شبكة ذي قار
عـاجـل










قال تعالى في محكم كتابه العزيز ".. والفتنة أشدُ من القتل " ، وفي الحديث المروي " الفتنة نائمة .. لعن الله من أيقظها ."، فأين يا ترى ما تفعله قناة الجزيرة الفضائية في حق أُمة العرب وقضاياها المركزية من هذه القيم الروحية والأخلاقية !؟.. وهل حقاً .. أنً ما تفعله يدخل ضمن خطة حزبية مدروسة ، يتحدد دور القناة فيها ، بخلق إرباكات - كالتي نراها هذه الأيام - في كل قطرٍ تكون فيه استعدادات فصيل سياسي معروف ( الإخوان المسلمين ) ، قد بلغت ألجاهزية القادرة على امتطاء موجات هذه الإرباكات للاستيلاء على الحكم فيه !!؟ ، أم إنهما – أي القناة والفصيل – جزءً أصيلاً في مجموع أدوات إستراتيجية " الفوضى الخلاقة " التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأمريكية نهجاً ، للتحكم بمجريات ألأحداث في المنطقة حمايةً للكيان الصهيوني ، وفي العالم لحماية مصالحها الحيوية في ربوعه !؟.


لقد كنت من أشد المتحمسين – حد العصبية العمياء – لقناة الجزيرة ، وكم تعاركتُ واختلفت مع أحبة لي وأصدقاء ورفاق على موقفي هذا ، وصلت في بعض الأحيان حد القطيعة ، إلى أن تولى إدارتها السيد/ وضاح خنفر – المعروف بانتمائه السياسي - ، وبدأت في عهده تظهر بجلاء الانتقائية الفجة في تناول القناة للقضايا العربية والإسلامية ، من جوانبها المختلفة " التاريخية منها والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية ..الخ ، والتي عكست نفسها في كل نشرات " الجزيرة " الإخبارية ومعظم – إذا لم يكن كل – برامجها الحوارية وعلى الأخص منها " بلا حدود - الذي يعده ويقدمه السيد /أحمد منصور - ، وحوار مفتوح - الذي يعده ويقدمه السيد/ غسان بن جدو - ، والاتجاه المعاكس - الذي يعده ويقدمه السيد/ فيصل القاسم - ، وجميع هؤلاء – كما يعلم القاصي والداني – لهم توجهاتهم السياسية المعروفة ولهم ثأراتهم المعروفة أيضاً مع أنظمة الحكم في أقطارهم !! ، الذين استطاعوا بهذه البرامج – باعتبارهم المعدين والمقدمين لها - تدريجياً وبخطة منهجية مدروسة - إجهاض شعار قناة الجزيرة المعروف " بمنبر من لا منبر له "، ليصبح منبراً منحازاً لوجهة نظر أيديولوجية معروفة ، لا يخطئ المشاهد في معرفتها بمجرد مشاهدته وسماعه لأية فقرة أو نشرة أو برنامج يذاع من هذه القناة ، وتشعره بأنً كل ما تُقدٍمه في البرامج المختلفة وحتى في نشرة الأخبار ، يخرج فعلاً من مطبخٍ سياسي محترف وموَجًه وليس من جهةٍ إعلاميةٍ مهنيةٍ حرفيةٍ مستقلًة ، تستهدف الحقيقة كما هي في الواقع !؟.


لم تفقد قناة الجزيرة بهذه البرامج عذرية وحيدة ونزاهة الخبر والكلمة التي كانت تتميز بها فحسب ، وإنما وضعت نفسها للأسف الشديد ، في دائرة الشك والاتهام العربي – الإسلامي ، بأنها وجدت لتنفيذ أجندة أجنبية معلنة ومعروفة ، تستهدف الحيلولة دون تحقيق أي تقاربٍ عربي – عربي أو عربي – إسلامي ، يحقق للأمة توازنها ، ويمكنها من أدنى حدود " الالتزام بحبله تعالى " لمواجهة المخاطر المحدقة بالأمة ، وتستهدف إبقاء أقطار الأمة مشغولة في نفسها ومشاكلها الداخلية وفي نزاعاتها البينية ، بعيداً عن برامج التنمية وعن إستراتيجيات ومشاريع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وفي المنطقة العربية عموماً !!؟ .


قد يعتقد البعض إنً هذه المخاوف الطاغية لدى السواد الأعظم من السياسيين والمثقفين العرب المتابعين لقناة الجزيرة مُبالغ فيها ، لكنً المؤشرات البارزة التي لا تقبل التأويل ، لأدوار قناة الجزيرة الابتزازية والتخريبية في الواقع العربي ، والمعكوسة بوضوح في إستراتيجيات قنواتها المختلفة ، وفي نشراتها الإخبارية وبرامجها الحوارية ، وتقاريرها السياسية والاقتصادية ، وفي تمويلها السخي لكتب ودراسات ومواقف وأنشطة ومساهمات مُراسليها والمخططين والمعدين لبرامجها وندواتها ومؤتمراتها ، وفي تفرغها الكلي والمبرمج لزرع الفتن والفرقة والشحناء وتأجيج الصراعات والخلافات بين مكونات الأمة المختلفة ، - أكانت بين القوى والأحزاب العربية فيما بينها ، أو بين الأنظمة وبعضها البعض ، أو بين الأحزاب وأنظمتها ..الخ - ، نقول .. لكنً كل هذه الشواهد والحقائق والقرائن – بفضائحها وأكاذيبها التي تعرًتْ في اليمن وليبيا وسوريا - ، لا تمنح المتابع لهذه القناة أية فرصة أو دليل أو عذرٍ ، لتبرير ما تقوم به من دور تأجيجي للخلافات والاختلافات العربية – العربية ، أو ألتغاضي والسكوت عن الأضرار الفادحة التي تلحقها هذه الإستراتيجية الإعلامية المغرضة ، بالنسيج الوطني الداخلي لكل قطرٍ عربي على حدة ، وبالحد الأدنى المتبقي من التقارب العربي – العربي ، الذي يعمل كل شرفاء الأمة لتطويره وتحسينه وتقويته ، صوناً للمصالح العربية العليا ، وللدفاع عن حقوق الأمة المسلوبة ، ناهيكم عن التماس تبرئة هذه المحطة أو إخراجها من دائرة الاتهام بالتآمر الفاضح والمكشوف على القضايا العربية ، بدعاوى وتحت يافطة تبنيها والحرص عليها والانتصار لها ، لكن – للأسف الشديد - على قاعدة " ومن الحب ما قتل !!."


عندما بدأت قناة الجزيرة بتركيز غريب تناول واستهداف رموز الفكر القومي وقادته بالتشويه والتهجم والإساءة والقدح ، ابتداءً من جمال عبد الناصر إلى ميشيل عفلق إلى صدام حسين وياسر عرفات وأبو رقيبة رحمة الله عليهم أجمعين ، وغيرهم الكثير ممن نهشت برامج قناة الجزيرة في تاريخهم ورفاتهم وهي في قبورها وبين أيد بارئها ، مع إن هؤلاء الرموز يعتبرون بأعمالهم ومنجزاتهم – بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معهم - الوجه المضيء الوحيد في التاريخ المعاصر للأمة ، وكانت هذه الحملة الظالمة موازية تماماً لحملة أخرى مصاحبة يتولاها نفس المُعدين لهذه البرامج ، تمجد وتبجل وتشيد وتُخلٍدُ رموز أخرى من فصيل " الإخوان المسلمين " ، في ظاهرة غير موفقة أفقدت تماماً قناة الجزيرة حيدتها ومهنيتها والسمعة الجيدة التي كانت قد اكتسبتها حين انطلاقتها !!؟.. حينها .. وفي ذلك التاريخ ، تلقت قناة الجزيرة آلاف الرسائل المحتجة والمنددة والمستنكرة لذلك النهج المتحيز ، ونُشرت عشرات الآلاف من المقالات والبرقيات والتصريحات والمقابلات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية، الرافضة والمستهجنة لمسلك قناة الجزيرة ، الذي يبذر في واقع العرب القابل والمُهيأ لكل وأي شقاق ، أخطر بذور الفرقة والتناحر بين قواه الفاعلة وأنظمته المختلفة !!، وكنت في ذلك التاريخ ، ممن خاطب قناة الجزيرة على موقعها الالكتروني ، منتقداً مثل هذه البرامج المتطاولة على هذه الهامات الباسقة في تاريخنا ، والمتحدية لمشاعر الناس والمحبطة لآمالهم والمحطمة لمُثُلهم العليا ، وقلت حينها في رسالتي البريدية للقناة .." لقد خرًب فأرُ صغير، سدً مأرب في عهد سبأ .. وخرب مع السد واحدة من أعظم حضارات الدنيا .. واليوم نرى أكثر من فأر بحجم إنسان في قناة الجزيرة ، سيُخربون صرحاً إعلامياً عظيماً ، فرحنا به ووجدنا أنفسنا فيه وانتشلنا من ظلمات إعلام ما قبل التسعينات إلى الفضاء الإعلامي الدولي .. وقناة عرًفتنا بالعالم وعرًفت العالم بنا .. فلا تسمحوا لهذه ألفئران المتربصة، بهدم هذا الصرح العظيم، وتنفيذ مخططها ألظلامي المكشوف !؟ " ، كُنت حينها مبهوراً بالجزيرة ! .. لكن .. ورغم كل تلك الأصوات ، التي كان حرصها على قناة الجزيرة يأتي في المقام الأول ، فإنً القائمين عليها كان لهم – كما بدى مؤخراً - رأي وإستراتيجية أخرى ، مبرمجين عليها ومكلًفين بالوصول إلى نتائجها المرسومة لهم بأي ثمنٍ كان وبأية وسيلة كانت ، فوسًعوا من استهدافهم لرموز الأمة ، وواصلوا منهجهم في تشريح جسدها المنهك ، حتى وصلوا لمرحلة كسر العظم ، " وأكل لحم الأخ ميتاً " بأسنان الصهاينة ، بما أحدثوه من فتنة ثأرية خبيثة بين أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد وفصائله على الساحة الفلسطينية !!؟.


لقد عاثت قناة الجزيرة فساداً في العلاقات العربية – العربية ، فشاهدناها تدق الأسافين السامة ، بين قطر والبحرين تارة ، وقطر والسعودية تارة أخرى ، ثمً بين مصر وسوريا وبين الأخيرة والسعودية ، وهكذا ، تستغل الأحداث والتصريحات ، وهي تعلم حساسية الأوضاع العربية وتعلم إنً تدخلها بطريقة نكء الجراح التي تستعملها عادةً سيوسع الخلاف ، ومع ذلك تواصل مهمتها في دق أسافين فتنتها بين مكونات الأمة ، لمزيدٍ من الخلاف والفرقة ، ومن هذه الأسافين " حين يتصل المذيع أو يسأل مقدم البرنامج " وزيراً " من هذا النظام عن اتهام نظام آخر لهم بالعمالة لأمريكا والغرب والتفريط بحقوق الأمة .. الخ !!؟ ، فيجيب الآخر باتهام من اتهمه بالارتهان لإيران ومخططاتها الاستيطانية في المنطقة .. الخ !!؟ .. وهكذا يتنقل ميكرفون الجزيرة ، يحمل أقذع الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ، ولا ينفك عنهما حتى يكون قد تأكد من قطع كل ما بين القطرين من أخوًة وصداقة وود ، وزرع مكانها كل ما يدعو للكراهية والحقد والشقاق والفرقة !!؟ ، ومع كل هذا يقولون .. " نحن فقط ننقل ما يُقال ويُنشر وقصدنا شريف !!؟ " ، أي قصدٍ شريف هذا وأنت تتعامل مع الخبر بأسلوب النميمة والفتنة والإيقاع بين الطرفين !!؟ .. كل هذا " كوم " كما يقول الأخوة المصريون ، ونوادر صاحب برنامج " صراع الديكة " ، " كوم آخر" ، الذي يقول لضيوفه بالواضح " لم آتي بكم هنا لتبادل الابتسامات والمجاملات ، جبتكم لتتعاركوا .. أريد الحلقة تشعل نار !؟ .. أريدكم تشتموا بعض، تكفروا بعض، تخونوا بعض، ممنوع شرب ألينسون والليمون، اشربوا السوائل التي ترفع ضغط الدم، حتى تُحللوا ما أصرفه عليكم.. وهذا الكلام قاله لوسائل الإعلام أحد المفكرين الكويتيين الذي اضطر لمغادرة البرنامج بعد مشادة حقيقية مع مقدمه !!؟" .


هناك أقطار غنية ، ليس لديها مشاكل الفقر والبطالة ، تحملت ولا زالت تتحمل عبث الجزيرة في أوساط مواطنيها ، وتمكنت بقوة مداخيلها من عبور أزماتها – كما هو حال الكويت والسعودية مثلاً – ، لكنً قناة الجزيرة كانت تعلم جيداً ما قد تفعله فتنتها من خراب في اليمن والمغرب وموريتانيا والسودان والجزائر ومصر ، نظراً للمعاناة الاقتصادية ، والأوضاع الاجتماعية المعقدة والخطيرة التي تعيشها هذه الأقطار ، ناهيكم عن خطورة استهداف " قناة الجزيرة " لكلٍ من سوريا وفلسطين اللتين في حالة تماس حربي يومي مع العدو الصهيوني !؟، ومع ذلك تعمًدت قناة الجزيرة ولا تزالُ تتعمًدُ بخبثٍ يصل حد الإجرام أحياناً ، على إثارة الفتن في هذه الأقطار ، وصل في معظم الأحوال حد الاقتتال وإزهاق الأرواح وتمزيق الوحدة الوطنية وتفتيت الأوطان ، كما حدث في اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين !؟، وفي الصفحة الأخرى أحدث عبث قناة الجزيرة بالعلاقات البينية العربية ، تخريبٍ غير مسبوق في علاقات الأقطار ببعضها ، بما أدي إلى إيقاف التعاون فيما بينها ، وتعريض مشاريعها الاقتصادية والتنموية المشتركة في إطار التكامل الاقتصادي العربي للتجميد والتعثر ، وبالنتيجة زيادة البطالة والفقر في الكثير منها ، ودفع الأقطار ألأكثر تضرراً ، إلى مزيدٍ من الارتماء والرضوخ للضغوطات والإملاء آت الأجنبية !؟ ، وقد كانت " الوثائق المزورة " أو مسودات المحادثات الفلسطينية – الصهيونية ، التي سربتها المخابرات الصهيونية لقناة الجزيرة ، القشة التي قصمت ظهر قناة الجزيرة ، وكأنه طعمُ صهيوني مبرمج ومخطط له جيداً ، ضربَ عصفورين بحجرٍ واحد ، خرًب هذا الصرح الإعلامي العربي التاريخي ، وأفقده مصداقيته ونزاهته على الأقل لدى العرب من جهة ، ومن جهة أخرى ، حقق بقناة الجزيرة ودورها التخريبي في جسم الأمة ، شرخ ثأري - دموي عميق بين أبناء وفصائل الشعب الفلسطيني ليس من السهل ترميمه ، لأن ما أسميت " بوثائق الجزيرة " التي لم تكن أكثر من مسودات لمحادثات جانبية بين أطراف الحوار، فَبْرِكت قضايا وحوادث قتل وتصفيات دموية جماعية وفردية ، لأسرٍ وأفراد ، اتًهمت فيها شخوص وفصائل وجماعات معينة ، من شأنها أن تُشعل بهذه الفتنة ، نيران الأحقاد والثارات العائلية والعشائرية والفصائلية ، لتشمل كل شبرٍ في فلسطين الجريحة وأيضاً في مخيمات الشتات ، في محاولةٍ خبيثةٍ لإبقاءِ واقع الفرقة والتناحر الفلسطيني قائماً ، ولقطع الطريق على أية محاولة للصلح وإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية على طريق استعادة الأرض المسلوبة ، وكل هذا بالتأكيد ، لصالح الكيان الصهيوني ومشاريعه في " الوطن – أو ألأوطان البديلة !" ، وفي مواصلة تهويد القدس وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً !!؟.. فماذا تريد يا ترى قناة الجزيرة بأفعالها هذه من أمة العرب ، وما الهدف الذي ترمي الوصول إليه !؟ ولصالح من يعمل أباطرة هذه البرامج ألتدميرية في قناة الجزيرة ؟.


ليس خافياً إنً الجزيرة " القناة " أصبحت – كما قلنا - تمثلُ فكراً سياسياً واضحاً ، وتُعبر عن هذا الفكر بكل صراحة ووضوح ، ولهذا لم تعد قناة مهنية محايدة كما تدًعي ، لا يؤكد هذا نهجها العام فقط ، وإنما أيضاً اختيارها لمدراء مكاتبها ومراسليها ومسؤؤلي الإدارات المفصلية فيها عدى الأجانب منهم !؟ ، وعندما تنحاز القناة الإعلامية إلى طرف أو فكر معين تنتفي عنها صفة الحيدة والمهنية ، وهذا بالضبط ما ينطبق على قناة الجزيرة ، التي عليها – من باب احترام الذات وعقول المشاهدين – أن تتخلى عن شعار " منبر من لا منبر له " ، فشعارها هذا لم يعد يصدقه أحد ، بل إنً الجميع أصبحوا مهيئين لتقبل رؤية " شعار الأخوان المسلمين " على شاشة القناة ، حتى تُحقق الشفافية في عملها ، وتتجاوز العمل السري في عهد الديمقراطيات ، وتخرج من نفق معاصي الفتنة والنميمة المؤدي والعياذ بالله إلى نار جهنم وبئس المصير !!.. ولك الله يا وطن .


Ahawash1@gmail.com

 

 





السبت٠٥ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الواحد هواش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة