شبكة ذي قار
عـاجـل










أزاء انزلاق الأوضاع السياسية في بحريننا الغالية الى منزلقات أمنية وطائفية خطيرة، يود التجمع القومي التأكيد بأنه ومنذ اندلاع حركة الانتفاضة الشبابية في فبراير الماضي وهو يضع نصب عينيه هدفين رئيسيين هما تحقيق المطالب المشروعة للجماهير والحفاظ على الوحدة الوطنية، بل أننا أكدنا مرارا خلال اجتماعات الجمعيات المعارضة أن تحقيق المطالب يجب أن لا يكون على حساب الحفاظ على الوحدة الوطنية لشعبنا العزيز، ويجب أن تبنى المواقف السياسية على هذا الأساس.


أن بلد صغير متعدد الطوائف مثل البحرين لا مستقبل له دون وحدة طوائفه، وأنصهارها في نسيج اجتماعي وطني يضع المواطنة الدستورية هدف أعلى تتساوى بظله كافة الحقوق والواجبات دون أي تمييز أو تفريق، وتترسخ فيه روح التسامح والمحبة والأخاء.


أن التجمع القومي كان منذ البدء ولا يزال يؤمن بأن مطالب مثل الملكية الدستورية والدستور الديمقراطي والحياة الكريمة والتوزيع العادل للثروة والسلطة هي مطالب وطنية خالصة لا تخص طائفة بعينها، وهي مطالب جامعة وموحدة غير مفرقة، وجاءت مواقف التجمع طوال الفترة الماضية ساعية لتجسيد هذه النظرة، لذلك سعينا للحفاظ على سلمية الحركة المطلبية وأبعادها عن خطاب التوتير والاستعداء الطائفي الصادر عن بعض الأطراف السياسية أنطلاقا من هدف الحفاظ على الوحدة الوطنية، وكنا ولا نزال نؤمن بأن أي مطالب سوف تتحقق على الأرض لا بد أن يتم التوافق عليها وطنيا.


ونؤكد اليوم بأن هذا الموقف لا ينفي بالضرورة وجود التفاوت في المطالب على أرض الواقع بين القوى الاجتماعية والسياسية الممثلة للنسيج الوطني لشعبنا، ولكننا للأسف وجدنا أن هذا التفاوت ينطلق من هواجس ومخاوف تغديها شعارات وممارسات غير واقعية وغير سلمية لا تمثل أغلبية ما اتفق عليه الشعب من جانب والأساليب الأمنية التعسفية التي اتبعت في قمع حركة المطالب من جانب أخر، كما لعب الإعلام الرسمي دور المؤجج للخلافات الطائفية والتأليب على الأخر، ولم يلعب هذا الإعلام دورا وطنيا مسئولا على الإطلاق.


لقد بذل التجمع، ومن خلال موقعه في قلب الحركة المطلبية، جهود كبيرة خلال الفترة الماضية لدرء الفتنة على أكثر من جبهة، فمن جهة رفضنا ولا نزال الممارسات والشعارات الخاطئة الخارجة عن إطار مطالب الحركة الشعبية المشروعة، وعملنا مع أخواننا في الجمعيات المعارضة على محاصرتها وإنهائها وإزالة كافة مظاهر التوتر في الشوارع رافضين فكرة العصيان المدني لكي لا تخرج هذه الحركة عن مسارها السلمي الصحيح، ومن جهة ثانية بادرنا لفتح الحوار مع تجمع الوحدة الوطنية لتهدئة المخاوف والسعي لإيجاد أرضية مشتركة للمطالبات المشروعة، ومن جهة ثالثة رحبنا بالمبادئ التي أعلن عنها سمو ولي العهد كأرضية إيجابية يمكن الانطلاق منها للتوصل لحل مشترك لتلك المطالبات، بما في ذلك إصرارنا وتمسكنا بأن أي صياغة لمواد الدستور المقترح يجب تحظى بموافقة نسب تطمئن الجميع وتحظى بتوافق وطني عليها. كما شارك التجمع في كافة التجمعات والمبادرات الهادفة للحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية.


غير أن التسابق للخروج عن المسار السلمي للحركة المطلبية لدى الطرف الحكومي بالدرجة الأولى وبعض أطراف المعارضة التي حملت شعارات غير سلمية بالدرجة الثانية قد أدى للتصادم الحتمي بينهما، وأدخل البحرين من جديد في نفق المواجهات الأمنية والعسكرية المرفوضة.


أن التجمع القومي يؤمن بأن النضال من أجل نيل المطالب المشروعة لا بد أن يمر بطريق وعر متعرج، خصوصا عندما يتم رفض تحقيق هذه المطالب، بل ومواجهتها بالعنف والقمع، ومثل هذه المعالجات ليست لها أي مستقبل، بل هي حلول مؤقتة، وتضيع على البحرين سنوات جديدة من البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي السليم، وتؤخر التحام البنية الاجتماعية على اساس المواطنة الدستورية المنشودة.


أن التجمع القومي يرى أن مواصلة النضال السلمي والديمقراطي من أجل تحقيق المطالب المشروعة في الوصول إلى الملكية الدستورية وأن تكون تجربتنا الديمقراطية على شاكلة الديمقراطيات العريقة التي نص عليها ميثاق العمل الوطني هو حق مشروع لكل الشعب، ونرفض وبقوة وبنفس الوقت اليوم وغدا بأن يتم تحقيق هذه المطالب على حساب وحدة النسيج الاجتماعي لشعبنا. بل أننا نرى أن الحفاظ على هذه الوحدة بات اليوم يحتل أولوية قصوى. كما نرفض وبنفس الشدة تدويل مطالبنا الوطنية والتدخل الخارجي في شئوننا الداخلية أي كان مصدره انسجاما مع موقفنا المبدئي والاستراتيجي برفض الاستقواء بالخارج في شئوننا الوطنية..


كما أننا نرفض ونسنتكر ما يجري على الأرض هذه الأيام من ممارسات أثارة الرعب والخوف في نفوس المواطنين وأي كان مصدرها ومن يقف وراءها تحت أغطية المواجهات الطائفية المفتعلة، وبنفس الوقت نستشعر بمسئولية عالية مخاوف كافة فئات المجتمع وطوائفه من تلك الممارسات التي تسعى لجرها إلى مواجهات وتصادمات طائفية بغيضة، كما نرفض تصوير المطالبات الشعبية المشروعة، سواء التي تنادي بها الجمعيات المعارضة أو تجمع الوحدة الوطنية، وكأنها إعلان حرب بين طوائف المجتمع، بل نجد فيها حالة طبيعية ومشروعة لا يمكن تسويتها والخروج منها الا من خلال الحوار والحوار السلمي فقط. فالمطالب اليوم، ومن كلا الطرفين، موجهة للحكم للاستجابة لها، وليس فيما بينهما لتقديم التنازلات بشأنها.


لذلك، فأننا إذ نؤيد مبدأ الحوار السلمي الديمقراطي بين قوى المجتمع السياسية والاجتماعية للخروج من الأزمة التي تعاني منها بلدنا الحبيبة، فأننا نوجه دعواتنا الخالصة والصادقة لأبناء الوطن بكل طوائفهم وقواهم بأن ينشروا روح التسامح والمحبة بينهم، وأن ما يجمعهم من أواصر القربى والرحم والعروبة والدين والمستقبل الواحد هي أقوى من كل مفرق ومجزئ، كما نطالب القوى السياسية والعلماء ورجال الدين والشخصيات الوطنية والمثقفين أن تتخذ سلسلة من المبادرات لتأكيد تلك الأواصر وتعميقها بغض النظر عن استمرار وجود التفاوت في المطالب السياسية مع التأكيد على الحفاظ على سلمية المطالبات، والابتعاد عن الممارسات والشعارات المفرقة والاستعدائية، وعلى الإعلام الرسمي أن يتوقف فورا عن برامجه وخطاباته الممجوجة، وقبل كل شي، وللوصول لانفراج الأزمة الراهنة، على السلطة أن تبادر لإزالة كافة المظاهر الأمنية والعسكرية مقابل الحفاظ على سلمية المطالبات ومن ثم الشروع فورا في حوار وطني للتوافق على دستور جديد للبلاد يستجيب للمطالب المشروعة لكافة مكونات الشعب ويفتح الأبواب أمام مستقبل مشرق لأبناءنا وأهلنا وأجيالنا القادمة.

 


المنامة
٢٠ / أذار / ٢٠١١

 

 





الثلاثاء١٧ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب التجمع القومي الديمقراطي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة