شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن الشعب العراقي صامتا، فمنذ الاحتلال المركب الامريكي الصهيوني الايراني عام 2003 تعالى صوته مدويا في العالم مثمثلا بالمقاومة العراقية. وكانت جماهير الشعب تدعم وترفد هذه المقاومة من ابنائها ومن مختلف الطوائف والقوميات بانتظار الضربة القاصمة التي ستنزلها بالمحتلين واعوانهم. وما يجري اليوم في جميع انحاء العراق هو تعبير صادق عن التلاحم الملموس بين الجماهير والمقاومة المسلحة بعد ان فقدت جماهير شعبنا صبرها وضاقت ذرعا من هيمنة اعوان المحتل على جميع مرافق الحياة واوصلت الشعب الى حالة متردية لم يشهد لها مثيل في تاريخه المعاصر، والهدف من ذلك قمع كبرياء وشموخ واباء العراقي، هذه السمات الانسانية النبيلة التي اكتسبها عبر التاريخ والتي كانت سلاحه على الدوام تحميه وتذود به عن الوطن. وعدم معرفة الاعداء بهذه الخصائل النبيلة اوقعته في الاخطاء القاتلة التي اقترفها بعد الاحتلال في ازالة الاركان الاساسية للدولة العراقية، واسناد الامور الادارية لاعوانهم المحليين الذين كانوا فاسدين وخونة ويضمرون لهذا الشعب الحقد الدفين معتقدين انهم سيطوعون الشعب من خلال القهر والاستبداد واطلاق الوعود الكاذبة بالحياة الافضل. لكن سرعان ما اتضح ان هؤلاء الخونة لم ولن يحققوا اي من وعودهم، بل على العكس من ذلك بادروا الى سلب كل ما استورثوه من مكاسب من النظام السابق. ويكفي ان نشير هنا الى سرقة البطاقة التموينية وفقدان الامن وتقليص فرص العمل وعودة الامية.


كل ذلك ادى الى التدهور السريع الذي لازم كل مرافق الحياة. حتى اصبح المواطن العراقي يردد كلمة (ماكو) اي لا يوجد فيما يتعلق بالكهرباء والمحروقات والامن. لكن ما يتعلق بالقتل والاعتقالات والحرمان والتهجير والسجون السرية والعلنية والتعذيب يجيب (اكو) اي يوجد فاصبح المواطن يردد يوميا فيما يتعلق بحقوقه البسيطة ماكو وما يهدد حياته اكو. لهذا ليس غريبا ان ينتفض الشعب ليقول بدل من كلمة ماكو الى كلمة اكو. اكو انتفاضة التي تمهد الى الثورة والتي يدرك الشعب العراقي الواعي محتواها كوسيلة تضع حد للسنوات العجاف التي احرقت بلهيبها طوال سنوات الاحتلال كل ما هو خير ولاستعادة المواطن لادميته التي سعى الاحتلال واعوانه لانتزاعها منه.


ومنذ اندلاع بوادر الانتفاضة اصاب الرهط الفاسد الخائن الهلع والفزع حيث تدارك الناطق باسم الرهط دولة المالكي منذ انتفاضتي الشعبين التونسي والمصري الى طرح خطوات التراجع عندما اعلن ان الدستور ، يقصد دستور بريمر، يضمن للمواطنيين حق التظاهر والتعبير عن رايه ومطالبه، واكد عن فزعه الشديد في مؤتمراته الصحفية بعد عودته من الكويت فلم يكن طليق اللسان مثل الروزخون يطرح الوعود الكاذبة الواحدة تلو الاخرى. وتوجيه الاتهامات ومسؤولية انطلاق المظاهرات الى الجهات التي خسرت الانتخابات والى حزب البعث والغريب انه اضاف القاعدة اليهم مع العلم ان القاعدة هي ليست قاعدة بن لادن، وانما هي الان ملك الحكام في طهران يحضون برعايتهم ويستخدمونهم متى واين يشاؤون في العراق على وجه الخصوص، وقال "دولة رئيس الوزراء" اننا سنقدم حماية للمتظاهرين وما عليهم الا الحصول على اجازة للتظاهر وعدم تسييس مطالب المتظاهرين.


غريب امر دولته، لا يريد ان يصحو من غفوته ويدرك ان المواطن العراقي هو في رحم السياسة وكل ما يقوم به هي سياسة شاء ام ابى لانه سام منكم الامرين فهو لم ولن يسال عن رايكم عندما قرر المقاومة بالسلاح ولن يسال عندما ينتفض ضدكم لارتكابكم الجرائم البشعة بحقه والاكثر من ذلك لارتكابكم الخيانة العظمى في مساهمتكم الفعالة للتمهيد للاحتلال ومساعدته، بل والقيام بدور التخريب المنظم لكل ما عانى وما زال يعاني منه الشعب والوطن.


الا يكفيكم نفاقا لتواصلك الان ايضا بتقديم حماية للمتظاهرين وانتم سبب موت وفقدان مئات الالاف من الابرياء من مختلف الاعمار والطوائف والاعراق؟ وما زال عشرات الالاف في السجون والمعتقلات العلنية والسرية يتعرضون لابشع انواع التعذيب، فهل من امثالكم يطلب المواطن الحماية؟ هل يطلب الضحية من جلاده من قتل المتظاهرين في الكوت والسليمانية؟ اليس هم من قواتكم واجهزتكم المتعددة الجنسيات؟


وتواصلون الكذب والنفاق في دعوتكم للمتظاهرين الحفاظ على الدوائر والابنية الرسمية لانها خسارة للدولة. اي دولة تقصد؟ الشعب العراقي لا يعلم بوجود دولة تخصه او تمثله. لكن يعرف جيدا ان المحتل ورهطه قضوا على معالم دولته وسرقوا كل ما يمكن سرقته من مال وممتلكات وسرقتم ارواح الالاف من الابرياء. كل ذلك سرقتموه الا روح الوطنية العراقية التي تمثلها المظاهرات التي ترعبكم وهي في بداياتها.


ان انفجار الشعب العراقي ليس دافعه الاساسي التدهور الشامل لحياة المواطنين وتدمير الوطن العراق الذي يعيش بدون دولة وفق المفهوم السليم للدولة، وخير دليل على ذلك المواطنة العراقية الفاضلة الكبيرة في السن التي مزقت هويتها الشخصية كتعبير للتخلي عن هذه الهوية المرتبطة بالدولة التي لا وجود لها ولكنها معتزة بوطنها الذي ترعرت فية وعاشت اسوة بالملايين لكنها ادركت ان العراق اليوم والمحتل الذي اوصلوه اليه من المحتلين ورهطهم وضد هؤلاء انفجر الشعب لاستعادة وطنه العراق الذي اصبح مرتعا للقوات الامريكية والموساد وشركات الامن والحرس الثوري الايراني والمليشيات الارهابية التابعة لهذه الكتلة او تلك، انفجار لاستعادة وطنه وتطهيره من التمييز العنصري الطائفي والعرقي واللصوص والقتلة. هذه المظاهر الطارئة عليه ولتحقيق الامن والاستقرار والحياة الكريمة في وطن متحرر ومستقل، وهي لهذا لن تسمح لاية جهة مخربة حاقدة ان تندس في صفوفها لتشويه وحرف كفاحها النبيل الموجه بالاساس ضد اعدائه المحليين والخارجيين.


ان انتفاضة الشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته وضعت الادارة الامريكية على المحك، فاما ان تبرهن على ما تدعيه في حق الشعب باختيار انظمته وتطورها المستقل او تفصح عن الوجه الاخر الكالح عند غزوها العراق لاطماع لم تعد خافية وتصر على ابقاء هيمنتها والاتيان ببديل اخر يعوض عن الرهط الراهن الذي لم يعد مقبولا للتوغل في الفساد برهط اخر بديل يحمي مصالحها ومصالح الصهيونية ويقوم باصلات لا تمس جوهر مطامعها ومطامع حلفائها في المنطقة كالكيان الصهيوني وايران، كما تسعى الان القيام به في كل البلدان العربية المعرضة للتغيير.


لكن العراق له ظروفه الموضوعية والذاتية، له مقاومة وطنية مسلحة وله انتفاضة عارمة وخصائصه التي لن تسمح له بالرضوخ الى حلول مساومة على حساب تحرره واستقلاله وتطوره اللاحق.لهذا فان معركتنا شرسة لانها تقارع المحتل المباشر بقواته الجاثمة على ارض الوطن الى جانب عصابات اسرائيلية وايرانية ومحلية. وهنا يتطلب الوحدة بين جميع الوطنيين من ابناء الشعب العراقي وتوسيع اطار دعم المقاومة الوطنية المسلحة والتسلح باليقظة والحذر والعزم والارادة العراقية الصلبة.


هذه مصدر ومكونات قوتنا التي لا تقهر وتمهد الطريق نحو ثورة عارمة تحقق تحولا جذريا وتاريخيا لشعبنا القادر على ذلك.

 

 





الاثنين١٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة