شبكة ذي قار
عـاجـل










الانتفاضة الشعبية الليبية التي قامت بها الجماهير الساخطة على نظام معمر ألقذافي كان هدفها الأساسي منذ البدء في الاحتجاجات هو تحقيق مطالب سياسية واجتماعية مشروعة ولكنها اختطفت من قبل عناصر موالية للغرب وتحولت الى حرب أهلية مسلحة ومؤامرة خيانية يطالب فيها عملاء الغرب التدخل العسكري المباشر لحسم الموقف لصالحهم. المطالب التي تقدم بها ممثلي ما يسمى "المجلس الوطني المؤقت" وحسب تصريحاتهم الإعلامية الأولية كانت فرض حضر جوي على الأجواء الليبية لمنع استخدام القوة الجوية الليبية في المعارك المسلحة الدائرة بين المعارضين المسلحين والجيش الليبي المدافع عن النظام وذلك لحماية المواطنين المدنيين من الأذى. وقد سمعنا وقرأنا أيضا أنهم لم يطالبوا بتدخل عسكري غربي مباشر على الرغم من أن هناك اتصالات سرية بينهم وبين جهات غربية تهدد باستخدام القوة لإجبار معمر ألقذافي على التنحي من السلطة ومغادرة ليبيا هو وعائلته. هذه المطالب تحولت الآن الى تدخل جوي عدواني مباشر ليس فقط لضرب الدفاعات الجوية الليبية بل أيضا معسكرات الجيش ومقر الرئيس الليبي معمر ألقذافي وسكناه في منطقة العزيزية. هذه المطالب التآمرية والخيانية الخطير صرح بها عصام غرياني المسؤول الإعلامي فيما يسمى بـ "المجلس الوطني المؤقت" في مقابلة صحفية (أنظر أدناه) مع أنجلي كامات مراسلة محطة تلفزيون "ديموكراسي ناو" الأمريكية. هذا التدخل الجوي المباشر إن حصل فإنه سيؤدي الى خسائر مادية كبيرة في العدة والمعدات الليبية وقتل الكثير من المواطنين الليبيين ونشوب حرب أهلية طاحنة وسيعقبها تدخل عسكري وإحتلال مباشر لليبيا من قبل قوات أمريكية وقوات من حلف شمال الأطلسي وبهذا سيكون هذا المشهد إعادة لسيناريو احتلال العراق لكن الآن على الأرض الليبية. القوى الغربية والعناصر المعارضة للقذافي وكذلك الإعلام الغربي وبعض القنوات الفضائية الناطقة بالعربية تنظر الى الوضع الليبي بعين واحد منحازة ضد ألقذافي وتتهم سلطته باستخدام العنف المسلح ضد الجماهير المحتجة ولم تنظر الى الأعمال الإجرامية والتخريبية التي تقوم بها العناصر المسلحة المحتجة نفسها في كثير من المدن الليبية وقد شاهدنا فيديوهات التخريب للأبنية العامة وقتل وذبح الجنود الليبيين والتمثيل بجثثهم. لو افترضنا جدلا أن الدول الغربية فرضت حظر جوي على ليبيا دون حوادث تذكر بعد انصياع النظام الليبي لأوامرها وبهذا منعت الطائرات الحربية من الإقلاع من مطاراتها، لكن، هل ستبقى هذه الدول مكتوفة الأيدي ومحايدة دون التدخل في الشأن الداخلي الليبي؟!!! الجواب طبعا لا، لأن حتى لو أنها لم تشارك عسكريا في ضرب المواقع التابعة لمعمر ألقذافي فإنها سوف تساعد المتمردين من خلال تزوديهم بمعلومات عن مواقع القوات الحكومية الليبية لتسهيل عملية ضربها والانقضاض عليها.

 

لم يكن معمر ألقذافي ولا نظامه الغريب عميلا للغرب أو للصهيونية العالمية – على عكس ما كان عليه النظام المصري والنظام التونسي وكل النظم الحاكمة الآن في شبة الجزيرة العربية ناهيك عن حكومة الإحتلال في العراق - رغم التصريحات والتفسيرات الإعلامية المتخبطة التي يطلقها ألقذافي بين الحين والآخر، الآن وسابقا، وعليه فإن الوقوف الى جانب ليبيا وشعبها في هذه المرحلة التاريخية من أجل منع كارثة أخرى تصيب أمة العرب هو واجب قومي للدفاع عن جزء عزيز من أجزاء وطننا العربي الكبير ولا يعني بالضرورة الدفاع عن معمر ألقذافي وطريقة حكمه للبلاد والعباد.

 

قبل ان ننتقل الى ما جرى في المقابلة مع الخائن عصام غرياني نود أن نذكر بأن ليبيا كانت ومازالت دولة مستقلة ذات سيادة وأن أي تدخل عسكري في شؤونها عن طريق الجو أو عن طريق إنزال قوات برية مقاتلة في أراضيها يعتبر عدوانا سافرا عليها حسب ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف لأن من حق الدول ذات السيادة إدارة شؤونها بنفسها داخليا وأن الأزمة الليبية هي أزمة داخلية لا غير ذلك. الاستثناء الوحيد لقاعدة عدم التدخل يأتي فقط عن طرق إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي وأن قرار 1970 لم يخول أي جهة في استخدام القوة ضد ليبيا أو فرض حضر جوي على أجواءها.

 

عصام غرياني عضو ميداني في التحالف المسمى بـ "تحالف 17 فبراير" وحسب قوله أنه في تماس مباشر مع "المجلس الوطني المؤقت". سأقدم هنا ترجمة المقابلة التي أجرتها معه أنجلي كامات مع تعليقاتي على ما ذكر.

 

أنجلي كامات : هل يمكنك أن توضح ما هو موقف المجلس بشأن مسألة التدخل الأجنبي في ليبيا؟

 

عصام غرياني : موقفنا، موقف المجلس الوطني المؤقت، جعلناه واضحا جدا من خلال الطلب الذي وضعناه قبل خمسة أو ستة أيام. الطلب كان يتضمن تدخل لوجستي للغاية والذي يشمل فرض حظر الطيران، فرض حظر الطيران فوق ليبيا، كذلك قصف بعض المواقع مثل الثكنات العسكرية التي يحتفظ ألقذافي بمرتزقته، بالإضافة الى مقر باب العزيزية وغيرها من ثكنات قوات الأمن حول طرابلس، وبالقرب من سبها وبالقرب من طرابلس. لم نطلب، ونصر على عدم طلب أي تدخل لقوات برية.

 

عزيزي القارئ لاحظ أن الخائن عصام غرياني لم يذكر اسم الجيش الليبي بل أنه يصف أبناء جلدته من الجيش  كمرتزقة على الرغم من أن كل التحريات التي قامت بها هيومن رايس وونش وغيرها من المنظمات دحضت وجود أي مرتزق ضمن القوات الليبية. كذلك يطالب بقصفهم وقتلهم، وقتل قوات الأمن الليبية الأخرى بواسطة الطائرات الأمريكية وغيرها من طائرات حلف شمال الأطلسي وفي نفس الوقت يقول أنهم لم يطلبوا تدخل قوات برية ولا أعرف ما هو الفرق بين القتل عن طريق القصف الجوي والقتل عن طريق تدخل القوات البرية. إضافة الى ذلك أن القصف الجوي للمواقع الليبية فد ينتج الى إسقاط طائرات حربية أمريكية وأسر طياريها وهذا بدوره سيؤدي الى إنزال عسكري غربي في ليبيا.

 

أنجلي كامات : هل تعتقد أن هناك حاجة الى تدخل دولي من اجل تحرير كل ليبيا؟

 

عزيزي القاري لاحظ الكلمة الغبية "تحرير". تحرير مِنْ مَنْ؟!! وهل ليبيا كانت محتلة من قبل قوى أجنبية؟!!! نفس هذه التعابير الصحفية الغربية استعملت حينما أحتل العراق.

 

عصام غرياني : أعني، نسمع الكثير من الإتحاد الأوربي، الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لا أريد أن أقول يأخذون وقتهم الحلو من أجل التفاوض أو لمناقشة القضية الليبية. ما أود أن – أود منهم أن يدركوا أن كل يوم يمر يسقط فيه الكثير من الضحايا. والآن، مع قواتنا المسلحة الصغيرة، أصبحت الإصابات في كلا الجانبين. طالما لم يتم التعامل مع هذا البلطجي (يقصد معمر ألقذافي) عالميا ومباشرة، اعتقد أن هذا الوضع قد يستمر لفترة طويلة، لأن لديه المال، الذي لا نملكه، ولديه المعدات العسكرية، التي لا نملكها.

 

عزيزي القارئ لاحظ أن هذا الخائن يحث على الاستعجال في اتخاذ قرار التدخل العسكري في بلاده المستقلة ذات السيادة بصرف النظر عن تناقضه مع ميثاق الأمم المتحدة. أي قادة وأي ثوار هؤلاء؟!!! وأي شعب يريد أن يحكمه مثل هذه الزمر التي تستعين بالأجنبي من أجل الكرسي؟!!! 

 

أنجلي كامات : وأخيرا، لقد قرأت الكثير من تعليقات المعلقين في الغرب، أنهم يخافون من أن الذي يحدث في ليبيا قد يؤدي الى اندلاع حرب أهلية فيها.

 

عصام غرياني : لا يوجد مثل هذا الاحتمال، لأن الحروب الأهلية تحتاج، أعني، الى الأطراف المتحاربة. حسنا، لم يكن لدينا أي أطراف متحاربة. لدينا شعب ليبيا على جانب واحد ضد ألقذافي وعصابته على الجانب الآخر. هذا ما لدينا.

 

لاحظ عزيزي القارئ أن هذا الخائن ليس فقط يكذب بل يصف شعبه الذين يحاربهم والذين لا يتفقون معه كمرتزقة وينكر وجود حرب أهلية تدار رحاها في وطنه. الى أي قعر واطئ ينزل الإنسان بعد خيانته لبلده؟!!!

 

أنجلي كامات : المجتمع الدولي اعتبر معمر ألقذافي منذ أمد بعيد كنوع منبوذ وفرض عليه عقوبات سابقا، برأيك ما هو تأثير العقوبات أو حتى إصدار مذكرة توقيف من قبل المحكمة الجنائية الدولية على سلطته؟

 

عصام غرياني : التدخل العسكري الذي طلبناه، نحن واثقون تماما أن اللحظة التي يتم تطبيقه، تلك الخطوة ما أن اتخذت فإن نظام ألقذافي سيسقط في غضون 48 ساعة. لا نتوقع ان يبقى على قيد الحياة أكثر من ذلك. المسألة هي مجرد انه الآن قد أمتص الصدمة الأولى للثورة خلال الأسبوع الأول. والآن نحن نعلم أن، يوميا، هناك مرتزقة تأتي الى ليبيا من الجنوب، وأنه ينقلها الى الشمال.

 

الآن، ستكون مأساة إذا سمح له المجتمع الدولي، من خلال استخدام المرتزقة، استعادة السيطرة على البلاد. هل يعتقدون أنه إذا استعاد السيطرة على البلاد، هل هناك أرضية أخلاقية للتعامل مع مثل هذا النظام؟ أنا لا أعرف. لا أعتقد ذلك. واعتقد لا توجد. إلا أن بعض السياسيين الآخرين ينظرون الى الأمر بطريقة مختلفة. وآمل أن لا أعتقد أن هناك إمكانية في أي وقت مضى للتعامل مع مثل هذا البلطجي.

 

الوقت حاسم جدا، ليبيا عدد سكانها قليل جدا، أعني حتى وفاة شخص واحد هي خسارة كبيرة، ناهيك عن وفاة المئات. واليوم، نتحدث عن أكثر من 3500 حالة وفاة التي نفترض قد وقعت. هذا أمر مثير للسخرية. هذا أمر مخز للمجتمع الدولي أن يسمح لتلك المجزرة ان تحدث، ويستمرون الحديث في وقتهم الخاص الحلو لمناقشة التدخل أو عدم التدخل. أعتقد، أخلاقيا، أنهم ملزمون باتخاذ موقف سريع وإنقاذ هذا البلد ووضع حد لإراقة الدماء التي نواجهها.

 

عزيزي القارئ  كما تلاحظ أن عصام غرياني الذي تكلم بلغة انكليزية طليقة وبلهجة شبه أمريكية يعيد وصف الجيش الليبي ومؤيدي معمر ألقذافي كمرتوقة على الرغم من عدم إثبات ذلك من قبل منظمات دولية وأنه يبرئ نفسه وجميع أعوانه من المجازر التي ارتكبت في ليبيا ويرمي اتهام ارتكاب تلك الجرائم في ساحة ألقذافي وأعوانه فقط، وأنه يعلم علم اليقين أن مجرد إيقاف إطلاق النار وعدم الهجوم على المدن والمنشأة الحيوية الأخرى سيوقف سيل الدم الليبي الغالي إلا أنه يرفض ذلك بشكل منافق ويطلب المساعدة العسكرية من قوى خارجية لحسم الموقف لصالحه ولصالح جماعته المتمردة.

 

 





الجمعة٠٦ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة