شبكة ذي قار
عـاجـل










المتابع للتغطيات الإعلامية ، التي تهتم بالأحداث ، والتغيرات الجارية على الساحة العربية الآن ، التي تقوم بها بعض القنوات الفضائية ، وخاصة تلك الفضائيات التي تحظى باهتمام قطاع واسع من المشاهدين ، يلمس أنها متحيزة بهذا الشكل أو ذاك ، إلى طرف معين من أطراف الحدث ، وذلك بالرغم من أن تلك الفضائيات تدعي أنها تلتزم الحياد والموضوعية ، في تغطياتها وتحليلاتها الإخبارية للأحداث.وما أن لاحظ المواطن العربي تحيز تلك الفضائيات ، في تغطياتها الإخبارية ، سواء بشكل مباشر ، أو بشكل مستتر ، في محاولة مقصودة منها ، لتمرير رسالتها الحقيقية للمشاهد ، عبر حبكة متقنة ، بمهنية فنية ، يصعب أحيانا على المشاهد العادي فرزها ، وفك ألغازها ، حتى اخذ يتعامل مع تلك التغطيات بحذر شديد ، بعد أن اهتزت مصداقيتها في نظره. كما أن وعي المشاهد العربي لحركة الأحداث ، على ساحته ، واهتمامه الشديد بما يدور حوله ، من واقع قناعته الذاتية ، بأن الأمر يعنيه بشكل مباشر.. جعله يتمكن بحسه العفوي ، من فرز المعلومة المبثوثة ، التي تحاول دسها هذه الفضائية ، أو تلك ، في تغطياتها ، بهدف تنفيذ إستراتيجيتها الإعلامية ، وخدمة أغراض الجهة التي تقف وراء تلك الفضائيات.
 
 ولان الأمر يتعلق بمصير المواطن العربي ، وصياغة مستقبله ، فانه لم يعد متلقيا عفويا ، يقبل المعلومة التي تبث إليه على عواهنها ، ومن دون تمحيص.بل انه بدأ يحلل المعلومة بدقة ، ويتصدى لها بوعي تام ، فيقبل ما يراه منها ، يتوافق مع مصلحته الوطنية والقومية ، ويرفض منها ، ما يتناقض معها.بل إن المشاهد العربي ، بدا يأخذ زمام المبادرة ، في كثير من الأحيان ، للتكهن بكثير من المعطيات ، والأحداث المتوقعة ، في عملية سبق استكناهي ، لما سيحصل على ساحته ، قبل أن يكون في وارد تلك الفضائيات تداولها.وامتلك المشاهد من الحس الملتزم ، من خلال تجربته المتراكمة ، في تعامله مع ما تبثه تلك الفضائيات ، ما جعله يحدس ، ويتصور مسبقا ، ما ستقوم به بعض الفضائيات ، من بث مستهدف ، وما ستركز عليه ، من الأمور الساخنة ، بأسبقية واضحة ، على غيره من الأحداث ، بهدف خلق قناعة عامة ، لدى أوسع قطاع من المشاهدين ، لتقبل الحدث وتمريره.
 
 ولقد استبان المشاهد في الآونة الأخيرة ، من التغطيات الإعلامية ، للكثير من الفضائيات ، للأحداث الجارية في الوطن العربي ، بان تلك الفضائيات ، وان كانت تتبنى في ظاهر إستراتجيتها الإعلامية ، الحياد ، والشفافية ، والرأي الآخر ، إلا أن واقع الحال ، اثبت أنها تعكس بشكل غير مباشر ، وأحيانا بشكل سافر ، الرأي الآخر فقط ، وتدعم سياستها المتحيزة ، بالكثير من البيانات والأدلة ، لترسيخ وجهة نظرها ، وتمريرها ، ومن ثم فرضها كواقع حال ، على المشاهد ، والتأثير في قناعاته وخلخلتها.
 
 وبغض النظر عن صدقية تلك الفضائيات ، في اعتماد وتنفيذ سياستها ، التي تزعم حياديتها ، وشفافيتها ، فان تلاعبها بعرض الحائق الحاصلة في الميدان وفبركتها ، بما يمكنها من تمرير أغراضها ، وفقا لما يريده منها مالكها ، أو صانع القرار السياسي لها ، فأنها تظل وسيلة فعالة ، للتأثير في قناعات المشاهدين ، وبالتالي التأثير في قناعات الرأي العام العربي ، لتقبل وجهات النظر المطروحة ، حتى وان كانت لا تصب بخدمة مصلحة الجماهير ، وطنيا وقوميا ، وذلك من واقع كونها أدوات فعالة ، في تشكيل الرأي العام ، وتهيئته لتقبل سياسات صناع القرار ، الذين يقفون وراء تلك الفضائيات.ويكون الأمر أكثر خطورة ، عندما تتمادى في التأثير ، في معنويات المشاهدين وزعزعتها ، فتخلق حالة من الإحباط ، الذي قد يؤسس لهزيمة نفسية ، في أوساط الرأي العام ، بحيث يتحول إلى عنصر سلبي ، يعوق حالة التطلع البناء ، والتفاعل الايجابي ، مع التغيرات التي تصب في المصلحة الوطنية ، والقومية للجمهور العربي ، في اللحظة المناسبة.

 

 





الخميس١٦ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة