء التغيير، والحاجة إلى الإصلاحات الديمقراطية.  

 

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن هو: لماذا يتقبل الإعلام العربي بالذات، والرأي العام، الوصف البريطاني للمتمردين في بريطانيا بأنهم مثيري شغب، ومستغلين،في حين يعمد إلى تحسين صورتهم في ليبيا وسوريا وينعتهم بالثوار؟    


ليس هناك من إجابة، سوى إنها سياسة ازدواج المعايير، والكيل بمكيالين، التي دأب الغرب الأوربي والأمريكي اعتمادها، في تعامله مع قضايانا العربية،والتي تتحرك على إيقاعاتها الفضائيات العربية الممالئة لها.ولان أصابع الأجنبي هي التي تحرك الفوضى الخلاقة في سوريا ، وليبيا ، ومن قبلهما في السودان ، وغدا ربما في أقطار الخليج العربي، حيث جاء دورها،فان يبدو أن الجميع، قد وعى الآن سياسة الكيل بمكيالين،وأيقن أنها سوف تظل متلازمة مع المصالح الغربية، في الوطن العربي، ومرادفة لمشروع تشظيته بالفوضى الخلاقة.

 

 





الاحد١٤ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة